أعين على الجائزة: فتيات الأردن يضعن نصب أعينهن كأس العالم للسيدات

أردن

ترجمة حفصة جودة

في صالة الألعاب الرياضية بإحدى مدارس مدينة الزرقاء التي تبعد عن العاصمة عمَان 25 كيلومترًا شمالاً، تلعب مجموعة من 30 فتاة تتراوح أعمارهن بين 10 و15 عامًا كرة القدم، انقسمت الفتيات إلى مجموعتين؛ تتدرب المجموعة الأولى على التحكم بالكرة من خلال المرور بين عوائق برتقالية، بينما تتدرب المجموعة الثانية على تسديد الكرة نحو الشبكة.

بعد 90 دقيقة من التدريب الشاق تجمعت الفتيات حول مدربتهن رنا الفتاح، تقول رنا: “هنا جميع الفتيات يرغبن في أن يصبحن لاعبات كرة قدم محترفات، ونحن نساعدهن على تحقيق أحلامهن”.

تعد هذه اللعبة غير مرحب بها للفتيات في هذا المجمتع المحافظ

بالنسبة لمروة عمير – 14 عامًا – فكرة القدم أكثر من مجرد رياضة، ففي رحلتها بالحافلة التي تستغرق 30 دقيقة حتى منزلها حكت مروة كيف تعتبر كرة القدم جزءًا أساسيًا من حياتها، حيث تقول: “بفضل كرة القدم أستطيع أن أتخلص من الطاقة السلبية في حياتي وأتمكن من تكوين صداقات جديدة”.

مروة عمير تتدرب في المركز الشعبي بمدينة الزرقاء

هذا التدريب جزء من مراكز الأمير علي الشعبية، وهي مبادرة وطنية أطلقها الاتحاد الأردني لكرة القدم ” JFA” لتشجيع الفتيات على لعب كرة القدم، في 2005 شكل الأمير علي الأخ غير الشقيق للملك عبد الله الثاني ورئيس اتحاد كرة القدم أول فريق وطني للسيدات في كرة القدم بالتوازي مع إطلاق مشروع وطني كبير يتضمن تأسيس مراكز فيدرالية لتشجيع الفتيات على اللعب في سن مبكرة، وكان مركز الزرقاء من أول المراكز التي أُسست.

بدأت مروة اللعب قبل 5 سنوات مع شقيقتها ياسمين – 19 عامًا – وتقول ياسمين: “كنت أدربها دائمًا لكن أصبحت أفضل مني الآن”، أما عادل والد مروة فيقول إنه يأمل أن تصبح مروة لاعبة محترفة ذات يوم، وفي يناير الماضي كانت أعين مدرب الفريق الوطني تحت سن 14 مسلطة على مروة في إحدى المباريات الودية بعمّان.

انتشار الوعي بين المجتمع يسمح للاتحاد بالوصول إلى أكبر عدد ممكن من الفتيات

لكن مروة لا تستطيع الانضمام إلى الفريق الوطني بسبب أصولها الفلسطينية وعدم حصولها على الجنسية الأردنية،  فوالدها من غزة وانتقل إلى الأردن بعد حرب 1967 وأصبح لاجئًا في الأردن، ورغم خيبة أملها إلا أن مروة لا تنوي التخلي عن هدفها.

ليست رياضة للفتيات!

تلعب 3 فتيات من عائلة عمير كرة القدم، وتعد هذه اللعبة غير مرحب بها للفتيات في هذا المجمتع المحافظ، لكن عائلة عمير لا تتفق مع تلك الآراء المحافظة وتشجع فتياتها على لعب الرياضة التي يحبونها، تقول ابتسام والدة الفتيات إن الجيران يتهمونها بإهانة الإسلام لأنها تسمح لبناتها بممارسة الرياضة، هذا الكلام يجعلها حزينة لكن السماح لبناتها بممارسة اللعبة أهم لديها من هذا الكلام.

مروة عمير في المنزل مع أسرتها

تعاني مروة من خلاف دائم مع جارتها التي تخبرها أن كرة القدم ليست رياضة للفتيات وأن جسدها ضعيف ولا يتحمل اللعب، وتقول مروة: “أكره هؤلاء المتدينون فليس لديهم ما يقولونه، كرة القدم ليست حلمي فقط، إنها كل حياتي”.

