بعد الحرب العالمية الأولى تتحول الحياة في أمريكا للترف والبذخ اللامتناهي وتتضاعف الثروات بطرق بعضها مشروع وكثيرها غير مشروع، “جاتسبي العظيم” هي مرآة ذلك العصر التي كتبهافرنسيس سكات فيتزجيرالد، الرواية التي تناولت أسطورة الحلم الأمريكي فترة العشرينيات وعصر أوج الازدهار الذي عاشته، وهي إحدى الفترات المفصلية في حياة الأمريكيين .
في نيويورك وبعد الحرب العالمية الأولى، وقع بالولايات المتحدة ما يعتبر انقلابًا راديكاليًا وحالة من الجوع للمتع والملذات التي دخلتها أمريكا بعد البؤس، وكأنها بوابة عبر منها الأمريكيون تجاه الترف والبذخ، وبدأ ما يعرف بعصر اللذة، يعيش المرء ليستمتع ويلبي رغباته دون تفكير في شكل الغد كيف سيكون .
عصر الجاز
هو المصطلح الذي أطلقه كاتب الرواية فيتزجيرالد على تلك الحقبة، فموسيقى الجاز بجرأتها وانسيابيتها تشبه كثيرًا هذا العصر وتجسد الكثير من خصاله ،كما أنها كانت حديثة العهد بالأمريكيين شأنها شأن الكثير من اكتشافات هذا العصر واختراعاته التي ساهمت في تقسيم المجتمع لطبقة عليا وسفلى، لا تستغنى الأولى عن الثانية، لكن رغم هذا فهي شفافة غير مرئية لا يراها الصفوة ولا يهتمون لها .
يعتبر فرنسيس سكات فيتزجيرالد، من أبرز مؤلفي وكتاب الروايات والقصص القصيرة الأمريكيين
نشرت للمرة الأولى عام 1925 في نيويورك، الرواية ذات الصبغة الرومانسية التي تعكس عصرًا كاملاً من الحياة الصاخبة الماجنة التي يصبح الثراء فيها غاية لا بد أن تدرك؛ مما أدى لتكون طبقة الأثرياء الجدد الذين مارسوا كل شيء شرعي أو غير شرعي من إجرام وتهريب ودعارة وانهيار أخلاق في هذا العصر المفتوح .
الحلم الأمريكي لجاتسبي ليس الغاية بل وسيلة لغايته الكبرى وحبه الوحيد، تتعرض الرواية بشكل من التركيز لمسألة الفوارق الاجتماعية التي تفصل الأمريكيين عن بعضهم البعض، فجاتسبي رغم امتلاكه مكتبة ضخمة توهم مرتاديها بثقافته الواسعة، وصورة له في أوكسفورد التي لم يدخلها يومًا، إلا أنه يظل ضمن طبقة الأثرياء الجدد أو محدثي النعمة بمنطقة “ويست إيج”، بينما ديزي والآخرون فهم من الأثرياء بالوراثة الذين يقطنون “إيست إيدج” .
يعتبر فرنسيس سكات فيتزجيرالد (24 من سبتمبر1896- 1940) من أبرز مؤلفي وكتاب الروايات والقصص القصيرة الأمريكيين، كتب أربع روايات وخامسة لم يكملها نشرت بعد وفاته .
في العام 2013 تحولت الروية لفيلم سينيمائي من بطول ليوناردو ديكابريو وتوبي ماغواير وكاري موليجان، وهي نسخة من خمس نسخ فنية عن تلك الرواية .
ليوناردو ديكابريو: “رواية أمريكية أصلية معقدة وغامضة تعرف بالأمريكيين في العشرينيات وتستشرف مرحلة بداية انهيار الأسواق التي جاءت بعد ذلك”.
الإعلان الترويجي للفلم
الفيلم صور بتقنية ثلاثية الأبعاد وبتصميم ديكورات وملابس نفس الحقبة الزمنية التي تتناولها الرواية وهي عشرينيات القرن العشرين.
الراوي الشاب كارواي يضطر للعمل في واقع مليء بالانحلال واللاأخلاق والتهريب وغيرها، يسكن بيت صغير بجوار قصر كبير للثري الغامض “جاتسبي”، من هنا بدأ الاحتكاك بينه وبين حياة القصور ومرتاديها.
جاتسبي كان فتى فقيرًا لا يملك شيئًا، ترك بيته في عمر متقدم وجمعته قصة حب مع الفتاة “ديزي” عام 1917، إلا أن إرساله لأوروبا للمشاركة في الحرب العالمية الأولى حال بينهما، انتهت الحرب ولكن جاتسبي لم يعد، انتظرته ديزي طويلاً لكن بعد فترة انتظار طويلة تزوجت من الثري توم .
عاد جاتسبي صبيحة زفاف ديزي، لكنه لم يعد كما غادر، بل بصفته الثري صاحب القصر الكبير والحفلات الأسبوعية التي تتكلف ربما ملايين الدولارات التي يدعو لها كل الناس لربما ديزي تكون أحد حضورها ويلتق بها .
النهاية التي تظهر جاتسبي وحيدًا في تابوته الخشبي لم يشيعه أحد ممن ازدحموا ذات يوم داخل بيته، هي الحقيقة العارية من أي تجميل وتحمل واحدة من أهم سمات هذا العصر وهي المادية البحتة
يطلب جاسبي من كارواي أن يدعو ديزي للعشاء دون أن يخبرها بوجوده؛فتأتي ديزي ويلتقيان .
يواجه جاتسبي توم بحبه لديزي وحبها له، فينشب بينهما تحدٍ يتخلله خروج ديزي مع جاتسبي بسيارته الخاصة وفي أثناء قيادتها للسيارة تصطدم بميرتل – صديقة توم –وترديها قتيلة، غير أن لا أحد يعلم أن ديزي السائقة والقاتلة، ويخبر توم، جورج –زوج ميرتل – أن السيارة تعود لجاي جاتسبي.
ينتظر جاتسبي مكالمة تحوي قرار ديزي النهائي، في تلك اللحظة يظهر جورج ليقتله ثم ينتحر، وبهذا يتخلص توم من الرجلين، بينما ترحل ديزي مع زوجها .
النهاية التي تظهر جاتسبي وحيدًا في تابوته الخشبي لم يشيعه أحد ممن ازدحموا ذات يوم داخل بيته، هي الحقيقة العارية من أي تجميل وتحمل واحدة من أهم سمات هذا العصر وهي المادية البحتة التي لا تحمل بين طياتها عرافانًا أو وفاءً لأحدهم.