ترجمة وتحرير: نون بوست
منذ الشهر الأول من الحرب الإسرائيلية على غزة، كان سجن “سديه تيمان” – وهو سجن عسكري إسرائيلي سري في صحراء النقب – يدق ناقوس الخطر بالنسبة للمحامية الإسرائيلية المدافعة عن حقوق الإنسان روني بيلي وغيرها من الحقوقيين.
بدأت بيلي وزملاؤها سماع تقارير من المبلغين عن سوء أوضاع الفلسطينيين المسجونين داخل سجن سدي تيمان، وسمعوا بشأن حالات العنف التي ارتكبها الجنود ضد الفلسطينيين المحتجزين، وفي إحدى الحالات، توفي فلسطيني هناك. ومنذ ذلك الحين، تصاعدت التقارير الإعلامية حول السجن، ونقلت عن فلسطينيين محتجزين سابقين ومبلغين إسرائيليين تحدثوا بمزيد من التفصيل عن الظروف المروعة داخل السجن.
وكشف تحقيق أجرته شبكة “سي إن إن” في أيار/مايو أن المعتقلين الفلسطينيين كانوا مقيدين ومعصوبي الأعين، وأُجبروا على الجلوس وأحيانًا الوقوف طوال الليل تحت الأضواء الكاشفة. وكان الجرحى الفلسطينيون يُربطون على الأسرّة ويُجبرون على ارتداء الحفاضات ويأكلون الطعام من خلال ماصات. وكان الجنود يضربون المعتقلين بدافع الانتقام لهجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر. وكانت أطراف السجناء تُبتر بسبب جروح لم تعالج من الأصفاد وكانت هذه العمليات تتم دون تخدير.
وفي وقت لاحق من شهر أيار/مايو، كشف تحقيق نشره موقع ذي إنترسبت عن اختفاء مئات الأطباء الفلسطينيين في المعتقلات الإسرائيلية، وتضمن التحقيق شهادة أحد الجراحين الذين تعرضوا للضرب وسوء المعاملة في سدي تيمان. وبعد ذلك بشهر، كشف تقرير منفصل نشرته صحيفة هآرتس أن الجيش الإسرائيلي يحقق في وفاة 48 فلسطينيًا من غزة كانوا محتجزين لدى “إسرائيل”، من بينهم 36 فلسطينيًا كانوا محتجزين في سجن سدي تيمان. وبدأت وسائل الإعلام الإسرائيلية تشير إلى السجن على أنه “خليج غوانتانامو الإسرائيلي”.
وعلى إثر تقرير “سي إن إن”، قدّمت بيلي، التي تمثل جمعية الحقوق المدنية في “إسرائيل”، التماسًا إلى المحكمة العليا الإسرائيلية نيابة عن خمس منظمات حقوقية لإصدار أمر حكومي بإغلاق سجن سديه تيمان. وقالت بيلي لموقع ذي إنترسبت: “كان الأمر متطرفًا للغاية. لم نستطع تجاهله”.
بينما تحركت الجماعات الحقوقية داخل “إسرائيل” بقوة لحماية حقوق الفلسطينيين المحتجزين في كل من معسكرات الجيش الإسرائيلي، وكذلك السجون داخل نظام السجون الحكومية الرسمية، لم تظهر الولايات المتحدة الأمريكية اهتمامًا كبيرًا بهذه القضية.
لم تعلّق وزارة الخارجية الأمريكية على قضية سجن سدي تيمان إلا عندما ضغط عليها الصحفيون بعد نشر تقرير سي إن إن. وفي شهر أيار/مايو، قال فيدانت باتيل، نائب المتحدث باسم الوزارة، “نحن نبحث في هذه الادعاءات وغيرها من الادعاءات المتعلقة بالانتهاكات ضد الفلسطينيين في المعتقلات”.
وأضاف أن الولايات المتحدة كانت “واضحة ومتسقة مع أي دولة، بما في ذلك إسرائيل، بأن عليها أن تعامل جميع المعتقلين بإنسانية وكرامة وفقًا للقانون الدولي، ويجب أن تحترم حقوق الإنسان مع في تعاملها مع المعتقلين”. ثم ادعى بعد ذلك أن الولايات المتحدة طلبت من الحكومة الإسرائيلية التحقيق في هذه الادعاءات بنفسها.
