ترجمة وتحرير: نون بوست
يشهد وادي السيليكون أزمة حقيقية، فعلى الرغم من أن شركات التكنولوجيا الكبرى تحقق أرباحا بالمليارات، إلا أن سمعتها باتت على المحك. فقد حذر موظفون سابقون في هذه الشركات من المخاطر والآثار الجانبية للهواتف الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي على المستخدمين. وفي وقت سابق، أعلن مارك زوكربيرغ عن شديد أسفه إبان فضيحة شركة “كامبريدج أناليتيكا”، مؤكدا أن ذلك الخطأ لن يتكرر في المستقبل.
من جانبها، أكدت جوجل أنها تتبنى نهجا مختلفا، لأنها تحمل نويا جيدة إزاء مستخدميها، وذلك على حد تعبير المدير التنفيذي لجوجل، ساندر بيتشاي. وبالاشتراك مع مجموعة من المديرين التنفيذيين في الشركة، أعلن بيتشاي عن أحدث إصدارات شركة جوجل، وأكد أنه سيساعد المستخدمين على الاستغناء عن هواتفهم الذكية في الكثير من الأوقات. ومن بين أهم الأمور التي أعلنت عنها جوجل خلال مؤتمر “جوجل آي/أو 2018”:
من يستطيع إغلاق هاتفه، شخص سعيد الحظ
ابتكرت شركة جوجل مصطلحا تسويقيا جديدا يسمى “جومو”، على غرار المصطلح التسويقي السابق “فومو”، الذي يشير إلى “الخوف من فوات الشيء”. وتشدد جوجل على أن هذا الخوف غير مبرر. ومن هذا المنطلق، استبدلت جوجل كلمة “خوف” ضمن المصطلح السابق بكلمة “الاستمتاع”، في إشارة منها إلى استمتاع المستخدم بوقته بعد تخليه عن هاتفه الذكي لبعض الوقت.
يستطيع المستخدم ضبط زمن محدد لاستخدام كل تطبيق، 20 دقيقة في اليوم على تطبيق فيسبوك، على سبيل المثال
منذ سنوات، حذر الموظف السابق في شركة جوجل، تريستان هاريس، أن المزج بين الهواتف الذكية وتطبيقات التواصل الاجتماعي قد يقود المستخدم للإدمان. ولذلك، طالب هاريس شركات التكنولوجيا بتطوير تطبيقاتها، بحيث لا يضيع المستخدم الكثير من الوقت في استخدامها. وبالفعل، أيد العديد من العلماء والمؤسسين والمطورين مبادرة هاريس، باستثناء شركة فيسبوك، التي تعد الشركة الوحيدة التي رفضتها.
في الحقيقة، أرادت جوجل أن تتفادى كل الانتقادات، قبل أن تغرق في مستنقع استغلال المستخدمين، وأطلقت على كل ما تقوم به من عمليات تطوير ضمن تطبيقاتها عبارة “رفاهية رقمية”، بهدف استقطاب المستخدمين من جديد. وفي النسخة الجديدة من أندرويد، طورت شركة جوجل لوحة التحكم الرئيسية، حيث تعرض عدد المرات التي قام الشخص فيها بإخراج هاتفه الذكي من حقيبته أو جيبه، وتحدد أيضا الوقت الذي قضاه على كل تطبيق من التطبيقات المثبتة على الهاتف.
في الأثناء، يستطيع المستخدم ضبط زمن محدد لاستخدام كل تطبيق، 20 دقيقة في اليوم على تطبيق فيسبوك، على سبيل المثال. وقبل انقضاء هذه المدة بفترة وجيزة، يظهر تحذير على الشاشة يشير إلى اقتراب موعد إغلاق التطبيق، ولن يتمكن المستخدم بعدها من إعادة فتح التطبيق مرة أخرى طوال اليوم. وفي حال رغب المستخدم في إعادة فتح التطبيق، فلا بد أن يلج للإعدادات، وإعادة ضبط المدة المخصصة لاستخدام التطبيق في اليوم الواحد.
ترغب شركة جوجل في جعل مهمة التحكم في الكم الهائل من الإشعارات المتأتية من التطبيقات المثبتة، التي تصل للمستخدم أسهل وأبسط بكثير. ويستطيع المستخدم تحديد الأولويات والأوقات، بحيث لا تزعجه هذه التطبيقات من خلال الإشعارات. فضلا عن ذلك، يشمل هذا الإصدار خاصية جديدة، تعمل على تعديل ألوان الشاشة إلى الأبيض والأسود عندما يحين وقت النوم. أما بالنسبة للأشخاص الذين يرغبون في تجنب الإزعاج بشتى أشكاله أثناء النوم، فيمكنهم الاكتفاء بوضع الهاتف إلى جانب السرير على أن تواجه شاشة الهاتف سطح المكتب نتيجة لذلك، سيظل الهاتف طوال الليل في وضع “صامت”، دون إحداث أي تغيير على نغمة رنين المكالمات الهامة أو المنبه.
