تغييرات كبيرة في حزب بوتفليقة.. هل هي استعداد لرئاسية 2019؟

9a1ba930-7295-433e-9542-041255035a25_cx5_cy4_cw94_w1023_r1_s

يستعد حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في الجزائر، لبدء عملية تجديد هياكله الداخلية، بعد أيام قليلة من إجرائه تغييرات كبرى في مكتبه السياسي شملت إقالة 15 عضوًا من الأعضاء الـ19 المكونين له، عملية تأتي في ظل بروز بوادر أزمة داخل صفوف حزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي تنتهي ولايته الرئاسية السنة المقبلة.

عملية تغيير شاملة

عملية التجديد، من المنتظر أن تمس مناصب أمناء ورؤساء المحافظات، في وقت تتهيأ فيه جبهة التحرير الوطني لعقد دورة للجنتها المركزية من أجل دعوة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة رسميًا للترشح لولاية خامسة خلال الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها خريف السنة المقبلة.

حزب “جبهة التحرير الوطني” انتقل إلى المرحلة الثانية في عملية إعادة الهيكلة الداخلية في محافظات الجزائر الثمانية والأربعين، وتعتبر هذه العملية أحد أبرز أولويات الحزب التي يسعى إلى مواصلة فرض سيطرته على الحياة السياسية في البلاد.

عملية التجديد ستبدأ بفتح الباب لمدة شهر أمام الجزائريين للانخراط في أكبر حزب بالبلاد، على أن تعقد بعد ذلك الجمعيات العامة للقسمات وستتواصل العملية حتى الخريف لاختيار وتنصيب 1541 قسمة، ثم بعد ذلك تأتي عملية انتخاب أمناء المحافظات.

يسعى ولد عباس من خلال هذه التغيرات، وفقًا للعديد من المتابعين للشأن السياسي في الجزائر، إلى ترميم البيت الداخلي لحزبه

وسيشرف أعضاء المكتب السياسي على العملية التي ستدوم عدة أشهر، حيث سينتشرون في كامل محافظات البلاد، وسيشرف أعضاء المكتب على اللجان الولائية المكلفة بتحضير تجديد الهياكل والمشكلة من نواب الشعب بغرفتيه وأمناء المحافظات ورؤساء المجالس الولائية أو من كانوا متصدري قوائم المجالس الولائية، وفقًا لمصادر قيادية في الحزب الحاكم.

هذه التعديلات تأتي بعد أسبوعين من إعفاء حزب “جبهة التحرير الوطني”، الذي يقوده الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، 15 من أعضاء مكتبه السياسي الوطني، في أكبر عملية تغيير تمس الهيئة القيادية العليا للحزب بأمر من رئيس الحزب، وسط حديث عن وجود خلافات بشأن “العهدة الخامسة”.

واستبعد جمال ولد عباس في هذه العملية، قدماء وإطارات الحزب الذي يحكم الجزائر منذ الاستقلال وأبقى على أربعة أسماء من بين 19 عضوًا، واستبدلهم بأعضاء جدد أغلبهم وزراء سابقين ونواب في البرلمان، وكذلك صحافيون.

ترميم البيت الداخلي

يسعى ولد عباس من خلال هذه التغيرات، وفقًا للعديد من المتابعين للشأن السياسي في الجزائر، إلى ترميم البيت الداخلي لحزبه بعد أن تراءت إلى أنظار الجزائريين بوادر أزمة داخله، أزمة من شأنها أن تعجل في حال لم يتم حلها برحيل ولد عباس من الأمانة العامة للحزب.

ويقول عدد من قيادات الحزب وقواعده إن الأمين العام للحزب فشل في مهمته منذ تسلمها في أغسطس/أوت 2016 من سابقه عمار سعيداني، ومنيت جبهة التحرير الوطني في عهد ولد عباس بتراجع تمثيلها على مستوى البرلمان والمجالس المحلية رغم محافظة الحزب على صدارته، لكن الفارق بينه وبين غريمه التجمع الوطني الديمقراطي تقلص مقارنة بانتخابات 2012.

الأزمة داخل الحزب تزايدت مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية

ويضيف البعض، أن ولد عباس يريد الاستفادة من الوضع السياسي الحاليّ للبقاء في موقعه، وما التعديلات الأخيرة في المكتب السياسي إلا دليل على ذلك، فهذا المكتب هو من إفرازات المؤتمر الأخير للحزب الذي زكى عمار سعداني أمينًا عامًا له.

