أعلن حزب الشعب الجمهوري عن مرشحه للرئاسة في 24 يوينو القادم وهو النائب عن مدينة يلوا محرم اينجه وكانت التكهنات قد تزايدت في الأسبوع الأخير في ظل رفض رئيس الحزب الافصاح عن اسم مرشح الحزب وقد عزا البعض هذا التأخير إلى أن الحزب ما زال يجري مباحثاته واستطلاعاته حول أفضل خيار له في ظل بعض العقبات أمام بعض المرشحين من قبيل أن الشخص الذي يترشح في السباق الرئاسي لا يحق له أن يترشح للبرلمان بالإضافة إلى حسابات تتعلق بالحزب نفسه وبمن هو المرشح الذي ستدعمه المعارضة مقابل الرئيس أردوغان في حال لم تحسم الانتخابات من الجولة الأولى واتجهت إلى جولة ثانية.
وقد تم تدوال عدة أسماء خلال العشرة أيام الماضية ولكن في الأسبوع الأخير علت أسهم كل من النائب عن الحزب عن مدينة اسطنبول الهان كيسجي والنائب عن الحزب محرم اينجه، كما تم تداول اسم عبد اللطيف شنار وهو نائب سابق ترك حزب العدالة والتنمية وكان من مؤسسيه، ولكن خلال أمس الخميس ازدادت التكهنات أن اينجه سيكون مرشح حزب الشعب الجمهوري للرئاسة حيث قال الهان كيسجي للصحافة أنه اتصل باينجه وهنأه على ترشيحه عن الحزب للرئاسة. لكن بعض الصحفيين أرادوا التأكد من رئيس الحزب الذي رفض الافصاح للصحافة عن اسم المرشح. غير أن بعض الصحف التركية نشرت صورا لإعلان في أحد المطابع يتم تجهيزها لكي تعرض في المؤتمر الصحفي الذي سيعلن فيه اسم مرشح حزب الشعب وكانت هذه الإعلانات تحمل صور اينجه وعليها شعار يمكن ترجمته بشيء مشابه لعبارة “تركيا في أمان مع محرم اينجه”.
وقد قالت صحيفة حرييت أن اينجه الذي لم يشارك منذ مدة طويلة في اجتماعات الكتلة البرلمانية لحزبه حضر في اجتماع الكتلة اليوم حيث استقبله النواب بالتصفيق، وقد رفض اينجه التعليق لكنه أكد أن رئيس الحزب سوف يعلن اسم مرشح الحزب يوم الجمعة الساعة العاشرة صباحًا.
ولعل من أهم ما ذكره اينجه في الأيام الأخيرة تعليقًا حول مناقشات الحزب للتعامل مع اقتراح حزب السعادة أن يكون عبدالله غول مرشحًا مشتركا للمعارضة، قال اينجه حينها أن غول لا يمكن أن يكون مرشح حزب الشعب الجمهوري، مضيفًا أنه لو اضطر للاختيار بين أردوغان وغول لاختار أردوغان. ولكن الأقدار جاءت بصاحب هذا التصريح ليكون مرشحًا مقابل أردوغان.
من المعروف أن اينجه كان من أكثر المنتقدين لرئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو حيث قال عنه أنه لا يؤمن بالعقل المشترك وغير شجاع وليس لديه أهداف ثابتة
من هو محرم اينجه؟
نائب عن حزب الشعب الجمهوري عن مدينة يلوا القريبة من اسطنبول ولد عام 1964 وقد دخل البرلمان في العام 2002 وقد عمل مدرسًا للفيزياء في المدارس الثانوية في بداية حياته العملية، وهو ومعروف عنه الانتماء للفكر الأتاتوركي وقد خسر اينجه انتخابات رئاسة الحزب أمام كليجدار أوغلو مرتين.
ومن المعروف أن اينجه كان من أكثر المنتقدين لرئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو حيث قال عنه أنه “لا يؤمن بالعقل المشترك وغير شجاع وليس لديه أهداف ثابتة ولا يعرف الشعب بشكل جيد، ولا يفكر بترك منصبه ويتحدث في كل مكان بطريقة مختلفة”. وبالرغم من كل هذه الانتقادات فقد هزم اينجه أمام كليجدار أوغلو في انتخابات رئاسة الحزب مرتين وهو ما سيأخذه حزب العدالة مادة في دعايته المضادة حيث سيقول، كيف لاينجه الذي لم ينجح في انتخابات حزبه أن ينجح في انتخابات الرئاسة؟، ولكن من المهم أن نشير أن اينجه يحظى بشعبية في صفوف وقواعد الحزب أكثر من كليجدار أوغلو الذي يحظى بتأييد الجمعية العمومية للحزب التي يقرر أعضاؤها من هو رئيس الحزب. وفي هذا السياق شكر اينجه زعيم الحزب كليجدار أوغلو على اختياره مرشحًا بالرغم من انتقاده الدائم له.
