ترجمة وتحرير: نون بوست
كشف دعم بعض القادة المسلمين في بنسلفانيا لجوش شابيرو عن وجود انقسامات داخل المجتمع وسلط الضوء على رغبة الناخبين المسلمين والعرب الأمريكيين في التركيز على حقوق الفلسطينيين في هذه الانتخابات.
في ولاية بنسلفانيا؛ وهي ولاية متأرجحة حاسمة فاز بها الرئيس بايدن بهامش ضئيل يزيد قليلاً عن 80 ألف صوت في سنة 2020، تواجه نائبة الرئيس كامالا هاريس تحديات بسبب مخاوف الناخبين بشأن تعامل إدارة بايدن-هاريس مع غزة.
وقد أثار اختيار المحافظ جوش شابيرو، الذي كان صريحًا في دعمه للأعمال العسكرية الإسرائيلية ووصفه المثير للجدل للخطاب المؤيد لفلسطين بأنه “خطاب كراهية“، كنائب لها في الانتخابات الرئاسية قلق المدافعين عن فلسطين. وقد يؤدي هذا الاختيار إلى تعريض حظوظ هاريس الانتخابية للخطر أكثر من خلال تنفير الناخبين.
وتتزايد الضغوط على هاريس للدعوة إلى وقف إطلاق النار الدائم؛ حيث يعرب الناخبون أيضًا عن قلقهم البالغ إزاء موقفها من “إسرائيل” الذي يتأرجح بين الموافقة الضمنية والدعم المباشر.
ويثير الاختيار المحتمل لشابيرو كمرشح لمنصب نائب الرئيس جدلًا كبيرًا داخل الجالية المسلمة والعربية الأمريكية. وعلى الرغم من المعارضة الواسعة النطاق من كلا الجاليتين لشابيرو، إلا أن سليمة سوسويل، كبيرة مستشاري منظمة “إمغاج” وهي منظمة مناصرة للمسلمين الأمريكيين، والمؤسس والرئيس التنفيذي لمجلس القيادة الإسلامية السوداء، أيدته في بيان نُشر على فيسبوك. إن تصوير سوزويل الإيجابي لشابيرو على خلفية مقتل أكثر من 186,000 فلسطيني على الأرجح، هو أمرٌ مثير للقلق بشكل خاص بالنسبة للعديد من المسلمين في القاعدة التي تدعي شخصيات مثل سوسويل أنها تدافع عنهم وبالنيابة عنهم.
وكتبت سوسويل: “مع دخولنا المائة يوم الأخيرة من هذه الحملة الرئاسية، من المهم ألا نصبح ناخبين ذوي قضية واحدة. فمجتمعنا يحتوي على العديد من القضايا، وتتنوع الاحتياجات والفرص والتحديات التي تواجه كل واحد منا بشكل كبير. وأنا واثقة من أن الحاكم شابيرو لديه أفضل خبرة لضمان تقدير مجتمعنا والاستماع إليه في أي دور سياسي يتولاه”.
وقال ممثل عن تحالف فورت بيند من أجل فلسطين، ومقره تكساس: “لقد اختزلت واحدة من أسوأ عمليات الإبادة الجماعية في “ناخب ذي قضية واحدة”. إن التحدي الأكبر الذي يواجهنا هو الوقوف بحزم ضد الظلم، لأنه كما قال الداعية الأسود العظيم مالكوم إكس “الظلم في أي مكان هوت تهديد للعدالة في كل مكان”. إن التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية (الأمة) هي الإسلاموفوبيا التي ترتبط مباشرة بالإبادة الجماعية في فلسطين”.
يعكس بيان سوسويل، الذي ركز على الجالية الأمريكية من أصل أفريقي وأغفل ذكر فلسطين، اتجاهًا أوسع داخل الحزب الديمقراطي حيث يتم تهميش حقوق الفلسطينيين في كثير من الأحيان، حتى من قبل الأعضاء التقدميين.
توتر العلاقات بين العرب والمسلمين خلال فترة ولاية شابيرو
إن ثناء سوزويل على شابيرو لاستضافته حفلات إفطار رمضاني يجسد الرمزية ويتغاضى عن مشاعره المعادية للإسلام والفلسطينيين، والتي تتجلى في استهدافه غير المتناسب وإسكاته للأصوات في تلك المجتمعات. ومن خلال مراجعة مدونة قواعد السلوك الخاصة بإدارته لحظر السلوك “الفاضح أو المشين”، وضع شابيرو معيارًا فضفاضًا وغامضًا في ولايته يهدف إلى قمع حرية التعبير المؤيدة للفلسطينيين.
ويتماشى موقف شابيرو المعادي للفلسطينيين، الذي اتضح منذ أيامه كطالب جامعي ولاحقًا كمدعٍ عام، مع سياسات أوسع مناهضة للمسلمين والعرب. من الاستثمارات في السندات الإسرائيلية إلى التشريعات المناهضة للمقاطعة، يتغلغل نفوذ “إسرائيل” في السياسات الداخلية، مما يؤثر على العلاقات المجتمعية وحقوق الأقليات.
