ترجمة وتحرير: نون بوست
استخدمت المملكة العربية السعودية مصارعي شركة “دبليو دبليو إي”، التي يملكها فينس ماكماهون، زوج ليندا ماكماهون، وهي وزيرة في حكومة دونالد ترامب؛ من أجل إطلاق دعاية مناهضة للشيعة. وقد أثارت الصفقة التي عقدتها الحكومة السعودية مع “دبليو دبليو إي”، بالفعل، جدلا واسعا حتى قبل العرض الذي قدم يوم الجمعة الماضي، الذي أطلق عليه اسم “أعظم عرض رويال رامبل”. وفي الحقيقة، كان العرض الأخير مختلفا عن بقية عروض دبليو دبليو إي، التي قدمت في المملكة العربية السعودية خلال السنوات القليلة الماضية.
في الواقع، واجهت شركة “دبليو دبليو إي” مشكلة عدم السماح النساء المصارعات بالمشاركة، ناهيك عن أنه لا يمكن للنساء حضور العروض دون وجود وصي ذكر معها. ولكن هذا لم يكن مشكلة جديدة بقدر ما كان معضلة واضحة، حيث سمح للمصارعات بالقيام بالأداء شريطة ارتداء أزياء تغطي كل شيء تحت العنق، مثلما حدث في أبوظبي قبل بضعة أشهر.
من جهتها، دفعت الحكومة السعودية حوالي 25 مليون دولار مقابل إجراء عرض واحد من عروض “دبليو دبليو إي” (أو أكثر من 65 مليون دولار حسب ما ورد في صحيفة “ذا صن” البريطانية). لذلك، تعتقد المملكة أنه يحق لها إملاء التعليمات التي ترغب بها ووضع الشروط التي تناسبها.
أثناء التحضير لهذا الحدث، لم يكن هناك شيء غير معتاد على خلاف عمليات البيع الصعبة المعتادة وبعض الحديث عن طبيعة مدينة جدة الجميلة والحياة الرائعة في المملكة الصحراوية… وقد أثبت العرض، بشكل صارخ وغريب، أنه ذو طابع دعائي محض. وبعد أكثر من ساعتين من انطلاق النزال الذي استغرقت مدته خمس ساعات، تم عرض مجموعة أشرطة فيديو تسلط الضوء على المواهب السعودية.
بعد ذلك، تم تقديم أربعة من أفضل المصارعين في منتصف الحلبة من قبل المذيع مايك روم، الذي طرح العديد من الأسئلة المثيرة للجدل. وبعد أن تحدث الفريقان، بدأت موسيقى الدخول لمصارعة “دبليو دبليو إي” بين الإيراني الأمريكي آريا ديوري وأخوه شوان، الذي لم يظهر على الحلبة منذ أكثر من عشر سنوات.
أن رهاب الأجانب في المصارعة ليس بالأمر الجديد، فإن استخدام الصراع المتجذر في النزاع الديني بين السعودية وإيران لا يخدم سوى مصالح الدعاية السعودية
في البداية، لوح شوان بعلم إيران بينما قدم روم الأخوان بأنهما “من إيران” على الرغم من أنه يرد في صفحة آريا الخاصة “بدبليو دبليو إي” أن مسقط رأسه هو مينيابوليس. بمجرد أن دخل الأخوان على خشبة الحلبة، أصدر الجمهور أصواتا تدل على سخطه واستهجانه للاعبين. ويبدو أن الجمهور لم يكن على دراية تامة بالقصة التي طلبت الشركة من شوان أداءها في العرض، التي تعكس بشكل أو بآخر ظاهرة الإرهاب في الواقع، وتتمثل في الهجوم الذي صُمّم بشكل واضح ليشابه مقاطع الفيديو.
بمجرد دخول اللاعبين إلى الحلبة، عمدوا إلى مضايقة المصارعين السعوديين من خلال التفوه بكلام تافه عن كون إيران تعد الأقوى، الأمر الذي بدا غاية في الابتذال لكنه متوقع. إثر ذلك، تعرض الأخوان لهزيمة على يد السعوديين في مواجهة سريعة. وفي حين أن رهاب الأجانب في المصارعة ليس بالأمر الجديد، فإن استخدام الصراع المتجذر في النزاع الديني بين السعودية وإيران لا يخدم سوى مصالح الدعاية السعودية.
يوم الثلاثاء، أصدر أريا ديوري بيانا يعتذر فيه عما بدر منه وحاول فيه التمييز بين شخصيته على الشاشة والحقيقة. وفي خطاب لاحق، أشار ديوري إلى أنه تلقى تهديدات بالقتل من الإيرانيين. أما بعد ظهر يوم الثلاثاء، انتقد أيضا “بي بي سي فارسي” لإجرائها تقريرا حول المصارعة دون أن تذكر البيان الذي أصدره حيال هذا الشأن.
بدأت الدعاية السعودية في وقت مبكر من النزال، ومباشرة بعد عزف النشيد الوطني السعودي والأمريكي، وعرض الفيديو الافتتاحي، والألعاب النارية، قال المعلق كوري جريفز “50 مصارعا يتنافسون على الفوز باللقب الذي يحمل أبعادا تاريخية، بينما نحتفل بتقدم المملكة العربية السعودية نحو التنوع الثقافي ورؤية 2030”.
