ترجمة وتحرير: نون بوست
تحوم العديد من القصص والحكايات المميزة حول المؤذنين في إسطنبول، فمن خلال أصواتهم الجميلة يدعون المسلمين لتلبية دعوة الله وأداء الصلوات الخمس. وقد منح معظمهم حياته للأذان، واختاروا طريق بلال الحبشي، كما أنّ أصواتهم العذبة كانت سببا في هداية الكثير من السياح الأجانب القادمين إلى إسطنبول. وفيما يلي سنسلط الضوء على أفضل المؤذنين في مدينة المساجد، الذين يضفون بأصواتهم الجميلة رونقا وجمالا إضافيا على إسطنبول بشقيها الآسيوي والأوروبي.
تأثروا بأصواتنا وأسلموا
يعمل حسين أكبولوت، مؤذنا في مسجد مهرماه سلطان منذ سنتين. وقد أكّد أنّ صوت الأذان الجميل والرائع من الممكن أن يكون سببا في دخول غير المسلمين للإسلام. وأردف أكبولوت، أنه “في الليلة التي سبقت ليلة النصف من شعبان، قمتُ برفع الأذان بشكل متخالف مع جامع والدة السلطان، ثم أدينا الصلاة في المسجد. وبعد الصلاة، توجه نحوي سائح من إسبانيا، وأخبرني أنه يريد دخول الإسلام، وأنه تأثر كثيرا بصوت الأذان وصوت قراءة القرآن. وقد بادرت بمساعدته، وأسعدني ذلك كثيرا”.
وأضاف أكبولوت، أنه “وفي أحد الأيام ، قدم رجل يبلغ من العمر 65 سنة، يسكن بالقرب من المسجد، وأخبرني أنه لم يكن يصلي طيلة حياته، كما أنه لم يكن ملتزما بالفروض الدينية على الإطلاق. وقال لي إنه كان يفتح النوافذ ليستمع لصوت أذان الفجر الذي كنت أتولى رفعه، وتأثر كثيرا بذلك، وطلب مني أن أعلمه أداء الصلاة. وبالتالي، يمكن القول إن صوت الأذان من شأنه أن يؤثر في الكثير من الأشخاص، كما أنه أصبح وسيلة للدعوة إلى الإسلام”.
يعمل صافت تشلش، البالغ من العمر 29 سنة، مؤذنا منذ 8 سنوات،قال أن “جمال الصوت نعمة من الله، في حين أن شعور رفع الأذان ودعوة الناس للصلاة والمثول بين يدي الله وللإسلام رائع ولا يوصف.
نعمل على سد الفراغ الذي خلفه المؤذنون القدامى
أما المؤذن أحمد أوزون أوغلو، فقد بدأت قصته مع الأذان منذ المدرسة الابتدائية، عندما كان يصعد على أعلى الشجرة الموجودة في باحة المدرسة ليؤذن. ويعمل أوزون أوغلو حاليا مؤذنا في مسجد الوالدة الجديد، كما أن لديه اهتماما واسعا بموسيقى التصوف. في هذا الشأن، صرح أوزون أوغلو، قائلا: “لم يكن لدينا علم في السابق بمقامات الأذان، لكننا تعلمناها مع الوقت. وكانت المقامات في البداية هي التي توجهنا، أما اليوم فنحن نطوع المقامات كما نريد. في الأثناء، نعمل جاهدا على سد الفراغ الذي خلفه المؤذنون القدامى الرائعين”.
ينتابني شعور لا يوصف عندما أرفع الأذان
تختلف قصة مؤذن مسجد السليمانية عن غيرها، فقد بدأت تجربة داوود أفجي مع الأذان أثناء رعيه للأغنام في أرضروم، حيث كان يصعد إلى قمة التلة لرفع الأذان. وبعد ذلك عمل داوود أفجي إماما لمدة 7 سنوات، ثم انتقل إلى مهمة رفع الأذان منذ 6 سنوات. وفي هذا الصدد، صرح أفجي، قائلا: “أنا أحب الأذان وأحب صوته، بل وأعشقه. وتوجد علاقة ود خاصة بيني وبين الأذان المحمدي، ولذلك اخترت التوجه من الإمامة إلى الأذان. ينتابني شعور لا يوصف عندما أرفع الأذان المحمدي، حيث أقوم بذلك مستحضرا أن صوتي قد يكون سببا لهداية شخص ما”.
لن نعطي هذه النعمة حقها مهما شكرنا الله عليها
يعمل صافت تشلش، البالغ من العمر 29 سنة، مؤذنا منذ 8 سنوات. وقد فضل بدوره وظيفة المؤذن على مهمة الإمام. في هذا السياق، بين صافت تشلش، أن “جمال الصوت نعمة من الله، في حين أن شعور رفع الأذان ودعوة الناس للصلاة والمثول بين يدي الله وللإسلام رائع ولا يوصف. وبالتالي، اخترت أن أكون مؤذنا. أدرك أنني أسير على طريق بلال الحبشي عندما أرفع الأذان، وهذه نعمة من الله لا نستطيع منحها حقها من الشكر والحمد”. ويعمل صافت تشلش مؤذنا في مسجد إحسانية الكبير في أوسكودار.
