في الـ13 من مايو الحاليّ، قال وزير الخارجية اليمني عبد الملك المخلافي، إن الحكومة اليمنية تعتزم تنظيم رحلات جوية من مطار صنعاء الدولي بالتنسيق مع التحالف العربي والأمم المتحدة للحالات الإنسانية، بعد أكثر من عام ونصف على الحظر الجوي.
بناءعلى توجيهات فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية ناقشت الْيَوْمَ مع السيدة ليز جراندي الممثل المقيم ومنسق الشوون الانسانية تنظيم رحلات جوية من مطار صنعاء للمرضى المصابين بامراض تحتاج الى علاج في الخارج بالتنسيق مع التحالف العربي والامم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية.
— عبدالملك المخلافي (@almekhlafi59) May 13, 2018
تأتي هذه الخطوة تزامنًا مع إعلان قائد قوات التحالف العربي في الساحل الغربي لليمن الإماراتي العميد عبد السلام الشحي، بدء عملية الزحف نحو الحديدة الساحلية المتنفس الوحيد للحوثيين والمنفذ الذي تصل إليه المواد الغذائية إلى اليمن، وفي نفس الوقت أعلن رئيس الوزراء اليمني انتهاء أزمة سقطرى وإعادة الوضع لما كان عليه قبل الأزمة.
الإعلان الثلاثي لكل من رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر ووزير الخارجية عبد الملك المخلافي وقائد قوات التحالف في الساحل الغربي لليمن الشحي يشير إلى أن أزمة سقطرى اليمنية مع الإمارات العربية المتحدة واقتحام الحديدة وفتح مطار صنعاء تختزلها عملية واحدة وهي الشراكة والتفاهم الدولي مع الحكومة الشرعية والإمارات العربية المتحدة بشأن مصير اليمن وسكانه.
توقيت إعلان رفع الحظر
ظل الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح ينادي برفع الحظر على اليمن وخصوصًا مطار صنعاء من باب الإنسانية، نتيجة لما يعانيه المرضى أو المصابين من مخلفات الحرب في اليمن، من خلال السفر إلى المحافظات الجنوبية أو الشرقية من أجل السفر إلى خارج اليمن للعلاج، رغم حالاتهم الخطرة وكان البعض يموت في الطريق إلى المطارات التي تشرف عليها قوات التحالف العربي، كمطار عدن الدولي أو سيئون في محافظة حضرموت.
قالت وزارة النقل والمواصلات إنها تعمل بوتيرة عالية لفتح ميناء المخا، ليكون بديلًا لميناء الحديدة المتنفس الوحيد لليمن في ظل الحرب الأهلية في البلاد
ورغم الرسائل السياسية التي كان يرسلها الرئيس الراحل علي صالح إلى التحالف، وإلى الأحزاب اليمنية الوطنية كافة، عن مصير اليمن وأهمية الوحدة الوطنية، فإن الجميع عمّد العناد وكانت نتيجته إطالة الحرب واستنساخ قوات موازية للقوات الحكومية التي يدعمها التحالف العربي.
في مطلع أبريل من العام 2017، كان الحديث يتركز حول خطة التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية من أجل تحرير الحديدة وإغلاق مينائها وفرض الرقابة اللصيقة عليها، حتى لا يتم تهريب أسلحة للحوثيين من قبل إيران، لكن المجتمع الدولي حينها رفض أن يعطي الضوء الأخضر للتحالف باقتحام ميناء ومدينة الحديدة، كونها المتنفس الوحيد لليمن وللحوثيين بشكل خاص، بعد أن تم السيطرة على كل المنافذ البحرية والجوية الأخرى.
وضعت حينها الحكومة اليمنية والتحالف للمجتمع الدولي ضمانات من أجل استبدال ميناء المخا الإستراتيجي بميناء الحديدة، من أجل دخول البضائع التجارية حتى لا تتضاعف الحالات الإنسانية في اليمن، وقالت وزارة النقل والمواصلات حينها إنها تعمل بوتيرة عالية لفتح ميناء المخا ليكون بديلًا لميناء الحديدة المتنفس الوحيد لليمن في ظل الحرب الأهلية في البلاد.
قتل الحوثيون صالح لأسباب كثيرة منها دعوته لفتح صفحة جديدة مع القوى الوطنية كافة والتحالف الوطني، وقال إن لليمن عدو مشترك واحد وهو الحوثيون بعد ما اكتشف أنهم يغيروا من هوية اليمنيين سواء في التعليم أم الانتماء الوطني أم القيم والأخلاق، حتى في الدين، وتوقف بعدها الحديث أو المطالب برفع الحصار عن اليمن.
