كأس العالم روسيا 2018، الموعد الذين انصبت عليه الأعين باعتباره الحدث الرياضي الأبرز في الوقت الراهن، التوقعات لم تخب والمسابقة تمضي في منحى تراجيدي يفي بالوعود التي انتظرت مسابقة تُلعب على صفيح ساخن.
ما ميّز هذه النسخة من المونديال، أن الفائز بالمباراة لا يمكن توقّعه رغم تباين أسماء المنتخبات المشاركة بين مرشحة بقوة لنيل اللقب، وأخرى مغمورة كفتها شرف المشاركة.
أما المنتخبات العربية المشاركة التي حطمت الرقم القياسي في هذه النسخة بوجود 4 منتخبات للمرة الأولى في تاريخ المونديال، فكانت بدايتها محبطة مخيبة للآمال، بسبب نتائجها السلبية التي حققتها، وما زاد الوضع سوءًا، طريقة الهزيمة المشتركة: السقوط في الدقيقة 90، ليصبح الأمر أشبه باللعنة على المنتخبات العربية المشاركة بالعرس الكروي العالمي.
مرشحو القارة اللاتينية.. خيبة التانغو والسامبا
ليو ميسي أهدر ضربة جزاء مهمة للمنتخب الأرجنتيني أمام أيسلندا
وصيف النسخة الماضية المنتخب الأرجنتيني، كان يُمني النفس ببداية موفقة لاكتساب الثقة اللازمة من أجل مشوار الظفر باللقب، بعدما تمنع عليه في البرازيل 2014، فرفاق ميسي، كانوا بحاجة للفوز لتأكيد ذواتهم، خاصة مع المستوى المتذبذب الذي عانوا منه خلال تصفيات المسابقة حتى أصبحوا على وشك عدم التأهل لولا هاتريك ليو ميسي في مرمى الإكوادور فحجزت بطاقة العبور لروسيا.
لكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن، وسقط المنتخب الأرجنتيني في فخ التعادل أمام المنتخب الأيسلندي الذي يشارك للمرة الأولى في تاريخه بالمسابقة، هذا الأخير، أظهر براعة عالية في عرقلة تحركات المنتخب الأرجنتيني، وامتاز بانضباط دفاعي صارم أحرج الأرجنتينيين، لتنتهي المباراة بالتعادل الإيجابي 1-1.
أما المنتخب البرازيلي الذي دخل المسابقة كمرشح أول للفوز بالبطولة، مع الأرقام المرعبة التي أحرزها في التصفيات اللاتينية للمونديال، فلم يكن حظه أفضل من الأرجنتين، تعادل مخيب للآمال أمام المنتخب السويسري الذي استغل شرود الدفاع البرازيلي وأحرز التعادل، ردًا على هدف كوتينهو الأول، مباراة شهدت غياب فاعلية نيمار، وانعدام تحركات غابرييل جيسوس، فكانت النهاية سعيدة للسويسريين، خائبة للبرازيليين.
كبار أوروبا.. مفاجأة مدوية وخروج من عنق الزجاجة
فرحة كبيرة للمنتخب المكسيكي بعد فوزه التاريخي على المنتخب الألماني
حال المنتخبات الأوروبية زاد تأكيد أن شعار هذا المونديال: “نعم للمفاجآت”، فقد حصلت المفاجأة الأكبر خلال الجولة الأولى من المجموعات، بسقوط حامل اللقب المنتخب الألماني أمام نظيره المكسيكي بهدف وحيد، في واحدة من أفضل مباريات البطولة حتى اللحظة.
منتخب المانشافت أظهر منذ البداية أن قرارات المدرب يواخيم لوف كانت خاطئة، باستبعاد مجموعة من اللاعبين على رأسهم ليروي ساني الجناح الشاب الذي قدم موسمًا رائعًا رفقة ناديه مانشستر سيتي، الألمان افتقروا للفاعلية الهجومية، وسط التكتل الدفاعي الذي أقامه المكسيك واكتفائه بالاعتماد على المرتدات، بل كانت النتيجة لتصبح أكبر، لولا رعونة مهاجمي المنتخب المكسيكي وتهورهم.
غير ذلك، فقد نجح المنتخب الفرنسي في الفوز بصعوبة أمام المنتخب الأسترالي بهدفين لهدف، في مباراة دخلت التاريخ حيث تم اللجوء لتقنية الفيديو VAR لأول مرة في تاريخ كأس العالم.
وفي قمة المجموعة الثانية، تعادل المنتخب الإسباني أمام جاره البرتغالي بنتيجة 3-3، في مباراة مثيرة شهدت تألق مهاجم البرتغال رونالدو الذي سجّل هاتريك منحه صدارة هدافي البطولة، وخطأ قاتل من دي خيا حارس الإسبان أما المنتخب البلجيكي المرشح للمضي بعيدًا في هذه المسابقة، فقد تمكن من اقتناص فوز سهل على نظيره البنمي بثلاثية بيضاء.
