بات الواقع السياسي على صعيد مستقبل القضية الفلسطينية متأزماً في ضوء الصعاب التي تعصف بها فالمفاوضات بين السلطة والاحتلال وصلت إلى طريق مسدود والمصالحة مجمدة والاعتقال السياسي في الضفة على أشده وحصار غزة يشتد يوماً بعد آخر وشعبنا في مخيمات اللجوء يتجرع كأس الحنظل ولا حلول تدور في الأفق.
ملفات عديدة باتت موضوعة على طاولة القضية الفلسطينية وأسئلة كثيرة تحتاج لإجابات واستفسارات عدة أولها “مسار المفاوضات بين السلطة والكيان إلى أين؟
فالمفاوضات باتت أمريكية – إسرائيلية فقط والشأن الفلسطيني هو طرف متلقي والتسريبات المتعلقة باتفاق الإطار لا يمكن وصفها بالصحيحة والاحتلال يضع نفسه ضد الفلسطينيين وحضارة العرب والمسلمين ويزرع بذور الحرب لا بذور السلام وكيري لم يستطع تحقيق أي نتيجة في مسار المفاوضات .
ولم يعد هناك أي اتفاق بفعل سيطرة اليمين المتطرف على الشارع الإسرائيلي والاحتلال يضع شروط للتوصل لاتفاق من أبرزها “يهودية الدولة وتزوير التاريخ لصالح الصهيونية وقطع علاقاتنا بفلسطين ورفض عودة اللاجئين للدولة المزمع إنشائها والتمسك بالوجود العسكري والأمني بالضفة.
كما لا يوجد اتفاق إطار والمطلب الوحيد الذي عرض على رئيس السلطة محمود عباس هو تمديد المفاوضات ونحن أمام مشروع صهيوني حقيقي على الأرض يستهدف كامل فلسطين في ظل مواصلة الإدارة الأمريكية عرض طروح مستمرة وتسعى للحفاظ على أمن الكيان وتفوقه العسكري في المنطقة.
وبات رئيس السلطة محمود عباس لا يحمل إلا سلاح المفاوضات فقط وفي ظل الظروف المحيطة عباس سيذهب لتمديد المفاوضات مع إسرائيل ولا يوجد نية لدى الاحتلال بإعطاء دولة للفلسطينيين ولا نية لدى السلطة إلا إذا أجريت انتخابات.
في ضوء ما طرح يبدو أن رئيس السلطة محمود عباس سيتوجه لتمديد المفاوضات لأنها أسهل الطرق أمامه في ظل الخيارات الحالية لحين ترتيب أوراق المنطقة، كما أن الوضع الأمني في الضفة مريح طالما لا يوجد حراك جماهيري شعبي ضاغط على الاحتلال وأبو مازن على حد سواء الذي كان يدير الاتصالات الأخيرة حول المفاوضات بنفسه بحسب كافة المؤشرات والمصادر من داخل أروقة المفاوضات.
ومع الحديث عن نية عباس تمديد المفاوضات باتت على أرض الواقع سيناريوهات أخرى لمسار المفاوضات عقب تسلم نتنياهو خطة عن اتفاق الإطار وفق تسريبات لإحدى الصحف التي سربت الشق الاقتصادي منه وعدم تسلم عباس لنسخة عن هذا الاتفاق يدل أن الإدارة الأمريكية ترى عدم قدرة رئيس السلطة على اتخاذ أي قرار كما أن التوطين وتقليصات الأونروا مؤخراً شكلت خطوات تسعى الإدارة الأمريكية لتمريرها في ظل اعتبار السلطة حلقة ضعيفة وعباس الحلقة الأضعف وهناك أصابع خفية داخل السلطة هي من تُدير المفاوضات.
وقد نتفاجأ باتفاق لكن سيكون قبله تقليم لأظافر المقاومة في غزة وسيناريو حرب على القطاع ثم العودة للمفاوضات بيد أن هناك تسريبات وليس اتفاق إطار وكافة الأطراف تُدرك تماماً أن هذه المفاوضات لا نهاية لها ولم يطلب من عباس تمديدها.
وبات الحديث عن تمديد المفاوضات يعني وجود إشارة لفشلها المستمر والإدارة الأمريكية تراجعت في الآونة الأخيرة عن اعتبار “الاعتراف بيهودية الدولة” شرطاً لاستمرار المفاوضات دون إدراك أن الهدف الأساسي من المفاوضات في حال فشلها تغيير في مرجعية العلاقات بين الاحتلال وفلسطين.
في ضوء ما سبق يتبين لنا بالدليل القاطع أن كافة الأطراف سواء في السلطة بقيادة حركة فتح أو الاحتلال لها مصلحة في استمرار المفاوضات وشعبنا ضحية لما يجري والاستيطان للأسف مستمر بصرف النظر عن المفاوضات ولن تكون تغطية عليها مما يؤكد أن المفاوضات باتت السلاح الوحيد في جعبة سلطة فتح !