وبعد تقرير صحيفة هآرتس عن عشرات الوفيات، لم يصدر أي تعليق جديد. وفي وقت لاحق من الأسبوع نفسه في حزيران/يونيو، نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تحقيقًا حول الأوضاع في سجن “سدي تيمان” تضمن شهادات سجناء سابقين بأن سجانيهم الإسرائيليين قاموا بتعذيبهم بالاغتصاب الشرجي بواسطة قضيب معدني من بين انتهاكات أخرى.
وقد دُفنت هذه النتائج المتفجرة في القسم الأخير من التقرير الذي يتألف من حوالي 4000 كلمة، بعد مقدمة لم تذكر سوى “الضرب والانتهاكات الأخرى”، وعنوان رئيسي وصف سدي تيمان بأنه “القاعدة التي احتجزت فيها إسرائيل آلاف الغزاويين”. ومرة أخرى، لم يكن لدى الحكومة الأمريكية أي تعليق.
لم يعلق المسؤولون الأمريكيون مرة أخرى على قضية سدي تيمان إلا بعد بث مقطع فيديو مسرب من كاميرا المراقبة في سديه تيمان يوم الثلاثاء على القناة 12 الإسرائيلية يظهر جنودًا إسرائيليين يزعم أنهم اغتصبوا رجلًا فلسطينيًا مسجونًا هناك، وما تلاه من ضغوط من الصحفيين. وردت وزارة الخارجية الأمريكية بدعوة الجيش الإسرائيلي إلى فتح تحقيق بنفسه.
ألقي القبض على عشرة جنود إسرائيليين يواجهون تهمًا بالاغتصاب الجماعي المزعوم. واعتُقل جندي آخر في اليوم التالي للاشتباه في قيامه بضرب فلسطينيين محتجزين كانوا معصوبي الأعين ومقيدي الأيدي، ويُزعم أن الجندي قام بتصوير نفسه أثناء القيام بذلك.
وأظهر تقرير جديد صادر عن منظمة بتسيلم الإسرائيلية لحقوق الإنسان أن سجن سديه تيمان لم يكن السجن الإسرائيلي الوحيد الذي تعرض فيه الفلسطينيون للتعذيب، وذلك بناءً على سنوات من التقارير التي تتحدث عن تعرض الفلسطينيين لسوء المعاملة في السجون الإسرائيلية.
تقرير بتسيلم الذي صدر هذا الأسبوع، قبل يوم واحد من بثّ تسريب الفيديو من قبل القناة 12 قال إن غالبية الفلسطينيين المسجونين تعرضوا للتنكيل والتعذيب داخل المعتقلات الإسرائيلية. ويدعو التقرير المحكمة الجنائية الدولية إلى “التحقيق وتعزيز الإجراءات الجنائية ضد الأفراد المشتبه في تخطيطهم وتوجيههم وارتكابهم لهذه الجرائم”. وجادل التقرير بأنه لا يمكن توقع “أن تقوم هيئات التحقيق الإسرائيلية” بمحاسبة حكومتها على الانتهاكات المحتملة بما أن “جميع أنظمة الدولة، بما في ذلك القضاء، قد تم حشدها لدعم معسكرات التعذيب هذه”.
قبل يوم واحد من نشر الفيديو الذي سربته القناة 12، أصدرت منظمة بتسليم تقريرًا قالت فيه إن غالبية الفلسطينيين المسجونين واجهوا سوء المعاملة والتعذيب داخل المعتقلات الإسرائيلية. ودعا التقرير المحكمة الجنائية الدولية إلى “التحقيق وتعزيز الإجراءات الجنائية ضد الأفراد المشتبه في تخطيطهم وتوجيههم وارتكابهم لهذه الجرائم”.
وزعم التقرير أنه “لا يمكن أن نتوقع من هيئات التحقيق الإسرائيلية” أن تحاسب حكومتها على الانتهاكات المحتملة لأن “جميع أنظمة الدولة، بما في ذلك القضاء، تم تجنيدها لدعم معسكرات التعذيب هذه”.
وعندما سُئل المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية في مؤتمر صحفي يوم الأربعاء عما إذا كانت الولايات المتحدة ستدعو إلى إجراء تحقيق مستقل، في إشارة إلى التقرير، رفض المتحدث باسم وزارة الخارجية مات ميلر التطرق إلى هذا الاحتمال قائلًا: “يجب أن أنظر إلى ماهية التحقيق المستقل المحدد الذي يدعو إليه الناس وأطلق حكمًا على الأسس الموضوعية”، مؤكدًا أن الجيش الإسرائيلي يحتاج إلى التحقيق بنفسه.
لم يرد الجيش الإسرائيلي ووزارة الخارجية الأمريكية على طلبات التعليق حتى وقت نشر هذا التقرير.
