ترجمة حفصة جودة
يحلم أي سائح فضاء محتمل برؤية كوكب الأرض من الأعلى، في البداية سوف ترى الخط الأفقي للأرض ثم بعدها يبدأ التركيز على الغلاف الخارجي الرقيق المضئ للغلاف الجوي الذي يبقينا على قيد الحياة.
عندما تنظر إلى الجانب النهاري من الأرض ستجد تحتك المناظر الطبيعية العملاقة والجبال والوديان، ومع استمرار الدوران والوصول إلى الجانب المظلم من الأرض حيث يأتي الليل، سوف ترى أضواء المدينة والجانب البشري للكوكب.
هذه التجربة عميقة للغاية حتى إن رواد الفضاء يقولون إنها تغير من طريقة تفكيرهم في العالم والإنسانية، ويطلق عليها علماء النفس الآن “تأثير النظرة العامة”.
نرغب في أن يكون الوجود في الفضاء أمرًا مألوفًا
لا عجب إذًا من أن الكثير من الشركات تتنافس لبناء صورايخ للقيام برحلات سياحية فضائية، لكن أرخص تكلفة للرحلة يصل إلى مئات الآلاف من الجنيهات مما يحرم معظم الناس من تلك التجربة، لكن المثير أن هناك شركتين في المملكة المتحدة تحاولان تقديم تلك الرحلة لجميع الناس، والسر هنا هو “الواقع الافتراضي”.
أطلق خبراء صناعة الفضاء في شركة “Rewind” و”In-Space Missions” مشروع “SpaceTime”، حيث يخططون لإطلاق عدة أقمار صناعية التي ستبث مقاطع فيديو كثيرة للأرض بأكملها، ولمشاهدة هذا العرض لا يتطلب الأمر سوى مجموعة من نظارات الواقع الافتراضي.
يقول دوج ليدل المدير التنفيذي لشركة “In-Space Missions”: “نرغب في أن يكون الوجود في الفضاء أمرًا مألوفًا، لأن وجودنا في الفضاء يعني أننا نتصل بالفعل بكوكب الأرض”.
سوف يبدو وكأنك تنظر من نافذة محطة الفضاء الدولية
بتمويل قدره 2.5 مليون إسترليني من المقرر إطلاق أول قمر صناعي في سبتمبر 2019، سوف يحمل هذا القمر كاميرات بإمكانها إرسال صور للأرض بأكملها بنفس الجودة والثبات التي يمكن لعيناك أن تشاهد بها المشهد من أعلى، لذا فإن أول ما ستشاهده عندما ترتدي نظارات الواقع الافتراضي سيبدو وكأنك تنظر من نافذة محطة الفضاء الدولية لترى ما يحلق فوقه القمر الصناعي في تلك اللحظة.
ومع إطلاق الشركة للمزيد من الأقمار الصناعية سوف تتسع قاعدة البيانات، وسيفسح الواقع الافتراضي المجال للواقع المعزز، حيث يقول مات فيرنون من شركة “Rewind”: “خلال 3 أو 5 سنوات نأمل في تقديم مشاهد للأرض من أي مكان في نفس اللحظة”.
في تلك الحالة لن يكون المستخدمون مرتبطين بالأقمار الصناعية، وبدلًا من ذلك سيكونون قادرين على التحليق فوق الأرض والاقتراب من المناطق التي يهتمون بها، هذا يعني أن تلك البيانات من الممكن استخدامها أيضًا في تطبيقات تجارية وعلمية، حيث يضيف فيرنون: “من الممكن أن نتتبع البلاستيك في المحيطات، سيكون هناك الكثير من الفوائد البيئية وسنستمع للجمهور لنرى ما يرغبون به”.
يجب أن يستعد جميع الناس لمشاهدة ما كان مخصصًا لرواد الفضاء فقط
من المؤكد أن مراقبة الأرض من أهم الاستخدامات الرئيسية للأقمار الصناعية في عصر الفضاء، وبالفعل فإن القدرة على رؤية العالم بأكمله ومعرفة قياساته العلمية قد شجع الحركة البيئية ويساعد على تبليغ الحكومات بالمخاوف المتعلقة بالتغير المناخي.
ونظرًا لإمكانات التطبيق الهائلة فمن غير المستغرب أن تخطط شركات أخرى لتصوير مثل تلك المشاهد لكوكب الأرض، حيث أطلقت شركة “SpaceVR” ومقرها سان فرنسيسكو قمرًا صناعيًا تجريبيًا باسم “Overview 1” إلى محطة الفضاء الدولية، وهو الآن في انتظار بدء العمل من خلال نظام يُسمى “NanoRacks CubeSat Deployer”.
تبني أيضًا شركة “Earth-i” في المملكة المتحدة مجموعة من الأقمار الصناعية لتوفير صور عالية الجودة للأرض، وأُطلق قمرها الصناعي التجريبي “VividX2” يوم 12 من يناير/كانون الثاني من الهند، وقبل عدة أسابيع نشرت الشركة أول مقطع فيديو ملون من الفضاء، وتظهر فيه طائرات تقف بطول الممرات وسيارات على الطرق السريعة.
من الواضح أن إمكانات هذه التقنية غير عادية، حيث يقول سول روجرز المدير التنفيذي لشركة “Rewind”: “عندما نتمكن من الوصول إلى ذلك بشكل صحيح تمامًا فسوف ينتشر الأمر في كل مكان”، لذا يجب أن يستعد جميع الناس لمشاهدة ما كان مخصصًا لرواد الفضاء فقط.
لكن هل سيغير ذلك من موقفنا تجاه العالم وساكنيه مثلما يحدث مع رواد الفضاء؟ وهل تأثير النظرة العامة يحدث فقط عند السفر الفعلي للفضاء أم أنه يعمل باستخدام الواقع الافتراضي أيضًا؟ إذا نجحت الشركات في نشر هذه المشاهد على نطاق واسع كما تقول، فإن أكبر تجربة نفسية في العالم ستكون على وشك البدء.
المصدر: الغارديان