شهر رمضان في موريتانيا.. مساجد وأسواق عامرة

2_3

مع بداية دخول شهر رمضان الكريم، تحولت مساجد موريتانيا المنتشرة في أنحاء البلاد كافة إلى خلايا نحل لشدة الحركية والنشاط فيها، الأمر نفسه في الأسواق التي سجلت بدورها حركية كبرى عكس ما كانت عليه قبل أيام من دخول الشهر الفضيل.

مساجد لا تفرغ

دقائق بعد الإفطار، يتوجه الموريتانيون جماعات وفرادى إلى المساجد لأداء صلاة العشاء وبعدها صلاة التراويح، وتقام صلاة التراويح في مساجد البلاد كافة، وتصلى ثماني ركعات في أغلب المساجد، ويحضرها غالبية السكان، حتى كبار السن منهم لما لها من أجر عظيم.

ويحرص الموريتانيين على ختم القرآن الكريم في ليلة السابع والعشرين في أغلب المساجد لاعتقادهم أن هذه الليلة هي ليلة القدر، غير أن ذلك لا ينفي وجود استثناءات، فبعض المساجد لا تختم القرآن إلا ليلة الثلاثين من رمضان، وبعض المساجد الأخرى تختم القرآن مرة كل عشرة أيام من رمضان، أي أنها تختم القرآن ثلاث مرات خلال هذا الشهر الفضيل.

يقبل كثير من الموريتانيين على صلاة التهجد حيث يقاربون في أعدادهم من يحضرون صلاة الجمعة

ليس الرجال فقط من يؤدون صلاة التراويح في المساجد، فللنساء مكان أيضًا، فهن يشاركن قيام الليل بشكل ملحوظ، ومن العادات المعهودة عند الموريتانيين في صلاة التراويح قراءة الأذكار والأدعية والقرآن بشكل جماعي، أما الدروس الدينية في أثناء صلاة التراويح فقلما يُعتنى بها.

يختص رمضان في موريتانيا بالكثير من الشعائر والطقوس الدينية والعرفية التي قد لا ينفرد بها الكبار دون الصغار، ومن عادات أهل هذا البلد العربي المثابرة على قراءة كتب التفسير في المساجد وتنظيم حلقات لدراسة كتب الحديث لا سيما صحيحي البخاري ومسلم، ويتولى أمر هذه الدروس عادة أئمة المساجد أو رجال الدعوة أو طلبة العلم الذين ينشطون خلال هذا الشهر المبارك.

ومن المظاهر الدينية التي تشهد تزايدًا كبيرًا في شهر رمضان، الاعتكاف في المساجد، حيث يحرص الموريتانيون على الاعتكاف في المساجد لربح الأجر الوفير في هذا الشهر الكريم، وتشهد مساجد موريتانيا، خاصة بعض مساجد العاصمة نواكشوط في العشر الأواخر من رمضان، إقبالاً كبيرًا من المواطنين الراغبين في الاعتكاف.

في شهر رمضان تمتلئ مساجد موريتانيا لحضور الدروس الدينية

وساهمت الجمعيات الخيرية التي تقدم مواد الإفطار ومواد تموينية في تدعيم ظاهرة الاعتكاف وإقبال الناس عليها بالمساجد، وتعتبر شريحة الشباب الشريحة الأكثر إقبالاً على الاعتكاف في عموم مساجد موريتانيا، وما زاد في تدعيم هذه الظاهرة أيضًا عدم وجود أي شروط للراغبين في الاعتكاف، ذلك أن المساجد مفتوحة كامل الوقت وللجميع عكس بعض الدول العربية الأخرى.

فضلاً عن ذلك، يقبل كثير من الموريتانيين على صلاة التهجد حيث يقاربون في أعدادهم من يحضرون صلاة الجمعة، فتمتلئ المساجد بالمصلين خلال العشر الأواخر من رمضان، ويقسم الموريتانيون أيام رمضان الثلاثين إلى عشرة أيام تسير سير الخيل هي الأولى وتمر سريعة، وعشرة أيام تسير سير الإبل وتمر متباطئة، وعشرة أيام تسير سير الحمير هي الأخيرة وتمر شديدة البطء كأنها عشرة أعوام.

