قالت صحيفة “يديعوت أوحرونوت” الإسرائيلية – أمس – إنه في إطار السعي المحموم لوزير الخارجية الأمريكي “جون كيري” لإنقاذ المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية، تتصاعد التوقعات عن صفقة يمكن عقدها بين القدس وواشنطن تتضمن تحرير الجاسوس الإسرائيلي المسجون بالسجون الأمريكية “جوناثان بولارد” مقابل الإفراج عن الدفعة الرابعة من السجناء الفلسطينيين.
الدفعة الرابعة يُطالب الفلسطينيون والأمريكيون أن تضم شخصيات ذات وزن كبير من قبيل “أحمد سعدات” و”مروان البرغوثي” و”فؤاد الشوبكي” ويتهم الفلسطينيون إسرائيل بالمماطلة والتهرب من استحقاق متفق عليه.
وقالت مصادر صحفية “إن محمود عباس وضع شروطًا للموافقة على تمديد المفاوضات، منها تجميد الاستيطان وتوسيع السيطرة على الأرض، والإفراج عن مئات من الأسرى”، وأضافت المصادر أن الجانب الفلسطيني رفض عرضين إسرائيليين بنقل عشرة من الأسرى القدامى لغزة أو بالموافقة على عودتهم لديارهم في الضفة مقابل التنازل عن أسرى الداخل.
وفي لقاء أول أمس بين كيري ونتنياهو، ناقش الاثنان إمكانية إبرام صفقة يلتزم الفلسطينيون بموجبها بتمديد المفاوضات حتى نهاية 2014 ويمتنعون من اللجوء إلى خطوات أحادية الجانب في الأمم المتحدة، وبالمقابل تقوم إسرائيل في المرحلة الأولى بالإفراج عن الدفعة الرابعة من 104 أسيًرا فلسطينيًا من بينهم “مروان البرغوثي” وبعدها إطلاق سراح نحو400 أسير فلسطيني تختارهم إسرائيل لم تصدر بحقهم أحكام مشددة.
ونقلت وكالة “معًا” أن الإسرائيليين بدأوا الاحتفال مبكرًا بنتائج زيارة كيري، وبعد خمس ساعات بين نتانياهو وكيري الليلة الماضية واجتماع الإفطار بين الاثنين، وصل الإسرائيليون إلى قناعة أن واشنطن ستطلق لهم سراح الجاسوس جوناثان بولارد وسيضمنون لهم استمرار المفاوضات حتى نهاية العام دون أي مقابل تقريبًا.
إسرائيل أبلغت كيري أنها مقابل هذه “الوجبة الدسمة” من الإغراءات الأمريكية ستوافق على إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى – وهي استحقاق قديم لا جديد فيه – ومقابل عدم طرح عطاءات جديدة للاستيطان في الضفة الغربية – لا يشمل القدس – ولا يعني تجميد بناء الاستيطان القائم.
وبالمقابل يسري الغضب وسط الوفد الفلسطيني الذي قابل كيري، حيث امتنعت إسرائيل عن تلبية اقتراح كيري بإطلاق سراح ألف أسير، ورفضت مطلب الرئيس أبو مازن بإطلاق سراح الأسرى المرضى والمؤبدات مثل مروان البرغوثي – محكوم 4 موبدات و40 عامًا، وأحمد سعدات – محكوم لمدة 30 عامًا -، وفؤاد الشوبكي – وهو مناضل كبير في العمر شغل منصب المدير المالي مع الرئيس عرفات – وغيرهم.
الإسرائيليون رغم رفضهم للطلبات الفلسطينية – حتى الآن – إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو معني جدًا بعدم تفجير المفاوضات وبالإفراج عن بولارد وهو ما يعني أن الإسرائيليين قد يرضخوا للشروط الأمريكية والفلسطينية.
وفي تصريح للقناة الإسرائيلية العاشرة، قال الدبلوماسي الإسرائيلي السابق “أورن مايكل”: إن بلاده ستحقق فوائد مهمة من الصفقة المقترحة رغم الثمن الباهظ وعدم إثمار المفاوضات، ولفت مايكل إلى أن تمديد المفاوضات يخدم مصلحة إسرائيل لأن البديل أسوأ وينذر باندلاع موجة عنف جديدة، قائلاً “إن توجه الفلسطينيين للأمم المتحدة سيدخل بلاده في عزلة خطيرة ويعرضها لعقوبات موجعة”.
وبينما ينفي البيت الأبيض الأنباء المتعلقة بإطلاق سراح بولارد، فقد كانت تصريحات الخارجية الأمريكية أقل حزمًا فيما يتعلق بهذا الشأن، حيث قالت الناطقة بلسان الخارجية الأمريكية “ماري هارب”: “إننا نناقش هذه الإمكانية، وسنرى ما بإمكاننا فعله”.
و”جوناثان بولارد” هو جاسوس إسرائيلي، وهو أيضًا محلل استخبارات مدني سابق في القوات البحرية الأمريكية، اُتهم بالتجسس على الولايات المتحدة واستغلال منصبه لتسريب معلومات لصالح إسرائيل وتم الإقرار بأنه مذنب وأدين لكونه جاسوسًا لحساب إسرائيل وحكم عليه بالسجن مدى الحياة في العام 1986.
الضغط الفلسطيني والقبول الأمريكي بإطلاق سراح “مروان البرغوثي” يبدو غريبًا بعض الشيء، فالبرغوثي كان مرشحًا لخلافة ياسر عرفات في رئاسة منظمة التحرير الفلسطينية وحال اعتقاله دون ذلك، كما أن حماس سعت بالفعل إلى إطلاقه عبر صفقة الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط إلا أن الرفض الإسرائيلي كان قاطعًا.
ربما يبدو مفهومًا الضغط الفلسطيني، حيث إن خروج مروان البرغوثي سيمثل دفعة لمحمود عباس على المستوى الوطني الفلسطيني، كما أنه ربما يسرع من وتيرة المصالحة مع حركة حماس، أما على النطاق الداخلي في حركة فتح مقابل محمد دحلان الذي يُتهم بالعمالة لصالح الاحتلال الإسرائيلي.