ترجمة حفصة جودة
بقلوب يملؤها الحزن والوجع والدموع شيّع الفلسطينيون في حي خزاعة بخان يونس المسعفة رزان النجار – 21 عامًا – التي قُتلت على أيدي القوات الإسرائيلية، كانت رزان قد أصُيبت بطلقة في الصدر في احتجاجات الجمعة الماضية بعد عملها لـ10 أسابيع في إسعاف المصابين في أثناء احتجاجات مسيرة العودة الكبرى.
فمنذ 30 من مارس انطلقت احتجاجات مسيرة العودة الكبرى على طول الجدار العازل الذي يفصل غزة عن الاحتلال الإسرائيلي، مطالبين بعودة الفلسطينيين إلى منازلهم وأراضيهم التي طُردوا منها عام 1948 وتحتلها “إسرائيل” الآن.
المشيعون في أثناء جنازة المسعفة رزان النجار
حضر آلاف المواطنين جنازتها يوم السبت بما في ذلك العاملون في المجال الطبي، وكان أصدقاؤها وزملاؤها يبكون رحيلها بشدة، أما والدها أشرف النجار فقط كان يحمل زي العمل الملطخ بالدماء الذي كانت ترتديه عند إطلاق النار عليها، يقول والدها: “رحلت ملاكي عن هذا المكان وهي الآن في مكان أفضل، سوف أفتقدها كثيرًا، أتمنى أن ترقد روحك في سلام يا ابنتي الجميلة”.
قال المسؤولون في وزارة الصحة بغزة إن 100 شخص أصيبوا بجروح بواسطة قوات الاحتلال الإسرائيلي يوم الجمعة من بينهم 40 أصيبوا برصاص حي، كما أصيب 4 مسعفون بجروح في أثناء مساعدتهم المصابين قرب الجدار.
“كانت ابنتي مسعفة ماهرة ولم تكن تخشى رصاص القناصة” والدة رزان
تقول صابرين أم رزان والدموع في عينيها: “لقد كانوا يعلمون أن رزان مسعفة، كانت تعالج الجرحى منذ 30 من مارس، كانت ابنتي هدفًا للقناصة الإسرائليين، أصابت الرصاصة المتفجرة صدر ابنتي مباشرة، لم تكن رصاصة عشوائية”.
تعد رزان الابنة الكبرى بين 6 أشقاء، وأصبحت مسعفة بعد الحصول على الدبلومة العامة في التمريض وبعض دورات الإسعافات الأولية، تطوعت رزان بعد ذلك في العديد من المستشفيات وعملت مع منظمات غير حكومية ومنظمات طبية، وخلال ذلك تمكنت من الحصول على المهارات والخبرة اللازمة التي استخدمتها فيما بعد لعلاج الجرحى في احتجاجات مسيرة العودة الكبرى.
ومن خلال عملها كمسعفة ركزت رزان بشكل رئيسي على مساعدة النساء والأطفال المصابين في الاحتجاجات، تقول والدتها: “كانت ابنتي تخرج كل جمعة من الـ7 صباحًا وحتى الـ8 مساءً، كانت في الميدان تؤدي عملها وتضمد جراح المصابين، كانت ابنتي مسعفة ماهرة ولم تكن تخشى رصاص القناصة، كانت تعود إلى المنزل والدماء تغطي ملابسها ولم تكن تترك الاحتجاجات حتى يرحل الجميع”.
رزان النجار المسعفة التي قُتلت برصاص القناصة الإسرائيلية
دماء على ملابس العمل
كانت رضا النجار زميلة رزان وصديقتها من بين المسعفين في أثناء إصابة رزان برصاص القناصة، تقول رضا: “كنت هناك عندما أصيب رزان، كنا نحاول الوصول إلى المتظاهرين المختنقين بالغاز المسيل للدموع، وعندما اقتربنا كثيرًا من الجدار أطلقت القوات الاسرائيلية الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي بكثافة علينا، كان الغاز المسيل للدموع والدخان الأسود يملأ المكان وأصبح من الصعب أن نلتقط أنفاسنا”.
تستكمل رضا قائلة: “فجأة أشارت رزان إلى ظهرها ثم سقطت على الأرض والدماء تغرق ملابسها، نحن كمسعفين نذهب إلى المظاهرات لعلاج المتظاهرين، لا نملك أي أسلحة، كل ما نملكه الأدوات الطبية والإسعافات الأولية اللازمة لمساعدة المصابين من المتظاهرين”.
منذ بداية الاحتجاجات قُتل ما لا يقل عن 121 فلسطينيًا معظمهم بالرصاص الحي الذي كان يستهدف الأجزاء العليا من الجسم، وتعد رزان ثاني مسعف يتعرض للقنص منذ بداية الاحتجاجات، وكان الأول موسى أبو حسنين الذي قُتل قبل أسبوعين.
أقارب رزان يبكون رحيلها في خان يونس
وفقًا لوزارة الصحة في غزة فقد أُصيب 223 مسعفًا في أثناء الاحتجاجات، كما استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي 37 سيارة إسعاف، أدان المتحدث باسم وزارة الصحة أشرف القدرة مقتل رزان ودعا المجتمع الدولي للتدخل من أجل وقف قتل المتظاهرين الفلسطينيين والمدنيين والمسعفين والصحفيين.
وفي مقابلة سابقة نشرتها وسائل التواصل الاجتماعي حاولت رزان جذب انتباه العالم لقمع القوات الإسرائيلية للمتظاهرين ووجهت رسالتها للعالم كمسعفة قائلة: “نحن نشهد الكثير من هجمات القوات الإسرائيلية، فنحن كمسعفين وصحفيين معرضين للاستهداف، أدعو العالم لينظر ويرى كيف تستهدفنا القوات الإسرائيلية، إننا لا نفعل أي شيء سوى إنقاذ الجرحى وتضميد الجراح”.
المصدر: ميدل إيست آي