والأدلة على الانتهاكات في سجن سدي تيمان وغيره من السجون ليست سوى أحدث ما تم الكشف عنه من انتهاكات الجيش الإسرائيلي، التي تشمل اتهامات موجهة ضد قادته من قبل المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب. ورغم هذه الأدلة، واصلت الولايات المتحدة تمويل حرب إسرائيل على غزة بإرسال أكثر من 15 مليار دولار منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر.
قال إيتاي ماك، وهو محامٍ إسرائيلي آخر في مجال حقوق الإنسان، مثّل فلسطينيين محتجزين لدى الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، إنه على الولايات المتحدة أن تبذل المزيد من الجهد لمنع انتهاكات حقوق الإنسان مثل تلك التي شوهدت في سدي تيمان. وأشار إلى قدرة المحكمة على إصدار عقوبات، والتي يمكن أن تستهدف وحدات عسكرية فردية محددة.
وينتمي الجنود الإسرائيليون العشرة الذين تم اعتقالهم في قضية الاغتصاب الجماعي المزعوم في سدي تيمان إلى وحدة القوة 100 التابعة للجيش الإسرائيلي. وسبق للولايات المتحدة أن فرضت عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين الذين يرتكبون أعمال عنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية. وأشار ماك أيضًا إلى قانون ليهي، وهو قانون صدر سنة 1997 يحظر تقديم المساعدة الأمريكية إلى “أي وحدة من قوات الأمن التابعة لدولة أجنبية إذا كان لدى وزير الخارجية معلومات موثوقة تفيد بأن هذه الوحدة ارتكبت انتهاكًا جسيمًا لحقوق الإنسان”.
أبدت إدارة الرئيس جو بايدن مقاومةً لمثل هذا التقييد للمساعدات العسكرية، حتى في الحالات التي اعترفت فيها بتزويد إسرائيل بالأسلحة لارتكاب انتهاكات محتملة للقانون الدولي. وقال ماك: “يجب على الولايات المتحدة أن تطبق قواعدها الخاصة بالمساعدات العسكرية، ويجب أن تضغط على إسرائيل من خلالها”.
وأضاف: “لا أعتقد أن الحكومات في العالم تتصرف بدافع الأخلاق. لكن على الحكومة الأمريكية أن تتبع القانون، قانون ليهي، حتى لو كان ذلك لمجرد القيام بالإجراءات”. وأقر ماك بأن معاقبة الوحدات الفردية الناشطة في انتهاكات “سدي تيمان” لن تعالج الانتهاكات التي تحدث على مستوى النظام في السجون الإسرائيلية.
إن السجون العسكرية، مثل سجن “سدي تيمان”، هي منشآت احتجاز شُيدت داخل القواعد العسكرية الإسرائيلية حيث يتم احتجاز المعتقلين فيها غالباً للاستجواب. وهي موجودة بشكل منفصل عن مرافق مصلحة السجون الإسرائيلية التي يديرها حراس ومسؤولون مدنيون.
وحراس السجون في كليهما معروفون بإساءة معاملة الفلسطينيين المسجونين قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر بوقت طويل، كما أن السجناء الفلسطينيين الذين يتم نقلهم من الأراضي الفلسطينية المحتلة يخضعون للمحاكم العسكرية وليس المدنية، وهي حقيقة ساهمت في النتائج التي توصلت إليها منظمات مثل محكمة العدل الدولية بأن النظام القانوني الإسرائيلي هو شكل من أشكال الفصل العنصري.
قال ماك إنه مثّل رجلًا فلسطينيًا من الضفة الغربية المحتلة تعرض لسوء المعاملة أثناء وجوده في سجن مصلحة السجون الإسرائيلية: حيث أمسكه حارس إسرائيلي من رقبته وحمله وألقى به على أرضية زنزانته، مما أدى إلى كسر عظمة حول عينه.
ومع ذلك، كانت الظروف في مرافق مصلحة السجون الإسرائيلية تاريخيًا، مثل الأسرّة الملائمة والطعام والقدرة على الحركة، أفضل مقارنةً بنظيراتها العسكرية. ولكن منذ بدء الحرب على غزة، لاحظ ماك وبيلي أن سجون مصلحة السجون الإسرائيلية عزلت الفلسطينيين عن العالم الخارجي. فقد تم منع المعتقلين من التواصل مع عائلاتهم أو محاميهم، ووُضعت سجون مصلحة السجون الإسرائيلية في حالة إغلاق، مما أدى إلى تقييد الحركة داخل المنشآت.
