قدّم حزب العدالة والتنمية الأسبوع الماضي قائمته للانتخابات البرلمانية التي تحتوي على 600 اسم وتشمل عددًا من النواب السابقين (167 نائبًا احتفظوا بمقاعدهم في البرلمان من الذين يشهد لهم بالنجاح والكفاءة خلال الفترة الماضية) فيما بلغت نسبة التجديد في القائمة نحو 48% مع النواب الذين جرى اختيارهم لأول مرة، كما احتوت القائمة على عدد من الشباب بعد أن تم تعديل القانون ليصبح بمقدور الشباب فوق عمر 18 عامًا الترشح للبرلمان وقد عرف اسم أليف نور بيرام كأصغر مرشحة للبرلمان حيث تبلغ 18 عامًا.
لقد كان لافتًا أن 20 وزيرًا تركيًا تم الدفع بهم ليكونوا على رؤوس القوائم في المدن ويعتقد أن جزءًا كبيرًا منهم لن يصبح وزيرًا مرة أخرى لأن القانون الجديد لا يسمح لعضو البرلمان أن يجمع بين عضوية البرلمان ورئاسة الوزارة إلا أن يستقيل من البرلمان، كما أن عدد الوزراء في الحكومة وفق النظام الرئاسي سيكون أقل بكثير من الحكومة الحاليّة التي يبلغ عدد أعضائها 25 وزيرًا.
كما أن هناك ملاحظة أخرى هنا وهي أن عددًا كبيرًا من الوزراء تم الدفع بهم في مدينة إسطنبول، فالفوز بها من حزب العدالة والتنمية له معاني مهمة خاصة أن حزب العدالة والتنمية عاش تراجعًا كبيرًا فيها في استفتاء نيسان 2017، ومن الوزراء الذين تم الدفع به على قوائم إسطنبول نعمان كورتولموش ونورالدين جانيكلي وسليمان صويلو وبيرات البيرق وفاطمة قايا.
ووفقًا لما نشر فقد تم ترشيح وزيرة العمل والضمان الاجتماعي جوليدا صاري أوغلو على رأس قائمة ولاية أضنة، ووزير الخارجية مولود جاويش أوغلو على رأس قائمة ولاية أنطاليا، ووزير المياه والغابات أويس أروغلو على رأس قائمة ولاية أفيون كراهيسار، ووزير العدل عبد الحميد غول على رأس قائمة ولاية غازي عنتاب، ووزير المواصلات والنقل البحري أحمد أرسلان على رأس قائمة ولاية قارص، ووزير البيئة والتخطيط محمد أوزهاساكي على رأس قائمة ولاية قيصري، ووزير الجمارك والتجارة بولانت توفانكتشي على رأس قائمة ولاية ملاطية، ووزير الصحة أحمد داميرجان على رأس قائمة صامصون، ووزير التعليم عصمت يلماز على رأس قائمة مدينة سواس.
يتوقع قادة حزب العدالة والتنمية أن يحدثوا تحسينًا في حظوظهم مع التغييرات الجديدة في صفوف الحزب وتغيير رئيس البلدية والوعد بمشاريع كبرى مثل قناة إسطنبول وافتتاح مطار إسطنبول الثالث
وفي ذات السياق تم الدفع برئيس الوزراء الحاليّ بينالي يلدرم ليكون على رأس قائمة حزب العدالة والتنمية في مدينة إزمير التي تعتبر إحدى قلاع حزب الشعب الجمهوري ولم يسبق لحزب العدالة والتنمية أن فاز بها.
ويتوقع قادة حزب العدالة والتنمية أن يحدثوا تحسينًا في حظوظهم مع التغييرات الجديدة في صفوف الحزب وتغيير رئيس البلدية والوعد بمشاريع كبرى مثل قناة إسطنبول وافتتاح مطار إسطنبول الثالث وتحويل مطار أتاتورك لأكبر حدائق العالم إضافة للأسماء القوية التي دفع بها في قوائمه في إسطنبول.
