يبدو أن الأمور باتجاه التصعيد ضد “قانون ضريبة الدخل” المعدل، التي تقدمت به الحكومة الأردنية في الفترة الأخيرة، حيث فشل لقاء النقابات المهنية الأردنية مع رئيس الوزراء الملقي الذي طلب من النقابات تعليق الإضراب ليوم واحد الذي أعلنته النقابات المهنية وقطاعات تجارية وصناعية، المنوي إقامته الأربعاء احتجاجًا على قانون ضريبة الدخل.
إزاء ذلك أكد نقيب أطباء الأسنان الأردنيين الدكتور إبراهيم الطراونة، على رفض النقابات مناقشة قانون الضريبة مع الملقي، خلال اللقاء الذي عقد الاثنين، إلا في حال سحبت الحكومة القانون من مجلس النواب. وقال الطراونة لـ”أردن الإخبارية” إن النقابات سلمت الملقي مذكرة تطالب فيها بسحب القانون قبل البدء بأي حوارات حوله”، مؤكدا على أن “مجلس النقباء الذي يضم مئات الآلاف من المهنيين كالمهندسين والأطباء والمحامين والصحفيين وغيرهم، رفض طلب الملقي بتعليق الإضراب”.
الملقي رفض الاستجابة لطلب مجلس النقباء القاضي بسحب قانون ضريبة الدخل وفشل الحوار
وأوضح الطراونة أن “الملقي رفض الاستجابة لطلب مجلس النقباء، القاضي بسحب قانون ضريبة الدخل”، منوها إلى أن “مجلس النقباء توعد الحكومة بخطوات تصعيدية بهدف الاستجابة لمطالب النقابات ومؤسسات المجتمع المدني”، مؤكدا على رفض المجلس “لإملاءات صندوق النقد الدولي”، معتبرا أنه “مساسا بحرية واستقلال الوطن”.
من جهته، دعا رئيس مجلس النقباء نقيب الأطباء الأردنيين الدكتور علي العبوس، كافة منتسبي النقابات المهنية إلى الإضراب عن العمل الأربعاء. وقال العبوس خلال مؤتمر صحفي عقده مجلس النقباء في مجمع النقابات المهنية، إن “الأردن وإن كان حجم الضرائب فيه أقلّ من بعض الدول، إلا أن مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين هي أقلّ بكثير من الخدمات المفترض تقديمها للمواطنين، ولا يتناسب مستوى تلك الخدمات مع ما يدفعه الأردنيون من ضرائب”.
النقابات المهنية: القانون يتغول على جيب المواطن ويعبر عن عجز الحكومة في معالجة التهرب الضريبي
ورأى العبوس أن “مشروع القانون يتغول على جيب المواطن، ويعبر عن عجز الحكومة في معالجة التهرب الضريبي، ولجوئها لزيادة شريحة دافعي الضرائب من الطبقة المتوسطة، لتعويض عجزها في الحد من التهرب الضريبي”.
وحول أولى الخطوات التصعيدية ضد القانون، أعلنت نقابة تجار المواد الزراعية الأردنية عن دعمها للإضراب، والتوقف عن العمل الذي دعت له النقابات المهنية، احتجاجا على قانون ضريبة الدخل. وقالت النقابة في بيان صدر عنها، إن “المسلسل الحكومي بالجباية من جيوب الأردنيين، مستمر من خلال قوانين ضريبية لا تسمن ولا تغني من جوع، سوى أنها تضيف أعباء فوق كاهل القطاع الزراعي المكلوم”.
بدورها، حذرت غرفة تجارة الأردن من زيادة العبء الضريبي من خلال قانون ضريبة الدخل الجديد. وقالت الغرفة في بيان صدر عنها، إن “ذلك سيلقي بظلال سلبية على مختلف النشاطات الاقتصادية، ويحد من تنافسية المملكة باستقطاب استثمارات جديدة”.
