ترجمة وتحرير: نون بوست
لقد مثل حدث استعادة النظام السوري للعديد من المناطق، من بينها ضواحي دمشق في الغوطة الشرقية وبعض المناطق الأخرى التابعة للعاصمة، إعلانا لبداية مرحلة جديدة من الصراع السوري الذي بدأ في درعا منذ أكثر من ست سنوات. علاوة على ذلك، أتاحت هذه التطورات العديد من المزايا والفرص أمام جيش النظام السوري.
خلال الأسبوع الماضي، أدى وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، زيارة إلى روسيا رفقة موظفين عسكريين ومسؤولين استخباراتيين بارزين. وفي لقائه مع نظيره الروسي، أجرى ليبرمان مناقشات مفصلة حول المرحلة الجديدة من الحرب السورية، التي أصبحت وشيكة الاندلاع في المستقبل القريب. وتؤكد هذه التحركات العسكرية المكثفة أن منطقة الجنوب السوري هي التي ستشهد أحداث المرحلة العسكرية الموالية في البلاد.
في هذه المنطقة تحديدا، يوجد عدد من المقاتلين الذين يكتسبون قدرا من الأهمية؛ بما في ذلك المنتمين إلى جبهة النصرة وتنظيم الدولة، الذين يتشاركون جزءا من بعض المناطق مع الجيش الإسرائيلي في منطقة الجولان، وبشكل أوضح، في حدود خط الهدنة الذي تم ترسيمه بعد حرب سنة 1973.
من هذا المنطلق، بات من المهم الإشارة إلى العلاقة الممتازة بين المليشيات المسلحة التي تنشط في الجنوب السوري و”إسرائيل”، خاصة جبهة النصرة سابقا. ففي الحقيقة، يتلقى المقاتلون الذين جرحوا في سوريا العلاج في المستشفيات الإسرائيلية الموجودة في حيفا وصفد، ليتم إعادتهم فيما بعد إلى سوريا ليواصلوا محاربة النظام السوري.
تحدث الصحفي الإسرائيلي، يوسي ميلمان، بشكل أكثر تفصيلا حول اللقاء المشترك الإسرائيلي الروسي خلال الأسبوع الماضي، في صحيفة معاريف الإسرائيلية
في ظل هذا الوضع، من الضروري توضيح أن “إسرائيل” على استعداد لقبول مبدأ “حق دمشق في استعادة الأراضي التي خسرتها خلال حرب الجنوب، بما في ذلك تلك المحاذية لخط الهدنة الذي تم ترسيمه خلال سنة 1973”. وعلى الرغم من أن الأسباب التي جعلت “إسرائيل” تقبل بهذه التنازلات لا زالت غير واضحة، إلا أنه من الممكن أن تكون قد اتخذت هذه الخطوة بناء على طلب من موسكو، شريطة أن تحصل على مقابل لذلك.
في هذا السياق، تحدث الصحفي الإسرائيلي، يوسي ميلمان، بشكل أكثر تفصيلا حول اللقاء المشترك الإسرائيلي الروسي خلال الأسبوع الماضي، في صحيفة معاريف الإسرائيلية. كما تفيد بعض المصادر بتنظيم حوار هاتفي بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لمناقشة بعض المسائل العالقة بينهما، بعد فترة وجيزة من لقاء الوفدين الروسي والإسرائيلي.
“إسرائيل” وروسيا
أكد ليبرمان أن الأطراف الروسية والإسرائيلية ستبقى على اتصالات وثيقة في المستقبل، كما أن “خط الحوار المشترك بينهما مفتوح باستمرار”. ويشير هذا المعطى مرة أخرى إلى أنه ليس أمام “إسرائيل” خيار سوى السماح لدمشق بتمديد مخالبها نحو الجنوب، بينما يراقب الأمريكيون والأردنيون هذه المفاوضات باهتمام.
