يطلق الأتراك على البيان الانتخابي كلمة مانيفستو وتعني إعلان أو بيان واصطلاحًا هي تعبير حركة سياسية أو اجتماعية عن أهدافها ومعتقداتها السياسية بشكل واضح، وقد ذكرت صحيفة صباح في الأسبوع الماضي توضيحًا لكلمة مانيفستو نظرًا لأن بعض الأتراك لا يعرفون معنى الكلمة وهناك الكثير ممن تساءلوا عن معناها.
وقد جاء في أحد التعريفات المتداولة للكلمة أنها “إعلان منشور يتضمن نوايا أو دوافع أو آراء تخص ناشر البيان، وقد يصدره فرد أو مجموعة أو حزب سياسي أو حكومة، من أمثلته الكتاب الأخضر وبيان الحزب الشيوعي، ويتقبل البيان عادة الرأي السابق أو الإجماع العام و/أو يدعم فكرة جديدة فيها مفاهيم مطروحة لتعطي تغييرًا يعتقد مصدر البيان بضرورتها، وعادة ما تكون هذه البيانات سياسية أو فنية ولكن قد تكون أحيانًا موقفًا شخصيًا”.
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان البيان الانتخابي أو المانفيستو لحزب العدالة اولتنمية في الانتخابات القادمة التي ستجرى في 24 من يونيو/حزيران 2018، ومن الجيد الإيضاح أن البيان الانتخابي مختلف عن البرنامج الانتخابي، حيث سيعلن حزب العدالة والتنمية برنامجه الانتخابي في 25 من مايو/أيار الحاليّ وهو اليوم الذي سيعلن فيه الحزب أيضًا قائمة مرشحيه، فقد تقدم تقدم أكثر من 7000 شخص للحزب وسيختار الحزب منهم 600 فقط للانتخابات البرلمانية.
من أهم الأمور التي تحدث عنها أردوغان أن تركيا في طريقها لأن تكون من أهم القوى في المنطقة وستكون قوة عالمية في المرحلة الجديدة
وذلك وفقًا لما أعلنه المتحدث باسم الحزب ماهر أونال، وقد لاحظ باحثون وصحفيون أتراك احتواء البيان وكلمة أردوغان على الثلاثيات في استخدام الشعارات المتعلقة بالبيان الانتخابي وذلك من قبيل استخدام شعار “إرادة فضيلة شجاعة” في الحديث عن مبادئ الحزب ومن قبيل “سرعة اتخاذ القرار والإدارة الفعالة ومأسسة السياسة” في إطار الحديث عن مزايا النظام الرئاسي.
وحتى فيما يتعلق بالأهداف فقد جاء أيضًا في صيغة ثلاثيات حيث تم الحديث عن 3 حقب زمنية قادمة عندما احتوى البيان الانتخابي على وعود تتعلق بتحقيق تركيا لأهدافها في 2023 و2053 و2071.
ومن أهم الأمور التي تحدث عنها أردوغان أن تركيا في طريقها لأن تكون من أهم القوى في المنطقة وستكون قوة عالمية في المرحلة الجديدة، وفي هذا الأمر إشارة واضحة ورسالة إلى طموح تركيا بمكانة عالية على مستوى النظام الدولي، وينسجم هذا الأمر مع تكرار أردوغان للعبارة الاعتراضية على هيكلية إدارة النظام الدولي المتمثملة في “العالم أكبر من خمسة”.
القوة الخشنة
من الملاحظ أن تركيا التي بدأت تعتمد على أدوات القوة الخشنة في العامين الأخيرين مع استمرارها في استخدام أدوات القوة الناعمة أكدت على لسان رئيسها أنها سوف تستمر في الاعتماد على أدوات القوة الخشنة في الأعوام القادمة، وينسجم هذا مع الطموحات والتطلعات، فالتطلع للمنافسة كقوة إقليمية كبيرة ثم قوة عالمية لا يمكن أن ينبني على أدوات القوة الناعمة فحسب، وقد أشار أردوغان إلى هذا بحديثه في البيان الانتخابي في العبارات التالية:
– “سوف تنفذ تركيا في المرحلة المقبلة عمليات عسكرية جديدة على غرار درع الفرات وغصن الزيتون لتطهير حدودها من المنظمات الإرهابية”.
أردوغان ربط التحسن الاقتصادي بتحسن العلاقة مع الاتحاد الأوروبي، مؤكدًا أن تركيا لم تتخل عن هدفها المتعلق بالانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي
– “عملياتنا مستمرة حتى القضاء على آخر إرهابي في عين العرب والحسكة في سوريا وسنجار وقنديل في العراق”.
– “سنستمر في إنتاج أسلحتنا المحلية كي نكون قوة عالمية، وسنزيد قدرات صناعاتنا الدفاعية، وهدفنا الرئيسي هو الوصول إلى أنظمة دفاعية محلية تمامًا”.
الاقتصاد
أما الاقتصاد فقد كان حاضرًا بشكل قوي، حيث قال أردوغان: “احتياطي البنك المركزي التركي أصبح اليوم 114 مليار دولار، ولم يبق لدينا أي ديون للبنك الدولي”، كما تعهد بخفض أسعار الفائدة والتضخم والعجز في الحساب الجاري.
كما ربط التحسن الاقتصادي بتحسن العلاقة مع الاتحاد الأوروبي، مؤكدًا أن تركيا لم تتخلّ عن هدفها المتعلق بالانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، متعهدًا بتحقيق قفزة متميزة في مجال الاقتصاد.
ومن ناحية أخرى أشار أردوغان إلى وجود هجمات على تركيا من منطلقات اقتصادية وظهر ذلك في عبارته “عندما حققنا أرقامًا قياسية في الاقتصاد، تحركت جبهات الشر ضدنا، لكننا حافظنا على الأمانة التي وضعها شعبنا في أعناقنا، وأفشلنا خطط الخونة”.
وقد لوحظ احتواء البيان على تعهدات بتنمية الاقتصاد التركي وتحويله إلى قوة ترفد العالم بالعلامات التجارية وتقليص الفروق بين الدخول إضافة إلى تسريع المشاريع المتعلقة بمجالات صناعة السيارات والصناعات الدفاعية المحلية.
كان من الواضح التركيز على مفهوم القوة سواء القوة العالمية أو عناصر القوة الأخرى مثل القوة العسكرية والاقتصاد؛ مما يشير إلى أن تركيا مع حزب العدالة والتنمية في حال فوزه سوف تتبنى خطًا واقعيًا في مراكمة القوة
وقد احتوى البيان على قضايا أخرى متعلقة بالعنف ضد المرأة وغيرها من قضايا حقوق الإنسان والقضايا الاجتماعية التي تعهد أردوغان بالعمل عليها.
وأجمع عدد من الصحفيين الأتراك أن أردوغان ركز على المعاني الوطنية مثل الإرادة الوطنية والسياسة الوطنية بشكل واضح في الإعلان كما استخدم لغة واضحة وحاسمة.
كان من الواضح التركيز على مفهوم القوة سواء القوة العالمية أم عناصر القوة الأخرى مثل القوة العسكرية والاقتصاد؛ مما يشير إلى أن تركيا مع حزب العدالة والتنمية في حال فوزه سوف تتبنى خطًا واقعيًا في مراكمة القوة وهذا الخط يمكن أن يحدث اختلافات في سياساتها التي سارت عليها من 2002 إلى 2014.