“براءتي ليست سلاحك، مدينتي ليست ساحة قتال، منفاي ليس قرارك، بقائي على قيد الحياة لا يعني هزيمتك، سعاتي ليست تهديدًا، كرامتي ليست وسيلة لانتقامك”
شعار حملة اليوم العالمي للعمل الإنساني لعام 2017
هل واجهت يومًا خيارًا مستحيلًا كالاختيار بين الدواء والغذاء لعائلتك أو اختيار أي طريق إلى المدرسة هو الأقل عرضة للقصف أو أي من أولادك تريد إعطاءه سترة النجاة؟ ربما لا، لكن ملايين السوريين يواجهون خيارات مستحيلة كهذه كل يوم، فلم يعد هؤلاء يملكون أكثر من خيار في خضم واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث تشهد سوريا معاناة إنسانية لم تشهدها من قبل، فانعدام الخدمات الأساسية مثل الماء والغذاء يشكل خطرًا فوريًا يهدد حياة الملايين، وفي كل يوم يصلنا المزيد من الصور والأخبار والحقائق عن مأساة هؤلاء.
وفيما الأطفال يخرجون من المدارس والأسر تُشرد والمجتمعات تُمزق، لا يفعل العالم ما يكفي لوقف معاناتهم، وفي الوقت نفسه، هناك موظفون في مجال الإغاثة الإنسانية في الخطوط الأمامية في الحروب والكوارث، يجازفون بأنفسهم متحدين مخاطر وصعوبات جمة، لتقديم المساعدة إلى المحتاجين ورعاية المتضررين من العنف، ليجدوا أنفسهم مستهدفين استهدافًا مطردًا.
سوريا.. أخطر الأماكن على عمال الإغاثة في العالم
أدى الهجوم الإرهابي في 19 من أغسطس/آب 2003، على مقر الأمم المتحدة في بغداد إلى مقتل 22 شخصًا، كان من بين القتلى مبعوث الأمم المتحدة في العراق سيرجيو فييرا دي ميلو من البرازيل، وبعد خمس سنوات، اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا يحدد هذا اليوم يومًا عالميًا للعمل الإنساني.
اليوم الذي يُحتفى به منذ 10 سنوات، هو مناسبة للاعتراف بأولئك الذين يخاطرون بأنفسهم في سبيل أداء الواجب في مجال الإغاثة الإنسانية، فضلًا عن حشد الجماهير للدعوة إلى العمل الإنساني وزيادة الوعي بالأنشطة والمساعدات الإنسانية وأهمية التعاون الدولي وتكريم العاملين في هذا المجال.
لكن العمل الإنساني بات اليوم في كثير من المناطق السورية أكثر صعوبة من أي وقت مضى، حيث صنفت تقارير أممية سوريا على أنها واحدة من أخطر الأماكن على عمال الإغاثة في العالم، وهو ما يعيق العمل الإنساني، رغم وجود الملايين ممن هم بحاجة للمساعدة، سواء كانت طبية أم إغاثية أم تعليمية.
وبعد سبع سنوات من العمل الإنساني والإغاثي في سوريا، باتت منظمات المجتمع المدني السوري مهددة بالإغلاق مع استعادة النظام لعدد من المناطق التي فقدها، وتوغله في الغوطة الشرقية وقبلها في حلب وحمص، وقد واجهت بالفعل بعض المنظمات في هذه المناطق خطر الإغلاق جراء المواجهات الشرسة التي تشهدها هذه المدن.
ما زالت العديد من المنظمات المحلية والدولية تعمل اليوم في مختلف مناطق سوريا، لكن دون أن تكون لها القدرة دومًا على الوصول لأكثر المناطق احتياجًا
ويقول مسؤول إحدى المنظمات في لبنان لموقع رصيف 22: “في حال استرجع النظام جميع المناطق التي نعمل فيها سيتم وبشكل تلقائي إغلاق المنظمة بشكل نهائي، ولا توجد أي نية لاستمرار بالعمل، أما عن مصير المشاريع التي ننفذها، فسنقوم بأرشفتها وحفظ جميع المقتنيات المادية والعينية أو غيرها للاستفادة منها لاحقًا”.
