بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي: الحرب أم الدبلوماسية تنتظر إيران؟

800x-1

ترجمة وتحرير: نون بوست

هل تذكرون عندما كانت الحرب هي البديل الوحيد عن الاتفاق النووي الإيراني؟ ففي صيف سنة 2015، وعندما ناقش الكونغرس ما إذا كان سيصوت على إلغاء خطة العمل الشاملة المشتركة التي تم التفاوض عليها، ألقى باراك أوباما خطابا في الجامعة الأمريكية أشار فيه إلى تلك المعضلة الرهيبة. وقد قال الرئيس الأمريكي السابق آنذاك: “دعونا فقط نتحدث عن حقيقة واحدة. إن الخيار الذي نواجهه، في نهاية المطاف، هو إما الدبلوماسية أو خوض شكل من أشكال الحرب. وربما لن تندلع هذه الحرب غدا، أو في غضون ثلاثة أشهر من الآن، ولكنها باتت وشيكة”.

في هذا الصدد، أفترض أن كل ما ذُكر آنفا يتوقف على تعريفك لكلمة “وشيكة”، وربما أيضا لكلمة “حقيقة”. ولكن، منذ ما يقرب من أسبوعين، أعلن الرئيس دونالد ترامب عن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، بيد أن المعركة لم تنشب بعد. وفي الواقع، لم يتمثل الرد الإيراني المباشر في إعادة إطلاق طهران أبحاثها المرتبطة بالأسلحة النووية على عجل، بل في دعوة الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق للتفاوض من أجل وضع خطة لحمايته والحفاظ عليه.

لكن إليكم الحقيقة، تواجه الولايات المتحدة وحلفاؤها تهديدا خطيرا من قبل إيران، التي تواصل اختبار الصواريخ الباليستية، في خطوة تعد انتهاكا لقرارات الأمم المتحدة، وفي إطار تغذيتها للفوضى والإرهاب في خضم صراعها من أجل تفوقها إقليميا أمام المملكة العربية السعودية والدول العربية الأخرى.

بطبيعة الحال، ومثلما أشار إلى ذلك وزير الخارجية السابق، جون كيري، وغيره من مساعدي أوباما مرارا وتكرارا، تقع كل هذه الممارسات بعيدا عن دائرة الاتفاق النووي. وبالنسبة للعديد من المشككين في هذا الاتفاق، كان الرد حاسما وواضحا؛ وهو لما لا يشمل الاتفاق النووي هذه الممارسات؟ فمن جانبهم، مثّل غض الطرف عن التجاوزات الإيرانية الإقليمية أصل المشكلة، التي تتجاوز مجرد خلافات حول عدد أجهزة الطرد المركزي أو أحكام الآجال المحددة أو مكان وزمان عمليات التفتيش. ولمناقشة التداعيات الفورية عن إعلان ترامب، قررت التحدث مع أحد أبرز هؤلاء المنتقدين، ألا وهو كينيث بولاك.

السبب الرئيسي الذي دفعني للتحدث إلى بولاك في هذا الوقت بالتحديد يتمثل في كتابه الذي صدر سنة 2004 تحت عنوان “اللغز الفارسي”

يعمل كينيث بولاك باحثا مقيما في معهد أمريكان إنتربرايز في واشنطن، الذي كانت مسيرته المهنية، قبل ذلك، مثيرة للاهتمام في العاصمة. وبصفته محللا في وكالة الاستخبارات الأمريكية خلال فترة التسعينيات، قام بتجميع الدراسة الخاصة بالوكالة حول الدروس المستخلصة من حرب الخليج. كما قدم أثناء عمله كأستاذ في جامعة الدفاع الوطني، نصائح لرؤساء الأركان المشتركة حول السياسات في الشرق الأوسط، وخدم مرتين في مجلس الأمن القومي خلال إدارة بيل كلينتون.

