أعلنت هيئة الإغاثة الإنسانية التركية عن حملتها “رمضان خير وقت للمشاركة” التي تهدف من خلالها إلى إيصال مساعداتها إلى 3 مليون شخص في مناطق الحروب والنزاعات والكوارث الطبيعية، وذلك بصرف النظر عن خلفياتهم الدينية والعرقية والمذهبية، فهي تؤكد على أن الإنسان المحتاج هو أولويتها.
وبناءً على هذا المبدأ، لم تقتصر نشاطات الهيئة على المجتمعات الإسلامية، حيث وصلت جهودها إلى المناطق التي ضربها إعصار كاترينا على سبيل المثل، إضافة إلى الزلازل الذي ضرب إيطاليا وهايتي واليابان والفلبين ونيبال، كما تقول الهيئة بأنها “قدمت المساعدات للدول الإفريقية التي أهلكتها المجاعات دون التفريق بين المسلمين وغيرهم من الديانات والمعتقدات الأخرى”.
الفكرة بدأت من مجازر البوسنة والهرسك
تأسست هذه الهيئة عام 1992 بسبب الإبادة الجماعية التي تعرض لها مسلمو البوسنة، ونجحت منذ ذلك الوقت بالوصول إلى البلدان المتضررة بفعل السياسة أو الطبيعة؛ في محاولة منها للحد من انتهاكات الحقوق والحريات والتقليل من حجم الأزمة والمعاناة التي تنتج عن هذه الأوضاع المأساوية، وبعد فترة قصيرة من إنشاء المؤسسة، استطاعت أن تصل إلى 153 بلدًا، باسم تركيا؛ دون الإنتماء إلى حزب سياسي أو حركة إيديولوجية معينة.
ما يميز هذه الهيئة عن غيرها هي التقارير الربع سنوية التي تنشرها باستمرار حول مشاريعها ومعاييرها، ويتم تسليمها أيضًا للمانحين والمتطوعين كدليل على مبادئ العمل والمعايير التي تعمل على تطبيقها، فالجهات الممولة والمتبرعة لها دور كبير في زيادة حجم المساعدات والخدمات الصحية والنفسية والمادية التي تقدمها المنظمة، بجانب مساهمتهم في الخدمات الإعلامية والدعائية لمشاريعها الخيرية.
عرف عن الهيئة مساندتها المبكرة للاجئين السوريين والمتضررين من الأزمة السورية، فمنذ اندلاع الثورة السورية، بلغت التبرعات أكثر من 820 مليون ليرة للسوريين، وتضمنت هذه النفقات موادً غذائية ومستلزمات معيشية وتعليمية وصحية. هذه المساعدات شملت دعم معنوي واجتماعي وثقافي وغيره، فمن بين محاولاتها إلقاء محاضرة بعنوان “السنة السادسة للحرب السورية وإخلاء مدينة حلب” في جامعة “دوشيشا” في مدينة كيوتو باليابان، وذلك ضمن إطار جهودها الدبلوماسية الإنسانية التي تهدف إلى توعية المجتمع الياباني حول الأزمة السورية، وأهمية تفهم معاناتهم وسط هذه الأوضاع.
بجانب ذلك، ساندت الهيئة -الأكبر في المنطقة- القضية الفلسطينية أيضًا، فمن أبرز الأنشطة التي نظمتها ما عرف بـ”أسطول الحرية” لقطاع غزة عام 2010 بالتعاون مع “حركة غزة الحرة” التركية والتي أحدث جلبة إعلامية واسعة حول التضامن التركي مه اللفلسطينيين وخاصة قطاع غزة، والتي على إثرها توترت العلاقات الإسرائيلية التركية لسنوات طويلة بعد أن قتل تسعة من الناشطين الأتراك الذين كانوا على متن السفينة.
كانت الهيئة أول الأصوات التي ناشدت الشعب التركي للخروج إلى الشوارع على شكل مظاهرات منظمة للتنديد بهذه العملية وما زامنها من انتهاكات وقتل للمتظاهرين السلميين في مسيرات العودة في قطاع غزة.
لم يكن هذا الموقف الوحيد والصريح للهيئة بشأن القضية الفلسطينية، فمنذ أن قرر رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، دونالد ترامب، بنقل سفارة بلاده إلى القدس وإعلانها عاصمة لدولة الاحتلال “إسرائيل”، قال رئيس المؤسسة، بولنت يلدريم، “في الحقيقة أود شكر ترامب، لسنواتٍ لم يكن بإمكاننا أن نقول للعالم الإسلامي من هو الشيطان الأكبر، وها هو اليوم قد اتخذ قرار بأن أمريكا هي الشيطان الأكبر”.
وفي اليوم الذي تم فيه فعليًا نقل السفارة، كانت الهيئة أول الأصوات التي ناشدت الشعب التركي للخروج إلى الشوارع على شكل مظاهرات منظمة للتنديد بهذه العملية وما زامنها من انتهاكات وقتل للمتظاهرين السلميين في مسيرات العودة في قطاع غزة.
أهداف مشروع الهيئة في رمضان لهذا العام
من بين 95 دولةً في العالم و 81 محافظة في تركيا تعطي الإغاثة الأولوية للمحتاجين في المناطق المنكوبة؛ ساعيةً لإيصال تبرعاتها لأكثر من 3 مليون شخص طوال شهر رمضان، وكما جرت العادة، تبدأ هذه الجهة بتقديم مساعداتها لليتامى في تركيا وخارجها، فهي تستعد لفعاليات “اليوم العالمي للتضامن مع الأيتام في يوم 15 من رمضان”، حيث ستستضيف الهيئة في إسطنبول 40 طفل يتيم من 13 دولة وهي: سوريا، والبوسنة هرسك، وألبانيا، وقيرغيزيا، وأذربيجان، وباكستان، ولبنان، وفلسطين، والنيجر، وأفغانستان، والشيشان، وتركستان الشرقية.
تقيم الهبئة موائد لإفطار الصائمين، إذ يبلغ عدد المستفيدين من موائد الإفطار نحو 400 ألف شخص من سوريا وغزة والصومال والسودان والعراق وبنغلاديش وأراكان، عدا عن مساعداتها النقدية والتعليمية
وبصفة عامة، ستقيم موائد لإفطار الصائمين، إذ سيبلغ عدد المستفيدين من موائد الإفطار نحو 400 ألف شخص من سوريا وغزة والصومال والسودان والعراق وبنغلاديش وأراكان، عدا عن مساعداتها النقدية والتعليمية، كما أنها لا تنسى احتياجات الأطفال من ملابس وألعاب احتفالًا بالعيد القادم بعد شهر الصيام.
ومن المرجح أن تصيب الهيئة الإغاثة جميع أهدافها، ففي العام الماضي، نجحت في تقديم خدماتها إلى 5 مليون شخص، والوصول إلى 104 دولة و280 مدينة، وبالتالي استطاعت تقديم 322 ألف سلة غذائية وأهدت ملابس العيد لـ 55 ألف يتيم، وافتتحت 9 مشاريع تنموية، وذلك بمساعدة تبرعات الآلاف من الأشخاص الذين تعمل الهيئة على الوصول إليهم من خلال إعلاناتها ومنشوراتها.