ورغم ذلك، ما زالت العديد من المنظمات المحلية والدولية تعمل اليوم في مختلف مناطق سوريا في محاولة لإعانة المتضررين مما يحدث في البلاد، دون أن تكون لها القدرة دومًا على الوصول لأكثر المناطق احتياجًا، وذلك بسبب خطورة العمل ونقص الإمكانات إضافة إلى الصعوبات التي تفرضها الأطراف المتنازعة كافة على عمل هذه المنظمات.
استهداف سيارات الإسعاف والأطفم الطبية في سوريا بات مسألة شبه اعتيادية
كيف أصبح المنقذون أهدافًا للنظام السوري؟
تقول منظمات غير حكومية إن المستشفيات والعيادات ومراكز الإغاثة والطواقم الطبية هي الأكثر تضررًا من القصف في سوريا منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، وبحسب تقرير أعدته هذه المنظمات، شن النظام السوري خلال شهري أكتوبر ونوفمبر فقط لعام 2015، 25 هجومًا على مراكز الإغاثة والاستشفاء في سوريا، وأضاف التقرير أن 250 طبيبًا قتلوا في سوريا على مدى السنوات الأربعة الماضية.
وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، بلغ عدد قتلى الكوادر الطبية بعد عامين من الحرب في سوريا، 369 شخصًا، منهم أطباء ومسعفون وممرضون وصيادلة، وقُتل نحو 30 منهم تحت التعذيب في سجون النظام، كما يبلغ عدد المعتقلين من العاملين في المجال الطبي أكثر من 3200 معتقل حتى الآن، وفق التقرير.
في هذا الصدد، قال ليونارد روبنشتاين وهو رئيس ائتلاف يعني بالرعاية الصحية بالنزاعات، إن النظام السوري اعتبر منذ عام 2011 مراكز العلاج أهدافًا له، وقال إنه تم إصدار قانون يجرم كل من يعالج “إرهابيًا”، ويعتبر النظام السوري الفصائل المقاتلة المعارضة “إرهابية”.
“النظام السوري اعتبر منذ عام 2011 مراكز العلاج أهدافًا له”، يقول رئيس ائتلاف يعني بالرعاية الصحية بالنزاعات
وحتى ساعات قليلة قبل كتابة هذه السطور، يواصل النظام إستراتيجيته تلك، حيث قتل وأصيب عدد من المدنيين في قصف صاروخي مكثف استهدف مركزًا مخصصًا لتوزيع المواد الإغاثية، في مدينة اللطامنة بريف حماة وسط سوريا، وذلك خلال تجمع المدنيين لاستلام المساعدات، فيما يستمر التصعيد على إدلب، معقل النازحين، حتى إن أكثر من 920 ألف شخص نزحوا في سوريا خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام 2018، بحسب ما أعلنت الأمم المتحدة منذ يومين، ما يشكل رقما قياسيًا منذ بدء النزاع قبل 7 سنوات.
يُذكر أنه منذ 2011 حتى نهاية 2015، قُتل 254 طبيبًا و687 من أفراد الطواقم الصحية في سوريا، وفق منظمات غير حكومية سجلت بالإجمال 329 هجومًا من بينها 112 عام 2015، أي بمعدل ضربة كل يومين أو ثلاثة، بينما هاجر 90% من الأطباء واضطر الباقون إلى النزوح ثلاث أو أربع مرات.
الحصار.. قواعد اللعبة المخادعة
بعيدًا عن استهداف الأطقم الطبية، اعتمد النظام وحلفاؤه قواعد أخرى، منها قاعدة الحصار نفسها التي استخدمها قبل سنتين شرق حلب، حيث أخضع السكان إلى حصار متواصل وقصف جوي ومدفعي مستمر، إضافة لشنّهِ هجمات بالكلور والنابالم، أدت إلى إجلاء أكثر من عشرة آلاف شخص، ما سمح للنظام تقريبًا “القضاء على التهديد الذي تشكّله الغوطة، آخر معقل للمعارضة يهدد العاصمة دمشق.
