غداً في السودان
يصل غداً الأربعاء أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني إلى العاصمة السودانية الخرطوم، في زيارة هي الثانية عربياً خلال الأسبوع الجاري بعد الأردن، والأولى للسودان منذ توليه الحكم في يونيو الماضي خلفاً لوالده حمد آل ثاني.
وقال صفوت فانوس أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخرطوم لوكالة الأناضول أن الزيارة ستكون “مستفزة للسعودية التي تشهد أصلا علاقتها مع الخرطوم توتراً بسبب تقاربها مع طهران، حيث أوقفت بنوك سعودية تعاملاتها مع البنوك السودانية مؤخرا ومنعت السعودية طائرة الرئيس البشير عبور أجوائها في طريقه لإيران للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس حسن روحاني في أغسطس الماضي”.
وأضاف فانوس أن “تلك الزيارة تضع نظام الرئيس عمر البشير ذي الخلفية الإسلامية في مواجهة مع محور السعودية والإمارات وتزيد من حدة الانقسام في مجلس التعاون الخليجي”.
وكانت بنوك سعودية عديدة قد أعلنت مطلع مارس الماضي وقف تعاملاتها مع البنوك السودانية، لكن الخرطوم نفت أن يكون للقرار أي بعد سياسي وأرجعته لأسباب “اقتصادية بحتة”.
ويرى فانوس أن “الرياض باتت أكثر وضوحا في معاداتها لجماعة الإخوان المسلمين في المنطقة والمحسوب عليها نظام الخرطوم، لذا فإن زيارة أمير قطر ستزيد من توتر العلاقة مع السعودية وتعمق الخلاف العربي _ العربي”، مرجحاً أن “ترسل الرياض إشارات للخرطوم بعدم رضاها عن زيارة حمد وأن تتخذ مزيدا من الاجراءات ضدها.
وتحتل السعودية المرتبة الأولى في حجم الاستثمارات العربية بالسودان بواقع 4.3 مليار دولار تليها الإمارات ثم قطر في المرتبة الثالثة بواقع 3.8 مليار دولار، وذلك من أصل 24 مليار دولار هي جملة الاستثمارات الأجنبية في السودان.
وتعتبر الرياض ثاني أكبر شريك تجاري للخرطوم بعد الصين ويبلغ حجم التبادل التجاري بينهما نحو 4 مليار دولار، في الوقت الذي قال فيه سفير الخرطوم بالسعودية إبراهيم عبد الحفيظ، في وقت سابق أن المبلغ سيتضاعف إلى 8 مليار دولار خلال العام الحالي بعد دخول استثمارات سعودية جديدة إلى السودان.
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم حاج حمد محمد خير أن “السودان بلد متلقي وليس فاعلا في السياسة الخارجية ويحتاج لأي دعم لمعالجة أزماته الاقتصادية، لذا سيعزز تحالفه مع قطر مقابل الحصول على هذا الدعم”، متابعاً أن “قطر بمقدورها أن تغطي جزء كبير من الفارق الذي يحدثه توتر العلاقة مع السعودية وهي أصلا تدعم الخرطوم بسخاء ولا تريد منها غير الدعم المعنوي لأنها تدرك ضعف نفوذها في المنطقة”.
لكن حمد خير عاد أكد أنه “رغم ذلك على الخرطوم أيضا أن تحسب خطواتها جيدا لأن السعودية مهمة لاقتصادها وتستضيف 65 % من العمالة السودانية حول العالم “.
وتبلغ العمالة السودانية في الرياض نحو 200 ألف عامل بحسب إحصاءات سودانية رسمية لكن منظمات أهلية وخبراء يقدرونها بأضعاف هذا الرقم ويقولون أن كثير من السودانيين يعملون بطرق غير قانونية.
وترعى الدوحة منذ 6 أعوام مفاوضات سلام بين حكومة الخرطوم ومتمردين بإقليم دارفور غربي البلاد ونجحت في إبرام اتفاق سلام بين الحكومة وحركة مسلحة من بين 4 حركات رئيسية في يوليو/تموز 2011 ، في الوقت الذي تكفلت قطر في أبريل الماضي بدفع 500 مليون دولار خلال مؤتمر المانحين الذي استضافته لإعادة إعمار دافور من أصل 3.65 مليار دولار التزمت بها 35 دولة مشاركة.
في الأردن كذلك
وكان أمير قطر قد غادر الأردن البارحة بعد زيارة استمرت ليوم واحد هي الأولى منذ توليه مقاليد الحكم، بحث خلالها مع العاهل الأردني عبد الله الثاني تطورات الأوضاع الراهنة في المنطقة والقضايا الإقليمية والدولية، ذات الاهتمام المشترك.
وكان أول ما قاله الأمير تميم فور وصوله الأردن أن “الظروف الدقيقة والتحديات الكبيرة التي تحيط بأمتنا العربية تتطلب تعزيز التعاون ودعم التنسيق بيننا وبين الأردن”.
قادة مجلس التعاون الخليجي كانوا قد أقرّوا دعماً للأردن مع بداية تصاعد الربيع العربي بلغ 5 مليارات دولار
على مدى خمس سنوات تتحملها كل من السعودية والإمارات وقطر والكويت بواقع 1,250 مليار دولار لكل دولة لتمويل مشاريع تنموية في البلاد.
وتربط الأردن علاقة شبه متساوية مع معظم الدول الخليجية لا سيما السعودية والإمارات وقطر والكويت حيث يعمل هناك أعداد كبيرة من الأردنيين، في الوقت الذي سعت الأردن مؤخراً لتحسين العلاقات مع قطر على خلفية توتر بسبب برامج وثائقية وحوارية على قناة الجزيرة اعتبرها الأردن مهينة بحقه.
وفي 5 مارس الجاري سحبت السعودية والإمارات والبحرين سفراءها من قطر، وبرروا الخطوة، في بيان مشترك، “بعدم التزام قطر باتفاق مبرم في 23 نوفمبر الماضي، بالعاصمة السعودية الرياض ووقعه أمير قطر، بحضور أمير الكويت، صباح الأحمد الجابر الصباح، وأيده بقية قادة دول مجلس التعاون الخليجي الستة”.
وعقبت قطر على خطوة سحب السفراء معربة عن أسفها واستغرابها، وقال مجلس الوزراء القطري إن “تلك الخطوة لا علاقة لها بمصالح الشعوب الخليجية وأمنها واستقرارها، بل لها صلة باختلاف في المواقف بشأن قضايا واقعة خارج دول مجلس التعاون”.
وتعليقاً على ذلك قال وزير الإعلام والاتصال الاردني محمد المومني أن بلاده ليست طرفا في الأزمة الدبلوماسية الدائرة بين دول خليجية وقطر، مضيفاً أنها “أزمة مرحلية وستنتهي، ولا مصلحة للأردن بالتدخل فيها أصلاً”.