قدمت بيلي إلى جانب جمعيتها “جمعية حقوق المواطن” التماسًا منفصلًا إلى المحكمة العليا سعيا للسماح للصليب الأحمر بدخول السجون والمعسكرات العسكرية لتقديم العلاج الطبي للأسرى، وهو أمر مكفول بموجب القانون الإسرائيلي والدولي. وقد مُنع الصليب الأحمر من دخول جميع السجون منذ بداية الحرب، واستشهد الالتماس بوفاة اثنين على الأقل من المعتقلين في معسكرات الجيش وستة آخرين في سجون مصلحة السجون الإسرائيلية حيث ظهرت على جثتي اثنين منهم “آثار عنف شديد”. ولم تحكم المحكمة في القضية حتى الآن مع استمرار الحكومة في طلب تمديد القضية.
في نيسان/أبريل، قدمت منظمة بيلي التماسًا آخر تطالب فيه مصلحة السجون الإسرائيلية بإنهاء “سياسة التجويع تجاه الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين”، والتي قالت إنها شكل من أشكال التعذيب وتنتهك القانون الدولي. وجاء في الالتماس أن هذه السياسة جعلت الأسرى يعانون من الجوع الشديد والمستمر منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ومن سوء نوعية الطعام. وتضمن الالتماس شهادات من سجناء فلسطينيين سابقين فقدوا عشرات الأرطال من أوزانهم، وسجين مصاب بالسكري أُجبر على تناول معجون الأسنان لرفع نسبة السكر في دمه.
ومنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، تضاعف عدد الفلسطينيين المسجونين تقريبًا، من 5192 سجينًا قبل الحرب إلى 9623 سجينًا حتى أوائل تموز/يوليو، مما أدى إلى تفاقم مشكلة الاكتظاظ التي كانت موجودة من قبل، وذلك وفقًا لمنظمة حقوق الإنسان “هموكيد” التي تتابع عدد السجناء الفلسطينيين في إسرائيل، التي كانت أيضًا من بين الجماعات التي قدمت التماسًا لإغلاق سجن “سدي تيمان”. يوجد أكثر من 4000 فلسطيني رهن الاعتقال الإداري؛ حيث يتم احتجاز الأفراد دون توجيه تهم، ويتم الإفراج عن العديد منهم بعد أسابيع من الاعتقال.
استشهد تقرير بتسيلم بالالتماسات التي قدمتها بيلي ومنظمتها، واصفًا السجون بأنها “ثقب أسود نموذجي” حيث “لا يتمتع الفلسطينيون بأي حقوق أو حماية”. وجاء في التقرير أن معظم المسجونين هم من الرجال والفتيان، رغم وجود نساء وأطفال بين المسجونين منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر. وجاء في التقرير أن البعض “تم اعتقالهم لمجرد تعبيرهم عن تعاطفهم مع معاناة الفلسطينيين، واعتُقل آخرون أثناء العمليات العسكرية في قطاع غزة لمجرد أنهم يندرجون تحت التعريف الغامض لـ”الرجال في سن القتال”. وسُجن بعضهم بسبب شبهات، مثبتة أو غير مثبتة، بأنهم نشطاء أو مؤيدون للمنظمات الفلسطينية المسلحة.
سلّط التقرير الضوء على روايات مباشرة لـ 55 فلسطينيًا كانوا معتقلين سابقًا في السجون الإسرائيلية، من بينهم 21 من غزة وأربعة مواطنين إسرائيليين. وقد تحدّثوا عن حالات “تعرضوا فيها لأعمال عنف تعسفية متكررة؛ واعتداءات جنسية؛ وإهانة وإذلال؛ وتجويع متعمد؛ وظروف قسرية غير صحية؛ وحرمان من النوم؛ وحظر ممارسة الشعائر الدينية واتخاذ إجراءات عقابية بشأنها؛ ومصادرة جميع الممتلكات الجماعية والشخصية؛ والحرمان من العلاج الطبي المناسب”.
قال أحد الفلسطينيين الذي كان معتقلا سابقًا في سجن “سديه تيمان” لبتسيلم إنه تم اقتياده هو وآخرون إلى مستودع؛ حيث أجبروا على الركوع وهم عراة بينما كان الجنود يضربونهم أثناء الاستجواب. وفي الطريق إلى منشأة أخرى، كان هو ومعتقلون آخرون يتعرضون للضرب إذا تحدثوا أو أصدروا أي ضوضاء. وقال إن ساقه اليسرى أصيبت أثناء الضرب.