وأوضحت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية خلال حوارها مع رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر ماورير، عن زيارته لضواحي الغوطة الشرقية، كيفية استغلال نظام الأسد للمساعدات الإنسانية في تضييق الحصار على الفصائل العسكرية في الغوطة الشرقية، أحد الأماكن الخمس الصعبة التي زارها خلال ست سنوات مضت منذ أن شغل منصب رئاسة “الصليب الأحمر”.
بيتر ماورير، رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الغوطة الشرقية في 15 مارس/ آذار 2018
وبحسب ماريو، يتمثل أهم تحدٍ واجهه في إيصال المساعدات الطبية إلى الغوطة الشرقية، وعلى الرغم من أن قوات النظام تسمح بشكل دوري بتمرير أكياس الطحين والطرود الغذائية، إلا أنها تمنع دخول أدوات الإسعاف والمواد الطبية الأساسية مثل الأنسولين.
ومرارًا وتكرارًا يعلن مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان ديمستورا عدم تمكن أي قافة إنسانية من دخول المدن المحاصرة في سوريا، وبسبب عدم توقف القتال، فإن المساعدات الإنسانية لا تتحقق في الوقت الراهن، فعلي سبيل المثال، لم تصل المساعدات إلى مدينتي مضايا والزبداني اللتين يحاصرهما النظام في محافظة دمشق، وإلى منطقتي الفوعة وكفريا الشيعيتين المقربتين من النظام في محافظة إدلب اللتين تحاصرهما فصائل مسلحة.
يُضاف إلى صعوبات أخرى، منها الاعتقالات الدائمة التي تقوم بها قوات الأمن السوري بحق الناشطين ضمن دمشق، إضافة إلى الصعوبات المادية واللوجستية في العمل في العاصمة وريفها المحاصر
وكان القرار الذي تبنته الأمم المتحدة مؤخرًا، ويسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر مناطق تقع تحت سيطرة المعارضة دون الحاجة لإذن من الحكومة، ويلزم طرفي النزاع بتوفير الغذاء والدواء للمدنيين، له تأثير كبير على تقديم المساعدات في العديد من المحافظات الحدودية كحلب والرقة ودرعا، في حين لم تستفد منه مناطق أخرى محاصرة أهمها غوطة دمشق الشرقية.
يُضاف إلى صعوبات أخرى، منها الاعتقالات الدائمة التي تقوم بها قوات الأمن السوري بحق الناشطين ضمن دمشق، إضافة إلى الصعوبات المادية واللوجستية في العمل في العاصمة وريفها المحاصر، فالكثير من الأقسام التابعة للهلال الأحمر التي تعمل في مناطق تقع تحت سيطرة المعارضة عانت من نقص في الإمدادات، وكنتيجة لذلك توقفت العديد من خدماتها وخاصة الخدمات الإغاثية، كما بات تقديم خدمات أخرى كالإسعاف أكثر صعوبة وذلك بسبب عدم توفر الوقود اللازم لتشغيل السيارات.
حين يكون مال الداعمين للمنظمات مقرونًا ببضعة شروط سياسية
أوقفت الإدارة الأمريكية جميع المساعدات المخصصة للمجتمع المدني في سوريا وعلى رأسها “منظمة الخوذ البيضاء”
عدا الأسباب الداخلية وآثار سيطرة الجيش السوري على مناطق عملها، هناك سبب آخر لإغلاق المنظمات، وهو إحجام الداعمين عن تمويلها، ونتيجة لذلك، بدأ يلوح في الأفق إغلاق ما لا يقل عن ست منظمات ممولة أمريكيًا في الأشهر القادمة.