ووفقًا لما يقوله بلحسن معلوش المدير الفني للاتحاد، فبعض المدن ما زالت محافظة وتمنع الفتيات من ممارسة التدريبات، لكن الفتيات اللاتي يلعبن في مراكز العاصمة لديهن حرية أكبر وقيود أقل.

ولإفساح المجال أمام أكبر عدد من الفتيات، يقيم الاتحاد منذ عام 2014 مهرجانًا سنويًا في شهر مايو بجميع مناطق الأردن، وتقول وسولين الزعبي رئيسة كرة القدم النسائية في الاتحاد: “في هذا اليوم تستطيع الفتيات إظهار مهاراتهن ويتم دعوة العائلات وتتحدث المدربات معهم بشأن إمكانية لعب الفتيات لكرة القدم”.

لينا ومجدولين وفرحة وميناس بعد انتهاء التدريب

انتشار الوعي بين المجتمع يسمح للاتحاد بالوصول إلى أكبر عدد ممكن من الفتيات، حيث يقول معلوش: “الحصول على مجموعة كبيرة يمكن الاختيار من بينها يعد جزءًا مهمًا من إستراتيجيتنا”.

استقبال الأبطال

تحضر أكثر من 400 فتاة تدريبات كرة القدم 3 مرات في الأسبوع بعد وقت المدرسة بالمراكز المنتشرة في الأردن، وهذه التدريبات تعد مجانية وتسجل الفتيات في شهر سبتمبر حتى يتمكنّ من المشاركة في التدريبات طوال العام.

تقول الزعبي: “إننا نعلمهن كيف يتحكمن بالكرة والقيام بالتمريرات وضربات الرأس، كما يتطور لديهن القدرة على التنسيق وخفة الحركة والسرعة بالإضافة إلى المعرفة بقواعد اللعبة، وتنتهي جلسات التدريب تلك بمباراة من أجل المتعة وممارسة الفتيات لما تعلمنه”.

هناك أكثر من 400 فتاة يتدربون في المراكز الشعبية في الأردن

في 14 من أبريل 2018 فاز الفريق الوطني تحت سن 15 ببطولة اتحاد غرب آسيا للسيدات المقامة في دبي ويضم الإمارات والأردن والبحرين وفلسطين وسوريا ولبنان وعُمان، تم استقبال الفتيات كالأبطال بعد عودتهن من دبي في مطار الملكة علياء الدولي حيث لوحت أسر الفتيات بأعلام الأردن احتفالًا بهن.

تقول لجين بطويش بينما تحملها زميلاتها على أكتفاهن: “نحن فخورين بهذا الاستقبال من عائلاتنا”، في 2011 وبعد عام من التدريب في أحد المراكز الشعبية بعمَان، اختار أحد المشرفين في الاتحاد بطويش وأصبحت لاعبة في الفريق الوطني تحت سن 14، ووفقًا لإحصاءات الاتحاد فأكثر من نصف الفريق الوطني تحت سن 15 كن يلعبن في البداية في تلك المراكز الشعبية.

الفريق الوطني تحت سن 15 يفوز في بطولة اتحاد دول غرب آسيا للسيدات

تقول بطويش: “هذا العام الذي قضيته في المركز الشعبي كان مهمًا للغاية، فقد ساعدتني المدربات على التقدم كثيرًا ودونهن لم أكن لأتمكن من الانضمام للفريق الوطني”، أما ألين عدوان صديقة لجين فقد اتبعت نفس الطريق، فقد كانت تلعب كرة القدم مع لجين في شوارع حي الهاشمي الشمالي، تقول ألين: “كنا نلعب مع الصبيان في الشوارع وبعد دخولنا المركز الشعبي أصبحنا أفضل منهم كثيرًا فقد تعلمنا تمرير الكرة وإحراز الأهداف وأصبحنا على دراية بتكتيكات وقواعد اللعبة”.

أما الخطوة التالية، فمعلوش والزعبي يضعان كأس العالم للسيدات نصب أعينهم، يقول معلوش: “هدفنا طويل المدى هو تأهيل الفريق الوطني للحصول على كأس العالم للسيدات، وإذا استمرينا في الاستثمار بقدر الإمكان في كرة القدم النسائية فيمكننا تحقيق هذا الهدف خلال 5 أو 6 سنوات”.

المصدر: ميدل إيست آي