ترجمة وتحرير: نون بوست
تجسد الانتخابات، التي ستعقد في العراق ولبنان، التوجهات والانقسامات التي ما فتئت تظهر بقوة في منطقة الشرق الأوسط. في الأثناء، يسعى حلفاء إيران إلى تعزيز نفوذهم في كلا البلدين من خلال صناديق الاقتراع. وبعد الهزيمة التي مني بها تنظيم الدولة، تعد الانتخابات المزمع إجراؤها في كل من لبنان والعراق الأولى من نوعها بعد زوال عصر التنظيم الإرهابي.
على الرغم من أن الولايات المتحدة وحلفاءها الإقليميين وبعض البلدان الأوروبية يرون أن تنامي النفوذ الإيراني في المنطقة يشكل تهديدا عليهم، يجادل حلفاء إيران بأنهم الجهة المسؤولة عن تحقيق الاستقرار في العراق ولبنان من خلال المساعدة في هزيمة تنظيم الدولة وغيره من الجماعات المتطرفة. وفي حين أن من بيروت وبغداد تعتبران من الحلفاء الرئيسيين لواشنطن في المنطقة، إلا أن ذلك لا ينفي حقيقة أن القوى الغربية تواجه حالة أقرب إلى ما يعرف “بكاتش – 22” أو شرط – 22 في كلا البلدين.
كلما ازداد الدعم الذي تقدمه الدول الغربية لكل من بغداد وبيروت، تعزز النفوذ الإيراني واستفاد حلفاء إيران من المليشيات، مثل حزب الله أو منظمة بدر في العراق، أكثر، بفضل الشرعية التي تمنحهم إياها صناديق الاقتراع. ويتجه لبنان إلى إجراء انتخابات برلمانية بتاريخ 6 من أيار/مايو، في حين سيشهد العراق انتخابات في 12 من الشهر ذاته. ومن المرتقب أن تكون هذه الانتخابات على غاية من الأهمية، وستؤثر على المنطقة بأكملها.
في العراق، يتنافس حوالي 6900 مرشح على 329 مقعدا في البرلمان.
وإلى جانب رئيس الوزراء حيدر العبادي، الذي يرأس قائمته الخاصة التي تعرف باسم “تحالف النصر”، اقتحمت الكثير من الوجوه المألوفة التي تشغل مناصب مهمة في البلاد، السباق الانتخابي. فقد بادر رجل الدولة الشيعي القوي نوري المالكي، الذي أقيل من منصبه على اعتباره رئيسا للوزراء في سنة 2014 بعد أن اجتاح تنظيم الدولة العراق، بالترشح من جديد. علاوة على ذلك، يترأس مقتدى الصدر، وأسامة النجيفي وإياد علاوي قوائم انتخابية خاصة بهم.
لا يزال العراق يرزح تحت وطأة الكثير من الانقسامات الطائفية
تجدر الإشارة إلى أن قائمة كل من النجيفي وعلاوي تحظى بدعم كبير من قبل الأقلية العربية السنية. أما بالنسبة للأكراد، فسيرأس نيجيرفان بارزاني حملة الحزب الديمقراطي الكردستاني وستتنافس الأحزاب الكردية الأخرى، مثل الاتحاد الوطني الكردستاني، بشكل مستقل. بالنظر إلى ما يحدث حاليا في خضم المشهد السياسي العراقي، يمكن القول إن التنوع وتعدد الأحزاب يعد مؤشرا على أن العراق يشهد مسارا ديمقراطيا سليما، وذلك ولأول مرة بعد خمسة عشر سنة من قيام الولايات المتحدة الأمريكية بالإطاحة بصدام حسين.
