تختلف تجربة الطلاب حول العالم في المرحلة التعليمية، وعلى إثرها تتولد لديهم عادات وأفكار وتوجهات مختلفة، بحيث لا تتشابه أفكار طلاب المدارس الدولية مع طلاب المدارس الحكومية، ويمكن قياس هذا السياق على حالات مختلفة، فلطالما اعتبرت الحياة الأكاديمية محورًا مهمًا للغاية في تشكيل الشخصية والمستقبل المهني للفرد، ولأهمية هذه المرحلة نعرض مجموعة من الأفلام الوثائقية التي تلخص جزءًا من واقع ومشاكل أنظمة التعليم.
ابنك ناشونال أم إنترناشونال؟
أُنتج هذا الفيلم عام 2014 من إخراج المصرية نهى الحناوي التي نجحت في تصوير ظاهرة التعليم الدولي في مصر، وأوضحت الفروقات الواسعة في أنظمة التعليم بين المدارس الحكومية والتجريبية – مدارس تجمع بين النظام الحكومي والخاص وتكون رسومها السنوية أقل من المدارس الدولية وأعلى من الحكومية – والدولية، حيث يصور الفيلم مشاهد مختلفة من أساليب التدريس التي تجري في كل نوع من هذه المدارس، كما تسلط الضوء على اختلاف مستوى اللغة وطريقة التدريس وظروف الفصول الدراسية.
يحاور الفيلم 3 أمهات من 3 طبقات اجتماعية مختلفة يسعين إلى إدماج أبنائهم في أفضل نظام تعليمي وفقًا لإمكاناتهم المادية ومتطلبات السوق، لضمان أفضل وسط اجتماعي ومهني لهم في المستقبل، إذ تعبر كل واحدة فيهن عن حجم المعاناة والشقاء الذي يواجهه الأهالي من أجل حماية عقول ومهارات أولادهم من أساليب التعليم التقليدية.
ومن جهة أخرى، يتطرق الفيلم إلى عرض مدى تأثير الثقافة الغربية على طلاب المدارس الدولية وهويتهم العربية المحافظة، وتركز على قوة ميل هؤلاء الطلاب إلى طراز الحياة الأوروبية وتفكيرهم الدائم في الانسحاب من أرض الوطن، للهجرة إلى المكان الذي تعلموا تاريخه وحملوا أفكاره ومبادئه، وعلى هذا يجيب طالب في المدرسة الكندية بالقاهرة بأنه لا يتذكر تاريخ العائلات الفرعونية لكنه بالتأكيد يمكنه الحديث عن تفاصيل الثورة الفرنسية، ليس فقط تأثرًا بهذه البلاد، بل بسبب الأساليب المبتكرة والمتقدمة التي يتبعها نظام التعليم الدولي مقارنة مع أنظمة المدارس المحلية أو الحكومية، حيث تعتمد الأولى على النقاش والنقد، والأخيرة لا تخرج عن حدود التحفيظ والتلقين.
مدارس الأئمة والخطباء
أخرج هذا الفيلم الفلسطيني طارق الخطيب، ويعتقد بأنه أول فيلم يعرض ظاهرة المدارس الدينية في تركيا التي لطالما حظيت بمساحتها على أجندة الحكومات المتتالية وأداة للصراع الأيديولوجي بين العلمانيين الذين أصروا على إغلاقها والمحافظين الذين حاولوا نشرها وتطويرها في جميع أنحاء المدن التركية.
يعرض هذا الفيلم حكاية ولادة هذا النوع من المدارس في البلاد، ويصور المنعطفات الرئيسية التي أثرت على وجودها وأسباب رفض العلمانيين لها على مر سنين حكمهم، كما يخبرنا الفيلم كيف استطاعت الأحزاب الإسلامية المحافظة على تقوية حضورها وتشجيع الطلاب الأتراك على التسجيل فيها والتعلم فيها، خاصة أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان واحد من أهم قادة الجمهورية الذين تخرجوا من ساحاتها.
وفي جانب مثير للاهتمام، يطرح الفيلم دور هذه المدارس في التأثير على ثقافة وأفكار المجتمع التركي، وأهميتها في خلق رابط بينهم وبين هويتهم الدينية، ما خلق نوع من التغييرات الاجتماعية على هذا الشعب الذي أُبعد سنوات طويلة عن تاريخه وجذوره الدينية دعمًا وتوافقًا مع المبادئ العلمانية.
وحاليًّا يعمل المخرج على إنتاج جزء ثان من الفيلم، وهو القسم الذي سيعرض فيه المناهج الدراسية في هذه المدارس وأساليب التدريس فيها، إضافة إلى حرص هذه المؤسسة على إنشاء وصناعة طلاب قادرين على قيادة حياتهم بشكل ذكي ومرن، كما يسعى الفيلم إلى توضيح تأثير هذا النوع من التعليم على السياسة التركية.