وكان وقف التمويل الأمريكي إثر خفض ميزانية وزارة الخارجية الأمريكية من أبرز مظاهر تراجع التمويل، حيث ذكرت شبكة “CBS” الأمريكية، الشهر الماضي، أن الإدارة الأمريكية طلبت توقيف جميع المساعدات المخصصة للمجتمع المدني في سوريا وعلى رأسها “منظمة الخوذ البيضاء”، وتوجيهها لمحاربة داعش، من خلال إعادة دراسة توزيع 200 مليون دولار من الأموال المخصصة لسوريا.
وتلاقت سياسة تغيير المواقف الأمريكية مع سياسات الدول الأوروبية، إذ بدا واضحًا انخفاض الدعم الأوروبي للسوريين من عام إلى آخر، لأهدف سياسة وليست إنسانية، ففي مارس/آذار 2017، ألغت الحكومة التركية تسجيل منظمة الإغاثة الأمريكية “ميرسي كوربس”، مجبرة المؤسسة على إيقاف المساعدات الإنسانية التي تقدمها لمئات الآلاف من السوريين، معللة ذلك بالرغبة في ضبط عمل المنظمات وإعطائها الصفة القانونية ليسهل عليها متابعة عملها.
هناك سبب آخر لإغلاق المنظمات، وهو إحجام الداعمين عن تمويلها، ونتيجة لذلك، بدأ يلوح في الأفق إغلاق ما لا يقل عن ست منظمات ممولة أمريكيًا في الأشهر القادمة.
ولم يذكر المسؤولون السبب وراء إلغاء تسجيل المنظمة الدولية على الأراضي التركية، وسبق أن أغلقت تركيا عددًا من المنظمات غير الحكومية، بدعوى صلتها بجماعات محظورة في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، عقب الانقلاب الفاشل في يوليو/تموز 2016، ولكن ناشطين يرجحون أن ذلك كان بسبب نشاطها في المناطق الكردية التي تعاديها الحكومة التركية.
وتعمل “ميرسي كوربس” في تركيا منذ 2012، وتعد إحدى أكبر أربع منظمات الإغاثة التي تعمل في سوريا وتقدم خدماتها لأكثر من نصف مليون مدني كل شهر، وقدمت المنظمة سلسلة من المساعدات الاجتماعية والإنسانية في تركيا وصلت لقرابة مئة ألف من السوريين والأتراك خلال عام 2016 وحده.
وفي ضوء هذه المعوقات التي تحول دون قيام تلك المنظمات بدورها الإغاثي، تنعدم أي خطط أو مشاريع فعلية للإنقاذ للتعامل مع المصيرالمرتقب، وتكاد الخيارات تنحصر في العمل ضمن مؤسسات تهتم باللاجئين في بلدان اللجوء؛ أو في الشق الحقوقي وقضايا المساءلة والعدالة الانتقالية، أما الخيار الأخير فهو أن تحاول بعض المنظمات العمل تحت مظلة نظام الأسد في الداخل السوري.
إعادة الإنسانية إلى العمل الإنساني.. منظمات الإغاثة ليست ملائكية كما نظن
كما هو في داخل سوريا، فإن حال منظمات المجتمع المدني السورية في بلدان اللجوء ليس أفضل بكثير، فثمة جملة من العقبات التي تواجه اللاجئين من ناحية، والناشطين في العمل الإنساني من ناحية أخرى، حيث يستمر مسلسل التضييق على المنظمات الإنسانية، بدءًا من صعوبة الحصول على تراخيص من الجهات المختصة، وصولًا إلى تضييق شركاء المنظمة في الدولة الحاضنة للاجئين على شركائهم السوريين.
وفي حين كان الإغلاق تمامًا هو مصير المنظمات السورية الناشطة في مناطق سيطرة النظام السوري مثل دمشق وريفها وحمص وريفها وغيرها، فإن المنظمات التي تعمل على اللاجئين في لبنان انحصر نشاطها ضمن المخيمات وأوقفت مشاريع كثيرة لها لعدم إيجاد ممول.