العرب.. لعنة التسعين
ردة فعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد هدف المنتخب الروسي الثالث بوجود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس الفيفا جياني أنفانتينو
الجولة الأولى في دور المجموعات لم تبتسم للعرب، فالمنتخبات الممثلة للعالم العربي: السعودية ومصر والمغرب وتونس انهزمت جميعها في مبارياتها الافتتاحية، مع اختلاف نوعية الأداء بين هزيل ومتوسط وقوي.
المنتخب السعودي الذي لعب مباراة افتتاح كأس العالم أمام صاحب الضيافة المنتخب الروسي، مني بهزيمة ثقيلة لم تكن متوقعة، بعد الأداء الكبير الذي قدمه في مباراة ألمانيا الإعدادية، الأخضر السعودي تفاجأ بضغط روسي منذ البداية، أدى لهدف مبكر، افتُتح به مهرجان الأهداف الذي وصل لثلاثية بيضاء، قبل أن تحل الدقيقة 90 وينتقل المنتخب الروسي من “الفوز الكبير” إلى “الفوز الساحق” وينهي النتيجة لصالحه 5-0.
وفي ذات المجموعة، لعب المنتخب المصري مباراة كبيرة أمام المرشح الأول لنيل بطاقة العبور للدور الموالي، المنتخب الأوروغواياني، الوضع لم يكن يدعو للتفاؤل، خاصة مع غياب نجم الفراعنة الأول محمد صلاح عن المباراة بسبب الإصابة التي ألمت به في نهائي دوري الأبطال بين ليفربول وريال مدريد.
إلا أن الأداء كان رجوليًا ونجح المنتخب المصري في الصمود أمام لويس سواريز وكافاني، وسط تألق غير متوقع من الحارس محمد الشناوي، لكن في غفلة من الجميع ارتقى مدافع الأوروغواي خوسيه خيمينيز برأسية محكمة أحرز بها هدف الفوز لبطل العالم مرتين، مخلفًا حسرة في الأوساط المصرية والعربية.
بالمجمل، كانت الجولة الأولى من المونديال مبشرة بخير على المستوى العام، منذرة بسوء على العرب
إلى المجموعة الثانية، حيث لعب المنتخب المغربي مباراة إيران، ممنيًا النفس بفوز ممكن، قبل الدخول في غمار المواجهتين القويتين أمام البرتغال وإسبانيا، أداء أسود الأطلس في تصفيات المسابقة والوديات كان يوحي بالتفاؤل الشديد، غير أن المدرب إيرفي رونار فاجأ الجميع بتشكيلة مختلفة عن التي لعب بها مبارياته الماضية.
الأداء كان متوسطًا، والوصول للمرمى لم يكن سهلاً، وفي وقت كانت المباراة متجهة للتعادل السلبي بين المنتخبين، كانت النيران الصديقة في الدقيقة 95 من المهاجم البديل عزيز بوحدوز، أدت لهدف قاتل للإيرانيين، وفقدان النقاط الثلاثة كاملة، لتتعقد المهمة أكثر بوجود خصمين قويين منتظرين.
أما المنتخب التونسي، فلم يكن حاله أفضل من إخوانه العرب، لعنة الدقيقة 90 عادت مرة أخرى، بعدما صمد نسور قرطاج أمام هجمات المنتخب الإنجليزي، حيث افتتح منتخب الأسود الثلاثة نتيجة المباراة مبكرًا عبر المهاجم هاري كين، لكن فرجاني الساسي تمكن من معادلة النتيجة لتونس من علامة الجزاء، موقعًا بذلك على أول الأهداف العربية في البطولة، أبناء المدرب نبيل معلول قدّموا مباراة بطولية، وصمودًا رائعًا حتى الدقيقة 90، حينما استغل هاري كين مرة أخرى انعدام المراقبة عنه، وسجل هدف الانتصار للمنتخب الإنجليزي، معلنًا بذلك استمرار عقدة الدقائق الأخيرة لدى العرب.
بالمجمل، كانت الجولة الأولى من المونديال مبشرة بخير على المستوى العام، منذرة بسوء على العرب، وما ميز هذه النسخة تكافؤ المباريات والأداء بين المنتخبات، والاحتمال القائم لحصول المفاجآت في كل مباراة.
على المستوى العربي، يبقى الأمل في منتخباتنا لاستعادة ذواتهم في الجولة الثانية، لعل الخير يق والفرحة تعم، بتأهل منتخب عربي وحيد على الأقل للدور القادم.