شهد العام 2018 تغيرات كثيرة على الساحة السورية، وخاصة مع تصاعد حدة الحرب بين قوات النظام والمعارضة، ونتيجة دعم حلفاء النظام له، وخلل صفوف المعارضة المسلحة، فرضت حملات من التهجير القسري التي شهدتها أغلب المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة التي تحيط بالعاصمة دمشق معقل النظام الرئيسي، حيث كانت حملات التهجير متسلسلة في خطوات مسبقة الإعداد قادها الحليف الروسي لرأس النظام السوري بشار الأسد.
وبعد حملات التهجير التي تضمنت كل من الغوطة الشرقية والقلمون الشرقي وجنوب دمشق وأرياف حمص الشمالية الذين يخضعون لسيطرة المعارضة المسلحة، وحتى أجزاء من مخيم اليرموك التي كانت تحت سيطرة هيئة تحرير الشام خضعت للتهجير القسري، إلا أن أجزاءً من جنوب دمشق بقيت خارجة عن سيطرة النظام وتخضع لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
ولا تزال تخضع بعض أجزاء الأحياء الجنوبية لدمشق لسيطرة التنظيم ومنها الحجر الأسود وحي القدم وأجزاء من مخيم اليرموك وأجزاء أخرى من حي التضامن الذي يسيطر على شقه الآخر النظام ومليشياته.
معارك ضارية بين التنظيم والنظام في الجنوب الدمشقي
بدأت الحملة العسكرية لقوات النظام مدعومة بمليشيات محلية وأخرى إيرانية على الجنوب الدمشقي القابع تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، منذ 19 من أبريل/نيسان الماضي، حيث دارت معارك شرسة بين الطرفين في ظل حملة برية وجوية من النظام السوري للسيطرة على المنطقة.
فشلت قوات النظام في التقدم على محوري مسجد القدس والمشفى الياباني حيث تحولت المعارك فيه إلى حرب شوارع بين الطرفين
كما تمثلت الحملة العسكرية بهجمات على أحياء القدم والتضامن والحجر الأسود وحي الزين إضافة إلى مخيم اليرموك التي يسيطر عليها مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية، فيما رافق هذه الهجمات قصف جوي بمئات الغارات الجوية الروسية والسورية وعشرات البراميل المتفجرة التي تلقيها الطائرات المروحية يوميًا، إضافة إلى قصف مدفعي لا يكاد يتوقف، وقد ألحق القصف دمارًا كبيرًا بالمباني والمنشآت، كانت الحصة الأكبر منه لمخيم اليرموك الذي دُمر ما يقارب 80% منه بحسب ناشطين.
وفشلت قوات النظام بالتقدم على محوري مسجد القدس ومشفى الياباني حيث تحولت المعارك فيه إلى حرب شوارع بين الطرفين، كما أعلنت وسائل إعلام النظام الأحد الفائت 13 من مايو/أيار أن قوات النظام حققت تقدمًا على حساب تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، حيث تقدمت على كل من مسجد الزبير في حي الحجر الأسود بالإضافة إلى مدرسة حسان ومعمل البلاط ومدرسة القدس ونادي المعلمين في الحي.
كما أحرزت قوات النظام تقدمًا على حساب التنظيم الخميس 17 من مايو/أيار في مخيم اليرموك والحجر الأسود جنوب دمشق، حسب ما قالته وسائل إعلام النظام، وأشارت أن قوات النظام حققت تقدمًا وسيطرت على كتل من الأبنية شمال الحجر الأسود، ومن جهة أخرى سيطرت على كتل من الأبنية غرب مخيم اليرموك.
من جانبه شن تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” هجومًا معاكسًا موسعًا على مواقع قوات النظام في جبهات الحجر الأسود والتضامن ومخيم اليرموك، وخاض الطرفان معارك عنيفة بمختلف الأسلحة أسفرت عن مقتل العديد من قوات النظام.
وذكرت وسائل إعلام تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، الجمعة 18 من مايو/أيار أنه خلال الهجوم المعاكس الذي شنه تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، على مواقع قوات النظام تمكن من مقتل وإصابة 40 عنصرًا للنظام، كما شهدت تجمعات قوات النظام والمليشيات المساندة له هجومًا معاكسًا في مواقعها في كل من حي التضامن ومخيم اليرموك.
نشر المرصد السوري لحقوق الإنسان الجمعة 18 من مايو/أيار أن استمرار القتال المصحوب بعمليات قصف مكثف بين طرفي الاشتباك، أدى إلى تصاعد أعداد الخسائر البشرية نتيجة سقوط مزيد من الضحايا من كلا الجانبين
وفي السياق أعلن تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” أن الاشتباكات تواصلت بين التنظيم وقوات النظام على جبهات التضامن والحجر الأسود ومخيم اليرموك جنوب دمشق، وأدت إلى مقتل 900 عنصر من قوات النظام وميليشياته منذ بدء الحملة العسكرية التي استمرت 30 يومًا.