وفقا لما أكده الصحفي الإسرائيلي ميلمان، فإن “إسرائيل” وروسيا قد توصلتا إلى اتفاق بينهما، يمنع إيران من نشر قواتها على مسافة 20 كيلومترا من خط الهدنة. وخلال الأسبوع الماضي، أشار بشار الأسد إلى أنه لا يوجد جنود إيرانيون في سوريا، وإنما “مستشارون عسكريون” فقط. وبناء على ذلك، لن يتمكن هؤلاء المستشارون من الاقتراب من مسافة 29 كيلومترًا من خط الهدنة.
بناء على بعض المعلومات، التي كُشف عنها يوم الجمعة الماضي، أفضى الاتفاق إلى حل أو إدماج المليشيات الموالية للأسد في الجيش السوري، بما في ذلك المليشيات الشيعية.
من بين النقاط الأخرى التي اتفق عليها الطرفان، التزام إيران بعدم إنشاء أي قاعدة جوية أو قاعدة لإطلاق الصواريخ على كامل التراب السوري. وقد أكد يوسي ميلمان أن “حرية تصرف “إسرائيل” ضد الإيرانيين في سوريا ستكون بالتنسيق مع موسكو”. وتعني هذه المعطيات أن “إسرائيل” قد تنازلت عن مميزاتها فيما يتعلق بهذه المسألة، وسوف تحذر موسكو من هنا فصاعدا بالهجمات المحتملة ضد الإيرانيين في سوريا.
من جانب آخر، أفاد الصحفي يوسي ميلمان بأن “إسرائيل” تتعهد بموجب هذا الاتفاق بعدم مهاجمة قوات نظام الأسد. على ضوء هذا المعطى، يمكن استنتاج أن الإسرائيليين والروسيين قد توصلوا إلى اتفاق بسيط يحد بشكل كبير من نشاط القوات الإسرائيلية في سوريا، مقابل عدم السماح لإيران بإنشاء قواعد عسكرية أو قواعد لإطلاق الصواريخ في سوريا، أو حتى الاقتراب بشكل كبير من خط الهدنة.
بناء على بعض المعلومات، التي كُشف عنها يوم الجمعة الماضي، أفضى الاتفاق إلى حل أو إدماج المليشيات الموالية للأسد في الجيش السوري، بما في ذلك المليشيات الشيعية. ويبدو أنه تم الاتفاق على هذه النقطة خلال اللقاء الأخير الذي جمع بين الرئيس الروسي ونظيره السوري في موسكو.
الطريق نحو طهران
في هذه المرحلة، ستعمل موسكو على نقل تفاصيل الاتفاق الإسرائيلي الروسي إلى دمشق، التي ستنقلها بدورها إلى طهران، لنيل موافقة كلا الطرفين. ومن حيث المبدأ، يبدو هذا الاتفاق منطقيا، ومن المرجح أن تقبل به إيران وسوريا دون إجراء تغييرات عليه، كما يبدو أن موسكو قد تفاوضت حول هذه الشروط مع حلفائها بشكل مسبق. ومن جهتها، لاحظت القناة العاشرة الإسرائيلية أنه عندما ترغب “إسرائيل” في الحديث عن الوجود العسكري الإيراني في سوريا، فإنها تتجه إلى موسكو وليس لواشنطن؛ رغم وجود مجموعة كبيرة من القوات الأمريكية في سوريا.
خلال الأسبوع الماضي، أعلن الأسد أن جيشه على استعداد لاستعادة شمال وشمال شرق سوريا، حيث يتم نشر القوات السورية، التي يتمركز فيها الأكراد الذين لم يكن لديهم أي طموح لتحقيق الاستقلال خلال بداية الحرب السورية. لكن مع تطور أحداث الصراع السوري، تغير موقف بعض القادة الأكراد تجاه هذه المسألة. أما واشنطن، فتعتقد أن مهاجمة حكومة دمشق لحلفائها سيكون “فكرة سيئة”.
المصدر: بوبليكو الإسبانية