ترجمة وتحرير: نون بوست
كتب: مايكل لافورجيا وغابرييل دانس
يوم الثلاثاء الماضي، أقرت شركة فيسبوك بإبرام شراكات لتبادل البيانات مع أربع شركات إلكترونية صينية على الأقل، بما في ذلك شركة عملاقة صناعية تجمعها علاقة وثيقة بالحكومة الصينية. وقد أتاحت هذه الاتفاقيات، التي يعود تاريخها إلى سنة 2010، للشركات الوصول بشكل خاص إلى بعض بيانات المستخدمين منها شركة هواوي، التي تمثل تهديدا للأمن القومي بالنسبة مسؤولي الاستخبارات الأمريكية، والأمر سيان بالنسبة لشركة لينوفو، وتي سي إل.
ظلت الشراكات الأربع سارية المفعول منذ سنوات، ولكن بحلول نهاية الأسبوع أعرب مسؤولو فيسبوك خلال إحدى المقابلات عن أن الشركة ستنهي صفقة هواوي. وقد منحت شركة فيسبوك حق الوصول إلى بياناتها إلى العديد من الشركات الصينية المصنعة للأجهزة، إلى جانب جهات تصنيع أخرى على غرار أمازون، وآبل، وبلاك بيري، وسامسونغ، وذلك حسب ما تبينه صحيفة “نيويورك تايمز” التي كشفت عن الاتفاقيات التي تبرمها شركة فيسبوك يوم الأحد.
كانت هذه الصفقات جزءًا من الجهود المبذولة لجذب المزيد من مستخدمي الأجهزة المحمولة إلى الشبكة الاجتماعية، اعتبارًا من سنة 2007، قبل أن تعمل تطبيقات فيسبوك المستقلة بشكل جيد على الهواتف. وقد سمحت الاتفاقيات لصانعي الأجهزة بعرض بعض ميزات فيسبوك، على غرار دفاتر العناوين، وأزرار “الإعجاب” وتحديثات الحالة.
في هذا السياق، أفاد مسؤولون في شركة فيسبوك بأن الاتفاقيات مع الشركات الصينية سمحت لهم بالوصول إلى البيانات تماما مثلما كان متاحا لشركة “بلاك بيري”، التي يمكنها أن تحصل على معلومات مفصلة عن مستخدمي الجهاز وجميع أصدقائهم، بما في ذلك ميولهم الدينية والسياسية، وتاريخهم المهني والدراسي، وحالتهم الاجتماعية.
أشار السيناتور مارك وارنر، إلى أن المخاوف بشأن شركة “هواوي” ليست جديدة، مستشهدًا بتقرير الكونغرس لسنة 2012 عن “العلاقات الوطيدة التي تربط بين الحزب الشيوعي الصيني وصانعي معدات الاتصالات مثل شركة هواوي”
وفقا للمسؤولين، استخدمت شركة “هواوي” حق الوصول الذي تملكه لتوفير معلومات لتصميم تطبيق “هاتف اجتماعي” يتيح للمستخدمين متابعة الرسائل وحساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي في مكان واحد. وحيال هذا الشأن، قال ممثلو فيسبوك إن البيانات المشتركة مع شركة “هواوي” تظل مخزنة على الهواتف التي تصنّعها الشركة، وليس على خوادمها.
نتيجة لذلك، طالب السيناتور الجمهوري عن ولاية داكوتا الجنوبية، جون ثون، الذي يترأس لجنة التجارة في مجلس الشيوخ، موقع “فيسبوك” بتقديم المزيد من المعلومات للكونغرس حول هذه الاتفاقيات. وحيال هذا الشأن، أفاد شون بأن ” فيسبوك يتعلم الدروس الصعبة حول الشفافية الحقيقية التي تعني الوفاء للكثير من المعايير العالية”. وتجدر الإشارة إلى أن ثون يشرف على لجنة التجارة الفيدرالية، التي تحقق مع “فيسبوك” لتحديد ما إذا كانت سياسات البيانات الخاصة بالشركة تنتهك مرسوم الموافقة لسنة 2011 الذي وضعته اللجنة.
في سياق متصل، أشار السيناتور مارك وارنر، إلى أن المخاوف بشأن شركة “هواوي” ليست جديدة، مستشهدًا بتقرير الكونغرس لسنة 2012 عن “العلاقات الوطيدة التي تربط بين الحزب الشيوعي الصيني وصانعي معدات الاتصالات مثل شركة هواوي”. وأضاف وارنر، أكبر الأعضاء الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ “أتطلع إلى معرفة المزيد عن الطريقة التي يضمن بها فيسبوك عدم إرسال بيانات المستخدمين إلى الخوادم الصينية”.