أما في سياق التوضيح، قال الناطق الإعلامي باسم ضريبة الدخل والمبيعات، موسى الطراونة، إن “من سيتأثر بالقانون فقط هم، المدراء العامون ورؤساء الهيئات وأعضاء مجالس الإدارة”. ونفى الطراونة في حديث لـ”أردن الإخبارية”، “تأثر الشريحة الأكبر من المواطنين بالقانون، بدليل الدعم النقدي التي وجهته الحكومة للأسر التي يقل دخلها عن 12 ألف دينار سنوياً، حيث بلغ عدد المستفيدين منه أكثر من مليون و600 ألف مواطن”. ورأى الطراونة أن “الحكومة تهدف من تشريع القانون، إصلاحات لرفع كفاءة التحصيل الضريبي، وصولا إلى العدالة على الجميع”.
أعلن القطاع الصناعي الأردني عن رفضه للقانون معتبرا أنه “قتل للشراكة بين القطاع العام والخاص
وفي تصاعد وتيرة الاحتجاجات، تفاعل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي مع دعوة النقابات المهنية للإضراب، عبر عدة وسوم أهمها “إضراب ضد الضريبة”، وإضراب الأردن”، و”ارفض قانون الضريبة”.
وأكد الناشطون على ضرورة نجاح الإضراب، بإيقاف حركة العمل في القطاع الحكومي والخاص بشكل كامل؛ واعتبار ذلك ردا على الحكومة في اتباعها لقرارات مجحفة بحق جيب المواطنين، التي من شأنها زيادة الفقر والجوع والبطالة.
وفي مشهد غير مسبوق، دعت النقابات العمالية المستقلة الأردنية، جميع عمال الأردن للمشاركة في الإضراب، استجابة وتماهيا مع دعوة النقابات المهنية، واحتجاجا على تعديلات قانون ضريبة الدخل. وقال الاتحاد في بيان صحفي صدر عنه، إننا “إذ نحيي النقابات المهنية على دعوتها دفاعا عن الشعب ضد سياسات الإفقار والتجويع والنهج الحكومي الفاشل، فإننا نعلن تأييدنا وتضامننا المطلق له، وندعو جميع العمال المنتسبين للنقابات العمالية المستقلة للإضراب، تعبيرا عن رفضنا للقوانين والسياسات الضريبية غير العادلة، التي أصبحت نهج حكومي مستمر متمادي في الجباية حد الإفقار”.
وفي موقف يعتبر الأول من نوعه، أعلن القطاع الصناعي عن رفضه للقانون، معتبرا أنه “قتل للشراكة بين القطاع العام والخاص”، مؤكدا في اجتماع عقده في غرفة صناعة عمان مؤخرا، على أن “المصانع ستغلق أبوابها وستهجر البلاد حال لم يتم سحب القانون، لأن الوضع أصبح كارثيا، فهذا القانون سيدمر الاستثمار”.
عممت نقابة المهندسين على جميع منتسبيها العاملين في المؤسسات المختلفة اجراءات الاضراب احتجاجا على سياسات الحكومة في تقديم مشروع قانون ضريبة الدخل المجحف، وقانون الخدمة المدنية.
مرفق اليات العمل في الاضراب الذي سيبدأ اعتبارا من الساعة التاسعة من صباح يوم الاربعاء.
#اضراب_الاردن pic.twitter.com/LzKgYlzIeS
— نقابة المهندسين (@JordanEngineers) May 28, 2018
وقرر الصناعيون عددا من الإجراءات التصعيدية، التي تتمثل في “التوقف عن العمل لمدة ساعتين يوميا في جميع مصانع المملكة، إضافة إلى الانطلاق بمسيرة احتجاجية لكل العاملين في المصانع”. وفي مؤشر خطير، قال خليل الحاج توفيق رئيس الاتحاد العام لنقابات أصحاب العمل الأردنيين، إن “عددا كبيرا من رجال الأعمال سيعلنون إضرابا مفتوحا عن الطعام احتجاجا على قانون ضريبة الدخل”.