أسواق موريتانيا.. حركية كبرى

ليست المساجد وحدها ما تمتلئ خلال شهر رمضان في موريتانيا، فالأسواق تعرف نفس الحركية أيضًا، حيث تنتعش حركة التجارة ويتضاعف الاستهلاك أكثر من مرتين، وتشهد أسواق موريتانيا رواجًا وإقبالًا كبيرًا، حيث يعرض الباعة كل ما يحتاجه الموريتانيون خلال رمضان من التمور والتوابل والفواكه الجافة، لصناعة ألذ المأكولات التي يشتهر بها المطبخ الموريتاني.

الشيخ صالح أحد تجار نواكشوط يقول لـ”نون بوست”: “تشهد الأسواق الموريتانية منذ أيام حتى الآن، إقبالاً كبيرًا من المواطنين وحركية تجارية نشطة خصوصًا في قطاع المواد الغذائية، رغم شكاوى البعض من الارتفاع الطفيف الذي شهدته بعض المواد المستوردة مثل الدجاج والخضراوات، إلا أن ذلك لم يؤثر على السوق الذي يكتظ بالمواطنين منذ الساعة السابعة صباحًا وحتى السابعة مساءً”.

عادة ما تلجأ السلطات إلى إطلاق “عملية رمضان” لتمكين المواطنين وذوي الدخل المحدود من التزود بالسلع بعيدًا عن مضاربات التجار

ويضيف الشيخ صالح في تصريحه لـ”نون بوست”: “في موريتانيا هناك علاقة طردية بين المشترين والتجار، أي كلما كان الإقبال كبيرًا ازداد التجار، حيث لاحظنا ازدياد وتنوع للتجار في السوق، هذا يبيع تمور وذاك يعرض اللحوم وهذا ينادي بأعلى صوت لما يعرض”، وتتمثل أكثر المواد الغذائية طلبًا في أسواق موريتانيا في الخضراوات خاصة البطاطس والبصل والجزر والطماطم والسلطة، إلى جانب التمور ومسحوق الحليب المجفف والزبادي وزيت الزيتون.

ورغم محاولة السلطات الموريتانية تخفيف الضغط على الأسواق والأسعار من خلال عرضها بعض المواد المخفضة في “دكاكين أمل”، فإن الكمية التي توفر ﻻ تكفي حسب صالح الذي يقول في معرض حديثه “المواطنون أصبحوا يفضلون السوق عنها لأنهم يقفون في طابور طويل تحت شمس حارقة وفي النهاية ﻻ يحصلون على الكمية التي جاؤوا من أجلها هذا فقط لمن وصل للبائع قبل أن ينفذ ما عنده”.

حركية كبرى في أسواق موريتانيا مع بداية شهر رمضان

وعادة ما تلجأ السلطات إلى إطلاق “عملية رمضان” لتمكين المواطنين وذوي الدخل المحدود من التزود بالسلع بعيدًا عن مضاربات التجار، ولتلبية الطلب المتزايد على المواد الغذائية خلال هذا الشهر وضبط تقلب الأسعار، وتساعد هذه العملية في تثبيت الأسعار وتوفير كميات معتبرة من المواد الاستهلاكية الأساسية مثل السكر والأرز والمعجنات والحليب المجفف والبطاطس والبصل.

وخلال هذا الشهر الفضيل، تنتشر الأسواق المؤقتة في موريتانيا خاصة في العاصمة نواكشوط، إذ تسمح السلطات لصغار الباعة بعرض الخضراوات والفاكهة والأسماك في الشوارع وبالقرب من المساجد، فيلعب هؤلاء على عامل القرب من المستهلك، لمنافسة الأسواق الكبيرة.