في المقابل، أكد نائب رئيس فيسبوك، فرانسيسكو فاريلا، أنه “يتم التحكم في جميع عمليات التكامل بين فيسبوك، وهواوي، ولينوفو، وأوبو، وتي سي إل منذ البداية وقد وافق فيسبوك على كل الشروط”. وأوضح المصدر ذاته “نظرًا لاهتمام الكونغرس بهذا الموضوع، أردنا توضيح أن جميع البيانات التي تتطلبها عمليات الدمج مع شركة هواوي، خُزنت على الجهاز، وليس على خوادم هواوي”.
تعد شركة “هواوي” إحدى أكبر شركات تصنيع الهواتف الذكية في العالم، ومصدر فخر للصناعة الوطنية الصينية، وهي في طليعة جهود البلاد لتوسيع نفوذها في الخارج
بعد حظر موقع فيسبوك في الصين منذ سنة 2009، سعت شركة “فيسبوك” خلال السنوات الأخيرة، إلى إعادة تركيز نفسها هناك، حيث حاول المدير التنفيذي للشركة، مارك زوكربيرغ، تحسين علاقته مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، وحضور إحدى الفعاليات التي نظمتها إحدى كبرى الجامعات في البلاد.
خلال السنة الماضية، أطلق موقع “فيسبوك” تطبيقًا لتبادل الصور في الصين، كان نسخة شبيهة من تطبيق “مومنتس” الخاص به، لكنه لم يضع اسمه عليه. وقد وافقت الشركة على استخدام أداة تساعد الحكومة على مراقبة التطبيق، مما دفع بعض الموظفين إلى الاستقالة من المشروع.
ظل فيسبوك يكافح لكسب الزخم في الصين. وخلال شهر كانون الثاني/ يناير، غادر مسؤول تنفيذي الحكومة الصينية بعد قضاء ثلاث سنوات في تنظيم حملة تهدف إلى السماح باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي مرة أخرى في البلاد. وتجدر الإشارة إلى أن شركات تصنيع أجهزة الاتصالات الصينية، التي تجمعها شراكات مع فيسبوك، لم تستجب لطلبات التعليق حول هذا الموضوع يوم الثلاثاء.
في الواقع، تعد شركة “هواوي” إحدى أكبر شركات تصنيع الهواتف الذكية في العالم، ومصدر فخر للصناعة الوطنية الصينية، وهي في طليعة جهود البلاد لتوسيع نفوذها في الخارج. وقد كانت الشركة تتلقى مليارات الدولارات في شكل قروض من بنوك مملوكة للحكومة الصينية، مما ساعد على تعزيز توسعها في الخارج في أفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية. فضلا عن ذلك، كان مؤسس الشركة رين جينج في، مهندسا سابقا في جيش التحرير الشعبي الصيني.
لطالما نظرت حكومة الولايات المتحدة إلى شركة هواوي بعين الريبة. لذلك، نصح أعضاء الكونغرس، شركات الطيران الأمريكية بتجنب شراء الأجهزة الإلكترونية التي تصنعها. وخلال شهر كانون الثاني/ يناير الماضي، تراجعت شركة “إيه تي أند تي” الأمريكية للاتصالات عن صفقة لبيع هاتف ذكي جديد من إنتاج “هواوي”، وهو هاتف “ميت 10”.
صرّح مسؤولون من شبكة “فيسبوك” إن الشركة لم تدخل في اتفاق لتبادل البيانات مع شركة “زد تي إي” الصينية. ومن جهتها، اتهمت شركة الإلكترونيات “تي سي إل”، إدارة ترامب بالتحيز ضد الشركات الصينية
في الوقت الحالي، يحقق مسؤولو الولايات المتحدة فيما إذا كانت شركة “هواوي” قد خرقت ضوابط التجارة الأمريكية من خلال التعامل مع كوبا وإيران، والسودان، وسوريا. وقد استهدفت إدارة ترامب شركة “هواوي” وشركة “زد تي إي” المنافسة لها، في الأسابيع الأخيرة. وخلال شهر نيسان/ إبريل الماضي، قدمت “لجنة الاتصالات الفيدرالية” خطة لحظر شركات الاتصالات المدعومة من قبل الحكومة الفيدرالية من التعاون مع الموردين الذين يشكلون تهديدا على الأمن القومي.
في هذا الإطار، صرّح مسؤولون من شبكة “فيسبوك” إن الشركة لم تدخل في اتفاق لتبادل البيانات مع شركة “زد تي إي” الصينية. ومن جهتها، اتهمت شركة الإلكترونيات “تي سي إل”، إدارة ترامب بالتحيز ضد الشركات الصينية.
خلال شهر حزيران/ يونيو الماضي، تراجعت الشركة عن عرض لشراء شركة اتصالات تقع في ولاية سان دييغو، متخصصة في تصنيع الأجهزة الإلكترونية من بينها أجهزة التوجيه. كما قامت شركة “لينوفو”، بالتخلي عن طموحاتها للاستيلاء على شركة “بلاك بيري” بعد أن أشارت الحكومة الكندية إلى أن مثل هذه الصفقة يمكن أن تضر بالأمن القومي.
المصدر: نيويورك تايمز