في ظل أزمة الحكومة الشرعية والإمارات العربية المتحدة على جزيرة سقطرى اليمنية، استغل الحوثيون تموضعهم تمامًا واستعادوا صفوفهم واستعدوا لمعركة الحديدة
الحوثيون فتحوا خطًا مع المملكة العربية السعودية سرًا، وأعادوا طرح تلك المطالب التي كان يطالب بها علي عبد الله صالح، خوفًا من جمهورهم “المتحوث” وحتى لا تنكشف حقيقتهم المزيفة لدى الشعب اليمني، لكن الثقة انعدمت بينهم وبين الحوثيين المدعومين من إيران، لا سيما أنهم ينقضون كل المواثيق والاتفاقيات التي وقعت معهم سواء من الرئيس اليمني الراحل أم الرئيس اليمني الحاليّ عبد ربه منصور هادي أم المؤتمر الشعبي العام.
المجتمع الدولي، لم يعد ينظر إلى الحوثيين بنظرة سياسية أو قوة متحكمة على الأرض كيمنيين، بقدر ما أصبح ينظر إلى حركتهم أنها مجرد ذراع إيراني في المنطقة تعمل على تنفيذ أجندة والسعي إلى أهداف تريد تحقيقها إيران في المنطقة، وفي نفس الوقت تتفاقم الحالة الإنسانية في اليمن كلما طال الصراع أو وقف المجتمع الدولي حائلًا دون السماح لقوات التحالف بتضييق الخناق أكثر على الجماعة الحوثية.
وفي ظل أزمة الحكومة الشرعية والإمارات العربية المتحدة على جزيرة سقطرى اليمنية، استغل الحوثيون تموضعهم تمامًا واستعادوا صفوفهم واستعدوا لمعركة الحديدة، جاء حديث عبد الملك المخلافي شخصيًا عن اعتزام الحكومة اليمنية فتح مطار صنعاء، تزامن ذلك مع الاحتشاد والاستعداد لتحرير الحديدة، وانتهاء أزمة سقطرى وفقًا لابن دغر، وهذا يشير إلى أن هناك دلالات كثيرة.
أولًا في ظل الحديث عن استعداد قوات (حراس الجمهورية) والقوات المشتركة بدعم الإمارات العربية المتحدة، بالتقدم نحو الحديدة من محاور مختلفة وصمت دولي غير المعتاد، يشير ذلك إلى أن التحالف حصل على ضوء أخضر دولي لإنهاء مأساة اليمن وإنهاء الوجود الحوثي واقتحام مدينة وميناء الحديدة، كمقدمة لاستعادة الدولة اليمنية بشكل كامل.
من خلال حديث الحكومة رسميًا بأنها تعمل على تنظيم رحلات من وإلى مطار صنعاء الدولي، وهو ما يعني أن هناك نية مدروسة لرفع الحظر المؤقت عن المطار
لا يمكن أن يكون هذا دون ثمن قدمته المملكة العربية السعودية مقابل الصمت الدولي، فإن المتمعن للأحداث في المنطقة والمتمثلة بإلغاء الاتفاق النووي مع إيران، ونقل السفارة الأمريكية في “إسرائيل” إلى القدس، مرتبط بشكل أو بآخر بأحداث اقتحام ميناء ومدينة الحديدية، ليكتب نصرًا معنويًا وعسكريًا للتحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية في اليمن.
ثانيًا، من خلال حديث الحكومة رسميًا بأنها تعمل على تنظيم رحلات من وإلى مطار صنعاء الدولي، وهو ما يعني أن هناك نية مدروسة لرفع الحظر المؤقت على المطار، يشير إلى أن ذلك ذر الرماد أمام الشعوب العربية، على اعتبار أن هذا ضمان حكومي للمجتمع الدولي حتى لا تتفاقم الحالات الإنسانية في اليمن جراء اقتحام ميناء الحديدة.
إعلان بدء تحرير الحديدة
قائد قوات التحالف العربي في الساحل الغربي لليمن الإماراتي العميد عبد السلام الشحي، بدأ عملية الزحف نحو الحديدة الساحلية المتنفس الوحيد للحوثيين والمنفذ الذي تصل إليه المواد الغذائية إلى اليمن، وفي نفس الوقت أعلن رئيس الوزراء اليمني انتهاء أزمة سقطرى وإعادة الوضع لما كان عليه قبل الأزمة.
ومع بدء الاستعداد المكثف من القوات الإماراتية والقوات التي تدعمها التي يقودها العميد طارق محمد عبد الله صالح نجل شقيق الرئيس اليمني الراحل، بدأت يوم الخميس الماضي القوات الإماراتية بالانسحاب من جزيرة سقطرى بدفعة تضم آليات وجنودًا.
جاء هذا بعد أيام قليلة من إعلان بدء معركة تحرير الحديدة، بمشاركة قوات العميد طارق محمد عبد الله صالح والمقاومة الجنوبية والتهامية، وهذا ما يفسر إنهاء مشكلة سقطرى بين الإمارات العربية المتحدة والحكومة الشرعية.