تجدر الإشارة إلى أن السبب الرئيسي الذي دفعني للتحدث إلى بولاك في هذا الوقت بالتحديد يتمثل في كتابه الذي صدر سنة 2004 تحت عنوان “اللغز الفارسي”، الذي سعى فيه إلى فك شيفرة الصراع المستمر منذ 25 سنة بين الولايات المتحدة وإيران. وقد قالت صحيفة “نيويورك تايمز” في قسمها الخاص بمراجعة الكتب عن هذا الكتاب أنه “يذكرنا مرارا وتكرارا بعدد المرات التي كانت فيها الافتراضات الأمريكية حول المخاوف الإيرانية خاطئة”. إذن، في الوقت الذي ننظر فيه إلى إيران ما بعد الاتفاق، ما هي الافتراضات التي يجب إعادة التفكير فيها؟ لمعرفة ذلك، إليكم نسخة منقحة من الحوار الذي دار بيننا:

توبين هارشو: في البداية، دعنا نتحدث عن المواقف التي عبرت عنها الأطراف المؤيدة والمناهضة للاتفاق في الولايات المتحدة خلال الأسبوعين الماضيين. من جهتهم، يصر مؤيدو ترامب على أن الاتفاق كان متصدعا إلى حد ما، وبالتالي كان من الضروري التخلص منه. كما يجب على أوباما لوم نفسه لاستخدامه أمرا تنفيذيا بدلا من الحصول على صفقة أفضل عن طريق الكونغرس. فهل هذا صحيح؟

كينيث بولاك: تماما مثلما هو حال السياسة في واشنطن هذه الفترة، يصعب تقديم إجابة شافية على هذا السؤال. ومن وجهة نظري، لم يكن الاتفاق النووي صفقة رائعة، حيث شعرت أن الجانب الأمريكي قدم تنازلات أكثر مما ينبغي، وحقق مكتسبات أقل مما هو متوقع. مع ذلك، كان الاتفاق مفيدا للغاية لأنه جمد البرنامج النووي الإيراني لمدة تتراوح ما بين 10 و15 سنة، وهو ما سيمنحنا الوقت الكافي للتعامل مع تحركات إيران العدوانية ذات الطابع التوسعي في المنطقة. بالإضافة إلى أن ذلك سيمنحنا فرصة تعزيز نفوذنا بشكل يسمح لنا بالعودة وإقناع الروس والصينيين والإيرانيين بالموافقة على توقيع اتفاق أفضل وأكثر ديمومة.

كنت أُفضّل أن يتعامل أوباما مع الاتفاق على أنه معاهدة من خلال الحصول على موافقة مجلس الشيوخ. ولأنه لم يقم بذلك، فقد جعل من السهل للغاية على ترامب أن ينسحب منه

لسوء الحظ، لم يعبر أوباما أو ترامب عن أي رغبة في التصدي لممارسات إيران في الشرق الأوسط. وفي الوقت الراهن، انسحب ترامب من الصفقة دون تقديم سبب إستراتيجي وجيه، ودون رسم أي خطة بديلة تقوده نحو عقد اتفاق أفضل. أما بالنسبة لقرار عدم اعتبار الاتفاق النووي بمثابة معاهدة، فأعتقد أن كلا الرئيسين قد ارتكبا خطأ.

لقد كنت أُفضّل أن يتعامل أوباما مع الاتفاق على أنه معاهدة من خلال الحصول على موافقة مجلس الشيوخ. ولأنه لم يقم بذلك، فقد جعل من السهل للغاية على ترامب أن ينسحب منه على الرغم من أن الكونغرس عارض ذلك بشدة. بطبيعة الحال، وخلال دفاع أوباما عن موقفه سنة 2015، بدا الكونغرس مستميتا في معارضته للاتفاق، الذي كان مخطئا في ذلك من وجهة نظري.

قد يجعلك هذا تفهم سبب عدم منح أوباما ثقته للكونغرس الذي قرر أن يؤذيه بأي طريقة ممكنة، في إنجازاته المتعلقة بالسياسة الخارجية في الشرق الأوسط. مع ذلك، شعرت أن الطريقة التي حاولت بها إدارة أوباما عقد الصفقة؛ فإما أن توافق إيران عليها أو أن تكون داعية للحرب، كانت خاطئة أيضا، وقللت من احتمالية تصويت الجمهوريين في الكونغرس لصالحها. وكما جرت العادة، دائما ما يكون هناك الكثير من اللوم لإلقائه.

توبين هارشو: أولئك الذين خاب أملهم في ترامب، لا سيما أعضاء إدارة أوباما، على غرار جون كيري وبن رودس، يصرون على أن قرار الانسحاب لا يرفع من إحتمال نشوب حرب مع إيران فحسب، بل يبرز عدم إيفاء الولايات المتحدة بوعودها. وسيساهم ذلك، إلى جانب العديد من المسائل الأخرى، في إعاقة أي مفاوضات مع كوريا الشمالية. فما هو ردك؟

كينيث بولاك: على الرغم من أنني لم أحبذ الطريقة التي كان يدير بها مسؤولو إدارة أوباما السابقون النقاش، إلا أنني أخشى أنهم على حق. ويعد ذلك أحد الأسباب التي جعلتني أرى أن قرار ترامب طائش ومتهور، وربما يضر بالولايات المتحدة.

