انشغل متابعو المشهد التركي في 23 مايو الحالي بهبوط الليرة التركية بطريقة دراماتيكية وقد وصفه البعض بالزلزال أو الانهيار وقد فاق الانخفاض ما توقعته وكالة بلومبرغ التي قالت أن الدولار سوف يصل إلى 4.75 ليرة الأسبوع القادم في حال لم يتم اتخاذ تدابيراقتصادية لتفقد العملة 21 بالمئة من قيمتها منذ بداية السنة ولكن الليرة نزلت أكثر من المتوقع ليصل الدولار إلى 4.89 ليرة فيما حاولت الحكومة التركية تهدئة الأجواء بالقول أن الاقتصاد التركي قوي وأنها ستتعامل مع الأمور في الوقت المناسب وبالشكل المناسب.
وقد كان المتحدث باسم الحكومة التركية بكر بوزداغ صريحا واتجه إلى قلب المسألة عندما ذهب إلى ربط نزول الليرة السريع باللعبة الانتخابية القادمة بعد شهر من الآن حيث قال إن “من يعتقد أنّ التلاعب بسعر صرف الليرة سيغير من نتائج الانتخابات المقبلة مخطئ؛ فالشعب كشف اللعبة ومن يقف وراءها، ولن يسمح لأحد بالنيل من تركيا”.
يرى الخبراء الاقتصاديون أن الأسباب التي تدفع وراء تراجع عملة ما مثل تراجع الصادرات أو تراجع احتياطات النقد أو هجرة المستثمرين أو حدوث كساد في قطاعات ما في البلاد ليست متوفرة في الحالة التركية وهذا ما يجعل الأسباب السياسية تتصدر المشهد
وقد حاول المسؤولون الأتراك بشكل واضح التأكيد على عدة مسائل الأولى هي قوة الاقتصاد التركي ومعرفة تركيا لقواعد الاقتصاد والثانية وهي الإشارة إلى إدراك تركيا لوجود جهات تستهدف الاقتصاد التركي من أجل التأثير على قرار الناخب التركي أما الثالثة فهي استمرار المؤامرات الاقتصادية على تركيا وقدرة تركيا على تجاوزها وأن الأمر الحالي أمر مؤقت. بالإضافة إلى أن تأرجح أسعار الصرف لا يقتصر على تركيا فحسب بل هو مشكلة عالمية.
يرى الخبراء الاقتصاديون أن الأسباب التي تدفع وراء تراجع عملة ما مثل تراجع الصادرات أو تراجع احتياطات النقد أو هجرة المستثمرين أو حدوث كساد في قطاعات ما في البلاد ليست متوفرة في الحالة التركية وهذا ما يجعل الأسباب السياسية تتصدر المشهد حيث يعتقد أن التوتر في العلاقة بين تركيا والولايات المتحدة وعدد من الدول الأخرى التي تريد التأثير في نتيجة الانتخابات التركية القادمة له دور كبير في التراجع الذي تشهده الليرة التركية.
ومن ناحية أخرى تشير بعض الوكالات إلى أسباب اقتصادية مثل التخوف من السياسة النقدية في مرحلة ما بعد الانتخابات ومن ضغوطات على البنك المركزي واستقلاليته ولكن تركيا تعتقد أن مثل هذه التقارير وهي تقارير مسيسة وقد عايشت تركيا موقفا مشابها مع تقرير موديز وقد سبق البنك المركزي التركي اجتماعه الدوري المقرر بعد اسبوعين برفع قيمة الفائدة من خلال اجتماع طاريء حيث يعتبر رفع سعر الفائدة من الأدوات الأساسية لاحداث توازن في السياسة النقدية وهي الخطوة التي كان الرئيس أردوغان يعارضها دائما. كما من الممكن أن يتم فرض رسوم جمركية وهذا ليس مرجحا بشكل كبير. وقد أعلن البنك المركزي عن رفع معدل فائدة الإقراض لنافذة السيولة المتأخرة بثلاث نقاط، لتبلغ 16.5 في المئة، بعد أن كانت 13.5 في المئة مما جعل قيمة الليرة أمام الدولار تصل إلى 4.55 ثم لتهبط إلى 4.77. وكما ذكرنا تعتبر هذه طريقة لا يحبذها الرئيس التركي فهو يميل دائما إلى دعوة الشعب التركي للوقوف معه. وهو يعتبر أردوغان، أن كل “الشرور” التي تصيب اقتصاد بلاده تنبع من رفع أسعار الفائدة، وهو ما انعكس بشكل سلبي على قيمة العملة المحلية منذ نحو شهر.
