ترجمة وتحرير نون بوست
زخر معرض كمبيوتكس، والذي تم تنظيمه في تايبيه عاصمة تايوان، بجملة من المقترحات والمستجدات التي أضيفت إلى الحاسوب الشخصي من أجل أن يشهد هذا العالم طفرة جديدة في أقرب الآجال. ومن بين هذه المقترحات نذكر تركيب شاشتين على جهاز الحاسوب الشخصي، وأجهزة الكمبيوتر مزودة بخاصية الجيل الخامس للأنظمة اللاسلكية، فضلا عن وظائف جديدة مثل تحميل تعريف الصوت.
يبدو من الجلي أن الحاسوب الشخصي يقاتل من أجل استعادة مكانته بين مستخدمي الأجهزة التكنولوجية. ويفسر ذلك بأن الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية قد اكتسحت العالم التكنولوجي في السنوات الأخيرة. في هذا الصدد، أصبحت الهواتف الذكية ترافقنا في أدق تفاصيل حياتنا الشخصية، حيث نستخدمها عند أخذ قسط من الراحة على الأريكة، وفي المطبخ وفي الحمام أيضا؛ في حين يقبع الحاسوب في ركن منسي في المنزل.
كشفت شركة “أسوس” التايوانية عن مشروع بريكوغ والذي يتجسد في إضافة تركيب شاشتين في الحاسوب يعملان بفضل الذكاء الاصطناعي
من جهة أخرى، لا يزال الحاسوب مهما في العمل باعتباره أداة إنتاجية. لكن لا تكف الشركات المصنعة عن البحث عن فرص جديدة لتحفيز السوق الاستهلاكية. ووفقا لشركة ميكروسوفت، والتي تبذل مجهودا كبيرا في هذا الشأن بفضل نظام ويندوز، يكمن السر الوحيد لإعادة مكانة الحواسيب في إضافة مميزات جديدة لها. وقد صرح بول دونوفان، نائب رئيس مجلس الإدارة في شركة ميكروسوفت، أن “المستخدمين يريدون تصميمات حديثة وخبرات حديثة وأداء حديث”. وأضاف دونوفان أن المستخدمين يتوقون إلى إضافة ميزات جديدة إلى نظام التشغيل ويندوز 10 على غرار الأقلام الإلكترونية وميزة تحميل تعريف الصوت.
من جهته، أكد بول دونوفان أن البحث عن التجديدات العمليّة أمر غير كاف، حيث يلعب التصميم الخارجي للحاسوب دورا مهما في هذا الصدد. نتيجة لذلك، أظهرت الشركات خلال معرض كمبيوتكس تايبيه أنها تعزم إيلاء اهتمام كبير إلى تصميم الحواسيب. وعلى سبيل المثال، أعلنت شركة مايكروسوفت أنها ستصدر أجهزة كمبيوتر مزودة بخاصية الجيل الخامس للأنظمة اللاسلكية خلال السنة القادمة، كما استعرضت الشركة منتج “يوغا بوك2”. فضلا على ذلك، صرحت شركة لينوفو الصينية أنها ستصدر خلال الأشهر القادمة حاسوب يحتوي على شاشتين من أجل الاستغناء على لوحة المفاتيح الميكانيكية. من جهتها، كشفت شركة “أسوس” التايوانية عن مشروع بريكوغ والذي يتجسد في إضافة تركيب شاشتين في الحاسوب يعملان بفضل الذكاء الاصطناعي.
على العموم، كشفت شركة أسوس عن حاسوبها الجديد الملقب “بزين بوك برو” الذي يزود بشاشة لمس بدلا من لوحة اللمس التي تعرف بتراك باد الحاسوب الشخصي. من جهته صرح ماكس فو، مدير مشروع بريكوغ في شركة أسوس قائلا: “لقد قررنا إنشاء سكرين باد، والتي تسمح للمستخدم بالتحكم في المهام المختلفة على شاشات مختلفة في نفس الوقت”. وأردف ماكس فو “أن حاسوبا زين بوك برو 14 و15 يتمتعان بشاشة بحجم 15.6 بوصة”.