كينيث بولاك: يشعر المواطنون الإيرانيون بعدم الرضا عما آل إليه الوضع الاقتصادي في بلادهم، وأعتقد أن الحكومة الإيرانية ستحاول معرفة ما إذا كان بإمكانها توظيف قرار ترامب لتحقيق منافع اقتصادية إضافية من الدول الأخرى المشاركة في هذا الاتفاق

توبين هارشو:  لقد كانت ردود فعل النظام الإيراني متوقعة، ابتداء من حرق الأعلام الأمريكية في البرلمان، ووصولا إلى إطلاق بعض الصواريخ على إسرائيل من سوريا. في المقابل، أظهرت القيادة الإيرانية توقها للعمل مع البلدان الأوروبية على إنقاذ الصفقة بطريقة ما. فهل كان ذلك أمرا مفاجئا؟ وهل تعتبر أن الصفقة  قابلة للإنقاذ دون تدخل أمريكي؟

كينيث بولاك: لا أعتقد أن ما حدث كان مفاجئا على الإطلاق، بل كان ردا ذكيا. وكان من الممكن أن يتعامل الإيرانيون مع هذا القرار بحدة وقلة خبرة وجهل، بيد أنهم لطالما نجحوا في التعامل مع مسألة الاتفاق. في الأثناء، تعمل إيران على الاستفادة من خطة العمل الشاملة المشتركة، حتى وإن لم يرتق ذلك إلى ما كانت تأمل فيه.

في الوقت الراهن، يشعر المواطنون الإيرانيون بعدم الرضا عما آل إليه الوضع الاقتصادي في بلادهم، وأعتقد أن الحكومة الإيرانية ستحاول معرفة ما إذا كان بإمكانها توظيف قرار ترامب لتحقيق منافع اقتصادية إضافية من الدول الأخرى المشاركة في هذا الاتفاق. أما الإيرانيون فسيكون بمقدورهم الادعاء بأن ترامب يحرمهم من المزايا التي وعد بها في إطار خطة العمل الشاملة المشتركة. وفي حال أرادت الدول المشاركة في الاتفاق مواصلة التزام طهران به، فعليهم أن يثبتوا لها أن هذا الأمر ذا قيمة.

توبين هارشو: يرى العديد من مؤيدي الاتفاق النووي أن انسحاب ترامب لن يؤدي إلا لمنح سلطة أكبر “للمتشددين” وإلحاق الضرر “بالمعتدلين”. فهل تعتقد حقا أن هذا الانقسام موجود؟ وبغض النظر عن وجود هذه الانقسامات من عدمه، كيف تعتقد أن قرار ترامب قد يؤثر على السياسة الإيرانية؟

كينيث بولاك: إن النظام السياسي في إيران يعاني من الانقسامات، وإنه لمن المبالغة أن يتم تقسيمه ببساطة إلى شقين. ومع ذلك، ينضوي العديد من السياسيين الإيرانيين بشكل أو بآخر تحت راية ما نسميهم بالتيارات “المتشددة” أو “المعتدلة”، وليس من الخطأ استخدام أي من تلك العبارات. ومع أخذ هذا التحذير بعين الاعتبار، سأقول إنني واثق من أن هذه الانشقاقات ستؤثر على السياسة الداخلية الإيرانية، هذا إن لم تكن عاملا مساعدا.

حاول المتشددون تقويض موقف روحاني من خلال الإشارة إلى أن الاتفاق النووي لم يؤد إلى تحول في الاقتصاد الإيراني

أما الرئيس الإيراني حسن روحاني، فهو سياسي “معتدل” مثير للجدل، حيث علق الكثير من الآمال على خطة العمل الشاملة المشتركة. وكانت نظريته تتمثل في التخلص من العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية حتى تشهد البلاد تحولا اقتصاديا يرتقي لما يتطلع إليه الشعب الإيراني بشدة.