وقد أثار حضور سوسويل نفسه في حفل إفطار البيت الأبيض المثير للجدل ودعمه لشخصيات تؤثر سلبًا على حقوق المسلمين والفلسطينيين من خلال سياساتها، انتقادات واسعة من المجتمع. تشمل علاقة سوسويل الطويلة الأمد مع شابيرو أدوارًا في فريقه الانتقالي لحاكم الولاية ولجنة المرأة، وعلى الرغم من قيام إدارة شابيرو بإنشاء لجان لمختلف المجموعات الديموغرافية، إلا أن هناك غيابًا واضحًا للجنة خاصة بالعرب أو المسلمين في بنسلفانيا.
ومع ذلك؛ فإن سوسويل ليست الشخصية البارزة الوحيدة في المجتمع التي انحازت إلى شابيرو، فقد أيد مروان كريدي، المدير التنفيذي لمؤسسة فيلادلفيا العربية الأمريكية للتنمية، شابيرو أيضًا استنادًا إلى أفعال سطحية، مثل حضور المناسبات الرمضانية وإجراء مكالمات الأزمات، مع التستر على سياسات شابيرو الضارة.
ويجسد حمزة، البالغ من العمر 29 سنة، والذي يفضل عدم الإفصاح عن اسم عائلته، ناخبًا شابًا نموذجيًا من اليسار وناخبًا مدافعًا قويًا عن المساءلة السياسية. وقال في إشارة إلى شخصيات مثل سوسويل وكريدي: “لا ينبغي لهم أن يسلطوا الضوء على أشخاص من مجتمعهم بعدم الاستماع إليهم عندما يقولون إننا بحاجة إلى مرشحين أفضل”.
وأخبر حمزة موندويس أنه يشعر بخيبة أمل من قادة المجتمع الذين يؤيدون السياسيين الذين لا يدعمون بصدق الحركة المؤيدة للفلسطينيين. “للمرة الأولى، لن أصوت للديمقراطيين. سأصوت لحزب الخضر. في تكساس، هناك فرصة ضئيلة لفوز الديمقراطيين، لذا فإن صوتي سيحتج على الحزب الديمقراطي.”
تغير ديناميكيات الناخبين
حمزة ليس وحده، فالعديد من الناخبين العرب الأمريكيين يتركون الحزب الديمقراطي، على الأقل في هذه الانتخابات، بسبب دعم إدارة بايدن-هاريس للإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة.
وقد كشف استطلاع للرأي أجرته مؤخرًا لجنة مكافحة التمييز الأمريكية العربية وموليتيكو ومؤسسة “كوميونوتي بالس”، وشمل 43,500 عضو عربي-أمريكي، عن تأييد 45.3 بالمائة لمرشحة حزب الخضر الدكتورة جيل ستاين، في حين لم يحسم 18 بالمائة منهم أمرهم، وأكد 6 بالمائة أنهم لن يشاركوا في التصويت، بينما حصلت هاريس على 27.5 بالمائة.
وتشير هذه الأرقام إلى تحول كبير في دعم كامالا هاريس، مقارنةً بالأرقام المنخفضة التي كان بايدن يحصل عليها بين الناخبين العرب قبل انسحابه من السباق، وإذا ما تناولت هاريس قضايا رئيسية مثل غزة بشكل جوهري، فقد تستعيد هاريس بعض الناخبين الذين خاب أملهم، مما قد يعزز من نسبة المشاركة والتفاعل في التصويت، لا سيما عندما يكون التضامن مع فلسطين محوريًا.
ورغم أن توجهات السياسة الرئاسية تقع في نهاية المطاف على عاتق هاريس، فإن اختيار نائب الرئيس سيؤثر بلا شك على مشاعر الناخبين بشكل كبير. ويهدد اختيار شابيرو بتنفير شرائح رئيسية من الناخبين، مما يهدد بإضعاف حماسهم الباهت بالفعل ويقلص مشاركتهم مع الحزب الديمقراطي.
وقال أحد المنظمين الفلسطينيين يبلغ من العمر 34 سنة من ولاية أريزونا، دون الكشف عن هويته: “لدى شابيرو سجل حافل بالانتهاكات الصارخة للدستور لصالح إسرائيل، ولا سيما التعديل الأول. لقد سعى إلى محاسبة شركة بن وجيري لرفضها بيع الآيس كريم في المستوطنات غير القانونية”. وذكر المنظم أيضًا أنه سيصوت لحزب ثالث في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
لقد اصطف القادة التقدميون في جميع أنحاء الولايات المتحدة خلف هاريس، مع التشديد على أهمية اختيار نائب الرئيس الذي يجسد القيم الديمقراطية ويحظى بقبول جمهور واسع من الناخبين. وتميل كفة التأييد نحو الحاكمان تيم والز وأندي بيشير لجاذبيتهما في المناطق الريفية وتمسكهما بمبادئ الحزب الأساسية، بينما ينظر البعض في قاعدة الحزب بشكل سلبي إلى مواقف شابيرو المثيرة للجدل بشأن اختيار المدارس والقضايا البيئية. ومن الواضح أن معالجة الوضع في غزة أمر بالغ الأهمية في إشراك الناخبين الشباب التقدميين الذين يهتمون بمجموعة واسعة من القضايا.