لكن، في الحقيقة، لا يزال العراق يرزح تحت وطأة الكثير من الانقسامات الطائفية. فضلا عن ذلك، وحتى الوقت الراهن، لم يعد الملايين من النازحين داخلياً إلى منازلهم، على الرغم من انتهاء المعارك التي شهدتها العديد من المحافظات ضد تنظيم الدولة. من جانب آخر، يدعي الأكراد أنهم قد فقدوا نفوذهم على المناطق المتنازع عليها في كركوك وسنجار. فقبل سنة 2014، تقاسمت حكومة إقليم كردستان المستقلة وبغداد المسؤوليات في هذه المناطق. ولكن، عقب الاستفتاء الكردي الذي عقد خلال شهر أيلول/سبتمبر، سعت بغداد إلى بسط سيطرتها الكاملة على تلك المناطق. في الأثناء، لن يترشح الحزب الديمقراطي الكردستاني، على سبيل المثال، عن مدينة كركوك.
في الأثناء، يشتكي بعض اليزيديين من سطوة الميليشيات الشيعية في سنجار. وبالتالي، قد يتسبب عدم الاستقرار في هذه المناطق، بما في ذلك استمرار نشاط تنظيم الدولة، في تدني نسبة الإقبال على التصويت. على مدى العقد الماضي، ولد التداخل بين السياسة والتوجهات الطائفية في العراق حالة من عدم الاستقرار. بعد انتخابات 2010، سعت الولايات المتحدة إلى دعم وصول المالكي إلى السلطة، على الرغم من أن حزبه حل في المرتبة الثانية.
في وقت لاحق، كتبت المستشارة السياسية للجنرال ريموند أوديرنو، إيما سكاي، أن “الأمريكيين قرروا أن يكون “المالكي رجل الولايات المتحدة” وأن العراق في حاجة إلى “رجل شيعي قوي””.
يثبت وجود العديد من الحملات الانتخابية في مدينة الموصل بعد مرور سنة على تحريرها من قبضة تنظيم الدولة، مدى سرعة انتعاش الكثير من المناطق في العراق بعد خضوعها لسنوات من سيطرة بعض الجماعات المتطرفة.
عادة ما يجعل إدراك الأشياء بعد فوات الأوان الأحداث الماضية تبدو أكثر وضوحا. لكن الوضع كان مختلفا، فبعد سنة 2010، انسحبت الولايات المتحدة من العراق، في حين اتخذ المالكي المزيد من الإجراءات الاستبدادية الأمر الذي جعل البلاد تدخل في حالة من عدم الاستقرار والعديد من الأزمات بحلول سنة 2014. من جهته، استغل تنظيم الدولة ذلك الوضع لغزو ثلثي الأراضي العراقية، وارتكاب العديد من جرائم الإبادة الجماعية ضد الأقليات، ناهيك عن السيطرة على معظم المدن العربية السنية.
في الوقت الراهن، تشهد هذه المدن حالة مأساوية، حيث دمرت بدرجات متفاوتة، في حين ليس من الواضح كيف سيكون إقبال الناخبين في هذه المناطق، التي تلعب دورا أساسيا في تحديد مستقبل البلاد، على صناديق الاقتراع. شهدت الحويجة، التي تم تحريرها خلال شهر أيلول/ سبتمبر 2017، العشرات من هجمات تنظيم الدولة التي أسفرت عن مقتل 27 فردا من عناصر وحدات الحشد الشعبي، التي تعد من الميليشيات الشيعية. وبالتالي، يمكن القول إنه من الصعب تأمين مراكز الاقتراع في ظل مثل هذه التهديدات.
أما في الموصل، علقت لافتات انتخابية في مختلف الشوارع في الجزء الشرقي من المدينة، الذي يعد الأقل تضررًا من تبعات معركة تحرير المدينة، التي انطلقت في سنة 2016، لتنتهي في سنة 2017. وقد كانت معظم اللافتات تابعة لإئتلاف متحدون للإصلاح، الذي شكله رئيس البرلمان العراقي السابق أسامة النجيفي. فضلا عن ذلك، انتشرت لافتات أخرى لقائمة تحالف الوطنية التي يترأسها علاوي، وبعض الأحزاب المحلية الأقل شأنا. في الواقع، يثبت وجود العديد من الحملات الانتخابية في المدينة بعد مرور سنة على تحريرها من قبضة تنظيم الدولة، مدى سرعة انتعاش الكثير من المناطق في العراق بعد خضوعها لسنوات من سيطرة بعض الجماعات المتطرفة.