معارضو ولد عباس، يتهمون أمينهم العام بانتهاجه خطاب شعبوي سطحي ساهم في نفور الناخبين وتراجع مكانة الحزب لدى الجزائريين، ذلك أن هذا الخطاب لا يرقى إلى مستوى حزب يمثل الأغلبية البرلمانية والمحلية في البلاد، ما جعله في مرات عدة محل سخرية على مواقع التواصل الاجتماعي من المناوئين للحزب.

وكان ولد عباس، قد قام بعد تعيينه خلفًا لعمار سعداني، بتشكيل لجنة الخبراء والمستشارين، وتضم عددًا من الوزراء والكوادر والأكاديميين، بدعوى إثراء برنامج الحزب، لكن الخطوة انطوت على رغبة في سحب البساط من تحت أعضاء المكتب السياسي الذين يحسبون كموالين لسلفه سعداني.

يبرر ولد عباس رغبته وتمسك حزبه باستمرار بوتفليقة في رئاسة البلاد بالإنجازات التي حققها لصالح البلاد

ويناور ولد عباس الذي خلف الأمين العام السابق عمار سعداني في أكتوبر 2016، بالتأجيل المتكرر لدورة اللجنة المركزية للحزب، وهي المؤسسة الحزبية المسؤولة بين مؤتمرين، من أجل تجنب الصدام مع خصومه وتلافي أي سيناريو قد يؤدي إلى الإطاحة به من على رأس الحزب، حيث تمكن من تأجيل الموعد لثلاث مرات متتالية منذ توليه منصبه.

الاستعداد للانتخابات الرئاسية

هذا التغييرات الكبيرة التي تشهدها جبهة التحرير الوطني، يتزامن مع تصاعد الجدل بشأن “العهدة الخامسة” للرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي لم يقرر بعد الترشح الذي لم يعلن حتى اليوم موقفه من الانتخابات الرئاسية المنتظر إجراؤها في أبريل/نيسان 2019، رغم ترشيح ولد عباس له منذ أكثر من شهرين.

ويحاول ولد عباس الذي يتشبث بترشيح بوتفليقة الوقوف ضد أي جناح قد يخرج من داخل حزبه يعارض هذا الخيار، فقد قال في وقت سابق إنه لن يسمح بأن تعيش جبهة التحرير الوطني ما عاشته في 2004 حينما انقسمت إلى جناحين الأول يساند بوتفليقة، والآخر وقف إلى جانب علي بن فليس الذي خسر الرهان وقتها وفي 2014 أمام الرئيس المترشح.

ويطمح الحزب إلى الحفاظ على مقاليد الحكم في الجزائر، وبدأ لهذا الغرض حملة ترويجية وانتخابية، من أجل ترشيح رئيس الحزب عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، رغم الشعبية المعارضة الكبيرة لهذا التوجه، ذلك أن بوتفليقة يعاني من مشاكل صحية كبيرة بدأت منذ سنة 2005، وازدادت حدتها عقب إصابته بجلطة دماغية أثرت على بعض وظائفه وأقعدته على الكرسي المتنقل.

تطمح جبهة التحرير الوطني إلى إقناع بوتفليقة للترشح لولاية رئاسية خامسة

يبرر ولد عباس رغبته وتمسك حزبه الذي يملك الأغلبية في البرلمان الجزائري، باستمرار بوتفليقة في رئاسة البلاد لخمس سنوات أخرى، بالإنجازات التي حققها لصالح البلاد والخطط الناجحة التي قام بها، موضحًا في هذا السياق، أن فترة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة منذ توليه الحكم سنة 1999، كشفت أن “90% من المشروعات والخطط كانت إيجابية في مجملها عبر مختلف الميادين، خاصة منها الأمنية وترقية حقوق المرأة وحرية الرأي والتعبير”، مشيرًا إلى أن الـ10% المتبقية “سيتم اتخاذها في المستقبل كدروس”.

ووصل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وهو في نفس الوقت، رئيس الحزب الحاكم، إلى سدة الحكم في أبريل سنة 1999، ثم أعيد انتخابه سنة 2004 و2009، وفي رئاسيات 2014، وتعد هذه الانتخابات الرئاسية، أبرز حدث يستأثر باهتمام ونقاشات الجزائريين ووسائل الإعلام المحلية هذه الفترة، حيث يحيط الغموض بهوية المرشحين الذين سيتنافسون على الرئاسة والاسم الذي سيقود الجزائر خلال الخمس سنوات القادمة.