ومع اشتداد ألم ساقه على مدى الأيام التالية، تجاهل الجنود شكواه وكانوا يضربون ساقه المصابة. وفي النهاية كان لا بد من بتر ساقه. استمر التعذيب حتى بعد بتر ساقه، حيث أُجبر على الوقوف على ساقه السليمة لساعات ومُنع من النوم. وقال التقرير إنه تم إطلاق سراحه لاحقًا إلى عائلته في غزة دون توجيه تهم رسمية ضده.
زعمت منظمة بتسيلم في التقرير أن هذه الانتهاكات هي جزء من سياسة ممنهجة تهدف إلى تعذيب الفلسطينيين ينفّذها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الذي يشرف على مصلحة السجون الإسرائيلية، بدعم من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والحكومة الإسرائيلية. وقالت بيلي: “المشكلة الرئيسية هي أن الأمر لا يقتصر فقط على المنشآت العسكرية [مثل سديه تيمان]. في الوقت الحاضر، وفي ظل هذه الظروف ومع هذا الوزير، كل شيء فظيع”.
عاد سدي تيمان إلى الواجهة من جديد في أواخر تموز/يوليو عندما اقتحم حشد من اليمين المتطرف القاعدة العسكرية بعد حضور محققين عسكريين لاستجواب الجنود المشتبه بهم في اغتصاب أسير فلسطيني. كما اقتحموا أيضًا قاعدة منفصلة تم إحضار الجنود لاستجوابهم فيها. وأشار بن غفير إلى “مشهد” قدوم الشرطة لاستجواب الجنود، الذين وصفهم بـ”أفضل أبطالنا”، بأنه “ليس سوى أمر مخزٍ”. وقد سلطت الحادثة الضوء على الاستقطاب المتزايد بين حكومة رئيس الوزراء اليمينية المتطرفة والقيادة العسكرية في إسرائيل.
ويعتقد ماك أن اعتقال الجنود لا يشير إلى أي زيادة في المساءلة داخل الحكومة، بل إنه قرار سياسي من قبل اللواء يفعات تومر-يروشالمي، المدعي العام العسكري في القضيتين. وحتى قبل تسريب الفيديو، تلقت ضحية الاغتصاب علاجًا طبيًا في مستشفى مدني عام حيث وجد الطاقم الطبي إصابات تتفق مع الاعتداء الجنسي، كما قال ماك، مما أجبر الجيش على التحقيق. وحيال ذلك قال ماك: “إنه يظهر فشلاً ذريعاً”، ملقياً باللوم على تومر-يروشالمي فيما اعتبره ردًا ضعيفًا على مزاعم سابقة عن إساءة معاملة السجناء طوال فترة الحرب.
استمرت جلسات الاستماع حول التماس إغلاق سجن “سدي تيمان” حتى يوم الأربعاء من هذا الأسبوع حيث قام متظاهرون يمينيون بتعطيل الإجراءات. وخلال القضية، دأب المتظاهرون على انتقاد بيلي وزملائها بانتظام بوصفهم “خونة” أو مدافعين عن مقاتلي حماس، على حد قول بيلي. وفي جلسة الاستماع، جادل محامو الجيش بأنه لم تعد هناك أي مشاكل في سجن “سديه تيمان” حيث قلصوا عدد نزلاء السجن من أكثر من 700 سجين إلى ما لا يزيد عن 30 سجيناً في الحجز المؤقت قصير الأجل. وقال الجيش إن السجناء المتبقين لا يشكلون خطرًا أمنيًا ولم يعودوا مقيدين أو معصوبي الأعين، على عكس المحتجزين السابقين في المنشأة.
وقالت بيلي للمحكمة إن ظروف معيشتهم لا تزال تنتهك القانون الدولي حيث لا يزال السجناء محتجزين في أقفاص بدون أسرّة أو صرف صحي مناسب، ولا يزالون محرومين من الوصول إلى الصليب الأحمر أو المحامين. كما حذّرت من أن عدد السجناء قد يزداد مرة أخرى في أي وقت خلال الحرب الجارية. وذكرت بيلي: “لا يمكن أن نأخذ هذه اللقطة المجزأة من هذا اليوم إذا كان هذا اليوم ديناميكيًا للغاية، لأنه إذا دخل الجيش الإسرائيلي غدًا إلى قرية في غزة واعتقل جميع الرجال هناك، وأخذ 200 شخص… فما الذي سيمنع ذلك؟ الحرب لم تنتهِ بعد”.
المصدر: ذي إنترسبت