بعد ثلاثة أيام من برنامج “دبليو دبليو إي ليلة الاثنين راو”، نسبت شركة “دبليو دبليو إي” الفضل لنفسها في “التقدم” الذي أحرزته، حيث سلّط المذيع مايكل كوري الضوء على أبرز حدث، الذي كان الخطوة الأولى في إحداث التغيير في المملكة العربية السعودية، أي “دبليو دبليو إي غريتست رويال رامبل”!
رفضت هيئة الترفيه أي مواد ترويجية تحتوي على صور أو مقاطع فيديو تُظهر النساء بطريقة غير لائقة؛ مؤكدة مدى التزامها بهذه القاعدة، التي ستتبعها في جميع الفعاليات والبرامج التي ستنظمها.
حسب ما جاء في بعض النتائج الأولية للمصارعات التي عرضت في منتصف الأسبوع، يبدو أن المملكة العربية السعودية قد قررت المساواة بين الجنسين. وخلال هذا الحدث، بثت شركة “دبليو دبليو إي” مقطع فيديو عُرض طوال الأسابيع الماضية، حتى تقنع الجمهور بأنهم سيتمكنون من متابعة عروض المصارعة الرائدة على غرار ليلة الاثنين راو، وسماكداون التي تندرج ضمن الدفع مقابل المشاهدة.
تضمنت مجموعة الفيديوهات، التي تتمحور حول مصارعين يقومون بترديد أغنية حول التغيير، العديد من مصارعات الإناث اللواتي يرتدي بعضهن الملابس الداخلية. وبعد مرور إحدى عشر ساعة من بث البرنامج، قامت الهيئة العامة للرياضة السعودية بالتغريد ببيان اعتذرت فيه عن الفيديو مفاده “تود الهيئة العامة للرياضة أن تعتذر للمشاهدين والمشاركين في حدث دبليو دبليو إي الليلة الماضية الذي انعقد في جدة، على المشهد غير اللائق الذي تضمن نساء ظهرن ضمن الإعلان. وتؤكد رفضها التام لمثل هذه الممارسات، في ظل التزامها بالقضاء على أي شيء يتنافى مع قيم المجتمع السعودي”.
بناء على ذلك، حرصت الهيئة على حظر عرض أي جزء يتضمن مصارعة نساء أو أي مشاهد أخرى من هذا القبيل. كما رفضت الهيئة أي مواد ترويجية تحتوي على صور أو مقاطع فيديو تُظهر النساء بطريقة غير لائقة؛ مؤكدة مدى التزامها بهذه القاعدة، التي ستتبعها في جميع الفعاليات والبرامج التي ستنظمها.
من جانب آخر، فوجئ المشجعون ووسائل الإعلام على حد السواء عندما أدركوا غياب المصارع الكندي الذي ينحدر من أصول سورية سامي زين، الذي كان اسمه الحقيقي رامي السباعي. والجدير بالذكر أن هذا المصارع يتحدث اللغة العربية بطلاقة، فضلا عن أنه كان يقوم بأعمال خيرية، ويجمع التبرعات لشراء عيادة طبية متنقلة لعلاج الجرحى الذي أصيبوا في الحرب الأهلية السورية، والضحايا الذين ربما تضرروا بالأسلحة التي قدمتها الحكومة السعودية.
نشرت الكثير من وسائل الإعلام تقارير تتساءل فيها عما إذا كان قرار التخلي عن “أعظم عرض رويال رامبل” قد اتخذ من قبل شركة دبليو دبليو إي أو زين
لقد كان غياب سامي زين ملفتا للانتباه لأن شركة “دبليو دبليو إي” جلبت زين إلى المملكة العربية السعودية لأداء عرض ثلاثي، نُظم في الرياض خلال سنة 2014، قبل أن يكشف عن الدور الذي اضطلعت به السعودية في الصراع السوري. ومع ذلك، كان سامي زين مشاركا في تلك الجولة، قبل أن ينضم إلى قائمة “دبليو دبليو إي” الرئيسية، وتحديدا عندما كان ضمن “إن إكس تي”. في ذلك الوقت، تنازل سامي زين مع أنطونيو سيزارو، الذي جمعته به الكثير من النزالات المثيرة.
في حين نشرت الكثير من وسائل الإعلام تقارير تتساءل فيها عما إذا كان قرار التخلي عن “أعظم عرض رويال رامبل” قد اتخذ من قبل شركة دبليو دبليو إي أو زين، تحيل تصريحات شركة دبليو دبليو إي الغامضة بشأن هذه المسألة إلى أن “شركة دبليو دبليو إي ملتزمة باحتضان الأفراد من جميع الخلفيات وتحترم العادات والتقاليد الثقافية المحلية حول العالم”.
على الرغم من أن الكثير من التفاصيل المالية المحددة لن تكون متاحة حتى تصدر شركة دبليو دبليو إي بياناتها المالية للربع الثاني من هذا الصيف، إلا أن هناك أمرا واحدا مؤكدا، وهو أن السعودية ستعيد نفس السيناريو مرة أخرى. ويوم الجمعة، تم الإعلان عن أن شركة دبليو دبليو إي ستنظم عرضا سعوديا آخر في العاصمة الرياض خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر القادم. وربما ستكون شركة دبليو دبليو إي مستعدة بشكل أفضل لهذا العرض، لكن لا ينطبق الأمر ذاته على “أعظم عرض رويال رامبل”.
المصدر: ديلي بيست