صحيفة “لوفيف” البلجيكية: إلى متى ستفلت “إسرائيل” من العقاب؟

6445539

ترجمة وتحرير: نون بوست

بعض التفاصيل الدقيقة

إليكم بعض الأرقام التي نشرها مكتب الشؤون الإنسانية في منظمة الأمم المتحدة، من تاريخ 30 آذار/مارس وحتى 31 أيار/مايو 2018، شهد قطاع غزة أثناء تظاهرات مسيرة العودة الكبرى وقوع 128 قتيل، و13375 جريح.

في أغلب حالات القتل التي قامت منظمة العفو الدولية بتحليلها، تبين أن الضحايا تم استهدافهم بالرصاص في النصف الأعلى من الجسد، وخاصة الرأس والصدر، وبعضهم أطلقت عليه النار من الخلف.

هذا مثال جديد على الاستخدام المفرط للقوة من قبل الجيش الإسرائيلي، واستعمال الرصاص الحي بشكل غير مقبول تماما. وهذا يمثل انتهاكا للمعايير الدولية، وفي عديد الحالات، يبدو أننا أمام عمليات قتل متعمدة، تمثل جرائم حرب. وإذا كان بعض المتظاهرين قد تمكنوا من إتيان أفعال عنيفة، فهذا لا يبرر بأي حال من الأحوال استخدام الرصاص الحي.

وينص القانون الدولي، على أن الأسلحة النارية لا يجب أن تستخدم إلا في حالة الدفاع على حياة الناس ضد خطر داهم قد يؤدي إلى الموت أو إلى إصابة خطيرة. وقد أعلن الجيش الإسرائيلي أنه سيجري تحقيقا حول سلوك جنوده أثناء مظاهرات غزة، إلا أن التحقيقات الإٍسرائيلية دائما ما تعمد إلى مراوغة القوانين الدولية ولا تفضي أبدا إلى أي تتبعات عدلية ضد مرتكبي الجرائم. وكنتيجة لذلك، فإن الجرائم الخطيرة التي ترتكب ضد الفلسطينيين دائما ما تبقى دون محاسبة.

يتعمد النظام العسكري الإسرائيلي تدمير كل أوجه الحياة اليومية في الأراضي الفلسطينية المحتلة

ومن الواجب على “إسرائيل”، باعتبارها قوة محتلة، أن تحترم حقوق الفلسطينيين في التظاهر السلمي والتعبير عن رأيهم بكل حرية.

هل “إسرائيل” قوة محتلة؟ سنرى كيف.

منذ حوالي نصف قرن، يمارس الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية (ومن ضمنها القدس الشرقية) وقطاع غزة، انتهاكات حقوقية ممنهجة للفلسطينيين الذين يعيشون في هذه المناطق. ومنذ بداية الاحتلال في حزيران/يونيو 1967، لم تنقطع سياسة مصادرة الأراضي، والاستيطان غير القانوني، والاستحواذ على أملاك الغير، الذي تقوم به “إسرائيل” إلى جانب التمييز في كل مجالات الحياة، وهو ما سبب للفلسطينيين معاناة كبرى وحرمهم من أبسط حقوقهم الأساسية.

ويتعمد النظام العسكري الإسرائيلي تدمير كل أوجه الحياة اليومية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. إذ أنه بالنسبة للفلسطينيين، فإن النظام العسكري هو دائما من يقرر ما إذا كان مسموحا لهم، ومتى وكيف، التنقل من أجل الذهاب للعمل أو المدرسة أو السفر للخارج أو زيارة الأقارب، كسب لقمة العيش أو المشاركة في تظاهرة، الدخول إلى أراضيهم الفلاحية أو حتى الحصول على خدمات الكهرباء أو مصدر للمياه الصالحة للشرب.

وهذا يجعل الفلسطينيين يتعرضون للإهانة والتخويف والقمع بشكل يومي. وفي الواقع يمكن اعتبار أن “إسرائيل” تأخذ حياة هؤلاء الناس رهينة لديها. كما أن “إسرائيل” تفرض أيضا مجموعة من القوانين العسكرية المعقدة، التي تهدف لخنق أي انتقادات لسياساتها، وقد سبق أن أقدم مسؤولون كبار في هذه الدولة على توجيه الاتهام بالخيانة لكل مواطن إٍسرائيلي يشارك في حملات الدفاع عن حقوق الإنسان الفلسطيني.

كما قامت “إسرائيل” أيضا بسرقة الموارد الطبيعية المقدرة للفلسطينيين، مثل الماء والأراضي الفلاحية، وذلك بهدف استخدامها في مستوطناتها.

وتمثل سياسة بناء وتوسيع المستوطنات غير الشرعية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، واحدة من أخطر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تمارسها دولة الاحتلال. وخلال 50 عاما الماضية، قامت “إسرائيل” بتدمير ممتلكات عشرات الآلاف من الفلسطينيين، وهجرت جزء كبير منهم من أجل بناء مساكن وبنية تحتية لزرع سكانها هي على الأراضي المحتلة.