تدرك جوجل جيدا كيف تنتقي الأفضل من بين التكنولوجيات المختلفة
من خلال هذا التحديث، تطمح جوجل إلى تحقيق قدر من التوازن. فمن جهة، تحاول جوجل دعم هذه المبادرات وتحسين صورتها، فضلا عن النأي بنفسها عن شركة فيسبوك، التي تدهورت سمعتها بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة. ومن جهة أخرى، لا تزال شركة جوجل تسعى لتحقيق مكاسب كبيرة من خلال دفع عملائها لقضاء وقت أطول في استخدام منصاتها، على غرار محرك البحث وموقع يوتيوب، والاطلاع على الإعلانات التجارية، التي تنشر عليها. وتظهر تلك الإعلانات وفقا للبيانات الشخصية، التي تجمعها جوجل. ومؤخرا، كشفت الشركة أنها تجمع تلك البيانات انطلاقا من تطبيقات جوجل المختلفة.
أندرويد بي مشابه لنموذج أيفون إكس
تدرك جوجل جيدا كيف تنتقي الأفضل من بين التكنولوجيات المختلفة. عموما، أعلنت جوجل عن تطوير إصدار جديد من أندرويد في أواخر الصيف الماضي، كعادتها كل سنة في الإعلان عن آخر منتجاتها. ولكنها أعلنت عن الخصائص الجديدة التي ستضاف إلى نظام التشغيل “أندرويد” خلال مؤتمر المطورين مساء الثلاثاء الماضي. واستبدلت جوجل أزرار التحكم الثلاثة، التي تظهر أسفل الشاشة، بزر تحكم واحد، على غرار أيفون إكس.
في الواقع، تعمل شركة جوجل على تطوير هذه الخاصية منذ سنوات، وذلك حتى قبل أن يعلن تيم كوك عن آخر إصدارات “أبل” في أيلول / سبتمبر الماضي. ومن المحتمل أن مطورو أبل وجوجل يمتلكون أفكارا متشابهة إلى حد كبير. ومنذ مساء الثلاثاء، أصبحت النسخة التجريبية من “أندرويد بي” متاحة للمستخدمين. وبالفعل، بعد ساعات قليلة من المؤتمر، أخذ مستخدمو الهواتف الذكية في تثبيت هذه النسخة، واختبار الخصائص الجديدة.
تعتبر النسخة التجريبية من نظام التشغيل الجديد متاحة لمالكي هاتف جوجل من طراز “بيكسل” فحسب
يجعل الإصدار الجديد الانتقال بين التطبيقات المختلفة على الهاتف أمرا سلسا للغاية، كما أنه يسهل من استخدام الهواتف ذات الشاشات الكبيرة بيد واحدة. بالإضافة إلى ذلك، تعتمد جوجل بشكل كامل على التشغيل التلقائي في “أندرويد بي”، حيث تعمل خاصية “تأقلم البطارية”، التي تتكفل بإطالة عمر البطارية، من خلال الحد من العمليات الجارية في الخلفية، وإنهاء العمليات غير الضرورية.
بالإضافة إلى ذلك، يفعّل أندرويد بي تلقائيا خاصية “تأقلم إضاءة الشاشة”، الذي يعمل على ضبط سطوع الشاشة حسب الاستخدام. بالنسبة لهذه الخاصية، لا يعتمد نظام التشغيل على الإضاءة المحيطة بالمستخدم، وإنما على السلوك السابق له. في الأثناء، قامت منصة “ذا فيرج” باختبار كل خصائص أندرويد بي الجديدة، وأكدت أن هذا التحديث يعد “الأكثر طموحا لشركة جوجل منذ سنوات”.
حاليا، تعتبر النسخة التجريبية من نظام التشغيل الجديد متاحة لمالكي هاتف جوجل من طراز “بيكسل” فحسب. وخلال هذه السنة، سيكون أندرويد بي متاحا للأجهزة الأخرى. عادة، ما تحتوي هذه النسخة التجريبية على أخطاء في التشغيل بناء على ذلك، توصي جوجل بشكل صريح بعدم التوسع في استخدامها، حتى لا تؤدي تلك الأخطاء إلى فقدان بعض البيانات الخاصة.