من منظور آخر، هناك الكثير من التكهنات حول مدى تأثير إيران على السياسة العراقية. لكن على الأغلب، يعد هذا السؤال ساذجا للغاية، حيث تعد إيران الحليف الرئيسي للحكومة العراقية الحالية، وبالتالي، يطال تأثيرها جميع الشخصيات السياسية الشيعية. وحتى عندما يعمل هؤلاء السياسيين على أن يظهروا في ثوب المستقلين عن إيران، أو يسعون إلى تلميع صورتهم وفرض نفوذهم القومي، على غرار مقتدى الصدر، إلا أن ذلك يؤكد في الواقع حجم النفوذ الذي تحظى به إيران في العراق. عموما، يحتاج هؤلاء السياسيين إلى النأي بأنفسهم عن التأثير المتعدد الأوجه الذي تفرضه إيران في العراق.
يواجه حلفاء إيران خطر التقاتل فيما بينهم أو أن يؤدي شعورهم بالثقة بشكل مبالغ فيه إلى تدميرهم دون أن يحققوا أي إنجازات
يعد المالكي حليفا سياسيا لإيران، والأمر سيان بالنسبة للعديد من قادة ميليشيا الحشد الشعبي الشيعيين الذين يشاركون في الانتخابات، على غرار قائد منظمة بدر، هادي العامري، الذي كان يعمل في صفوف الحرس الثوري الإيراني الإسلامي خلال فترة الثمانينات. في الوقت الحالي، أضحت قوات الحشد الشعبي تعتبر من بين القوات الرسمية في البلاد، مما يعني أن قادة الميليشيات والجهات الفاعلة السياسية ونفوذ إيران بات جزءا لا يتجزأ من المشهد العراقي. من جهة أخرى، تسيطر منظمة بدر على وزارة الداخلية فضلا عن أنها تملك ميليشيات خاصة بها يشارك البعض من أعضائها في الانتخابات. وبالتالي، يمكن القول إن النفوذ الإيراني قد بلغ ذروته.
في الوقت الراهن، يواجه حلفاء إيران خطر التقاتل فيما بينهم أو أن يؤدي شعورهم بالثقة بشكل مبالغ فيه إلى تدميرهم دون أن يحققوا أي إنجازات. على الرغم من أن إيران ستستفيد من الانتخابات، لكن يبدو أن نتيجتها النهائية ستفضي إلى عراق مفكك، حيث ستظل الكتلتان السنية والكردية منقسمتين وسيتم إضعاف الحلفاء الموالين للغرب أو تقويض نفوذهم. من جانب آخر، لن يخدم تراجع الإقبال على التصويت في صفوف الناخبين اليزيديين في سنجار، مع العلم أن الكثير منهم يعيشون في مخيمات النازحين في إقليم كردستان، والأكراد في كركوك، مصالح البلدان الغربية في بغداد.
خلال الأسبوع والنصف الأخير من شهر نيسان/ أبريل، حاول العبادي أن يظهر نفسه في صورة الزعيم الوطني وذلك قبل بداية عملية التصويت. في هذا الصدد، بادر العبادي بزيارة أهالي الفلوجة، وتكريت، والموصل، وأربيل، والسليمانية، التي تعد المدن الرئيسية حيث يتمركز العرب السنة والأكراد. ومن غير الواضح ما إذا كان ظهوره المفاجئ في تلك المدن سيؤثر على وجهات نظرهم المتعلقة به وعلى سياساتهم المحلية الراسخة.
تعد البلاد أكثر استقرارا مما كانت عليه في سنة 2014، حيث لا يزال التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية يستثمر في تدريب ودعم قوات الأمن العراقية. ويبدو أن هناك احتمالا ضعيفا لنشوب جولة أخرى من الصراع، على الرغم من أن تنظيم الدولة لم يهزم بشكل كامل في حين توعد بالعصيان والتمرد. من هذا المنطلق، ستبقى مسألة استقرار العراق القضية الرئيسية بالنسبة للحكومة العراقية والمملكة العربية السعودية.