وقال توفيق في بيان صحفي صدر عنه، إن “المشهد غير مسبوق في القطاع الخاص وخاصة التجاري، لأن الصفة المعروفة عن معظم ممثلي هذا القطاع في الماضي، أنهم يخشون المشاركة في الحياة السياسية أو الحزبية، والقيام بإجراءات تصعيدية مثل الإضراب عن العمل، أو تنظيم اعتصامات، لكنهم فعلوها هذه المرة لخطورة الوضع على استثماراتهم وأمولهم”.
وأشار توفيق إلى أن “هذه رسالة على الحكومة التقاطها، فلم يعد أحد يحتمل الوضع أو يقبل الأعذار والمبررات، التي تسوقها الحكومة لفرض مزيد من الضرائب، وكأننا أصبحنا موظفين لدى وزير المالية علينا تنفيذ بلاغاته وتعليماته، وليس مسموح لنا الاعتراض أو النقاش، فقط المطلوب أن نقول جملة واحدة تأمر معاليك”.
وفي ردود الفعل المتصاعدة، أكد حزب جبهة العمل الإسلامي -أكبر الأحزاب الأردنية- تأييده للدعوة التي أطلقتها النقابات المهنية للإضراب رفضا لقانون الضريبة، داعيا الشعب للمشاركة في الإضراب، انحيازا لمصالح الوطن وأبناءه.
دخل الأردن في أجواء جديدة من التصعيد ضد قانون ضريبة الدخل، وهذه هي المرة الأولى التي يسجل فيها تكتل بهذا الحجم، وثقل للفعاليات النقابية والصناعية والتجارية ضد القانون
وعبر الحزب في بيان صدر عنه، عن أسفه لما وصفه بـ”الإصرار الحكومي على تمرير مشروع قانون ضريبة الدخل استجابة لإملاءات وتوصيات صندوق النقد الدولي، الذي تحول بسبب ضعف هذه الحكومة إلى قوة يقرر في مصائر واقتصاد البلاد، وحياة الناس في ظل حكومة عاجزة وضعيفة”.
على المستوى الشعبي، أيد المواطنون وبشدة المشاركة في الإضراب، بهدف إسقاط قانون الضريبة، الذي سيلقي بأعباء جديدة وثقيلة جدا عليهم، فهم في الأساس يعانون من أزمات اقتصادية كبيرة، فرضتها زيادات متلاحقة في أسعار السلع.
حيال ذلك، أبدى المهندس الأردني وليد باجس في حديث لـ”أردن الإخبارية”، موافقته على المشاركة بالإضراب احتجاجا على قانون الضريبة، معتبرا أن “القانون كان صادما بالنسبة للمواطنين، لما فيه من تغول وتعدي على جيوب المواطنين وأرزاقهم واستثماراتهم”.
#اضراب_الاردن حكومة لا تسمع الا صندوق النقد الدولي ! pic.twitter.com/9QKWCWf3k2
— Naser Jafari Cartoons (@naserjafari) May 28, 2018
أما الطبيب بلال المصري، فقد أبدى تضامنه الشديد مع الداعين إلى الإضراب، منوها إلى أن “الإضراب مباشرة دون التدرج بالإجراءات التصعيدية، هو الحل الوحيد والإجراء القوي للوقوف بوجه القانون الظالم والجائر”. بينما دعا الممرض زياد حرز الله، الحكومة إلى “تفعيل التحصيل الضريبي من المؤسسات التي تحجب ملايين الدنانير عن خزينة الدولة جراء تهربها الضريبي، أو ملاحقة الفاسدين الذين سرقوا أموال الخزينة دون أي تحرك تجاههم”.
إلى ذلك، دخل الأردن في أجواء جديدة من التصعيد ضد قانون ضريبة الدخل، وهذه هي المرة الأولى التي يسجل فيها تكتل بهذا الحجم، وثقل للفعاليات النقابية والصناعية والتجارية ضد القانون، ما يعكس حجم الاحتقان من السياسات الحكومية، التي تخطت جميع الخطوط الحمراء.
المصدر: أردن الإخبارية