وُجِدَت القصص الخيالية قبل وجود الكتابة، تلك الحكايات المتناقلة التي تطورت على مدار التاريخ، حتى بلغت أوج ازدهارها في القرن الحادي والعشرين أو كما يسمونه قرن الأدب الخيالي.
مع سلسلة هاري بوتر لـ”ج ك رولينج” ظهر عدد كبير من الناشرين الراغبين في اغتنام فرصة نشر الأدب الخيالي الذي أصبح موضة مربحة، وبعد نجاح هاري بوتر الكبير بدأ عدد كبير من القراء في البحث عن روايات مماثلة، فعادوا إلى “ملك الخواتم” وسلسلة “صراع العروش”، وبعدما انتهوا منهم بدأوا في البحث عن قصص خيالية أخرى، بل وبعضهم قرر أن يصبح كاتبًا للخيال.
لم يحظ القارئ العربي بتراجم كثيرة في مجال أدب الخيال، دعك من عدم صدور حتى الآن كتاب عربي فانتازي محض يستطيع منافسة تلك الكتب الأجنبية.
سأعرض لكم الآن بعض النماذج من الأعمال الفانتازية العظيمة التي رغم النجاح الذي حظت وما زالت تحظى به فهي لم تُترجم إلى العربية، ويبدو أنها لن تُترجم.
1- طاحونة الوقت wheel of time لـ”روبرت جوردن – Robert Jordan”
رواية فنتازية مكونة من 14 جزءًا، كتب روبرت جوردن 11 جزءًا منها، ثم ترك لزوجته ملاحظات عن نهاية الرواية قبل وفاته، تابع براندن ساندرسن إكمال الثلاثة أجزاء الأخيرة، وقد لاقت نجاحًا واسعًا، حتى إن القرَّاء وجدوا الأجزاء الأخيرة أفضل من الأجزاء التي كتبها الكاتب قبل وفاته، وبدأوا في انتقادها بسبب تكرار الكاتب لنفسه، لكن عندما بدأ ساندرسن في إكمالها أعطاها روحًا جديدة.
تستند السلسلة إلى العديد من عناصر الأساطير الأوروبية والآسيوية على حدٍ سواء، وأبرزها الأساطير البوذية والهندوسية، ومفاهيم التوازن والثنائية، كذلك احترام الطبيعة، كذلك هناك بعض الأشياء المأخوذة عن العربية مثل استخدام كلمة “شيطان”.
يُعتبر ساندرسن من أهم كتاب الفانتازيا في العصر الحديث؛ فهو الذي كتب سلسلة “أرشيف العواصف المضيئة”، وهذه سلسلة أخرى أيضًا لم تُترجم، لكن لم يصدر منها سوى 3 كتب، ورغم نجاحها القوي، فإنني فضلت الكتابة عن سلسلة أخرى من تأليف “براندن ساندرسن” وهي “أبناء الضباب”.
2- أبناء الضباب Mistborn لـ”براندن ساندرسنBrandon Sanderson”
تدور أحداث هذه السلسلة في منطقة تُسمى “الإمبراطورية النهائية” في عالم يُدعى “سكادريال”، قبل ألف عام من بداية القصة، تمكن حاكم الإمبراطورية من الوصول إلى قوة تشبه قوى الآلهة فيما يسمى “بئر الصعود”، وشِيعَ عنه أنه تمكن من هزيمة الخطر المجهول الذي يدعونه “ديبنيس” عن طريق قوته تلك، وعن طريق تلك القوة أيضًا تمكن من إعادة كل شيء في هذا العالم إلى حالته في بداية الكتاب الأول.
لألف سنة سقط الرماد، ولم تزهر زهرة واحدة، لمدة ألف سنة استُعبد الناس وعاشوا في خوف، ولمدة ألف سنة حكم اللورد الحاكم الإمبراطورية بسلطة مُطلقة وإرهاب نهائي لا يُقهر حتى ضاع الأمل ولم يبق إلا ذكرى عنه، لكن الأمور لا تسري دائمًا على هذا المنوال للأبد.
صدر الجزء الأول من ثلاثية “أبناء الضباب” عام 2006 تحت عنوان “الإمبراطورية الأخيرة The Final Empire“، وانتهت الثلاثية الأولى بكتاب “بطل العصور” عام 2008، ثم بدأ ساندرسن رباعية أخرى تدور في العالم نفسه ولكن بأبطال مختلفين عام 2011، ومن المتوقع أن يصدر جزؤها الأخير في 2019.
