ترجمة حفصة جودة
في الوقت الذي تحاول فيه أمريكا والصين التفوق على بعضهما البعض من خلال التعريفة الجمركية للواردات، وبينما تحاول المملكة المتحدة الخروج من الاتحاد الأوروبي، يعمل قادة إفريقيا على اتفاقية تجارة حرة تغطي القارة بأكلمها، بدأت المحادثات بشأن تأسيس منطقة تجارة حرة في القارة منذ عام 2015.
ورغم أن توقيعات العديد من أعضاء الاتحاد الإفريقي البالغ عددهم 55 عضوًا ما زالت معلقة، فإن غانا وكينيا أصبحتا يوم 10 من مايو من أول الدول الموقعة على الاتفاق، ويحلم المؤيدون لتلك الاتفاقية بأن تنضم جميع دول القارة للاتفاقية لإنشاء كتلة تجارية تضم إجمالي ناتج محلي مشترك يتجاوز 3 تريليونات دولار.
ما اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية؟
إنها مشروع يقوده الاتحاد الإفريقي لإلغاء التعريفة الجمركية على السلع التجارية والخدمات داخل إفريقيا وإنشاء سوق قاري مع حركة حرة لرجال الأعمال، يبلغ حجم التجارة داخل إفريقيا نحو 16% من إجمالي تجارة القارة مقارنة بـ19% في أمريكيا اللاتينية و51% في آسيا.
وتقول المفوضية الاقتصادية للأمم المتحدة إن الاتفاقية قد تؤدي إلى زيادة الرقم بمعدل النصف، ويقول رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي محمد إن إجمالي الناتج المحلي للقارة قد يصل إلى حجم ألمانيا وبذلك تستطيع إفريقيا أن تمتلك صوتًا قويًا في مفاوضات التجارة العالمية.
ما الذي ستفعله اتفاقية التجارة الحرة؟
بمجرد البدء في تنفيذ الاتفاقية؛ ستُزال التعريفة الجمركية عن نحو 90% من السلع، وسيمهد ذلك الطريق لإنشاء اتحاد جمركي قاري.
هل هناك أي اتفاقيات تجارة حرة أخرى في إفريقيا؟
بالطبع هناك ما لا يقل عن اتفاقات منذ 8 عقود، لكن أغلبها حسب المنطقة، وهناك بعض الدول التي تشترك في أكثر من مجموعة مما يخلق بعض التداخل، لكن اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية لن تحل فورًا محل هذه التجمعات الإقليمية لكنها ستوفق بين المعايير والقواعد لتسهيل التجارة بين المجموعات المختلفة وفي النهاية سيتم توحيد المجموعات الصغيرة تحت هذه الاتفاقية.
ما الذي يعلق الاتفاقية حتى الآن؟
منذ عام 2015 قال وزراء التجارة إن المحادثات بشأن الاتفاقية سوف تنتهي في نهاية عام 2017، لكن التقدم البطيء في المفاوضات بشأن جدول التعريفة الجمركية وقواعد أصول السلع المصنعة وانعدام الإرادة السياسية في بعض الدول أدى إلى تعثر العملية.
ما الدول التي وقعت على تلك الاتفاقية؟
وقعت أكثر من ثلاثة أرباع الدول الإفريقية – نحو 44 دولة – على اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية في اجتماع لرؤوساء الدول في مارس وتم في كيغالي عاصمة رواندا، لكن الاتفاقية لن تصبح فعالة إلا بعد تصديق برلمانات نحو 22 من الدول الأعضاء على الأقل.
ما الدول التي لم توقع على الاتفاقية؟
لم توقع على الاتفاقية أكبر دولتين اقتصاديتين في القارة، فقد ألغى الرئيس النيجيري محمد بخاري رحلته إلى كيغالي قبل 11 ساعة من التوقيع، ويقول النقاد إنه خضع لضغوط النقابات العمالية التي تخشى أن تؤدي الاتفاقية إلى إغراق نيجيريا بالسلع الرخيصة وتتسبب في فقدان الوظائف إذا قل الطلب على الإنتاج المحلي، يجب أن يخضع بخاري للرأي العام لأنه لم يبق سوى 10 أشهر على موعد الانتخابات الرئاسية القادمة التي ينوي أن يترشح فيها لدورة رئاسية ثانية.
لم توقع أيضًا جنوب إفريقيا – أكبر الاقتصادات الصناعية في القارة – على الاتفاقية، كان رئيس البلاد سيريل رامافوزا قد وقع على إعلان كيغالي الذي يدعم إنشاء الكتلة، لكنه قال إن بلاده لن توقع على الاتفاقية إلا بعد موافقة البرلمان.
وماذا عن الدول الأخرى؟
لم توقع بوتسوانا وليسوتو ونامبيا على الاتفاقية، ولأنهم جزء من الاتحاد الجمركي الجنوب إفريقي مع إفريقيا الجنوبية؛ فمن الصعب عليهم الموافقة على شروط اتفاقية التجارة الحرة إذا لم يوقع الأعضاء الأكبر في الاتحاد الجمركي بعد.
من المستفيد من تلك الاتفاقية؟
من المرجح أن تستفيد دول مثل جنوب إفريقيا وكينيا، حيث تمتلكان قاعدة صناعية كبيرة وشبكة موانئ وطرق وسكة حديد، من هذا التكامل الإقليمي وفقًا لوكالة “Moody’s Investors Service”، أما الدول الأخرى التي تعاني من سوء البنية التحتية والقيود غير الجمركية مثل القوانين الحكومية الثقيلة فسوف يستمر فيها التقييد على تنمية قطاع التجارية وإمكانات النمو طويلة المدى.
ما الخطوات التالية؟
الهدف هو إنشاء منطقة تجارة حرة بحلول عام 2020 وذلك بعد عقد من موافقة الاتحاد الإفريقي على تلك الرؤية لكن الأمر قد يتطلب أكثر من ذلك، فحتى اتفاقية التجارة الحرة الثلاثية لم تصبح فعالة بعد وتعد سابقة لاتفاقية منطقة التجارة القارية الحرة حيث تجمع بين السوق المشتركة في شرق وجنوب إفريقيا وجماعة شرق إفريقيا وجماعة إنماء جنوب إفريقيا ووقعت منذ 3 سنوات.
يجب على الدول الأعضاء الآن أن يطوروا ويحددوا موقفهم من المنتجات التي سيتم تحريرها، كما يتعين عليهم التفاوض بشأن بروتوكولات الاستثمار والمنافسة والملكية الفكرية، ويجب أن تلتقي الدول الأعضاء لاختيار هيكلية وأمانة الاتفاقية وتحديد قواعد وقوانين المجموعة وميزانيتها.
المصدر: بلومبرج