بعد أن استطاعت الإمارات العربية المتحدة تحقيق الكثير من أهدافها في اليمن، واستطاعت عبر قوات تدعمها السيطرة على كل من عدن وحضرموت وجزء من تعز وسط اليمن، وجزء من الساحل الغربي، إضافة إلى أنها استقطبت أهم القيادات العسكرية (طارق صالح) وتحتفظ بالرجل الذي يتمتع بشعبية كبيرة بعد رحيل صالح (أحمد علي)، لا تريد أن تخسر ذلك، ورأت أن تركز على تحقيق الانتصارات في الأرض، ليكون لها رأي آخر بعد انتهاء الحرب في اليمن.
وبما أن الهجوم على ما يبدو أصبح مسألة وقت، يضع المراقبون سيناريوهات عدة لهذه الخطوة، لا سيما أنه يأتي في صمت دولي وغياب التحذيرات السابقة من أن الهجوم قد يفاقم الأزمة الإنسانية ويهدد بمجاعة كبيرة في اليمن، نتيجة إحكام الحصار على كل مفاصل البلاد برًا وجوًا وبحرًا، ويصبح المواطن اليمني بين كماشتي الأعداء المتصارعين على السلطة.
أصبح الحوثيون منفردين في هذه المعركة وفي كل المعارك الأخرى، لكن نتيجة للهزيمة سيتجهون إلى القتال بأسلوب حرب حزب الله اللبناني
الحوثيون يبدو علنيًا أنهم مستعدون للدفاع عن الحديدة، لكن في الحقيقة تمر المليشيا بأسوأ مراحلها، خصوصًا نتيجة جورهم على الشعب، وبدء ممارسات أشبه ما تكون استيطانية بحق اليمنيين، فهم يعتبرون أن الله فرض على كل مواطن يمني (الخمس) يدفعها لآل البيت (الحوثيون يعتبرون أنفسهم من آل بيت رسول الله)، إضافة إلى تمييز الناس بين سادة وعبيد، وهذا ما جعل اليمنيون ينتظرون ساعة الصفر أو من يدعمهم للانتفاضة ضد الحوثية.
أصبح الحوثيون منفردين في هذه المعركة وفي كل المعارك الأخرى، لكن نتيجة للهزيمة سيتجهون إلى القتال بأسلوب حرب حزب الله اللبناني،، وهو ما يشير إلى أن النتيجة ستكون خسائرها كبيرة في العدة والعتاد والبشر من الطرفين، ومع فارق الإمكانات بين الحوثيين وقوات التحالف العربي، ستنتهي الحرب بسيطرة التحالف على الحديدة بشكل كامل، وهذا قد يعطي الشهية أكثر لقوات (حراس الجمهورية) بالتقدم أكثر نحو صنعاء من الغرب، وستكون القوات الموجودة في نهم هي الأخرى، ومن ثم شمال صنعاء من صعدة وعمران، وسيكون هناك منافسة شرسة بين تلك القوات التي تريد أن تعلن السيطرة الكاملة على صنعاء.
بحكم أن القوات التي توجد في نهم يدعهما الجنرال علي محسن الأحمر المقرب من الإخوان المسلمين، والقوات التي ستأتي من صعدة مدعومة من السعودية، بينما القوات القادمة من الحديدة والبيضاء وذمار بدعم إماراتي وشعبي، كونها نضم أغلب القيادات العسكرية التابعة للحرس الجمهوري، وقيادات وكواد حزب المؤتمر الشعبي العام، وكذلك المقاومة الجنوبية.
هل بدأ العد التنازلي للقضاء على الحوثيين؟
الحوثيون الذين يعانون من انهيار في الجبهات باتوا اليوم وحيدين، فضلًا عن المشاكل الداخلية بينهم، وهذا ما قد يشير إلى أن سيطرتهم على اليمن أصبحت معدودة، وهم يحاولون بقدر ما يستطيعون البقاء، واتباع أسلوب إيران في اللعب على أخطاء الخصوم، فتارة سيلعبون على الإعلام والتعبئة، وتارة سيخطفون الأخطاء أو الاختلاف بين أعضاء التحالف العربي من أجل كسب وقت أكثر، حتى يستطيعون لعل وعسى جر التحالف واليمنيين إلى حوار يخرجهم من خسارة أبدية.
النية الحقيقية لدى التحالف العربي والحكومة الشرعية، في إنهاء الأزمة اليمنية، ستزيد الضغط على الحوثيين، وقد ربما يعلن الحوثيون استسلامهم، لكن ذلك لن يفلح بعد أن يتم السيطرة على الحديدة، وهو ما يجعلنا نستطيع القول إن العد التنازلي للقضاء على الحوثيين بدأ للتو، بعد انتهاء أزمة سقطرى.