بالإضافة إلى ذلك، لا ينبغي أن يكون اختيار نائب الرئيس المناسب أمرًا رمزيًا، فالفلسطينيون والمسلمون سيطالبون، ويجب عليهم أن يطالبوا، بتغيير في السياسة يحمّل “إسرائيل” مسؤولية أفعالها ويلزم الحكومة الأمريكية بالالتزام بالقانون الدولي.
يقول عماد صباب، وهو قيادي فلسطيني أمريكي بارز من جورجيا يتعاون مع الجاليات الأمريكية ذات الأصول الأفريقية: “إذا تم اختيار شابيرو كنائب الرئيس، فسأعارض كامالا هاريس بشدة، وأعتقد أن الكثيرين في المجتمع المسلم سيصطفون خلف طرف ثالث”، وأضاف: “إذا اختارت جيل ستاين نائب رئيس مسلم، فسوف يدعمها الكثيرون في مجتمعنا”.
وحتى لو اختارت هاريس نائب رئيس غير شابيرو، فإن الوضع بالنسبة للعديد من الناخبين الشباب لا يمكن إصلاحه، فقد تسبب دعم الإدارة الحالية للإبادة الجماعية في خيبة أمل كبيرة في الحزب الديمقراطي ونظام التصويت الأمريكي بأكمله؛ حيث تُظهر أبحاث مركز بيو أن ثلث البالغين دون سن الثلاثين يتعاطفون أكثر مع الفلسطينيين، مما يسلط الضوء على أهمية هذه الفئة السكانية بالنسبة للديمقراطيين.
في الأسبوع الماضي، أعرب العديد من المحتجين الشباب عن خيبة أملهم أثناء زيارة هاريس لهيوستن لحضور مؤتمر الاتحاد الأمريكي للمعلمين. وتعبيرًا عن استيائهم من دعم هاريس لإسرائيل، أعلن البعض عن نيتهم الانسحاب من السياسة الانتخابية، وقال أحد المتظاهرين: “لا أرى نفسي في الحزب الديمقراطي، لن أصوّت لأنني لا أحظى بالاحترام كناخب”
تجاوز الرمزية نحو العدالة المتقاطعة
تفشل سوسويل (والعديد من القادة الآخرين في المجتمع المسلم) في إدراك الإمكانيات التي تمتلكها فلسطين في حشد الناخبين وتمكينهم حول قضية تتقاطع مع العديد من مجالات السياسات، بما في ذلك التعليم والعدالة البيئية وحقوق الإنسان والحقوق المدنية، ويغفل الكثيرون عن التأثير الأوسع والمترابط الذي يمكن أن تحدثه فلسطين على تعبئة شرائح متنوعة من الناخبين، وليس فقط الناخبين المسلمين والعرب.
تنتمي سوسويل إلى طابور طويل من المسلمين الذين يتنافسون على أن يكونوا الصوت الرسمي لمجتمعهم؛ ومع ذلك، فإن عددًا متزايدًا من جمهور الناخبين أصبحوا يدركون الفرق بين الإدماج الرمزي والتأثير الحقيقي للسياسات، لا سيما منذ الإبادة الجماعية في غزة.
يجب أن يمتد الالتزام بالعدالة متعددة الجوانب إلى ما هو أبعد من الخطابات الرنانة إلى أفعال وسياسات حاسمة، وإشراك المجتمعات المهمشة، بما في ذلك الفلسطينيين. ومن خلال اختيار مرشح قوي في مجال حقوق الفلسطينيين ومناهضة العنصرية، يمكن لهاريس أن تحفز الناخبين التقدميين.
إن التضامن بين الفئات المهمشة، لا سيما داخل المجتمعات المسلمة المتنوعة، ضروري لبناء قوة جماعية طويلة الأمد. ومن خلال الاتحاد، يمكن لهذه المجتمعات أن تؤكد مطالبها بفعالية أكبر وتحقق النتائج التي تسعى إليها.
إن انتخابات 2024 هي فرصة لإعادة تعريف الدور العالمي للأمة والالتزام بالقانون الدولي، والفشل في ذلك يهدد بخسارة الديمقراطيين للولايات المتأرجحة الحاسمة، ويزيد من تآكل الأساس الأخلاقي للحزب. وبالنسبة لحزب يدّعي مناصرة التنوع وحقوق الإنسان، فإن الاختبار واضح: هل ستشمل رؤيتهم للعدالة أصوات الفلسطينيين؟ أم سيهمشونها من أجل النفعية السياسية؟
وبينما يتوجه الناخبون العرب والمسلمون إلى صناديق الاقتراع، فإنهم سيتذكرون الكلمات المؤثرة لشاعر غزة الذي قتلته “إسرائيل”؛ رفعت العرير: “الحزب الديمقراطي وبايدن مسؤولان عن الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل في غزة”.
المصدر: موندويس