على الرغم من امتلاك حزب الله، الحليف الرئيسي لإيران، 12 مقعدا فقط في البرلمان، إلا أنه يمارس نفوذا غير مسبوق على النظام السياسي باعتباره وسيطا للسلطة، إذ يعود ذلك بالأساس إلى كونه حركة مسلحة
مؤخرا، شن العراق غارات جوية ضد تنظيم الدولة في سوريا بغية إظهار قوته. ومع ذلك، لا تزال رغبة بغداد في بسط سيطرتها السيادية محدودة، وذلك نتيجة النفوذ التركي في الشمال، حيث تتمتع أنقرة بالعديد من القواعد في المنطقة لمكافحة حزب العمال الكردستاني. في الأثناء، يتوجب على العراق توجيه موارده نحو بناء المدن المدمرة جراء المعارك.
عموما، تمثل عدة أحزاب على غرار تيار المستقبل الذي يترأسه رئيس الوزراء سعد الحريري والتيار الوطني الحر الذي يقوده ميشال عون ووزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، فضلا عن حركة أمل بقيادة رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري وحزب الله، الأغلبية في البرلمان اللبناني المكون من 128 مقعدا. وعلى الرغم من امتلاك حزب الله، الحليف الرئيسي لإيران، 12 مقعدا فقط في البرلمان، إلا أنه يمارس نفوذا غير مسبوق على النظام السياسي باعتباره وسيطا للسلطة، إذ يعود ذلك بالأساس إلى كونه حركة مسلحة.
في الواقع، يضطلع حزب الله بالسياسة الخارجية للبنان في المنطقة، حيث يرسل آلاف المقاتلين إلى سوريا لدعم بشار الأسد ولقتال تنظيم الدولة في جبال القلمون. في هذا الصدد، أفادت الوكالة العربية السورية للأنباء خلال شهر آب/ أغسطس من سنة 2017، أن حزب الله توسط في صفقة مع تنظيم الدولة لنقل مقاتليه من لبنان إلى شرق سوريا، وذلك عبر المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري. وعموما، لا يوجد مثال آخر في العالم على بلد يكون فيه فصيل سياسي في البرلمان هو حركة مقاومة شعبية مسلحة تتعامل مع الوسطاء الحكوميين الأجانب بشأن السياسة الدفاعية للدولة.
في شأن ذي صلة، يثير الدور الذي يلعبه حزب الله غضب المملكة العربية السعودية، التي تعتبر حليفا مقربا من سعد الحريري. في تشرين الثاني/ نوفمبر سنة 2017، توجه الحريري إلى الرياض وقدم استقالته من منصبه كرئيس للوزراء، بينما أعلنت السعودية وحزب الله أنهما على شفير نزاع مسلح. علاوة على ذلك، يدعم حزب الله الذي يرأسه حسن نصر الله المتمردين الحوثيين في اليمن بشكل علني، حيث يعمد هؤلاء المقاتلون إلى توظيف هذا الدعم لإطلاق الصواريخ الباليستية على الرياض. ومن جهتهم، أعلن الحوثيون عن دعمهم الكامل لحزب الله في حال نشوب حرب بينه وبين “إسرائيل”.
تحتاج واشنطن إلى استقرار كل من بغداد وبيروت. لكن كلما تنامى استثمارها في كلا البلدين، كلما ساهم ذلك في استفادة إيران بفضل نفوذها داخل هذين البلدين الآسيويين
من جانبه، قد يستفيد حزب الله من بعض التغييرات الطفيفة التي قد تطرأ على مستوى المقاطعات فيما يتعلق بالتمثيل النسبي في لبنان. وفي الحقيقة، لطالما سعت الجماعة المسلحة إلى تخويف المعارضين الشيعيين الذين يترشحون ضدهم لنيل مقاعد في البرلمان. فعلى سبيل المثال، تعرض علي الأمين، المناهض لحزب الله والمرشح عن قضاء بنت جبيل، للاعتداء في الثاني والعشرين من شهر نيسان/ أبريل خلال حملته الانتخابية. بالإضافة إلى ذلك، تداولت وسائل الإعلام التابعة لحزب الله على مواقع التواصل الاجتماعي ملصقا يظهر السياسيين الشيعة المعارضين لحزب الله وهم بصدد تلقي الكثير من الأموال من قبل الإمارات العربية المتحدة.