3- سجلات قاتل الملك kingkiller chronicles لـ”باتريك روثفوس Patrick Rothfuss“
سجلات قاتل الملك هي سلسلة فانتازية متواصلة من تأليف الكاتب الأمريكي “باتريك روثفوس”، وتحكي قصة مغامر موسيقي مشهور يدعى كفوث، يروي سيرته الذاتية إلى الكاتب.
صدر جزؤها الأول “اسم الرياح The name of the wind” عام 2007، وتبعه الجزء الثاني في 2011 تحت عنوان “خوف الحكيمThe Wise man’s fear“، لكن حتى الآن لم يصدر الجزء الثالث الذي قال باتريك عنه إنه سيكون الجزء الأخير من السلسلة.
كتب باتريك جزءه الأول من الرواية في تسع سنوات، ثم بعد ذلك أصدر جزءه الثاني في 2011 بعدما كان قد نشر مقتطفات منه على شكل قصة قصيرة تحت عنوان “الطريق إلى ليفينشيه” التي فازت بمسابقة “كُتَّاب المستقبل” عام 2002.
ينقسم الجزء الأول من الكتاب إلى إطارين زمنيين: الأول يدور في الوقت الحاضر، متبعًا الكاتب فيه أسلوب سردي يعتمد على منظور الشخص الثالث، بينما الجزء الثاني يدور من خلال منظور البطل نفسه أو “الشخص الأول”.
تبدأ الرواية بالحديث عن حكاية ساحر قديم مشهور يُدعى “تابورلين العظيم” يُقبض عليه عن طريق كائنات شريرة تُدعى “شاندريان”، يستطيع تابورلين الهروب والقفز من ارتفاع شاهق، لكنه لا يموت، فهو يعلم “اسم الرياح” التي يناديها فتحمله بسلام.
حظيا الكتابان بشهرة عظيمة، كما حققا نجاحًا باهرًا، وباعا أكثر من 10 ملايين نسخة، ورُغم هذا لم يُترجما إلى العربية حتى الآن، رُغم أنهما يُعتبران من أفضل ما كُتب في الفانتازيا حتى الآن.
4- السادة الأوغاد The Gentleman Bastard لـ”سكوت لينش Scott Lynch”
“سكوت لينش” كاتب فانتازيا أمريكي، وهو كاتب تلك السلسلة التي نتحدث عنها الآن
نُشر الجزء الأول من هذه السلسلة تحت عنوان “أكاذيب لوك لامورا The Lies of Locke Lamora” في 2004، ونُشرت في 2006.
تدور أحداث السلسلة في عالم إمبراطورية “ثرين ثورن” وحكومته، وهي تتبع حياة لص شاب محترف، ونخبة من محتالي مدينة “كامور” أو كما يطلقون على أنفسهم “السادة الأوغاد” التي تعتمد على تاريخ البندقية المتأخر في العصور الوسطى، لكنه على كل حال عالم غير معروف.
يُباع لوك لامورا إلى كابتن لص في مدينة “كامور”، وهو طفل لأم ميتة وأب مجهول، ويتدرب منذ صغره على فن السرقة، ليُبين إلى الكابتن أنه موهوب في هذا الصدد بشكل غير عادي، لكنه يظهر أيضًا قدرًا كبيرًا من الاستهتار، سرعان ما يُمرر هذا الولد إلى الأب “تشاينز”، كاهن إله اللصوص المجهول الذي يرغب في جعله جزءًا من مجموعة صغيرة من المحتالين البارزين والرجال المخادعين في المدينة، إنهم “السادة الأوغاد”.
5- العالم الأسطواني Discworld لـ”تيري براشيتTerry Pratchett“
“العالم الأسطواني” هي سلسلة كتب خيالية هزلية كتبها المؤلف الإنجليزي “تيري براتشيت” التي تدور أحداثها فوق عالم أسطواني مسطح، متوازن فوق ظهور أربعة أفيال الذين بدورهم يقفون على ظهر سلحفاة عملاقة.
حصلت هذه السلسلة على شهرة كبيرة جدًا، وباعت أكثر من 80 مليون كتاب، وتُرجمت إلى أكثر من 37 لغة لكن للأسف العربية ليست من اللغات التي تُرجمت إليها!
نُشر 41 رواية من روايات العالم الأسطواني، ولكن بعد تشخيص إصابة براتشيت بمرض الزهايمر؛ قال إنه سيكون سعيدًا لو تمكنت ابنته (ريانا) من متابعة مشروعه عندما لم يعد بإمكانه فعل ذلك، ومع ذلك صرحت ابنته أنها لن تشارك إلا في دور تنقيحي فقط، ولكن لن يكون هناك المزيد من الروايات.
والآن أخبرني هل قرأت إحدى هذه الروايات من قبل؟