ترجمة وتحرير: نون بوست
هل ستعترف الولايات المتحدة بمرتفعات الجولان جزءا من الدولة العبرية بعد أن اعترفت بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”؟ وفقا لتقارير غير مؤكدة، قد تعترف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة “إسرائيل” على مرتفعات الجولان، التي احتلتها خلال حرب الستة أيام سنة 1967 لتقدم على ضمها إلى الأراضي المحتلة سنة 1981. وخلال هذا الأسبوع، أورد وزير الاستخبارات الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في حوار صحفي لوكالة الأنباء “رويترز” بأنه “من الوارد أن تعترف الإدارة الأمريكية بمرتفعات الجولان جزءا من الأراضي الإسرائيلية في غضون أشهر”.
في الواقع، تطرق مجلس النواب الأمريكي إلى مستقبل هذه المرتفعات بموجب القانون الدولي. وفي شهر أيار/ مايو الجاري، قدم عضو مجلس النواب الأمريكي عن الحزب الجمهوري، رون دي سانتيس، مقترحا بالاعتراف بمرتفعات الجولان جزءا من التراب الإسرائيلي. ووفقا لتقرير صادر عن راديو “عروتس شيفع” الإسرائيلي، أفاد دي سانتيس بأن “مرتفعات الجولان جزء لا يتجزأ من “إسرائيل”. ويجب عليها أن تحتفظ بهذه المنطقة، التي تتميز بموقعها الإستراتيجي فوق بحيرة طبريا”.
لقد علل السيناتور الجمهوري مقترحه بالتطورات الأخيرة التي جدت على الحدود الإسرائيلية. وفي هذا السياق، نقل راديو “عروتس شيفع” عن دي سانتيس أنه “بالنظر إلى الحرب الأهلية السورية وتوسع النفوذ الإيراني في سوريا، يجب على الولايات المتحدة الأمريكية أن تعترف بسيادة “إسرائيل” على مرتفعات الجولان”.
موقف مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة
تعمل لجنة الأنظمة والقواعد في مجلس النواب الأمريكي، التي تلعب دورا هاما في ضبط النظام في صلب هذا المجلس، على النظر في مقترح دي سانتيس. وفي حال تمت الموافقة خلال الجلسة العامة لمجلس النواب على هذا الطلب، فقد يصبح هذا القانون نافذا. ومن المنتظر أن يتغير الموقف الأمريكي من مرتفعات الجولان بشكل جذري خاصة وأن واشنطن لم تعترف إلى حد اليوم بمرتفعات الجولان جزءا من التراب الإسرائيلي.
حماية مشددة، دبابات إسرائيلية على مرتفعات الجولان.
من المرجح أن تساند ألمانيا الموقف الأمريكي بشأن ملف مرتفعات الجولان. وخلال سنة 2016، صرح المتحدث باسم الخارجية الألمانية، مارتن شيفر، بأنه “وفقا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، لا يحق لأي دولة أن تستولي على التراب التابع لدول أخرى غصبا؛ ففي سنة 1981، أعلن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في قراره رقم 470 أن احتلال “إسرائيل” لمرتفعات الجولان يتعارض مع القانون الدولي”. وعلى ضوء الحرب السورية، لا تساند الحكومة الألمانية فكرة إعادة مرتفعات الجولان إلى سوريا بشكل فوري.
حرب الأيام الستة
كان استيلاء “إسرائيل” على مرتفعات الجولان نتاج حرب الأيام الستة، التي اندلعت سنة 1967. في ذلك الوقت، ارتفعت حدة التوتر بين “إسرائيل” وجيرانها. وقبل ذلك بسنوات، جد خلاف بين “إسرائيل” والأردن حول المياه، كما شنت منظمة التحرير الفلسطيني، التي تأسست سنة 1950، سلسلة من الهجمات المسلحة على “إسرائيل” انطلاقا من الأردن وسوريا وقطاع غزة.
سوريا مازالت تعتبر مرتفعات الجولان جزءا من ترابها، فيما تسيطر الأمم المتحدة على جزء منها يقع بين المناطق التي تحتلها “إسرائيل” في مرتفعات الجولان وتلك التي تشرف عليها الحكومة السورية في المنطقة نفسها.
في ربيع 1967، أرسل الرئيس المصري الأسبق، جمال عبد الناصر، وحدات عسكرية إلى منطقة سيناء لحصار خليج العقبة، التي تعتبر المعبر الإسرائيلي الوحيد في اتجاه البحر الأحمر. وعلى خلفية ذلك، هاجمت “إسرائيل” مصر وسوريا والأردن. وفي غضون أيام قليلة، احتل الجيش الإسرائيلي كلا من قطاع غزة وسيناء والضفة الغربية والقدس الشرقية ومرتفعات الجولان. وفي خضم حرب الأيام الستة، بادرت “إسرائيل” بطرد أهالي الجولان العرب من ديارهم.