وربما يكون هذا السبب الأساسي في اختيار اينجه حيث أن اختيار شخص آخر من غير الأسماء البارزة والمتجذرة في الحزب سيعمل على تقليل مشاركة أنصار الحزب في الانتخابات أو سيعمل على انتخاب مرشح غير مرشح الحزب وهذا لا يصب في صالح تكتيك المعارضة التي تنطوي خطتها على أن يرشح كل حزب مرشح عنه ليتم تشتيت الأصوات ومنع الرئيس أردوغان من الفوز من الجولة الأولى ثم يمنى كل حزب أن يكون مرشحه هو المرشح الثاني بعد أردوغان حتى تدعمه بقية أحزاب المعارضة.
اينجه لا يحق له أن يكون مرشحا للبرلمان لأنه سيتقدم للرئاسة وهو بذلك في خطر فقدان ما سوق أنه أحد مؤهلاته
وفي هذا السياق فإن من تدور عليهم الأعين في المعارضة هما مرشح حزب الشعب الجمهوري محرم اينجه ومرشحة الحزب الجيد ميرال أكشينار وبما أن حزب الشعب الجمهوري رشح محرم اينجه فإنه يؤمل نفسه بأن يكون مرشحه هو المرشح الثاني.
ويعرف عن اينجه بأنه من صقور حزب الشعب الجمهوري ويستخدم لغة نقد قوية ضد أردوغان وكانت دعايته في انتخابات رئاسة الحزب أنه هو الذي يمكن أن يتحدى أردوغان وأنه من دعاة الأتاتوركية العلمانية ولهذا فإنه غير مرغوب به في الأوساط المحافظة والمتدينة، وقد بدأ منذ أمس تداول صور له على مواقع التواصل الاجتماعي تظهره وهو يشرب الخمر على ساحل البحر وقد ذكر في التعليقات أن هذه الصور التقطت في شهر رمضان.
وقد أعلنت مصادر مقربة من الحزب للصحافة أن اينجه سيتوجه لأداء صلاة الجمعة في جامع حجي بيرام الشهير في أنقرة بعد إعلان اسمه. وقد قال اينجه في أول تصريح له بعد إعلان اسمه أنه سيكون رئيسًا لـ 80 مليون تركي وليس لحزبه فقط. وقام في إشارة رمزية بنزع شعار الحزب عن قميصه ووضع شعار تركيا. ولكن مع ذلك بدأ اينجه حديثه بانتقاد أردوغان وأنه أكثر تجربة منه.
إن أوساط في حزب العدالة والتنمية تعد مرتاحة أمام اختيار اينجه فهو بالتأكيد لن يستطيع أخذ أصوات من قواعد المحافظين نظرا للونه الأيديولوجي الواضح
كما غازل اينجه المرشحين الأكراد بقوله بأنه تأثر بشاعر كردي يساري هو أحمد عارف وبدأ بتلاوة شعره وقد كانت هذه مغازلة واضحة للمرشحين الأكراد. وقد ذكر العديد من مؤهلاته في الرد على من ينتقده بأنه ليس له خبرة محتجا بأنه عمل كنائب في البرلمان لمدة 15عامًا. ومن المرجح أن يستخدم اينجه عمله السابق كمعلم في رسائله للمعلمين والطلاب.
ويبقى التساؤل المهم، هل ينجح أستاذ الفيزياء محرم اينجه في تحدي الرئيس أردوغان، ومقابل هذا فإن أوساط حزب العدالة والتنمية تعد مرتاحة أمام اختيار اينجه فهو بالتأكيد لن يستطيع أخذ أصوات من قواعد المحافظين نظرا للونه الأيديولوجي الواضح. وتبقى الكلمة الأساسية للناخب التركي، لكن المؤكد أيضَا أن اللغة الهجومية التي يستخدمها اينجه سوف تكون مساهمة في زيادة الاستقطاب في فترة الشهرين القادمين.
وفي الختام أكد اينجه أنه سوف يذهب إلى مكان بعد الاجتماع، ولم يقل أنه سيذهب إلى صلاة الجمعة في جامع حجي بيرم. مضيفًا أنه بعد هذا المكان سوف يكون في الساعة الواحدة والنصف ظهرا في مقر البرلمان الأول القديم الذي تأسس عام 1920 قبل إعلان الجمهورية في أنقرة. ويبقى أن نشير أن اينجه لا يحق له أن يكون مرشحا للبرلمان لأنه سيتقدم للرئاسة وهو بذلك في خطر فقدان ما سوق أنه أحد مؤهلاته.