على مدار سنتين، كان على الرئيس حسن روحاني الدفاع عن هذا الموقف على الرغم من المؤشرات التي كانت تدل على أن الاقتصاد الإيراني لم يشهد انتعاشة ولم يزدهر كما كان مأمولا بعد إبرام الاتفاق النووي. ويعزى ذلك نسبيا إلى أن بعض العقوبات الأمريكية ظلت سارية المفعول. ولكن السبب الأبرز يعود إلى الفساد المستفحل في البلاد، ناهيك عن سوء إدارة الاقتصاد الإيراني، وهو أمر لم يكن له علاقة بالاتفاق النووي.

مع ذلك، حاول المتشددون تقويض موقف روحاني من خلال الإشارة إلى أن الاتفاق النووي لم يؤد إلى تحول في الاقتصاد الإيراني، بتعلة أن  الولايات المتحدة تعمل على خداع إيران، ولم تلتزم بما تعهدت به. ومن المرجح أن يعزز قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي وإعادة  فرض العقوبات على إيران من صحة تلك الرواية. ونتيجة لذلك، سيضعف نظام حسن روحاني، ويتراجع دور الشق المعتدل. بناء على ذلك، علينا أن نكون حذرين بشأن إلقاء الكثير مما يحدث في السياسة الداخلية الإيرانية على عاتق السياسة الأمريكية؛ إذ يبالغ الأميركيون باستمرار في تقدير أفعالنا ومدى تأثيرها على السياسة الإيرانية.

توبين هارشو: يصر البيت الأبيض على أن العقوبات هي التي ستعيد إيران إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق جديد، وهي حجة أتوقع سماعها يوم الاثنين عندما يقوم وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، بوضع “الخطة الشاملة” الجديدة للإدارة الأمريكية. فهل تعتقد أن هذا معقول؟

كينيث بولاك: من الممكن ذلك، وباعتبار أنني محلل، فإن مساعي البيت الأبيض صعبة المنال. وبصفتي صانع سياسة سابق، فإن تقييمي لاحتمال عودة إيران إلى طاولة المفاوضات كان ليكون ضئيلا جدا، بينما كانت التكاليف المحتملة للإقدام على ارتكاب مثل هذا الخطأ الفادح مرتفعة جدا. ومن أهم الأمور التي يجب أن يعلمها العديد من الأشخاص، أن الصين وروسيا والهند والعديد من الدول الأخرى هي إما معارضة للولايات المتحدة، أو للدول التي كانت تابعة “لحركة عدم الانحياز”.

تعتبر روسيا الحليف الإستراتيجي الأهم بالنسبة لإيران، في حين أن الصين والهند هما من أهم مستوردي النفط

في الواقع، ركزت جميع المقالات الصحفية على خطة العمل الشاملة المشتركة وعلى ردة فعل الأوروبيين. ولكن، أعتقد أن العلاقات التجارية الأوروبية الأمريكية ستثبت أنها متينة للغاية، وهذا يعني أن الأوروبيين قد يعبرون عن امتعاضهم من الأمر لكنهم لن يحركوا ساكنا. بالإضافة إلى ذلك، لا تعتبر العلاقة التجارية بين أوروبا وإيران ذات أهمية تذكر، لذلك لن يكون لقطع هذه العلاقة تأثير كبير على إيران.

من جهة أخرى، تعتبر روسيا الحليف الإستراتيجي الأهم بالنسبة لإيران، في حين أن الصين والهند هما من أهم مستوردي النفط. ويمكن لهذه الدول أن تواجه العقوبات الأمريكية وتتحدى البيت الأبيض، إن كان قادرا بالفعل على فرض هذه العقوبات عليها. وإذا أقدمت هذه الدول على القيام بهذه الخطوة، فإن ذلك سيخدم حتما مصالح طهران من الناحية المالية والدبلوماسية، لكن ذلك من شأنه أن يجعل إقناع إيران بالعودة إلى طاولة المفاوضات أمرا صعبا. فلطالما كان النظام الإيراني على استعداد لتحدي العقوبات وقبول المشقة. ومن المرجح أن يكون إجبار إيران على القيام بذلك مرة أخرى، خاصة بعد رفض عرضنا، أصعب بكثير إن لم يكن مستحيلاً.