بشكل عام، حاول جهاز الحاسوب البحث عن التجديد خلال العديد من الفرص في السنوات الماضية ولكن دون جدوى
فضلا على ذلك، أكد ماكس فو أن هذا الحاسوب يمنح الراحة ويساعد على القيام بمهام متعددة بالنسبة للموظفين أو للمستخدمين عامة. نذكر على سبيل المثال، أن المستخدم يمكنه الاستماع إلى فيديو أو مشاهدته على الشاشة الصغيرة أثناء العمل على الشاشة الرئيسية. كما يمكن استخدام التراك باد في مهام أخرى مثل استخدامها كآلة حاسبة والسماح لنا بالولوج بسرعة إلى برامج وورد، ومايكروسوفت إكسل، فضلا على جوجل كروم.
كثيرا ما تكون الابتكارات مبهرة؛ لكن هل تقنع المستهلكين في نهاية المطاف؟ عموما، يتناقض التفاؤل حول التصاميم والوظائف الجديدة مع الأرقام المسجلة في الأسواق. ووفقا لشركة البيانات الدولية، فقد انتعشت مبيعات الحواسيب الشخصية بنسبة 0.2 بالمائة سنة 2017، بعد أن عاشت ركودا طويلا منذ سنة 2012. في المقابل، قدمت شركة غارتنر أرقاما تؤكد انخفاض المبيعات بنسبة 2.8 بالمائة.
أسوس بروجكت بروكوغ هو نموذج أولي للعلامة التجارية التايوانية، وهو حاسوب ذو شاشتين ودون لوحة مفاتيح ملموسة.
يعد ستيفن شيو، المدير التجاري الدولي لشركة “هاسي”، وهي شركة صينية بعيدة عن الأضواء الإعلامية، وقد تحدث شو بكل صراحة عن الوضع قائلا: “هناك بعض الأشخاص الذين أصبحوا لا يحتاجون إلى جهاز حاسوب بتاتا في البيت، وهو ما يعد بمثابة التحدي بالنسبة لجميع شركات تصنيع الحواسيب”. وتجدر الإشارة إلى أن هاسي تصنع منتجات في الصين، كما أنها تنتج حواسيب لعلامات تجارية أخرى، تابعة لبلدان في القارة الأفريقية أو في أمريكا اللاتينية (على غرار بوزيتيفو بي جي إتش في الأرجنتين). ووفقا لشيو، شهدت هذه الشركة رواجا كبيرا بين سنتي 2006 و2010. ومنذ هذا التاريخ، شهدت هاسي أزمة بالتزامن مع ظهور الهواتف الذكية؛ مما أدى إلى تراجع الطلب على أجهزة الحاسوب.
بشكل عام، حاول جهاز الحاسوب البحث عن التجديد خلال العديد من الفرص في السنوات الماضية. وبحسب رأي شيو، الذي يتحدث انطلاقا من معرفته بالسوق الصينية، فقد كانت هذه الجهود بلا جدوى. وأورد الخبير في هذا الغرض أنه “نظرا لأن سوق الحواسيب في تراجع أرادت إنتل الترويج لحواسيب “2 في 1″، التي هي عبارة عن جهاز لوحي وحاسوب في نفس الوقت. وعلى الرغم من الاعتقاد بأن هذا النوع من الحواسيب قد كان بمثابة الحل، إلا أنه أصبح اليوم عبارة عن حل فاشل”.
في وقت لاحق، تم اختراع الحاسوب الصغير، وهي عبارة عن صندوق صغير يتم إيصاله بشاشة للعمل. وواصل شيو أنه “بالنسبة لسوق المستهلكين، لا توجد أي حاجة لاستهلاك هذا النوع من الحواسيب”. وأضاف أنه “عندما تم الترويج إلى هذا النوع من الحواسيب، تم الإشارة إلى أنه قابل للحمل في اليد وعملي، إذ أنه يمكن إيصاله بالتلفزيون أو شاشات أخرى، إلا أن ذلك لم يكن سببا يحفز الناس على شراء هذا المنتج”.
