بعد يوم من نفي السلطات الفرنسية مشاركة قواتها العسكرية في الحرب الدائرة في اليمن، جاء التأكيد من إحدى أهم الصحف الفرنسية، حيث كشفت وجود قوات فرنسية خاصة على الأرض في اليمن إلى جانب القوات الإماراتية، فأي دور لهذه القوات؟
مشاركة مباشرة
تأكيد وجود قوات فرنسية خاصة في الأراضي اليمنية تعمل إلى جانب القوات الإماراتية جاء عن طريق صحيفة لو فيغارو الفرنسية، بعد ورود أبناء عن مشاركة فرنسا في العمليات العسكرية في منطقة الحديدة إلى جانب قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية.
هذا التأكيد جاء بعد نفي باريس إجرائها أي عملية عسكرية في الحديدة، حيث قالت وزارة الدفاع الفرنسية الجمعة “ليس هناك عملًا عسكريًا فرنسيًا اليوم في منطقة الحديدة، وفرنسا ليست جزءًا من الائتلاف الذي يشارك في هذا المسرح”.
إعلان هذه المشاركة الفرنسية جاء بعد أيام قليلة من رفض السلطات الأمريكية طلب إماراتي لتزويدهم بإمكانات استخبارية وجوية
أضافت الوزارة أن فرنسا تدرس إمكانية تنفيذ عملية كسح ألغام ليتسنى الوصول إلى ميناء الحديدة بمجرد إنهاء التحالف العسكري السعودي الإماراتي عملياته هناك، لتؤكد المعلومات التي أدلى بها الخميس مسؤول من دولة الإمارات العربية المتحدة أن الغرض منها تسهيل النقل الآمن للمساعدات الإنسانية لسكان المدينة.
وكشف كبير مراسلي صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية جورج مالبرونو أن القوات الفرنسية الخاصة في اليمن انتشرت إلى جانب القوات الإماراتية قبل أشهر من الهجوم على الحديدة، ونقل مالبرونو عن مصدر عسكري أن القوات الفرنسية الخاصة المنتشرة في اليمن ساعدت بفضل صور الأقمار الصناعية في استهداف وحدة التحكم الهجومية المشتركة، وأيضًا في ضبط المدفعية والاعتراض.
Des forces spéciales françaises sont déployées au Yémen aux côtés de notre allié les Emirats arabes unis en pointe ds la guerre contre les rebelles Houthis soutenus par l'Iran, révèlent au Figaro 2 sources militaires fran, 1 dans le Golfe, l'autre à Paris.https://t.co/ILIlf9xQwe
— Georges Malbrunot (@Malbrunot) June 16, 2018
مالبرونو قال: “نشر القوات الفرنسية الخاصة في اليمن إلى جانب حليفتنا الإمارات العربية المتحدة في طليعة الحرب ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، كشفه مصدران عسكريان فرنسيان: أحدهما في باريس والآخر في الخليج”.
وبدأت القوات الموالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يوم الأربعاء، بدعم من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، هجومًا واسعًا على الحديدة، الميناء الرئيسي في اليمن الذي ما زال في أيدي رجال ميليشيا الحوثي، وينظر إليه باعتباره شريان الحياة لملايين اليمنيين الذين يتعرضون لخطر المجاعة، وتمر أكثر من 70% من الواردات اليمنية عبر هذا الميناء.
محل القوات الأمريكية
إعلان هذه المشاركة الفرنسية جاء بعد أيام قليلة من رفض السلطات الأمريكية طلب إماراتي لتزويدهم بإمكانات استخبارية وجوية واستطلاع وتفكيك ألغام، في عملية تتطلب إمكانات تقنية وبشرية لن يكون بوسع التحالف النهوض بها.
تضاف المشاركة في هذه العمليات إلى سلسلة العمليات التي تشارك فيها فرنسا في هذه الحرب المتواصلة منذ سنوات
يُذكر أن أبو ظبي تحتضن منذ عام 2007 الوجود العسكري الفرنسي الوحيد خارج إفريقيا وفي الخليج العربي، حيث ينتشر نحو 700 عسكري فرنسي في قاعدة الظفرة جنوبي أبو ظبي، ومنها كانت تنطلق طائرات “رافال” التي تقصف مواقع تنظيم داعش في العراق وسوريا، بالإضافة إلى كونها مركزًا إقليميًا لحاملات الطائرات الفرنسية.
