ترجمة حفصة جودة
عاشت تسايد زويد – 73 عامًا – في ظلال القصر الوطني بأديس أبابا لأكثر من 50 عامًا، ومنذ وفاة زوجها قبل 4 سنوات وهي تعتني بثلاثة أيتام -أحفاد شقيقتها الراحلة – وحدها في كوخ تملكه الحكومة، لم يكن لديها معاش تقاعدي حتى وقت قريب أو أي مصدر دخل وتقول زويد: “كنت أعتمد على كرم الجيران”.
في العام الماضي تغير حظ السيدة زويد، فقد كنست هي و80 من جيرانها شوارع العاصمة الإثيوبية لمدة 3 ساعات يوميًا، وتحصل مقابل ذلك على 1200 بير إثيوبي (نحو 44 دولارًا) شهريًا، وكانت تضع خُمس المبلغ في المدخرات، تقول زويد: “يعد الأمر جيدًا نفسيًا بالنسبة لي فهو يبقيني مشغولة والآن أستطيع أن أقول للناس إنني أعمل”، وهذا ما اتفقت عليه زميلتها في العمل أيضًا.
يشارك هؤلاء الأشخاص في مشروع الشبكة الاجتماعية الإنتاجية الحضرية التي انطلقت عام 2017 ضمن أكبر البرامج الاجتماعية الموجودة في إفريقيا السوداء وهي مصممة خصيصًا للأماكن الحضرية، وهناك 400 ألف فقير إثيوبي من 11 مدينة مسجلين في البرنامج بالفعل.
تنفق دول إفريقيا السوداء على شبكات الأمان نحو 1.5% من الدخل القومي
تأمل الحكومة أن تتمكن من مساعدة 4.7 مليون شخص في 1000 مدينة، يتم اختيار المستفيدين من هذا البرنامج من خلال لجنة جوار تختار الأفقر والأضعف، وبالإضافة إلى العمل المدفوع يحصل المشاركون على برامج تدريبية، كما يحصل الراغبون في بدء مشاريعهم الخاصة على منح ومساعدات للقيام بذلك.
انتشرت شبكات الأمان في إفريقيا بشكل أو بآخر في السنوات الأخيرة، وتنفق عليها دول إفريقيا السوداء نحو 1.5% من الدخل القومي، ففي تنزانيا تغطي شبكة الأمان 10% من السكان بتكلفة نحو 3.% فقط من الدخل القومي.
معظم هذه الخطط في إفريقيا تركز على سكان الريف وبعضها يعد خططًا مؤقتة يدعهما المتبرعون استجابة لكوارث طبيعية أو صراعات، لكن القليل منها مصمم لمساعدة الناس على إدارة مشكلاتهم الخاصة مثل المرض وموت عائل الأسرة الذي يؤدي إلى وقوعهم في الفقر، والقليل جدًا مصمم للحد من البطالة المزمنة التي تجذرت في العديد من المدن الإفريقية.
يعد برنامج إثيوبيا خطوة تحو بناء نظام أمان اجتماعي وطني يحل محل الأنظمة الصغيرة، ويقوم على نظام أمان ريفي رئيسي يعد الأكبر من نوعه في القارة ويغطي نحو 10 مليون شخص فقير في الريف.
يأمل المتبرعون بأن تكون شبكة الأمان سياسة طويلة المدى وليس مجرد حل مؤقت
كانت الحكومة قد خصصت مبلغ 150 مليون دولار لتمويل الخطة الجديدة بينما غطى البنك الدولي المبلغ المتبقي – ما يقارب 300 مليون دولار – الذي تحتاجه الحكومة للخمس سنوات الأولى من المشروع، وتأمل إثيوبيا في أنها خلال 10 سنوات لن تحتاج لتمويل هذا البرنامج.
على مدى سنوات كانت الحكومة الإثيوبية تحاول الحد من مصطلحات مثل الحماية الاجتماعية، لكن المتبرعين يأملون بأن تكون شبكة الأمان سياسة طويلة المدى وليس مجرد حل مؤقت، يقول توم لافرز من جامعة مانشستر: “ما زال هناك كراهية قوية تجاه نموذج الرفاهية الغربية، فالحكومة ترفض بشدة فكرة تسليم النقود دون قيد التي تعد أمرًا شائعًا بين المتبرعين والاقتصاديين في مجال التنمية”.
يعتبر المخطط الريفي الإثيوبي الذي يساعد نحو 10 مليون شخص – من بين 102 مليون شخص – ناجحًا بشكل كبير، فقد ساعد في الحد من الفقر في الريف وساعد الفقراء على شراء الطعام في جفاف 2016 الذي كان سيؤدي إلى حدوث مجاعة.
المعضلة الأكبر تكمن في أن شبكات الأمان الإفريقية لا تغطى سوى جزء صغير من الفقراء
لكن المدن تشكل تحديًا مختلفًا، فمن الصعب تحديد من الأكثر فقرًا، ويجب أن يكون المتقدمون قد عاشوا في منطقتهم لمدة 6 أشهر على الأقل حتى يتم قبولهم لذا لا يمكن قبول الأشخاص المتنقلون في البرنامج، وتقول بلينش ريجاسا – مديرة إحدى اللجان المحلية في البرنامج – إن السكان المحليين يشتكون من عدم اختيارهم ويقول بعض المنتقدون إن أنصار الحزب الحاكم يقع عليهم الاختيار أكثر من غيرهم.
رغم تلك المشكلات فإن التجربة الإثيوبية تقول إنه حتى الدول الفقيرة يمكنها التوسع في بناء شبكة أمان اجتماعية، وإذا تمكنت إثيوبيا من تحقيق هدفها بالتخلص من دعم المتبرعين للمخطط فيمكنها بذلك أن تمنع الدعم عن بعض البرامج الاجتماعية الأخرى، لكنه سيكون أمرًا مؤلمًا سياسيًا.
تكمن المعضلة الأكبر في حقيقة أن شبكات الأمان الإفريقية لا تغطى سوى جزء صغير من الفقراء، فالسيدة ريجاسا التي ترأس لجنة محلية لا تستطيع دخول البرنامج لأنها تملك منزلها، لكنها كأم عزباء لأربعة أطفال تأمل أن يأتي يومًا ما وتتمكن من دخول البرنامج.
المصدر: إيكونوميست