ترجمة حفصة جودة
لا يحتوي أحدث المساجد في بريطانيا على قبة أو مئذنة، مجرد هلال على البوابة وكومة من الأحذية أمام الباب تقول بأن هذا الكوخ لا يختلف كثيرًا عن الأكواخ المجاورة، ولا يجد المصلون أو السكان المحليون الفضوليون صعوبة في العثور على مكان في صلاة الجمعة.
تتنقل الأخبار سريعًا في جزيرة لويس البالغ عدد سكانها 21 ألف نسمة وهي جزيرة إسكتلندية عاصفة تتميز بصناعة نسيج التويد الصوفي الخشن ووجود المسيحيين الإنجيليين المتشددين، وتضم الجزيرة كذلك 60 مسلمًا يجلسون على السجاد ووجوههم نحو البحر ومكة التي تبعد عنهم 3400 ميل، رحب آية شام رشيد – رجل الأعمال من مدينة ليدز الذي جمع الأموال من أجل بناء المسجد – بالمصلين قائلاً: “هناك الكثير من العصائر للجميع”.
يعيش الغالبية العظمي من مسلمي بريطانيا البالغ عددهم 2.8 مليون نسمة في المدن، ويعيش نصفهم في لندن وبرمنجهام وبرادفورد، ولم يكن هناك سوى مسلم واحد في الريف لكن العدد ازداد تدريجيًا وانتشروا في البلاد.
ففي برادفورد يشكل المسلمون ربع عدد السكان الآن رغم أنهم لم يتمكنوا من بناء مسجد حتى عام 1960، أما الآن فهناك نحو 2000 مسجد في جميع أنحاء بريطانيا من مدينة يوفيل وحتى مدينة إنفرنيس، وسجلت الإحصاءات وجود 3 مسلمين على جزيرة سيلي، يقول لطفي رضوان المزارع المسلم من أوكسفوردشاير: “نحن ننتشر فجأة في كل مكان”.
يدير العديد من المطاعم الهندية في البلاد مسلمون من بنغلاديش
كان أول من انتقل إلى الريف من المسلمين رجال الأعمال، فقد وصل العديد من الباكستانيين والبنغلاديشيين إلى بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية وشكلوا تجمعات مسلمة حول مصانع القطن وأحواض بناء السفن، أما القليل منهم فقد غامروا بحثًا عن المزيد من الربح، ويدير العديد من المطاعم الهندية في البلاد مسلمون من بنغلاديش وفقًا لما يقوله طلحة أحمد من المجلس الإسلامي البريطاني.
كان بوطا محمد – من أوائل الذين وصلوا من باكستان إلى لويس – يبيع الملابس التي يحملها في حقيبة عندما وصل إلى بريطانيا في منتصف الأربعينيات، أما ابن أخيه نظير أحمد فقد ادخر ما يكفي من المال لافتتاح متجر وبحلول منتصف الثمانينيات أصبح لديه ما يقرب من 100 موظف في الأعمال التجارية التي يملكها مثل محلات الأجهزة والسوبر ماركت، يقول أحمد: “الحياة هنا جيدة جدًا بالنسبة لي”.
يميل الكثير من مسلمي الريف من الأطباء والأكاديميين إلى العمل في وظائف بالريف، أما بعض الأغنياء نسبيًا فيسافرون يوميًا إلى المدن للعمل، أما الوافدون الجدد فهم أقل حظًا، حيث تعيد الحكومة الآن توطين اللاجئين السوريين في المناطق الريفية مثل المدن، فإحدى العائلات من حلب انتقلت إلى آبريستويث.
أما الآخرون فأرسلوهم إلى ويلتشاير وجزيرة بيوت، وتعيش 6 عائلات سورية الآن في لويس ومن بينهم رجل فقد ابنته وثلاثة من أحفاده في الحرب، ويلتقي هنا بابنه الذي يعيش في ألمانيا حيث كانوا من أول المصلين في المسجد.
هناك اعتراف متزايد بأن الإسلام جزء من المجتمع البريطاني
لقد سهّل الإنترنت من حفاظ المسلمين الذين يعيشون في أماكن بعيدة على إيمانهم، فالأطفال يستطيعون استخدام التطبيقات المختلفة لتعلم قراءة القرآن، أما الشباب في لويس فيشاهدون الدعاة على يوتيوب، كما أصبح من السهل الحصول على الطعام الحلال، فالبعض يطلبونه عن طريق الإنترنت، وهناك رجل أعمال في لويس اعتاد الحصول على إذن لذبح حيواناته في المسلخ، ويقول عبد العظيم أحمد الذي درس مساجد بريطانيا أن مسلمي الريف ييذلون المزيد من الجهد للحفاظ على مواقعهم على الإنترنت ووسائل والتواصل الاجتماعي للعثور على مصلين جدد.
بالنسبة لطلحة من المجلس الإسلامي البريطاني فهو يرى أن هذه المساجد تعكس نمو الثقة بين مسلمي الريف، فالحصول على إذن لبناء المساجد يقول إن هناك اعترافًا متزايدًا بأن الإسلام جزء من المجتمع البريطاني.
وفي مسجد لويس نجد امرأتين تقفان لمشاهدة ما يحدث، بينما تطل إحدى النساء برأسها للداخل لتشاهد المصلين، يقول جون ماكلويد الذي يكتب عن تاريخ الدين في لويس إن سكان الجزر كانوا يحتجون في السابق ضد الإبحار يوم الأحد، أما الآن فهم يرحبون بكل حيادية بوجود المساجد ويضيف: “لا شك لدي في أننا بين عيشة وضحاها سنجد أننا نحولها إلى إسلام آباد”.
المصدر: إيكونوميست