الآلات تتواصل مع الإنسان هاتفيا
“مرحبا جوجل، احجز لي طاولة لأربعة أفراد في المطعم الهندي المفضل لي غدا في تمام الساعة الثامنة مساء”. يستطيع مستخدمو جوجل الاكتفاء بتلك الجملة في حال أرادوا الذهاب لتناول الطعام في أحد المطاعم، ليتكفل الذكاء الاصطناعي لدى شركة جوجل بباقي التفاصيل. وأطلقت جوجل على هذه الخدمة اسم “جوجل دوبلكس”. ومن خلال هذه الخدمة، يتصل مساعد جوجل تلقائيا بالمطعم ويخبره برغبة المستخدم في حجز الطاولة.
أضافت شركة جوجل ستة أصوات جديدة لمساعدها الرقمي، من بينها صوت المغني الشهير، جون لجند
في مثل هذه الحالات، يخزن جوجل العديد من المحادثات الهاتفية، التي تبدو في غالب الأحيان حقيقية. ويظهر الذكاء الاصطناعي لجوجل تفاعلا بشريا طبيعيا مع المحاور، فيقول كلمات مثل “آه” أو “ممم”، كما أنه يجيب على الأسئلة. كما يواصل الحديث مع المحاور، حتى في حال أخذ الحوار منحى غير متوقع. في مدونة المطورين، أكد كبير مطوري شركة جوجل أنهم طوروا هذه التكنولوجيا بالاعتماد على الشبكة العصبونية الحيوية للإنسان. ولكن لم يتضح حتى الآن الوقت الذي سترى فيه خدمة “جوجل دوبلكس” النور. ومن المرجح أن ينتظر متحدثي اللغة الألمانية وقتا أطول من بقية الدول الأخرى، لاستعمال هذه الخدمة، نظرا لصعوبة اللغة.
قدمت جوجل لمحة سريعة عن خصائص أخرى
سيكون “مساعد جوجل” بشريا إلى حد ما ومفيدا بصورة أكبر: في سباقها الدائم مع شركات أبل، ومساعدها الرقمي “سيري”، وشركة أمازون، ومساعدها الرقمي “أليكسا” وشركة مايكروسوفت ومساعدها الرقمي “كورتانا”، أضافت شركة جوجل ستة أصوات جديدة لمساعدها الرقمي، من بينها صوت المغني الشهير، جون لجند. وفي المستقبل، سيكون مساعد جوجل قادرا على إجراء محادثات طويلة ومتواصلة، كما أنه لن تكون هناك حاجة إلى تفعيله في كل مرة من خلال قول “هاي جوجل”، حيث أن مساعد جوجل سيتفاعل بصورة تلقائية مع كل سؤال يطرحه المستخدم.
تعمل جوجل على توسيع عدستها بصورة كبيرة جدا: حتى الآن، تستطيع خدمة “عدسة جوجل” التعرف على ما تحويه أي صورة، بالإضافة إلى التعرف على المعالم السياحية في الصور التي يلتقطها البعض خلال فترة قضاء عطلاتهم. وتوجد هذه الخاصية بالفعل في “جوجل صور” ومساعد جوجل، ويستطيع الألمان، الذين يملكون هاتف جوجل من طراز “بيكسل” استخدامها في الوقت الحالي.
سيقترح مساعد جوجل على المستخدم تحسين الصور في المستقبل
أما الجانب الجديد بالنسبة لخدمة “عدسة جوجل”، فيتمثل في أن الشركة قد أضافتها إلى تطبيق الكاميرا. فعلى سبيل المثال، في حال تفعيل خدمة “عدسة جوجل” من خلال تطبيق الكاميرا، وكان المستخدم في أحد المطاعم خارج بلاده، وقام بإجراء مسح لقائمة طعام هذا المطعم، سيعرض جوجل مكونات كل الأطعمة الموجودة في القائمة على الفور، بالإضافة إلى ترجمتها إلى لغته الأم.
منصة الأخبار أعيد تصميمها بصورة مختلفة: ألغت جوجل تطبيق عرض الأخبار الخاص بها، وكذلك صفحة “أخبار جوجل” الخاصة بسطح المكتب. في المقابل، سيعمل الذكاء الاصطناعي والتعلم الذاتي للآلة على عرض الأخبار التي تهم المستخدم فحسب. ومن خلال آلية تحكم جديدة، سيتمكن المستخدم من التنقل بين المصادر المختلفة، وعرض وجهات النظر المتنوعة حول موضوعات محددة.
“جوجل صور” سيستفيد من الذكاء الاصطناعي: سيقترح مساعد جوجل على المستخدم تحسين الصور في المستقبل. فعلى سبيل المثال، سيطلب منه إعادة تعيين مدى سطوع الصورة. فضلا عن ذلك، قد يقوم مساعد جوجل بتلوين الصورة تلقائيا باللونين الأبيض والأسود.
المصدر: زود دويتشه تسايتونغ