كما نشر المرصد السوري لحقوق الإنسان الجمعة 18 من مايو/أيار أن استمرار القتال المصحوب بعمليات قصف مكثف بين طرفي الاشتباك، أدى إلى تصاعد أعداد الخسائر البشرية نتيجة سقوط مزيد من الضحايا من كلا الجانبين، حيث ارتفع عدد القتلى إلى 227 على الأقل من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية، جراء القصف والاشتباكات التي خلفت عشرات المصابين كذلك، منذ 19 من أبريل/نيسان العام الحاليّ 2018.
فيما قال المرصد إن قتلى قوات النظام ارتفع إلى 248 على الأقل، ممن قتلوا منذ يوم الخميس 19 من أبريل/نيسان من العام الحاليّ، بينهم 30 ضابطًا برتب مختلفة، ومن ضمنهم 9 جرى إعدامهم، وعدد القتلى قابل للازدياد نتيجة استمرار العمليات العسكرية ووجود جرحى بحالات خطرة.
طريقة جديدة يتبعها تنظيم “داعش” لإعدام قوات النظام
بث تنظيم “داعش” صورًا تظهر طريقة جديدة في الإعدام على غير سابقاتها التي أجراها في معاقل سيطرته شمال شرق سوريا، حيث تم تحويل الأسير إلى قنبلة بشرية ونفذ الإعدام في مخيم اليرموك في سوريا، وتم تقييد الأسير في الحبال وتثبيته على لوح خشبي مع إبقاء رأسه منتصبًا، ووضعت المتفجرات في خوذة ثبتوها على رأس الأسير وفيها صمام لتفجير القنبلة التي أصبحت مثبتة في منطقة الرأس، وأظهرت الصور التي بثها التنظيم سقوط الأسير على رأسه بعد وضعه بين جدارين في ارتفاع عالٍ عن الأرض، وبعدها تنفجر الخوذة وتمزق رأس الأسير.
وصل عدد القتلى المدنيين بالقسم الجنوبي من العاصمة دمشق، إلى 75 شخصًا بينهم 16 طفلًا و10 سيدات منذ 19 من أبريل/نيسان الماضي
مجازر بحق المدنيين وسط أوضاع إنسانية سيئة
ارتكب الطيران الروسي مجزرة مروعة بحق مدنيين في جنوب دمشق، الجمعة 18 من مايو/أيار، حيث استهدف القصف عائلة من بلدة موحسن بريف دير الزور الشرقي، وكانت العائلة تقطن في مخيم اليرموك بعد أن تركوا منزلهم هاربين من المعارك في حي التضامن الشق الذي يخضع لسيطرة قوات النظام.
وبحسب المصادر المحلية التي أفادت بارتقاء ثلاثة شهداء من عائلة واحدة وإصابة أفراد العائلة، وذلك إثر استهدافهم في القبو الذي يختبئون فيه، حيث استشهدت صبوحة مطر المحمود 60 عامًا والطفلة كنانة نزار حمادي ونزه السعيد زوجة عبد السلام حمادي.
كما ارتكب الطيران مجزرة بحق الفلسطينيين في مخيم اليرموك نتيجة استهداف أحد الملاجئ الذي يحوي عشرات العوائل مما أدى لمقتل أكثر من عشرة أشخاص بينهم أطفال ونساء لم يتثن لنا توثيق أسمائهم، وتتعرض المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” لحملة جوية وقصف مدفعي شرس للغاية، نتيجة خسارة قوات النظام العتاد والأرواح في المعارك الدائرة وخطوة منه للسيطرة على المنطقة.
ووصل عدد القتلى المدنيين بالقسم الجنوبي من العاصمة دمشق، إلى 75 شخصًا بينهم 16 طفلًا و10 سيدات منذ 19 من أبريل/نيسان الماضي.
فيما أفاد ناشطون أن أعدادًا ضخمة من المفقودين جلهم من المدنيين تحت الأنقاض في أحياء دمشق جنوبًا، وذلك لعدم وجود فرق إسعاف وإنقاذ في المنطقة التي تحوي عددًا غير معروف من المدنيين، وأغلب المناطق التي تخضع لسيطرة التنظيم لا يتثنى للمنظمات الإنسانية العمل فيها نتيجة أفكار التنظيم، ويذهب المدنيون فيها ضحية المعارك الدائرة، كما تعاني المنطقة من نقص حاد في الأدوية والمعالجات الإسعافية.
التوصل لاتفاق ووجه التنظيم البادية السورية
أعلنت مليشيات فلسطينية تقاتل مع النظام أمس السبت 19 من مايو/أيار اتفاقًا جرى بين قوات النظام والمليشيات الموالية له من جنسيات سورية وغيرها غير سورية من جهة، وتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” من جهة أخرى في جنوب دمشق، بعد معارك دامت لأكثر من شهر، حيث توقف إطلاق النار الساعة الثانية عشر ظهر أمس السبت، حتى الخامسة فجر اليوم الأحد، ويترقب التوصل لاتفاق كامل على آلية انسحاب تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، حسب نص الاتفاق السابق قبل اندلاع الاشتباكات على خروج التنظيم وعوائلهم ومن يرفض الاتفاق من المدنيين إلى البادية السورية، حيث مناطق سيطرة التنظيم.