ترجمة وتحرير: نون بوست
باتت كرة القدم قطاعا تجاريا قيمته مليارات الدولارات، ويتابعه مليارات الناس حول العالم، ولذلك فإنه من غير المفاجئ أن تطغى على هذا القطاع تكنولوجيات جديدة، ويتزايد ارتباطه بالمجال التقني، في ظاهرة باتت تعرف باسم “الانتقال الرقمي”.
في الواقع، لطالما لعبت التكنولوجيا دورا هاما في عمل القنوات التلفزيونية ولجان التنظيم والمتابعين، في الدورات السابقة من كأس العالم، وفي هذه الصائفة لن تكون دورة روسيا استثناء. ولكن الشيء المختلف هذه المرة هو تعاظم الدور الذي ستلعبه التكنولوجيا داخل المستطيل الأخضر. شهد المونديال السابق بداية استخدام تقنية خط المرمى، حيث استعان الحكام لأول مرة بالمساعدة التقنية لاتخاذ القرارات بشأن احتساب الأهداف. وستشهد دورة روسيا بداية استخدام تقنية المساعدة بالفيديو، في خطوة جديدة من المؤكد أنها سوف تحظى باهتمام كبير. ولكن هذه ليست التقنية الوحيدة التي سوف يتم الاعتماد عليها داخل الملعب وخارجها.
تقنية المساعدة بالفيديو “في أي آر” VAR
قليلة هي التغييرات التي شهدتها كرة القدم والتي كان لها تأثير مماثل لتقنية المساعدة بالفيديو. كانت الدعوات لاعتماد هذه التقنية قائمة لوقت طويل. ويشير المدافعون عن هذه الفكرة أنها كانت ناجحة في رياضات أخرى مثل التنس، والرغبي، وكرة القدم الأمريكية وحتى الكريكت. وتقوم هذه التقنية على فكرة بسيطة، وهي أن الحكام عندما يواجهون قرارات يمكن أن تغير مصير المباراة، مثل احتساب هدف أو ركلة جزاء أو بطاقة حمراء مباشرة أو منح بطاقة للاعب الخطأ، يمكنه أن يستنجد بمساعد الفيديو للتثبت مما حدث.
خضعت تقنية المساعدة بالفيديو لتجارب معمقة في عدد من المسابقات الهامة، مثل كأس الاتحاد الإنجليزي، إلا أنها حصلت على ردود أفعال متباينة، بين من يدعون لتعميمها واستخدامها في كل الوضعيات، وبين من يطالبون بإلغائها برمتها. إلا أن هذه الاختلافات في التقييم لم تثن الاتحاد الدولي لكرة القدم على إقرار استخدام هذه التقنية، في جميع مباريات كأس العالم 64. وسيكون هنالك فريق حكام مخصص لمراجعة مقاطع الفيديو، يتكون من حكم رئيسي وثلاثة مساعدين، متواجدين في غرفة عمليات الفيديو في مركز البث الدولي في موسكو.
تتمثل فكرة هذه التكنولوجيا في أن كل حكم من فريق الفيديو ينظر إلى الصورة من كاميرا مختلفة، ليقوم بإعلام الحكم الرئيسي على الميدان بأي أخطاء ارتكبها أو لقطة لم ينتبه لها، أو عندما يطلب الحكم بنفسه المساعدة من غرفة الفيديو
يمكن لهؤلاء الحكام في فريق المساعدة بالفيديو التحدث مع حكم المباراة عبر نظام راديو متطور، وهم يشاهدون في نفس الوقت البث من 33 كاميرا مخصصة للملعب، إلى جانب اثنين مخصصتين حصرا لكشف وضعيات التسلل. ستكون هذه الكاميرات من بينها 8 مزودة بتقنية الإعادة البطيئة، و4 مزودة بتقنية التصوير شديد البطء. وفي مرحلة المباريات الإقصائية، سوف تكون هنالك كاميرتين إضافيتين من نفس النوع المتطور.
تتمثل فكرة هذه التكنولوجيا في أن كل حكم من فريق الفيديو ينظر إلى الصورة من كاميرا مختلفة، ليقوم بإعلام الحكم الرئيسي على الميدان بأي أخطاء ارتكبها أو لقطة لم ينتبه لها، أو عندما يطلب الحكم بنفسه المساعدة من غرفة الفيديو.