أورد قادر أورنيك، مؤذن مسجد إمينونو الجديد البالغ من العمر 47 سنة، أن “الأذان بمثابة دعوة الناس إلى الإسلام، ودعوتهم لعبادة الله. وقد منحنا الله عز وجل هذه النعمة الكبيرة، ونسأل الله أن نؤدي هذه المهمة على أكمل وجه”
لن يكون هناك متعة في الأذان إذا كان مجرد وظيفة
بدأ مصطفى ياشار قصته مع الأذان عندما كان طالبا في كلية الشريعة في جامعة مرمرة، حيث كان يرفع الأذان في مسجد الكلية. في هذا الشأن، قال ياشار: “نقوم بهذه المهمة ونحن نستشعر دورنا في الدعوة إلى الله. وغالبا ما نشعر أننا نؤدي مهمة مقدسة تتجاوز في حدودها مجرد الوظيفة التي تمثل مصدر رزقنا في الحياة، وكل من يقوم بهذه المهمة من أجل العمل فقط لن يشعر بمتعة الأذان الحقيقية”.
هذه نعمة من الله
أورد قادر أورنيك، مؤذن مسجد إمينونو الجديد البالغ من العمر 47 سنة، أن “الأذان بمثابة دعوة الناس إلى الإسلام، ودعوتهم لعبادة الله. وقد منحنا الله عز وجل هذه النعمة الكبيرة، ونسأل الله أن نؤدي هذه المهمة على أكمل وجه. أخبرنا الرسول عليه الصلاة والسلام أن المؤذنين أطول الناس أعناقا يوم القيامة، حتى أن عمر بن الخطاب تمنى أن يكون مؤذنا”.
أريد أن أعمل مؤذنا على الدوام
صرح مصطفى ألفايتا، مؤذن مسجد أمينة خاتون، أن “الأذان بالنسبة لنا عبادة، مثله مثل الصلاة والصيام. نرفع الأذان ونحن نضع ذلك نصب أعيننا، والأفراد يتأثرون بأصواتنا كلما كنا مخلصين أكثر للأذان. أبلغ من العمر 27 سنة، وأريد أن أبقى مؤذنا على الدوام، مثل بلال الحبشي”.
يرى مؤذن مسجد شيلي كومبابا، فيصل كوتشوك، أن تأثير أجداده عليه كان كبيرا في تبنيه مسلك المؤذنين، في حين أراد استخدام صوته في سبيل الله، ولذلك قرر التوجه نحو امتهان هذا العمل
تكرار الجمال، جمال
أما المؤذن رمضان كوتلو، فهو يعمل منذ 17 سنة في جامع أميرجان، ويساعد المؤذنين الشباب على تعلم مقامات الأذان، وتلاوة القرآن الكريم وترتيله. في هذا الصدد، أورد رمضان، قائلا: “قدرنا أن نصعد على المنابر ونصلي بالناس في المحراب، وأرفع الأذان، الذي يعد دعوة، دعوة إلى الصلاة، ودعوة إلى الله، ودعوة إلى الإسلام. يذكرنا الأذان بعبوديتنا، وحاجتنا إلى الله عز وجل. يؤثر الأذان بنا ويؤثر في الأشخاص، وأداء الأذان بصوت جميل، له أهمية قصوى في القدرة على التأثير. ويكمن أروع شعور في تأدية الأذان بصوت خاشع ورائع وجميل، وتكرار ذلك 5 مرات في اليوم، فتكرار الجمال جمال، ولا يُمل من ذلك”.
أشعر براحة لا أجدها في غير الأذان
يرى مؤذن مسجد شيلي كومبابا، فيصل كوتشوك، أن تأثير أجداده عليه كان كبيرا في تبنيه مسلك المؤذنين، في حين أراد استخدام صوته في سبيل الله، ولذلك قرر التوجه نحو امتهان هذا العمل. وبين كوتشوك، أنه “إذا كان المؤذن لا يجد الطمأنينة وهو يؤذن، فلن يستطيع التأثير على الآخرين. أشعر براحة نفسية لا أجدها إلا عندما أرفع الأذان”.
يجب أنْ يؤثر الأذان في المؤذن أولا
أما مؤذن مسجد السلطان أحمد، محمد هادي دوران، فقد أنهى دراسته في كلية الشريعة في جامعة مرمرة، وأكمل الماجستير في الدراسات الإسلامية في الجامعة ذاتها. وأورد دوران، أن “جميع الناس يهرولون إلى المساجد في رمضان، خصوصا مسجد السلطان أحمد، حتى أن السائحين الأجانب يأتون المسجد ليروا المصلين، في حين غالبا ما يتأثرون بأصوات الأذان والقراء. وعادة ما أرفع الأذان وكأنها آخر مرة أقوم فيها بذلك في حياتي، وبالتالي أتأثر من صوت الأذان. يجب أن يكون المؤذن أول من يتأثر بالأذان الذي يرفعه”.
المصدر: يني شفق