لأول مرة، أصبح يمكن للمهاجرين اللبنانيين التوجه نحو صناديق الاقتراع، حيث شهد يوم 27 نيسان/أبريل الفارط إقبال أكثر من 80 ألف مهاجر لبناني مخول للتصويت للإدلاء بصوته داخل المراكز المخصصة في بلدان الشرق الأوسط. وتفيد التوقعات أن هذه الانتخابات ستكون هادئة وستكرس التركيبة السياسية الحالية في البلاد، التي تدار بواسطة توافق مفكك يضم السنة والشيعة والمسيحيين والدروز.
ترسيخ هيمنة إيران
يواجه صناع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية معضلة شبيهة بالألغاز التي وردت في رواية “كاتش ـ 22” في لبنان والعراق. وقد سبق للدول الغربية دعم الديمقراطية في كلا البلدين، كما سبق للديمقراطية مساعدة حلفاء إيران. في الوقت ذاته، يعتبر التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية شريكا رئيسيا لقوات الأمن العراقية، في حين يقدم الغرب مساعدته للبنان من خلال دعم قواته العسكرية ماديا ومساعدته على التعامل مع أزمة المهاجرين السوريين. عموما، تحتاج واشنطن إلى استقرار كل من بغداد وبيروت. لكن كلما تنامى استثمارها في كلا البلدين، كلما ساهم ذلك في استفادة إيران بفضل نفوذها داخل هذين البلدين الآسيويين.
تسعى إيران لأن يكون لها موطئ قدم في الشرق الأوسط من أجل خدمة أهدافها على المدى الطويل
في حقبة ما بعد تنظيم الدولة، لطالما كانت إيران الطرف المستفيد من حالة الفوضى وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط على مدار العقد الأخير من الزمن. ويستند هذا الأمر على نفوذ إيران في بغداد وصنعاء وبيروت ودمشق من جهة، وعلى “طريق إيران إلى البحر”، الذي يسمح لها بالسيطرة على ممر نفوذ استراتيجي من طهران إلى بيروت من جهة أخرى. في هذا السياق، تمكنت إيران من امتلاك هذا النفوذ عن طريق تجنيد القوات المقاتلة بالوكالة، فضلا عن إرسال قاسم سليماني قائد فيلق القدس، وهو وحدة قوات خاصة للحرس الثوري الإيرانية، بهدف تقديم المشورة لحلفائهم في العراق وسوريا.
في الوقت الحالي، تسعى إيران لأن يكون لها موطئ قدم في الشرق الأوسط من أجل خدمة أهدافها على المدى الطويل. ومن هذا المنطلق، سعت الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى بناء قواعد عسكرية في سوريا، فضلا عن تمكن حلفائها من الجماعات المسلحة من تجاوز الحدود. علاوة على ذلك، زار بعض الأعضاء التابعين للحشد الشعبي لبنان وحزب الله بهدف مناقشة الملف اليمني، وتوصلوا إلى استنتاج مفاده أنه أصبح لا مفر من النفوذ الإيراني.
في خضم الانتخابات الأخيرة، بدا أن لبنان لا يزال لقمة سائغة. وعلى الرغم من أنه من الممكن أن يتم نزع سلاح حزب الله أو فرض قيود تحد من نفوذ المالكي، إلا أن صعود وسقوط تنظيم الدولة كان يعني تمكين الجماعات المسلحة وترسيخ نفوذ إيران. بموجب ذلك، ستكون النتيجة الرئيسية للانتخابات بمثابة ختم الموافقة على طهران وإضفاء الطابع المؤسساتي على نفوذ إيران.
في الحقيقة، تتمثل المعضلة الرئيسية فيما إذا كان تركيز النفوذ سيؤدي إلى تجاوز الحدود أو إلى صراعات بين صفوف حلفاء لإيران المختلفين. وحتى الآن، لم تلق هذه الانتخابات الصدى المرجوّ.
المصدر: ناشيونال إنترست