لم تثنِ دموع الأم الفلسطينية “وجدان أحمد” ابنها “محمود” عن قرار عرض عينه اليمنى للبيع ليسد بثمنها بعضًا من رمق عائلته، بعد أن باءت كل محاولاته في الحصول على عمل بالفشل.
فلم يجد الشاب محمود (22 عامًا) حلاً، كما قال، سوى أن يخط إعلانًا نشره عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، الأسبوع الماضي، تخبر تفاصيله برغبته في بيع عينه اليمنى لشخص مقتدر.
وقال محمود: “طرقت جميع الأبواب بحثًا عن وظيفة تسد جوع أشقائي السبعة الذين صغيرهم في الثانية عشرة من عمره، ووالدي متوفى منذ 7 أعوام، ولا مصدر رزق ثابت لنا، وهذه مسؤوليتي فأنا الأخ الأكبر”.
وتابع محمود، الحاصل على شهادة دبلوم في السكرتارية وإدارة المكاتب: “أقبل العمل في أي شيء، ولا يهم إن كان في مجال تخصصي أو لا، كل ما أريد أن أوفر لعائلتي احتياجاتها الأساسية فقط”.
ويشعر محمود بالألم لإقدامه على عرض عينه للبيع، كما يقول، إلا أن “ضيق ذات اليد وتراكم الديون لم تجعل مفرًا غير ذلك”، على حد تعبيره.
وأضاف: “أريد لإخوتي أن يجدوا مصروفهم المدرسي في الصباح، وأن يتوفر لهم طعامهم في كل يوم، فحياتنا سيئة وصعبة للغاية”.
ولم يَصْغ محمود لسيل من الاتهامات بـ “الجنون” انهالت عليه ممن هم حوله عند علمهم بقراره، فالأوْلى بوجهة نظره هو توفير حياة كريمة لعائلته.
وأشار إلى أن عائلته كانت تعتمد فيما مضى على كفالات الأيتام التي تحصل عليها من بعض الجمعيات الخيرية، إلا أنه منذ عام ونصف تقريبًا بدأت تنقطع بشكل متدرج عنهم، بدعوى أن تمويل الجهات المانحة للجمعيات تقلص كثيرًا، كما يقول.
ولفت محمود إلى أن الحكومتين في الضفة الغربية وقطاع غزة تواصلتا معه بعد نشره للإعلان، واعدتين إيّاه بتوفير فرصة عمل.
وتعليقا على هذه الوعود، قال: “سأنتظر قليلا لأرى ماذا ستوفر الجهات المسؤولة لي، ولكني مازلت مصرّا على قراري إن كانت تلك الوعود مجرد حديث لا أكثر”.
وبحرقة، وهي تبكي، تقول والدته “وجدان”، 50 عامًا، متسائلة: “أي أم تريد لابنها أن يبيع أغلى ما يملك؟ أنا أرفض ذلك، لكنه لا يصغي لي”.
وتابعت: “لقد تفاجأت بإعلان محمود، كما كل من قرأه، ونشره دون علم مني، أو أخذ مشورتي”.
واستطردت وجدان بالقول: “أخبرته أن ما تبقى من كفالات الأيتام التي نحصل عليها من الجمعيات الخيرية تكفينا، ولا نريد أكثر من هذا”.
وأوضحت أنها تحصل على ما يوازي 120 دولارا أمريكيا كل 6 أشهر، ومبلغ 300 دولار كل ثلاثة أشهر من وزارة الشؤون الاجتماعية بحكومة غزة المقالة.
وتتمنى الأم أن تلقى رسالة ابنها آذانا مصغية، وتوفر له فرصة عمل، وأن يتمكن من معالجة عينه بدلا من بيعها.
وأصيب محمود بعينه اليمنى، والتي يريد بيعها، في ديسمبر/ كانون أول عام 2013، بسيخ حديدي أفقده الإبصار بها، لكن الأطباء أكدوا له بأن أعضاءها سليمة ويمكن معالجتها، كما قال.
أما شقيقه محمد (14 عامًا)، قال: “أوافق على أن أذهب لمدرستي مشيًا على الأقدام وأتناول أي شي من الطعام، ولكن لا أريد أن يبيع أخي عينه”.
وتقطن عائلة محمود في معكسر الشاطئ غرب مدينة غزة، في بيت مساحته 120 مترا، يفتقر لمعظم الأثاث المنزلي.
المصدر: الأناضول