مهمة عسكرية بطابع إنساني
تشير تقارير استخباراتية أن عملية نزع الألغام تتطلب بناء قوة حربية متخصصة بتفكيك الألغام بقيادة هيئة أركان مستقلة ومشاركة أسلحة عدة من الجيش الفرنسي، وتفترض العملية وجود سفينة تدخل وقيادة في الممرات البحرية نحو الميناء، وكاسحات ألغام ستأتي من قاعدة جيبوتي.
عملية نزع الألغام لا تنحصر بالممرات البحرية بل تمتد إلى القطاع البري في الميناء، لذلك يجب إرسال فرق من سلاح الهندسة الفرنسية التي اشتغلت كثيرًا في الحرب في مالي، ومعهم فرقاطة متعددة المهام في منطقة عمليات عسكرية مستمرة تحمل على متنها طاقمًا من 90 بحارًا ومقاتلًا لحماية فرق نزع الألغام.
مشاركة مستمرة في الحرب على اليمن
العديد من المحللين اعتبروا أن الهدف من إعلان وزارة الدفاع الفرنسي دراستها طلب نزع الألغام في الحديدة التغطية على مشاركتها الفعلية في الحرب الدائرة في اليمن، ذلك أن الفرنسيين لا يكشفون عادة عن العمليات التي تقوم بها قواتهم الخاصة خارج الحدود الفرنسية.
ويقول متابعون للشأن اليمني إن توقيت كشف عملية نزع الألغام يثير الشكوك، ذلك أنه جاء في وقت تحدثت فيه تقارير عن مشاركة فرنسية عسكرية فعلية في الحرب في الحديدة ومحاولة الاستيلاء عليها من التحالف العربي.
تشارك طائرات “رافال” الفرنسية في العمليات في اليمن
تضاف المشاركة في هذه العمليات إلى سلسلة العمليات التي تشارك فيها فرنسا في هذه الحرب المتواصلة منذ سنوات، وسبق أن أكدت العديد من التقارير تنفيذ فرنسا عمليات استخباراتية في اليمن إلى جانب قوات التحالف العربي بقيادة السعودية واليمن.
وتشارك 5 طائرات “رافال” الفرنسية متعددة المهام في عمليات الاستطلاع للمواقع اليمنية، انطلاقًا من قاعدة “الظفرة” الإماراتية وقاعدة في جيبوتي، فضلًا عن ذلك تقديم فرنسا صور الأقمار الاصطناعية للمواقع اليمنية للإماراتيين والسعوديين منذ بداية الحرب.
إلى جانب الدعم الاستخباراتي، ما فتئت فرنسا تقدم السلاح للتحالف رغم وجود اتفاقية لمنع تصدير السلاح إلى هناك، وتتهم الأمم المتحدة والجماعات الحقوقية التحالف باستهداف المدنيين ما يصل إلى حد جريمة حرب، وهو اتهام ينفيه التحالف.
في آذار/مارس 2016 حلّت سفن فرنسية محل جزء من أسطول الحصار السعودي – الذي دخل أحواض الصيانة – في عمليات المراقبة
وخلافًا لكثير من حلفائها لا تخضع إجراءات ترخيص صادرات الأسلحة في فرنسا – ثالث أكبر مصدر للعتاد في العالم – للفحص أو لضوابط برلمانية بل تُعتمد من خلال لجنة يرأسها رئيس الوزراء، وأوقفت بعض الدول الأوروبية ومنها ألمانيا علاقاتها مع التحالف العسكري الذي تقوده السعودية رغم أن فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة لم تقم بنفس الإجراء.
وسبق أن سلّم الفرنسيون السعوديين صواريخ “تاليس” الموجهة بالليزر التي جرى استخدامها على نطاق واسع في المدن اليمنية، لا سيما في المراحل الأولى من العمليات في أذار/مارس ونيسان/أبريل 2015، وتم تعديل مدافع قيصر من “نيكستر” 155 ملم وتزويد السعوديين بها.
وتؤكد تقارير إعلامية دخول 6 طائرات إيرباص 330 – 200 في خدمة سلاح الجو السعودي بعد عام من اندلاع الحرب، لتزويد مقاتلات “إف 15” السعودية بالوقود في الجو خلال عملياتها في اليمن، إضافة إلى طائرات من دون طيار والمقاتلات المروحية “كوغار” التي تصنعها هيئة التصنيع الأوروبية المشتركة.
وفي آذار/مارس 2016 حلت سفن فرنسية محل جزء من أسطول الحصار السعودي – الذي دخل أحواض الصيانة – في عمليات المراقبة بموجب اتفاق موقع مع “هيئة تصنيع السفن” الفرنسية، ودخل 39 زورقًا سريعًا فرنسيًا تم تسليمها خلال الفترة نفسها في دوريات الحصار.