توبين هارشو: كلانا يعلم أن البرنامج النووي الإيراني يعتبر نقطة بسيطة من مخطط أكبر؛ فالهدف من البرنامج هو السيطرة على مساحات شاسعة من الشرق الأوسط والتغلب على الدول العربية، باعتبارها قوة إقليمية عظمى. لكن فيما تتمثل أولويات كل من الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين في سعيهم لإحباط الخطة الأساسية لطهران؟

كينيث بولاك: أعتقد أن أولوياتهم تتمثل في سوريا والعراق واليمن، نظرا لأن الأوضاع في هذه البلدان تستحق إجراء مفاوضات حولها. لكنني أعلم أنه ليس لدينا الوقت الكافي لحل كل المشاكل التي تعاني منها هذه الدول، لذا دعني أحدد أهم القضايا الرئيسية.

تواجه إيران مشاكل في دعم نظام فاسد غير كفؤ ولا يحظى بالشعبية مثل نظام بشار الأسد، وهو نفس الخطأ الذي ارتكبته كل من الولايات المتحدة في فيتنام وروسيا في أفغانستان

في الوقت الحاضر، تعيش سوريا وضعا حرجا للغاية، لأن الحرب الأهلية هناك تزعزع استقرار كل من الشرق الأوسط وأوروبا، بالإضافة إلى أنها قد تكون مكسبًا هاما أو مسؤولية كبيرة بالنسبة لإيران. لقد تطور دور الإيرانيين في سوريا بشكل هائل، وإذا سمح لهم بتعزيز سيطرتهم، فإن سوريا ستكون معبرا للبنان ومنصة لوضع خطة عمل ضد “إسرائيل”والأردن والمملكة العربية السعودية.

في المقابل، تواجه إيران مشاكل في دعم نظام فاسد غير كفؤ ولا يحظى بالشعبية مثل نظام بشار الأسد، وهو نفس الخطأ الذي ارتكبته كل من الولايات المتحدة في فيتنام وروسيا في أفغانستان. وما استخلصناه جميعا من هذه العبرة هو أن دعم النظام أصبح أمرًا صعبًا الآن مقارنة بدعم المعارضة التي تحاربه، لتمسي بذلك سوريا مثل فيتنام بالنسبة لإيران. لذلك، يجب أن نتأكد من أنها ستكون كذلك من خلال توسيع دعمنا للمتمردين السوريين.

توبين هارشو: وماذا عن العراق؟

كينيث بولاك: إن مشكلة العراق أصعب، ولكنها لا تقل أهمية عن بقية القضايا الأخرى. ويعتبر العراق واحدا من أهم الدول العربية ومعظم مواطنيها يكرهون إيران، لكننا سمحنا لإيران بأن تصبح قوة إقليمية ذات نفوذ بسبب الإهمال الكبير.

إذا كنا نرغب في الحفاظ على وجود عسكري أمريكي واسع هناك (كما كان ينبغي أن نفعل في سنة 2011)، وعلى استعداد لعقد التزام طويل المدى لمساعدة العراق اقتصاديًا (بحوالي مليار إلى ملياري دولار سنويًا لمدة خمس سنوات)، فسنكون حينها في وضع يمكننا من مساعدة القادة العراقيين الذين حاولوا مرارا الوقوف في وجه طهران إلا أنهم فشلوا لغياب مساعدة منا، حتى بعد الانتخابات العراقية الأخيرة.

أما حل مشكلة اليمن فهو صعب أيضا، فمهمتنا الأساسية تتمثل في مساعدة حلفائنا السعوديين وإقناع الحوثيين بطرد مستشاريهم الإيرانيين. وباختصار، إن أفضل ما يتعين علينا فعله هو مساعدة التحالف العسكري بقيادة السعودية على استرجاع ميناء الحديدة، الذي يسيطر عليه الحوثيون. وبعد تحقيق الانتصار العسكري، يجب إقناعهم بعرض صفقة سياسية سخية على الحوثيين، والتي يجب أن تكون هامة مقارنة بما طالب به الحوثيون في بداية الحرب الأهلية. في المقابل، سنطالب بإنهاء الحرب ووضع حد للنفوذ الإيراني.

إن هذه ليست سوى ثلاث خطوات في رحلة طويلة، ولكنها خطوات حاسمة سواء من حيث تأثيرها على مكانة إيران الإقليمية أو تعزيز المطالب المنادية بالقيادة الأمريكية. كما أن هذه الخطوات الثلاث قابلة للتنفيذ بالكامل بتكلفة معقولة للغاية. ويبقى السؤال المطروح حول ما إذا كان هناك شخص يستطيع إقناع دونالد ترامب بأن اتخاذ هذه الخطوات يستحق كل هذا العناء.

المصدر: بلومبرغ