قد يخبرك البعض أن معظم روايات الخيال العلمي حُولت بالفعل إلى أفلام أو مسلسلات وليس هناك أي داعٍ لقراءتها، خصوصًا لو كانت تلك الروايات لم تترجم من الأساس إلى العربية، لكن هذا لا ينطبق على الروايات التي سأتحدث عنها اليوم.
سوف أقدم لك في هذا المقال مجموعة من أعظم ما قُدم في أدب الخيال العلمي، التي للأسف لم تُترجم للعربية، لكنها بكل تأكيد تستحق القراءة.
1- دون لـ”فرانك هربرت” Dune – Frank Herbert
ستظل Dune أيقونة في تاريخ أدب الخيال العلمي ومدرسة في كيفية كتابة عوالم الفضاء، صدرت الرواية عام 1965، وحصلت على جائزة هوجو عام 1966، كذلك جائزة نيبولا في الجلسة الافتتاحية لأفضل رواية.
أنت الآن أمام أكثر روايات الخيال العلمي مبيعًا في العالم، بل وربما أفضل روايات الخيال العلمي على الإطلاق، والتي – بالطبع – لم تُتَرجم للعربية!
تُعتبر “دون” إحدى أكثر روايات الخيال العلمي غموضًا وإثارة، تدور أحداثها في مستقبل بعيد استطاع فيه البشر خلق الحياة على عدد كبير من الكواكب، بينما طبقة أرستقراطية تتحكم في كل هذه العوالم، وتدين بولائها للإمبراطور شادوم الرابع.
في عالم يحكمه العقل البشري ومُحرم به الذكاء الصناعي، استطاع البشر تطوير عقولهم كي تصبح قادرة على أداء جميع المهام المعقدة، لن أستطيع الحديث عن الرواية دون أن أحرق قدرًا من أحداثها، لكن يكفي أن أخبرك أن هذه الرواية تحولت إلى فيلم ومسلسل تليفزيوني، وكذلك لعبة فيديو.
2- لعبة إندر لـ”أورسن سكوت كارد” Ender’s Game – Orson Scott
يعتبر “أورسن” واحدًا من أهم أعمدة الفانتازيا والخيال العلمي في العصر الحديث، فلا يمكن لأحدنا أن يدعي أنه حقًا مولع بفئة الخيال العلمي دون أن يكون قد قرأ بعضًا من أعماله.
أحد أشهر أعماله هو العالم الذي انطلقت منه سلاسل “لعبة إندر”، وقد حُول الجزء الأول من تلك السلسلة إلى فيلم سينمائي من بطولة النجم هارسون فورد (لم يلق الفيلم نجاحًا كبيرًا بسبب اتجاه الكثير من حركات دعم المثلية الجنسية لإطلاق دعوات مقاطعة نتيجة آراء الكاتب المناهضة للمثلية).
سلسلة “لعبة إندر” تدور حول الطفل أندرو ويجينز الذي يبلغ من العمر 12 عامًا، وتُلقبه عائلته وأصدقائه بإند، ينضم إلى الأسطول الفضائي الحربي مع أقرانه من العمر نفسه؛ فقادة هذا العالم الحربيين هم الأطفال الذين يُختَبَروا مرارًا ويُوضَعوا في ظروف صعبة كي يتمكنوا من مواجهة المخلوقات الفضائية التي كادت أن تُبيد الأرض.
لا أستطع أن أتحدث كثيرًا عن أحداث تلك الرواية دون أن نحرق أحداثها لكنها ليست مجرد رواية عن حروب الفضاء بل تمس تيمات مهمة عن طبيعة الحروب والخضوع والتمرد.
تبع تلك الرواية رواية أخرى وهي “المتحدث باسم الموتى” التي أصبحت هي الأخرى واحدة من أهم روايات الخيال العلمي، ومع ذلك للأسف لم نحظ بنسخة عربية منها حتى الآن.
3- دليل المسافر إلى المجرة لـ”دوجلاس آدم”The hitchhiker’s guide to the galaxy – Douglas Adam
قد تكون صادفت عددًا كبيرًا من الكتب التي كُتبت نهايتها قبل بدايتها، أو بدأت عن طريق مسابقة بين أصدقاء أو طرأت الفكرة في أمسية قصصية مخيفة، لكنك لن تصادف تلك الرواية التي بدأت كمسلسل خيل علمي كوميدي على الرديو، ثُم حُولت إلى عدة كتب.
بدأت الرواية كمسلسل يُبث على الإذاعة البريطانية، مجرم مسلسل كوميدي من تأليف دوجلاس آدم عام 1978، وقد لاقى هذا المسلسل شهرة وشعبية واسعة، خاصة في وسط جميع المُهّوَّسين بأدب الخيال العلمي.