كما قامت “إسرائيل” أيضا بسرقة الموارد الطبيعية المقدرة للفلسطينيين، مثل الماء والأراضي الفلاحية، وذلك بهدف استخدامها في مستوطناتها. ووجود هذه المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة هو في حد ذاته يمثل سخرية من القانون الإنساني الدولي، ويعد جريمة حرب.

وإلى جانب البناء غير القانوني للمساكن والبنية التحتية للمستوطنات على الأراضي الفلسطينية، قامت شركات دولية وإسرائيلية في هذه المستوطنات بإنشاء اقتصاد مزدهر يضمن لها الوجود والتطور. وهذا البرنامج الاستيطاني يقوم على الاستحواذ غير القانوني على موارد الفلسطينيين (بشكل خاص الأراضي والماء والمعادن) لإنتاج بضائع يتم تصديرها وبيعها لحساب شركات خاصة.

50 سنة من الإيقافات العشوائية والاعتقالات والمحاكمات غير العادلة

منذ 1967، قامت السلطات الإسرائيلية بإيقاف مئات الآلاف من الفلسطينيين، من بينهم أطفال ونساء، وذلك باسم الأوامر العسكرية، التي غالبا ما تصنف عددا كبيرا من أنواع الأنشطة السلمية على أنها جرائم.

تقوم السياسة الإسرائيلية على زرع مدنييها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتدمير المجاني لممتلكات الفلسطينيين، وتهجيرهم بالقوة تحت وطأة الاحتلال

كما مارست السلطات الإسرائيلية الاعتقالات العشوائية ضد عشرات الآلاف من الفلسطينيين، من بينهم سجناء رأي، تم وضعهم رهن الإيقاف الإداري إلى أجل غير مسمى، دون أن تتم محاكمتهم أو البت في قضاياهم.

كما أنشأت “إسرائيل” أيضا محاكم عسكرية موجهة لمحاكمة الفلسطينيين، لا تحترم الضمانات الأساسية فيما يتعلق بأركان المحاكمة عادلة. وفي المقابل، فإن المستوطنين الإسرائيليين في الأراضي الفلسطينية المحتلة تتم ملاحقتهم قضائيا داخل محاكم مدنية في “إسرائيل”، ويتمتعون بأعلى درجات الحماية باسم القانون المدني الإسرائيلي.

وتقوم السياسة الإسرائيلية على زرع مدنييها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتدمير المجاني لممتلكات الفلسطينيين، وتهجيرهم بالقوة تحت وطأة الاحتلال، وهو ما يمثل انتهاكا لاتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، وهذه الإجراءات تشكل جرائم حرب منصوص عليها في تشريعات المحكمة الجنائية الدولية.

قطاع غزة

رغم أن “إسرائيل” قامت بسحب جنودها من قطاع غزة منذ سنة 2005، فإنها تواصل منذ حزيران/يونيو 2007 فرض حصار جوي وبحري وبري على سكان القطاع، وتحد من حرية الدخول إليه، وتقيم منطقة عازلة حوله.

إلى جانب التضييقات التي تفرضها السلطات المصرية، يحرم هذا الحصار أكثر من مليوني ساكن من أي فرصة للخروج إلى العالم. ومنذ فرض هذا الحصار، شهدت نسبة البطالة ارتفاعا كبيرا، وتعيش أعداد كبيرة من العائلات في الفقر الشديد. واليوم يعتمد أكثر من 80 بالمائة من سكان القطاع على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة.

 لقد ولى زمن البيانات الرمزية والتنديدات، والآن يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك بشكل ملموس

وقد أصبح الوضعي داخل قطاع غزة لا تطاق، لدرجة أن منظمة الأمم المتحدة حذرت في سنة 2015 من أن هذه المنطقة ستصبح غير صالحة للسكن مع حلول سنة 2020. يكفي ما حدث لحد الآن، يكفي من الضحايا، يكفي من انتهاكات حقوق الإنسان، يجب وضع حد لثقافة الإفلات من المحاسبة، لقد ولى زمن البيانات الرمزية والتنديدات، والآن يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك بشكل ملموس.

فلنذكر ببعض الحقوق الأساسية:

-الحق في الحياة.

-الحق في حرية الحركة ومستوى معيشي لائق.

-الحق في الملاحقة القضائية ضد كل جرائم الحرب التي ارتكبها الطرفان.

لقد حان الوقت لوضع حقوق الإنسان في قلب اهتمامات المجتمع الدولي.

إذ أن المبادئ التي تنص على حماية المدنيين في الصراعات يتم تجاهلها، وغالبا ما تنتهك بشكل متعمد. ومن غير المقبول السماح لمرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بالتمتع بالإفلات من المحاسبة.

جاء في ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن “تناسي حقوق الإنسان وازدراءها قد أفضيا إلى أعمال همجية آذت الضمير الإنساني”. لقد حان الوقت لوضع حقوق الإنسان في قلب اهتمامات المجتمع الدولي.

المصدر: صحيفة لوفيف البلجيكية