بدأت عملية غصن الزيتون التي خاضتها قوات المعارضة السورية المسلحة مدعومة من الجيش التركي في 20 من يناير/كانون الثاني، وكان هدفها السيطرة على مدينة عفرين وريفها في الشمال الغربي لمحافظة حلب السورية التي كانت تخضع لسيطرة مليشيا الوحدات ومن أبرز مكوناتها وحدات حماية الشعب وpkk وpyd من المكون الكردي وجيش الثوار من المكون العربي، الذين شكلوا في 10 من أكتوبر/تشرين الأول 2015، قوات سوريا الديموقراطية التي تتخذ من محافظة الحسكة مقرًا رئيسيًا لها.
وخلال معركة غصن الزيتون شهدت منطقة عفرين حركة نزوح كبيرة جراء المعارك الدائرة في المنطقة، حيث منعت مليشيا الوحدات المدنيين من الخروج من مناطق المعارك وعلى إثرها اتجهت قافلات النازحين من المدينة إلى المناطق العربية التي تسيطر مليشيا الوحدات عليها وهي كل من مدينة تل رفعت ودير جمال وعشرات القرى المجاورة لها.
وبعد تمكن المعارضة المسلحة بريف حلب من السيطرة على منطقة عفرين في مارس 2018 وطرد مليشيا الوحدات منها توجه ما يقارب 50% من سكان منطقة عفرين نحو مناطق سيطرة المليشيات، كما أنه لا يخفى أن قوات المعارضة فتحت معابر آمنة بينها وبين مناطق المليشيات خلال العملية، إلا أن مليشيا الوحدات كانت تعثر عملية عبور المدنيين نحو مناطق المعارضة مما أجبرهم على النزوح إلى مناطق سيطرة المليشيات.
وتشهد المناطق الواقعة بين سيطرة مليشيا الوحدات والمعارضة موجات عودة للمدنيين بطرق غير شرعية بالنسبة لمليشيا الوحدات، وهي التي تمنعهم من مغادرة مناطقها وعودة النازحين إلى ديارهم، كما شهدت المدينة خلال سيطرة قوات المعارضة عليها عمليات نهب وتعفيش لممتلكات المدنيين.
تحريم لنهب ممتلكات المدنيين في عفرين
نتيجة النهب والسرقات التي تعرضت لها مدينة عفرين بعد سيطرة المعارضة المسلحة عليها أصدر المجلس الإسلامي السوري الخميس 24 من مايو/أيار بيانًا عن الاستيلاء على أملاك ومنازل المدنيين في عفرين وريفها.
طالب البيان، قادة الفصائل والمسؤولين عن حفظ الأمن في تلك المناطق بعدم التساهل والضرب بيد من حديد على أيدي العابثين المفسدين”، وأكد “وجوب إعادة الممتلكات إلى أصحابها شرعًا، وفي حال لم يتمكنوا من ذلك لسبب ما فينبغي إعادتها للجهات المسؤولة في المنطقة، فهي تتولى إرجاعها أو تحتفظ بها حتى ترد لأصحابها”
حيث حرم المجلس الاستيلاء على دور وأموال وممتلكات أهل هذه المنطقة تحت أي ذريعة كانت، وأوضح “من كان منهم مجرمًا أو معتديًا فالمحاكم العادلة هي التي تقرر عقوبته، وليس الفصائل ولا الأفراد، ولا يسوغ أن يبرر البعض هذا السلوك بمبدأ المعاملة بالمثل”.
وطالب “قادة الفصائل والمسؤولين عن حفظ الأمن في تلك المناطق بعدم التساهل والضرب بيد من حديد على أيدي العابثين المفسدين”، وأكد “وجوب إعادة الممتلكات إلى أصحابها شرعًا، وفي حال لم يتمكنوا من ذلك لسبب ما فينبغي إعادتها للجهات المسؤولة في المنطقة، فهي تتولى إرجاعها أو تحتفظ بها حتى ترد لأصحابها”.
والمجلس الإسلامي السوري يترأسه الشيخ أسامة الرفاعي ويضم 40 هيئة ورابطة إسلامية من “أهل السنة والجماعة” في الداخل السوري والخارج، كما يضم هيئات شرعية لأكبر الفصائل الإسلامية السورية.
كما طالب ناشطون خلال عمليات السرقة والنهب التي شهدتها المدينة بمحاسبة العناصر المسؤولة عن السرقات، واعتبروا أن هذه الممارسات لا تختلف عن تجاوزات بقية القوى العسكرية في سوريا.
من جانبها فصائل المعارضة المسلحة التي شاركت بعملية غصن الزيتون نصبت حواجز في مناطق مختلفة بمدينة عفرين لضبط المسروقات، فيما قامت بفصل العناصر الذين أساؤوا التصرف وقاموا بالسرقات وأعادوا العديد من الأموال التي نهبت من حق المدنيين.
صعوبات ومعوقات تواجه مدنيي عفرين خلال العودة إلى ديارهم
عاد ما لا يقل عن 200 عائلة من مدنيي منطقة عفرين إلى مدينتهم الثلاثاء الماضي 22 من مايو/أيار الحاليّ بعد ساعات من منعهم من مليشيا الوحدات وقوات النظام بالتوجه إلى مدينة عفرين التي تخضع لسيطرة المعارضة.
وقالت مصادر محلية إن قوات النظام ومليشيا الوحدات منعوا قافلة النازحين من العبور على حاجز مشترك بينهما، وذكرت أن نحو 210 سيارات عبرت باتجاه مدينة عفرين عبر طريق مريمين، وذلك من خلال حاجز بينيه الواقع تحت سيطرت مليشيا من الوحدات والنظام.