يبقى المستهلك الأكثر أهمية بالنسبة لشركات الحواسيب، أولئك الذين يملكون شغفا كبيرا بألعاب الفيدي
حاسوب لكل مستخدم حسب تخصصه
في ظل هذا الوضع، يتمثل المخرج الوحيد للشركات المصنعة في البحث عن أقصى قدر من تخصيص إنتاج الحواسيب حسب معايير معينة. وقد سلط ماكس فو، من شركة أسوس، الضوء على هذا الجانب في حديثه قائلا: “لدينا حرفاء مختلفين بحسب كل سلسلة من حواسيب أسوس”. وأشار الخبير إلى أن الناس يستعملون الهواتف والأجهزة اللوحية من أجل الترفيه عن النفس أو بسبب خاصية الخفة خلال استخدامها. ولهذا السبب، يجب تضمين هذه الخصائص في الحواسيب. وعلى وجه الخصوص، يجب أن تكون هذه الأجهزة مخصصة لجمهور معين. وعلى سبيل المثال، يمكن أن تستهدف إحدى أنواع منتجات الشركة الطلاب.
في المقابل، يبقى المستهلك الأكثر أهمية بالنسبة لشركات الحواسيب، أولئك الذين يملكون شغفا كبيرا بألعاب الفيديو. وفي هذا الصدد، أورد ماكس فو أن “سوق ألعاب الفيديو يشهد تطورات كبرى، وهو ما جعل الشركة تنخرط فيه، خاصة وأنها تملك تجربة في سوق الحواسيب”. ونتيجة لاختيار شركة أسوس التخصص في تصنيع منتجاتها، تمكنت الشركة من خلق علامة تجارية خاصة بألعاب الفيديو: ألا وهي “روغ” (ROG). وفي معرض كمبيوتكس تايبيه، كان لهذه العلامة مكان خاص بها لعرض منتجاتها. ونظرا لتطورها، تتنافس روغ مع حجم العلامة التجارية الرئيسية.
يمكن أن لا يكون مستقبل الحواسيب في هذا الشكل من الأجهزة الحالية في حد ذاتها، بل يمكن أن يتطور خارجها تمامًا
في الأثناء، تدعم شركة مايكروسوفت هذا الاختلاف والتمييز بحسب الاختصاص. ووفقا لبول دونوفان، فإن “أجهزة الكمبيوتر المحمولة فائقة الرقة تحظى بشعبية كبيرة بين جيل الألفية، لأنهم يبحثون عن منتج أنيق. وعموما، يمكن تسمية جيل الألفية بجيل الماك بوك”. في نفس الوقت، أكد الخبير أن جهاز ويندوز يعمل بشكل أفضل من جهاز ماك بوك. في هذا السياق، أكد دونوفان أنه يثق في هيمنة الاتصال بالانترنت في المستقبل. وأورد أن “هذا النوع من الحواسيب يطلق عليه اسم الحاسوب المتصل بالانترنت بشكل دائم، كما أننا نبحث عن قيادة تطورات كبرى مع إنتل وكوالكوم”. وبشكل عام، تبحث هذه الشركات في المستقبل عن جعل جهاز الكمبيوتر متصلا بشكل دائم مثل الهاتف الذكي والجهاز اللوحي، دون الحاجة إلى واي فاي.
من جانب آخر، تملك شركة شيو رهانها الخاص بها، خاصة بعد أن اختارت التخصص أيضا في ألعاب الفيديو. وعلى وجه الخصوص، ترغب هذه الشركة في تطوير أجهزة كمبيوتر سحابية. وأورد شيو أن “أجهزة الحاسوب في الوقت الراهن تتميز بأدائها العالي. في المقابل، عندما نتحدث عن الحوسبة السحابية، يعني ذلك أن الأداء سيكون منخفضا للغاية. لكن، سيكون الحاسوب مرتبطا بخادم لحل هذه المشكلة”. وحسب شيو، سيكون للحاسوب قدرة وسرعة الخادم، مما سيمكن هذه الأجهزة من القيام بأي مهمة على غرار لعب ألعاب الفيديو. وفي حقيقة الأمر، سيتكفل الخادم بهذه المهام. وفي الختام، يمكن أن لا يكون مستقبل الحواسيب في هذه الأجهزة في حد ذاتها، بل يمكن أن يتطور خارجها.
المصدر: البايس الإسبانية