السباق إلى اللاشيء Race to Nowehere
يأخذنا هذا الفيلم للنظر عن كثب لجميع الضغوط النفسية والاجتماعية التي يتعرض لها الطلاب في المدارس، ويلخص هذه الأعباء بالجداول المثقلة بالواجبات والتوقعات العائلية للإنجازات الكبيرة لأولادهم، ما يدفع الطالب أحيانًا إلى اتباع طرق غير مقبولة مثل الغش أو التسرب من المدرسة أو التعرض لنوبات كبيرة من التوتر والاضطرابات النفسية التي قد تؤدي إلى الانتحار، من أجل إرضاء الأهل والمعايير الاجتماعية بصرف النظر عن حالة الإجهاد والتعب التي تلاحقه.
ومن جانب آخر، يحاور الفيلم مجموعة من المعلمين والموظفين في المؤسسات الأكاديمية الذين يعبرون عن قلقهم واستيائهم تجاه افتقار الطلاب الحاليين للمهارات اللازمة للنجاح في عالم الأعمال وغياب الدافع الداخلي والشغف والإبداع للبدء في هذه المرحلة المهنية من حياتهم.
يصف الفيلم هذه الحالات بالوباء الصامت في المدارس التي هي نتيجة للنظام التعليمي الصارم والتقليدي، وأخيرًا يدعو الفليم الأسر والعاملين في السلك الأكاديمي وصناع القرار إلى التخلص من فكرة النظام التعليمي القائم على مقاس واحد يناسب الجميع، دون مراعاة للظروف الاجتماعية والفروقات الفردية وغيرها من العوامل التي قد تؤثر على مرحلة التعليم لدى الطالب.
ينقل الفيلم رسائل مهمة بشأن الهوس بنتائج الاختبارات والتقييمات التي من دورها أن تعكس مدى ذكاء ونشاط الطالب، ولكنها في الحقيقة لا تزيد البيئة الأكاديمية سوى تعقيدًا وإرهاقًا.
الطريق إلى المدرسة On The Way to School
يعرض هذا الفيلم قصة عن الطفل الكيني جاكسون – 11 عامًا – الذي يسير مرتين يوميًا هو وشقيقته الصغرى نحو 10 أميال بين الحشائش المؤذية والحيوانات البرية محاولًا تجنب الفيلة الضخمة للوصول إلى المدرسة، وذلك أيضًا ما يحدث مع كارليتو الذي يسافر لأكثر من 11 ميلًا مع شقيقته ويمر عبر السهول والطرق المتعرجة حتى لا يتأخر عن دروسه، كما تعيش زهيرة البالغة من العمر 12 عامًا نفس المغامرة في جبال أطلس المغربية التي تسير على أراضيها ومساراتها الجبلية المتعرجة والوعرة حتى تتمكن من الذهاب إلى المدرسة، وهي نفس الحالة لدى صموئيل في الهند.
يصور هذا الفيلم رحلة هؤلاء الأطفال الـ4 من كينيا والمغرب والأرجنتين والهند عبر المسافات الطويلة والطرق الخطرة للذهاب إلى المدرسة، ويحاول الفيلم من خلال هذه القصص المختلفة أن يبين الصعوبات والتحديات التي يمر بها هؤلاء الأطفال وأسرهم من أجل الحصول على حقهم الأساسي في التعليم، وهو أمر يعتبر غاية في السهولة في البلدان الأخرى.
يهدف الفيلم إلى تذكير المشاهد بحسن حظه لإكماله تعليمه بظروف لا تقارن مع تلك التي عاشها هؤلاء الأطفال من مختلف دول العالم، ولرحلات وصلت إلى 4 ساعات دون ذكر المخاطر التي واجهتهم باستمرار.
نهضة الفتيات Girl Rising
صدر هذا الفيلم في يوم المرأة العالمي مسلطًا الضوء على قصص 9 فتيات يعشن في دول العالم الثالث مثل هايتي ونيبال ومصر والهند وإثيوبيا وبيرو وأفغانستان، ويسعون وسط ظروف وتحديات قاسية إلى التغلب على جميع المعيقات التي تقف في طريقهم نحو تحقيق طموحهم في التعلم.
كل فتاة لها قصة كتبها كاتب من بلدها وفي تفاصيل تعكس قصص نضالهم للتغلب على الحواجز الاجتماعية والثقافية وتتعدد أشكال العقبات التي تواجه هؤلاء الفتيات، فعلى سبيل المثال منهن من تواجه الزواج المبكر أو الرفض الثقافي لفكرة التعلم، وأخرى تقاوم العزلة الاجتماعية والمرافق السيئة التي تنبع جميعها من مشكلة الفقر وعدم قدرتهم على تحمل تكاليف المدرسة وحاجتهم للعمل لمساعدة أسرهم.
ترجم الفيلم إلى أكثر من 30 لغة، بهدف إيصال رسالته للحكومات والمجتمعات والجهات الحاكمة للسماح لـ30 مليون فتاة في العالم غير قادرة على متابعة رحلتها التعليمية بتوفير الظروف اللازمة لضمان ذهابها للمدرسة.