لا تزال قوات النظام ومليشيا الوحدات تمنع المدنيين الذين يحاولون العبور إلى عفرين لمنعهم من العودة إلى ديارهم، كما يضعون عراقيل أمام المدنيين وتكرار إغلاق الحواجز بوجههم
وشهد حاجز بينيه خلال عملية عبور المدنيين إطلاق رصاص عشوائي من مليشيا الوحدات أمام المجتمعين من المدنيين مما تسبب بحالة هلع وخوف في صفوف الأهالي المتوجهين إلى ديارهم.
وفي السياق تسبب إطلاق الرصاص العشوائي بمقتل مدني يدعى حمود وليد يبلغ من العمر 33 عامًا وهو متزوج ولديه طفل وينحدر من ناحية جنديرس الواقعة بريف عفرين، كما اعتقلت مليشيا النظام خلال عبور المدنيين إلى عفرين عشرات الشبان على حاجز بينيه واقتادتهم إلى بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين شمالي حلب الواقعة تحت سيطرة مليشيات النظام.
ولا تزال قوات النظام ومليشيا الوحدات تمنع المدنيين الذين يحاولون العبور إلى عفرين لمنعهم من العودة إلى ديارهم، كما يضعون عراقيل أمام المدنيين وتكرار إغلاق الحواجز بوجههم، الأمر الذي يدفع الأهالي في كثير من الأحيان إلى دفع أموال هائلة مقابل السماح لهم بالعبور والتوجه إلى ديارهم في منطقة عفرين.
معاناة في النزوح ونقص الخدمات
يقبع أهالي منطقة عفرين بمناطق سيطرة مليشيا الوحدات الكردية في شمالي حلب وهي المناطق التي تفصل مناطق المعارضة عن مناطق سيطرة قوات النظام.
ويعاني الأهالي الذين يقطنون القرى والبلدات بريف حلب من نقص في الخدمات وعدم توفر فرص العمل فهذه المناطق كانت على خطوط النار ولا تشهد حركة للمدنيين، إلا أنهم خلال معركة غصن الزيتون توجهوا إليها باحثين عن مأوى وهي بطبيعة الحال تفتقر لأدنى مقومات الحياة، وذلك في ظل غياب المؤسسات المدنية التابعة لمليشيا الوحدات.
كما تسببت هذه الأحوال السيئة بحالة ذعر بين المدنيين وخوف في صفوفهم جراء الأوضاع السيئة التي يعيشونها، وهذا ما اضطرهم للعودة إلى ديارهم.
مليشيات النظام تصول وتجول في مناطق الوحدات وتجند المدنيين
في المناطق التي تخضع لسيطرة مليشيا الوحدات شمال حلب، شوهدت دوريات لقوات النظام تصول وتجول في مناطق سيطرة المدنيين كما أنها تعتقل المدنيين المطلوبين وتضيق الخناق على أهالي المنطقة دون أي مبادرة من مليشيا الوحدات الكردية التي تسيطر فعليًا على المنطقة.
إلى جانب ذلك قامت قوات النظام والمليشيات التابعة لها بمسيرات مؤيدة لقوات النظام في كل من مدينة تل رفعت وبلدة دير جمال والقرى والبلدات المجاورة حسب مقاطع مصورة نشرتها حسابات موالية للنظام، كما نشر إعلام النظام تقارير مصورة من مناطق المليشيات تتحدث عن سيطرتها على المنطقة وهذا الأمر شكليًا ليس فعليًا لأن القوات الروسية تمنعها ضمن اتفاقات مع الجانب التركي الذي يخوض مباحثات مع روسيا حليفة النظام.
يعيش الآن أكثر من 100 ألف نازح من منطقة عفرين عدا سكان القرى والبلدات الأصليين في سجن كبير، يقع تحت رحمة قوات النظام وبرضا مليشيا الوحدات الكردية التي تسيطر على المنطقة
وذكرت مصادر محلية من المدنيين الذين يقبعون في مناطق سيطرة المليشيات أن مليشيات النظام تضع حواجز طيارة ثابتة ومتحركة بين القرى والبلدات لاعتقال المدنيين وتجنيدهم في صفوفها، كما شهدت المنطقة حملات مداهمة للمنازل لاعتقال المتخلفين عن الخدمة العسكرية الإلزامية في صفوف النظام.
ويخفي الأهالي أبناءهم الذين تخلفوا عن الخدمة العسكرية لمنع رؤيتهم واعتقالهم من قوات النظام، حيث يتم تحويل المعتقلين الذين يتخلفون عن الخدمة إلى بلدة نبل ليتم نقلهم إلى ثكنة هنانو الواقعة في الأحياء الشرقية من حلب المدينة وبعد ذلك يتم تجنيدهم في صفوف قوات النظام، ونتج عن ذلك حالة استياء في صفوف أهالي عفرين الذين يقطنون بلدات في ريف حلب.
ويعيش الآن أكثر من 100 ألف نازح من منطقة عفرين عدا سكان القرى والبلدات الأصليين في سجن كبير، يقع تحت رحمة قوات النظام وبرضا مليشيا الوحدات الكردية التي تسيطر على المنطقة، إضافة إلى أنها سهلت دخول مليشيا النظام وسمحت لهم بنصب حواجز أمنية متحركة في كل المناطق، وتسيطر مليشيا الوحدات على كل من قرى وبلدات حساجك وأم حوش وأحرص والوردية وأم القرى وتل قراح وحربل والشيخ عيسى وتل رفعت ودير جمال وفافين وحاسين وقرامل والوحشية وكفرنايا وكفر ناصح وغيرها من القرى التي تأوي آلاف النازحين من عفرين.