حكام المساعدة بالفيديو
نظريا، يبدو تطبيق هذه التكنولوجيا بسيطا، ولكن عمليا أثبتت التجربة أن العملية أعقد من ذلك. على الرغم من أن فريق الفيديو يشاهد اللقطات من كاميرات من زوايا مختلفة، فإنه ارتكب بعض الأخطاء وغاب عنه التناسق أحيانا، فيما كانت الجماهير على الملعب لا تعرف أن الحكم بانتظار قرار من غرفة فريق الفيديو.
في مباراة في نهائي الدوري الأسترالي، لم يتمكن حكام المساعدة بالفيديو من الاستفادة من كاميرا موضوعة في إحدى الزوايا، كانت ستمكنهم من أن يروا بوضوح أن الهدف لا يجب أن يحتسب. وقد تعهد الاتحاد الدولي بجعل هذه العملية أكثر سلاسة ودقة، وذلك من خلال “نظام معلومات المساعدة بالفيديو”، التي سوف تضمن للقنوات التلفزيونية الناقلة، والمذيعين وحتى المسؤولين عن التنظيم في الملعب، معرفة المعلومة في لحظة وقوعها.
ستتضمن المعلومات الموزعة على هذه الأطراف سبب القيام بإعادة المشاهدة، ونتيجة الإعادة. وسيكون هنالك نظام يشتغل على الأجهزة اللوحية، يقدم أيضا الأرقام الفورية لقنوات البث بشكل آلي. ولكن أكبر مشكلة ستتمثل في ضمان المحافظة على النسق وعدم تقطع اللعب، خاصة وأن أغلب الحكام في هذا المونديال لم يسبق لهم أن استعانوا بتقنية المساعدة بالفيديو. ولذلك فإن كثيرون يخشون أن تلاقي هذه التكنولوجيا فشلا ذريعا.
ثاني أكبر تجديد تقدمه الفيفا في هذه الدورة هو الأنظمة الإلكترونية لمتابعة الأداء والتحركات، وهو نظام يشتغل على الأجهزة اللوحية سيقدم لمدربي كل الفرق المشاركة فرصة الحصول على إحصائيات حول تحركات اللاعبين
تقنية UHD 4K وتقنية الواقع الافتراضي
كل كأس عالمية كانت فرصة لاستعراض التكنولوجيات الجديدة في مجال البث التلفزيوني والتصوير، وهذه السنة سيكون الحدث الأكبر تقنية UHD 4K عالية الدقة. وقد سبق أن تمت تجربة تقنية 4K في مونديال 2014، ولكن هذه المرة الأولى التي سوف يكون فيها بث 4K متوفرا للقنوات الناقلة، وذلك باعتبار أن عدد المشاهدين الذين يمتلكون أجهزة تلفزيون متوافقة مع هذه التقنية شهد ارتفاعا ملحوظا.
إلى حد الآن، ليس هناك تأكيد حول البث بهذه التقنية في بريطانيا، ولكن شبكة بي بي سي أكدت أنها وضعت مخططات لاستخدامها، ولكن في حدود ما هو متاح. أولا، بث هذه المباريات بهذه التقنية سوف يكون متوفرا فقط عبر موقع الشبكة على الانترنت وليس التلفزيون. وثانيا، سيكون هذا البث عبر الإنترنت متاحا لعدد محدود من المشاهدين الذين يبدؤون بالمشاهدة بشكل مبكر، ولن تكون طاقة استيعاب البث أكثر من عشرات الآلاف من المشاهدين.
كما ستعرض شبكة بي بي سي أيضا المباريات بتقنية الواقع الافتراضي، الموجودة عبر تطبيق “بي بي سي في آر سبورت”، التي ستمكن المشاهدين من تجربة فريدة يشعرون خلالها كأنهم في داخل مقصورة خاصة داخل الملعب.
شركتي “تي أم أس” و”ميغافون” للاتصالات، الشريكان الرسميان لكأس العالم، ستقومان بإجراء تجارب على تكنولوجيا إنترنت الجيل الخامس أثناء الدورة الحالية
أجهزة متابعة الأداء والتحركات
ثاني أكبر تجديد تقدمه الفيفا في هذه الدورة هو الأنظمة الإلكترونية لمتابعة الأداء والتحركات، وهو نظام يشتغل على الأجهزة اللوحية سيقدم لمدربي كل الفرق المشاركة فرصة الحصول على إحصائيات حول تحركات اللاعبين، ومقاطع فيديو أيضا، في نفس وقت حدوثها. وسوف يتم تزويد كل فريق بثلاثة أجهزة لوحية، جهاز لمحلل موجود في المدرجات، وواحد لمحلل موجود على بنك الاحتياط، وثالث للفريق الطبي. وسيتم عرض مقاطع المباريات بتأخير لا يتجاوز 30 ثانية، لجمع إحصائيات مثل تمركز اللاعبين، التمريرات الصحيحة، عملية الضغط على حامل الكرة، والسرعة والتدخلات.