فيما يتعلق في المنافسة الانتخابية فمما لا شك فيه أن المعارضة سوف تستخدم الوضع الحالي لليرة كمادة في حملتها الانتخابية وقد دعا محرم انجه مرشح حزب الشعب الجمهوري الرئيس أردوغان لايقاف هذه الأزمة
من خلال كل ما سبق وبالإشارة إلى ما يقوله الخبراء الاقتصاديون فإن الاقتصاد التركي يمكن أن يمتص هذه الصدمات ولكن هناك إشارة مهمة في كلام الناطق باسم الحكومة التركية وهي أن هذه الهجمات سوف تستمر حتى موعد الانتخابات من أجل التأثير على الأصوات وهذا سيجعلنا نرى قيمة الليرة تتخطى أرقاما قياسية نزولا وهنا ستكون العلاقات الأمريكية التركية عاملا مهما في هذا الأمر وربما نشهد طفوا على السطح من جديد لقضية رضا صراف والتلويح بعقوبات على البنوك التركية التي لها علاقة بالقضية وليس من المعلوم حاليا ما إن كانت الاجراءات التي سوف تقوم بها تركيا كافية لإحداث توازن ولكن ما من شك أن هذا الأمر يشير إلى أن تقديم موعد الانتخابات التركية من نوفمبر 2019 كان خطوة استباقية في أحد أجزائها لجعل فترة التراجع فترة محدودة يمكن أن تكفي معها الاجراءات التركية.
أما فيما يتعلق في المنافسة الانتخابية فمما لا شك فيه أن المعارضة سوف تستخدم الوضع الحالي لليرة كمادة في حملتها الانتخابية وقد دعا محرم انجه مرشح حزب الشعب الجمهوري الرئيس أردوغان لايقاف هذه الأزمة قائلا بما معناه ” أوشكنا أن نضرب في الجدار أو أن تضرب عربتنا الجدار وقال أنا أوجه دعوة تاريخية للرئيس أردوغان حتى لا نواجه مشكلة خطيرة في النظام الاقتصادي مضيفا أنه يوجه هذه الدعوة كونه أحد أبناء هذا البلد.
وقد أشار انجه بشكل مباشر إلى مستشاري الرئيس من خلال دعوة الرئيس إلى تجاهل مستشاريه الاقتصاديين الذي يقدمون له على حد وصف اينجه ” استشارات خاطئة” داعيا لعدم تدخل الرئاسة في قرارات البنك المركزي كما دعا اينجه الى التوضيح حول حسابات الأموال بالعمل الأجنبية للمسؤولين.
يتوقع أنصار حزب العدالة والتنمية أن يكون بجعبة قيادتهم اجراءات تجنب البلد أي تراجع وانهيار وخيارات تبقيهم في حالة جيدة حتى توجه الناخبين إلى صناديق الاقتراع
وقد قال رئيس الوزراء بن علي يلدريم ردا على تصريحات المعارضة “إذا كنت ترغب في السلطة، فإن تحقيق مصلحة من التقلبات المؤقتة لسعر الدولار ليست من الوطنية، لأن الوطنية تعني حب البلد، والوقوف سويا ضد من يحيكون المؤامرات له”.
ويشير هذا الأمر إلى أن حالة الاقتصاد ستكون مادة أساسية لدى المعارضة ويتوقع أنصار حزب العدالة والتنمية أن يكون بجعبة قيادتهم اجراءات تجنب البلد أي تراجع وانهيار وخيارات تبقيهم في حالة جيدة حتى توجه الناخبين إلى صناديق الاقتراع وبالإضافة إلى هذا يتوقع أن يستخدم حزب العدالة والتنمية عدة أدوات لمواجهة التقلبات الاقتصادية وإحدى هذه الأدوات خطاب يصور الواقع الحالي أنه حرب حقيقية لا تقل ضراوة عن الانقلاب في محاولة لحشد أنصاره والشعب التركي للوقوف معه فيها كما وقف في مواجهة الانقلاب.