وبالنظر إلى أن الحكومة تحتوي على 25 وزيرًا تم الدفع بـ20 منهم تقريبًا في القوائم لوحظ أن هناك 5 لم يدفع بهم، وبالنظر إلى الأسماء الخمس نجد أنهم يمثلون الفريق الاقتصادي في الحكومة مثل وزير المالية ناجي أغبال ووزير الاقتصاد نهاد زيبكجي ووزير الصناعة فاروق أوزلو إضافة لنائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية محمد شمشك، وتم الحديث أن السبب في عدم الدفع بهم هو الحاجة إليهم لمتابعة وإدارة التعامل مع التقلبات التي يشهدها الاقتصاد.
من الواضح أن هناك اهتمامًا كبيرًا من الرئيس أردوغان بالانتخابات البرلمانية، فظروف الانتخابات الرئاسية تبدو أكثر راحة للرئيس من الانتخابات البرلمانية في ظل قراءة لنتيجة الاستفتاء السابقة وفي ظل وجود كتلة تصويتية تنوي التصويت للرئيس أدروغان في الانتخابات الرئاسية لكنها لا تريد التصويت لحزب العدالة في الانتخابات البرلمانية، وفي ظل وجود أحزاب محافظة تقف في الجهة المعارضة لحزب العدالة والتنمية ولها حظوظ أكبر من المرات السابقة مثل حزب العدالة والتنمية.
شهدت القوائم ترشيح الأحزاب لأشخاص من خارج أطر الحزب على قوائمها مثل مصطفى ديستجي رئيس حزب الاتحاد الكبير الذي تم ترشيحه كنائب في إسطنبول عن حزب العدالة والتنمية في إطار تحالف الجمهور الذي يضم الحركة القومية أيضًا
ومن خلال قراءة بعض الأسماء الموجودة في قائمة حزب العدالة والتنمية يمكن ملاحظة وجود أسماء يحمل وجودها رسائل طمأنة للناخب الكردي خاصة في ظل تحالف حزب العدالة مع الحركة القومية، ومن هذه الأسماء يالتشن أكدوغان الذي كان له دور في إدارة عمليات مفاوضات السلام المتوقفة حاليًّا وكذلك الحال وزير الداخلية السابق أفكان آلا الموجود على رأس قائمة الحزب في مدينة بورصا ونائب رئيس الحزب مهدي أكر الذي تم الدفع به ليكون رأس القائمة في ديار بكر.
وقد شهدت القوائم ترشيح الأحزاب لأشخاص من خارج أطر الحزب على قوائمها مثل مصطفى ديستجي رئيس حزب الاتحاد الكبير الذي تم ترشيحه كنائب في إسطنبول عن حزب العدالة والتنمية وهذا ضمن التحالف مع الحزب في إطار تحالف الجمهور الذي يضم الحركة القومية أيضًا.
وكذلك تم ترشيح نائبه عن حزب العدالة في ديار بكر وكذلك فعل حزب الشعب عندما رشح على قوائمه أشخاص من حزب السعادة مثل عبد القادر قرا دومان في قونيا وعبد اللطيف شنار أحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية والمستقيل من الحزب منذ عام 2009، كما أن حزب السعادة رشح على قوائمه في إسطنبول النائب ألطان طان المستقيل من حزب الشعوب الديمقراطية.
رغم أن تركيا تتوجه للنظام الرئاسي، كان هناك تصور خاطئ من البعض أن هذا التوجه يعني تهميشًا للبرلمان، فمن خلال الحراك الحاليّ تثبت الانتخابات البرلمانية أنها بذات القدر من الأهمية وأحد مؤشراتها هذا التنافس الكبير من الأحزاب والدفع بأسماء كبيرة من أجل تحقيق الفوز، وفيما يتعلق بقائمة حزب العدالة والتنمية للانتخابات البرلمانية فمن الواضح أن بصمة الرئيس أردوغان حاضرة في تفاصيلها وهو يريد أن يرسل رسالة لكل من يريدون أن ينتخبوه في الانتخابات الرئاسية أن ينتخبوا مرشحي حزبه في الانتخابات البرلمانية.