يعمل هذا النظام بناء على أجهزة الكاميرا، وجهاز يتم ارتداؤه في اليد، صادقت عليه الفيفا في سنة 2015. وبالنسبة لمونديال روسيا هذه السنة، فإن البيانات سيتم جمعها من خلال جهازي كاميرا للتتبع، موجودتان فوق المدرج الرئيسي، كما سوف يتمكن الفريقان من مشاهدة كاميرات أخرى مهتمة بالجوانب التكتيكية.
إنترنت الجيل الخامس في روسيا
يحل موعد المونديال هذه المرة في وقت مبكر جدا عن موعد الانتهاء من تطوير تكنولوجيا إنترنت الجيل الخامس، ولكن شركتي “تي أم أس” و”ميغافون” للاتصالات، الشريكان الرسميان لكأس العالم، ستقومان بإجراء تجارب على هذه التكنولوجيا أثناء الدورة الحالية. ومن المنتظر أن يتم تسويق شبكات الجيل الخامس بداية من 2019، وهي ستقدم سرعة تدفق عالية، وسرعة معالجة للبيانات، وسعة تدفق كبيرة. هذا سيعني خدمة إنترنت أكثر متعة بالنسبة لعشاق كرة القدم المتواجدين في الملاعب في المستقبل، إضافة إلى إتاحة تجارب غير مسبوقة للمستخدمين.
قامت شركة أديداس بتصنيع الكرة المعتمدة رسميا في كل كأس عالمية منذ دورة 1970، لأنها كانت تحرص على استغلال هذا الحدث العالمي لاستعراض آخر ابتكاراتها التكنولوجية
على سبيل المثال، فإن شركة “إنتل” قامت بتركيز شبكة الجيل الخامس، في الألعاب الأولمبية الشتوية بيونغ تشانغ 2018، وهو ما ساعد على تقديم نظام البث “في آر” بزاوية 360 درجة. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، كشفت شركتي “إريكسون” و”تي أم أس” أن هذا المونديال سيكون فرصة لإجراء أكبر تجربة لتكنولوجيا “ماسيف ميمو” (تكنولوجيا هواتف متطورة)، إضافة إلى تركيز أجهزة بث لإنترنت الجيل الخامس في أكثر من 40 موقعا في 7 من المدن 11 المستضيفة للمباريات. هذه الشبكات سوف تغطي الملاعب، مناطق تجمع المشجعين، وسائل النقل إلى جانب بعض الأماكن الشهيرة، مثل الساحة الحمراء في موسكو.
مجموعة من اللاعبين يلتقطون صورا مع كرات تيلستار أديداس
كرات تيلستار أديداس
قامت شركة أديداس بتصنيع الكرة المعتمدة رسميا في كل كأس عالمية منذ دورة 1970، لأنها كانت تحرص على استغلال هذا الحدث العالمي لاستعراض آخر ابتكاراتها التكنولوجية، إلا أن حراس المرمى كانوا دائما يشتكون من الكرات التي لم يتعودوا عليها. هذه الدورة، ستكون كرة “تيلستار 18” بمثابة إعادة تخيل لأول كرة مونديال أصدرتها أديداس، وستتميز بتصميم وهيكل جديد، يقال إنه سوف يحسن من أداء هذه الكرة داخل الملاعب وحتى في الشوارع.
لكن أهم ميزة في هذه الكرة الجديدة هي تزويدها بشريحة للتواصل قرب الملعب. هذه التقنية هي نفسها التي تستخدم في نظام الدفع “آبل باي” و”أندرويد باي”، وهي ستمكن الكرة من التواصل مع الهواتف الذكية. ولن يتم استخدام هذه التقنية على نطاق واسع، بسبب التعقيدات العديدة التي ترافقها. ولكن هذه أول مرة يتم وضع شريحة اتصال داخل كرة قدم، ولذلك فإن هذه المبادرة يمكن أن تمهد الطريق لتعميم استخدام هذه التكنولوجيا ومزيد تطويرها في المستقبل.
يذكر أن شركة أديداس كانت في السابق قد طرحت كرات ذكية تدعى “ميكوتش سمارت بول”، تستخدم فيها مجسات وأجهزة تتبع لقياس معلومات مثل اتجاه الكرة وسرعتها، إلا أنها لم تكن مستدامة بما يكفي ليتم استخدامها فعليا في المباريات.
المصدر: فوربس