شارك الكاتب الإسرائيلي، عاموس عوز، في حرب الأيام الستة كجندي. وفي كتابه بعنوان “نطلق النار ونبكي… حوارات مع جنود إسرائيليين بعد حرب الأيام الستة”، تحدث عاموس عن استعداد السياسيين الإسرائيليين لضم الأراضي المحتلة إلى ترابهم. وقد أورد الكاتب الإسرائيلي في روايته “هل يعتقد الحكام الإسرائيليون بالفعل أننا قادرون على السيطرة على أكثر من مليون فلسطيني، وأن الفلسطينيين سيرحبون باحتلالنا لأراضيهم؟ هل سننسى الدروس التي تعلمناها تحت الحكم البريطاني، عندما كنا نرفض الاحتلال الأجنبي؟ لقد علمنا التاريخ أنه لا يوجد احتلال دون مقاومة”.
انتصار بعد صراع قصير، قوات إسرائيلية تراقب سجناء حرب سوريين خلال حرب الأيام الستة سنة 1967.
كان عاموس عوز محقا في تكهناته، حيث احتدت وتيرة الصراع بين “إسرائيل” وجيرانها بعد احتلال فلسطين. وفي سنة 1981، ضمت “إسرائيل” مرتفعات الجولان إلى ترابها معللة ذلك بالأهمية الاستراتيجية لهذه المنطقة، خاصة وأن السيطرة على مرتفعات الجولان، التي يبلغ ارتفاعها أكثر من ألفي متر، ستمكن الدولة العربية من بسط نفوذها على جنوب شرق لبنان وجنوب غرب سوريا، أي في تلك المناطق التي انطلقت منها الهجمات التي استهدفت “إسرائيل” قبل اندلاع حرب الأيام الستة.
بالإضافة إلى ذلك، تكتسي السيطرة على الأردن أهمية بالغة بالنسبة لـ”إسرائيل”. أما سوريا فمازالت تعتبر مرتفعات الجولان جزءا من ترابها، فيما تسيطر الأمم المتحدة على جزء منها يقع بين المناطق التي تحتلها “إسرائيل” في مرتفعات الجولان وتلك التي تشرف عليها الحكومة السورية في المنطقة نفسها.
الحرب السورية
خلال بداية الألفية الحالية، أعربت “إسرائيل” عن استعدادها لإعادة مرتفعات الجولان إلى سوريا. ومنذ اندلاع الثورة السورية سنة 2011، التي تحولت إلى حرب أهلية في غضون أشهر، قررت الحكومة الإسرائيلية إعادة النظر في إمكانية إعادة مرتفعات الجولان إلى سوريا. في خضم الحرب الأهلية، خسر النظام السوري نفوذه على جزء كبير من أراضيه، بينما أحكمت الجماعات المتطرفة سيطرتها على مرتفعات الجولان. وفي شهر آب/ أغسطس من سنة 2014، اعتقلت هذه الجماعات عددا من أفراد القوات الأممية المسيطرة على هذه المنطقة، ليتم إطلاق سراحهم فيما بعد.
وفي حال اعترفت الولايات المتحدة الأمريكية في المستقبل بمرتفعات الجولان جزءا تابعا لـ”إسرائيل”، فقد يؤدي ذلك إلى اندلاع موجة من الغضب في العالم العربي تماما مثل تلك التي أعقبت الاعتراف بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”
خلال الأشهر الأخيرة، اخترق مقاتلو حزب الله المرتفعات ليتمكنوا بعد فترة قصيرة من الوصول إلى مناطق النفوذ الإسرائيلية. وفي حال تمكنت هذه الميليشيات المدعومة من إيران من السيطرة على مرتفعات الجولان، فقد يشكل ذلك تهديدا جديا بالنسبة لـ”إسرائيل”. ومن جانبهم، يرى خبراء الدفاع الإسرائيليون أن وجود إيران في المرتفعات يشكل خطرا كبيرا على بلادهم.
في المقابل، شنت “إسرائيل” سلسلة من الهجمات استهدفت قواعد عسكرية ومستودعات أسلحة يشتبه في أنها تابعة لحزب الله. وفي حال اعترفت الولايات المتحدة الأمريكية في المستقبل بمرتفعات الجولان جزءا تابعا لـ”إسرائيل”، فقد يؤدي ذلك إلى اندلاع موجة من الغضب في العالم العربي تماما مثل تلك التي أعقبت الاعتراف بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”.
المصدر: دويتشه فيله