ترجمة وتحرير نون بوست
في كلمة تليفريونية معسولة أعلن فيها ترشحه للرئاسة، ألمح عبد الفتاح السيسي أن حملته الانتخابية لن تكون تقليدية. هذا التلميح لم يكن ضروريًا على الإطلاق فالمصريون لا يتوقعون من وزير الدفاع ورئيس المخابرات الحربية السابق أن يبذل من جهده الكبير للفوز بالانتخابات المقررة في 26 مايو المقبل.
كزعيم للانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي، السيد (كما يُريد أن يُطلق عليه بعد أن خلع بزته العسكرية) عبد الفتاح السيسي هو مرشح الدولة المصرية يدعمه جيشها وشرطتها وهو كذلك بطل للكثير من المصريين الذين يكرهون محمد مرسي والإخوان المسلمين، حماس هؤلاء ولد نوعًا من أنواع الهوس بالسيسي ظهر في وضع صوره على الملابس والشوكولاتة والمجوهرات والملابس الرياضية، وفي مواجهة رجل بهذه القوة يجد المرشحون المنافسون له تحديًا رهيبًا.
سيدعم فرصه أيضًا أن المصريين الذين من المفترض أن يصوتوا ضده من المرجح أنهم سيتجهون إلى مقاطعة الانتخابات، وهذا ينطبق على أكثر من خمس المصريين الذين لا زالوا يؤيدون جماعة الإخوان المسلمين على الرغم من الحملة الدموية الشرسة التي تخوضها الدولة ضدهم هناك أعداد متزايدة من الناخبين – لاسيما من الشباب – يرون في السيسي رأس حربة للثورة المضادة، استطاع على مدار السنوات الثلاث الماضية أن يقضي – ببطء ولكن بثبات – على الآمال بالتغيير التي حملها الربيع العربي.
استطلاعات الرأي لا يمكن الاعتماد عليها في مصر، لكن أحد استطلاعات الرأي المستقلة والتي أجراها مركز بصيرة قال 39٪ ممن شملهم الاستطلاع إنهم سيصوتون لصالحه في مارس بعد أن كان 51٪ أعلنوا قبل شهر واحد عن نيتهم التصويت له، في حين قال أقل من 1٪ أنهم سيصوتون لصالح شخص آخر، أما الغالبية فإنهم مترددون أو مقاطعون.
السيسي الذي يبلغ 59 عامًا من عمره هو شخص يستطيع الحديث للعامة في مصر، لديه ميل لاستخدام الخطابات العاطفية والقومية، وبعد أن خلع زيه العسكري، ظهر السيسي مبتسمًا ومرتديًا ملابس رياضية على دراجة في صورة لا تشبه أي ديكتاتور صارم.
هذا كله وجد صدى لدى العديد من المصريين الذين يرنون إلى الاستقرار بعد سنوات من الاضطراب، لكن لابد أيضًا للسيسي أن يوقف الزيادة في الفقر وأن يحسن الاقتصاد وأن يعيد الكهرباء بل وأن يعيد السعادة إلى مصر! فقد شهدت مصر أكبر انخفاض في مؤشرات السعادة التي تقدمها الأمم المتحدة أكثر حتى من اليونانيين وقت الإفلاس بين 2006 و2012.
ومع ذلك، لا يبدو ذلك الحزن والبؤس قد ولدا أي تعاطف مع الإخوان الذين سقطوا والذين قوبلت احتجاجاتهم بشيء من الضيق الشعبي، وعلى الرغم من “الحسرة” بسبب وحشية الشرطة التي قتلت أكثر من 3000 شخص منذ انقلاب يوليو – غالبيتهم من مؤيدي مرسي – إلا أن أحاديث المصريين تدور حول الرجل القوي الذي يمكنه إصلاح الأمور.
لذلك فقد تكون الانتخابات الرئاسية المقبلة تكرارًا لنمط التصويت على الدستور بنسب موافقة محرجة تتجاوز 98٪ ومع نسبة مشاركة محرجة أيضًا تشير إلى أن المجتمع إما مستقطب للغاية أو لا مبالي.
كان المصريون في حيرة حول اتخاذ السيسي وقتًا طويلاً لإعلان ترشحه للانتخابات، لكن التغييرات الأخيرة في الجيش تعطي إجابة لذلك، على الرغم من قوة الجيش المصري الهائلة كمؤسسة أخيرة في الدولة ترتكز عليها مصر منذ أن استولى الضباط على السلطة في 1952 إلا أن الجنرالات كانوا يخشون من تعريض قائدهم الأعلى لإطلاق النار السياسي المباشر.
لكن في مارس الماضي، عدل السيسي قليلاً في المجلس العسكري الحاكم، صعّد قائدًا برتبة أقل ليتولى رئيس هيئة الأركان (أي قائد قوة قوامها 450000 جندي). حجازي مقرب من السيسي، وابنة حجازي متزوجة من واحد من أبناء السيسي الثلاثة.
وضع الأمور في نصابها بهذا الشكل يحتاج إلى المهارات التي يمتلكها السيسي كرئيس مخابرات حربية حصيف، مسلم متدين، أقنع الإخوان خلال فترة حكمهم الوجيزة أنه رجل يمكنهم الوثوق به، الزعيم القادم لمصر يواجه مهمة شاقة للغاية لتنظيف مجموعة من المؤسسات التي تئن تحت وطأة الفشل والفساد من الصحة والتعليم إلى المحاكم والشرطة.
السيسي يجب عليه القيام بذلك، ليس فقط من أجل مصر لكن من أجله شخصيًا!
الشرطة المسرورة باستخدام أسلحتها، والقضاة الذين حكموا على مئات من الإخوان بالقتل وحكموا على الفلاح الذي وضع قبعة السيسي على رأس حمار بالسجن، قد تتحول إلى عبء أكثر من كونها قوة للسيسي.
المصدر: الإيكونوميست