لكن الاتهامات الموجهة لقطاع الجمعيات العاملة في هذ المجال تقلل من دورها، وعن آخر هذه لاتهامات، كشف تقرير لصحيفة “التليغراف” البريطانية، أن النساء في مخيمات اللاجئين السورية يُجبرن على تقديم خدمات جنسية مقابل الحصول على مساعدات الأمم المتحدة، وبحسب الأمم المتحدة، فإنه على الأقل 1 من أصل 5 من النساء والفتيات النازحات هن عرضة للعنف الجنسي.
النساء في مخيمات اللاجئين السورية يُجبرن على تقديم خدمات جنسية مقابل الحصول على مساعدات الأمم المتحدة
ويقول التقرير الذي ترجمه “نون بوست“، منذ أيام، إن موظفي الإغاثة يضايقون النساء والبنات جنسيًا في أثناء محاولتهن الوصول إلى المساعدات الإنسانية في هذا البلد الذي مزقته الحرب، حتى إن بعضهن توقفن عن طلب المساعدة، والبعض الآخر أجبرن على الزواج من موظفين محليين تابعين للأمم المتحدة وبعض المنظمات الخيرية الدولية الأخرى؛ للحصول على خدمات جنسية مقابل تلقي وجبات الطعام.
وفي العديد من المناطق التي تحكمها مجموعات مسلحة، تضطر المنظمات الإنسانية إلى التفاوض معها من أجل الوصول إلى المحتاجين، وهو أمر تفسره بعض الحكومات على أنها دعم “غير مباشر” لهذه الجماعات المسلحة؛ مما يؤدي إلى تعرض العديد من العاملين في المجال الإنساني للاضطهاد والمساءلة، ووضع العديد من القيود على التحويلات المالية للجمعيات إلى مناطق الأزمات وتجميد الأصول.
وفي أحيان أخرى، تتعاون هذه المنظمات مع الأطراف القوية في النزاع، فعلى سبيل المثال، ماطلت منظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة في تقديم المساعدات المنقذة لحياة لمئات الآلاف من المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، فضلاً عن ذلك، سمح مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية لـ”نظام الأسد” بمحو أي إشارة إلى كلمة “المحاصرة” من تقرير الأمم المتحدة.
بعض النساء أجبرن على الزواج من موظفين محليين تابعين للأمم المتحدة وبعض المنظمات الخيرية الدولية الأخرى؛ للحصول على خدمات جنسية مقابل تلقي وجبات الطعام
وتكمن العديد من الأسباب وراء الشكوك المستمرة التي تساور المعارضة تجاه منظمات الإغاثة، وقد كتب العديد من الصحفيين منذ سنوات، الكثير من المقالات التي تطرقت إلى كيفية مساهمة رغبة هذه المنظمات في البقاء تحت ظل حماية “نظام الأسد”، في انحراف مسار المعونات الإنسانية وتبييض سلوك “الأسد”.
ووُجهت اتهامات للمجتمع الدولي بافتقاره للحيادية والنزاهة في هذا الصراع، حيث يظهر ذلك في سماحهم لرئيس النظام السوري بشار الأسد بالتدخل وتحديد الأماكن التي تُقدَم فيها المساعدات، وفي عام 2016 علقت أكثر من 70 جماعة إغاثية تعاونها مع الأمم المتحدة في سوريا وطالبت بإجراء تحقيقات في عملياتها بسبب الخوف من أن تمنع الحكومة وصول المساعدات إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
ويناشد المنتدى الإنساني العالمي (شبكة من المنظمات الإنسانية التي تهدف إلى بناء الجسور بين الجهات الإنسانية) في هذا الإطار جمعيات العمل الإنساني من مختلف أنحاء العالم، الجهات العاملة في هذا المجال بأن تنهي المعاناة الإنسانية الناتجة عن الكوارث الطبيعية أو أزمات الحروب، كرسالة استياء من وضع منظومة العمل الإنساني التي رأى فيها المنافسة غير المبررة والإقصاء لجهات دون أخرى، مما أدى إلى تهاون وتأخر العمل الإنساني عن جوهر وجوده، وهو تلبية الاحتياجات الإنسانية أولًا قبل كل اعتبار.