تحول المسلسل إلى رواية من خمسة أجزاء، وأصبح من أكثر الكتب قراءة في العالم، كذلك بيع منها أكثر من خمسين مليون نسخة في حياة المؤلف فقط! وعلى الرغم من وجود بعض التخبطات في الحبكة وبعض التناقضات التي تعود إلى التعديلات التي أجراها دوجلاس، فإن الرواية تسير على الحبكة نفسها الخاصة بالمسلسل.
تحكي الرواية عن مغامرات آرثر دينت، مجرد شخص إنجليزي لا يميزه أي شيء، وصديقه الفضائي فورد بيرفيكت الذي لا نعرف اسمه الحقيقي بسبب صعوبة نطقه بلغة أهل الأرض.
حُولت السلسلة إلى مسلسل تليفزيوني وكتاب قصص مصورة، كذلك لعبة فيديو وفيلم سنيمائي.
4- هل تحلم الربوتات بخرفان آلية؟ لـ”فيليب ديك”Do Androids Dream of Electric Sheep? – Philip K Dick
فليب ديك يعتبر أحد أعمدة أدب الخيال العلمي الذي شغله صراع الإنسان مع الآلة.
يتحدث في روايته عن ذلك الصراع الذي نشأ بعد الحرب النووية التي أضرت بالكوكب، وكيف يصبح الإنسان إنسانًا، تقع أحداث الرواية في سان فرانسيسكو، وقد دُمرت الحياة على الأرض بسبب تلك الحرب، كذلك أصبحت معظم الحيوانات مهددة بالانقراض، بينما انقرض بعضها بالفعل نتيجة إصابته بمتلازمة الإشعاع الحاد.
في ذلك المستقبل الذي تحدث فيه الرواية، يُعد امتلاك حيوان حقيقي علامة على رفعة شأن صاحبه، كذلك علامة من علامات التفوق الاجتماعي.
تحكي الرواية عن ريك ديكارد، قاتل ربوتات أجير وصائد جوائز، يسعى لامتلاك خروف حقيقي بدلًا من الخروف الآلي الذي يملكه في سقيفة منزله.
أُعيد تسمية الرواية في طبعات لاحقة إلى “شفرة عدَّاء” أو Blade Runner، وتُعتبر هذه الرواية أساس الفيلم الذي حمل العنوان نفسه.
5- مشاة السفينة النجمية لـ”روبرت أنسون هاينلاين”Starship troopers – Robert A. Heinlein
رُبما حالفك الحظ وشاهدت فيلم “ستارشيب تروبر” الذي عُرض عام 1997 المبني على الرواية التي سنتحدث عنها الآن، ويصور حربًا بين البشر وجنس فضائي من الحشرات.
أعذرك إذا ظننت في أثناء مشاهدتك للفيلم أنه مُجرد حرب فضائية أخرى، لكن الحقيقة أن الرواية تأخذ أبعادًا مختلفة، حيث البشر يُحكمون عن طريق حكومة عسكرية فاشية.
في الرواية التي كُتبت عام 1959 نستطيع أن نرى التأثير الشنيع للحرب على شعوب الأرض، وقد صار كل همهم الفوز بتلك الحرب.
إن الكاتب روبرت أنسون هاينلاين واحد من أهم كتاب الخيال العلمي، وقد تُرجمت له بعض الروايات الشهيرة مثل “غريب في أرض غريبة”، لكن لم نحظ يومًا بترجمة لـ”ستارشيب تروبر” للعربية، التي فازت بجائزة هوجو للخيال العلمي عام 1960.
يمكننا أن نرى تأثر عدة كتَّاب بتلك الرواية مثل أورسن سكوت كارد في روايته التي ذكرناها سابقًا في هذا المقال “لعبة إندر”، ورواية جون ستيكلي الشهيرة “الدرعArmor – “، وهو أول من أدخل مفهوم الدروع الخارجية الحديثة التي استُلهِم منها في عالم القصص المصورة “أيرون مان”، وفي عالم الألعاب “هيلو”، وعدة أفلام حديثة مثل “حافة الغد” لتوم كروز.
فتلك حقًا رواية ذات تأثير قوي رغم استقبال المجتمع الأدبي القاسي لها حين صدرت، متهمين الكاتب أنه يدعو إلى مجتمع عسكري تمامًا، وحين صدرت رواية جو هالدمان “الحرب الأبدية – The forever War) وصِفت بأنها رد فعل لرواية “مشاة السفينة النجمية”.
هذه ليست نهايتنا مع الأعمال الرائعة التي لم تُترجم للعربية، انتظروني في مقالي الجديد والجزء الأخير من هذا الملف، الذي سوف أتحدث فيه عن أعظم روايات الفانتازيا التي لم تُتَرجم للعربية.