تستمر الإمارات في انتهاكات حقوق الإنسان التي يتم رصدها بشكل متكرر من قبل المؤسسات الدولية الحقوقية على اختلاف مشاربها. في هذا التقرير، ترصد مؤسسة الكرامة لحقوق الإنسان، ومقرها جنيف، ترصد انتهاكا جديدا لقوات الأمن الإماراتية ضد الناشط الحقوقي أسامة النجار.
فقد علمت الكرامة أن الناشط الحقوقي أسامة النجار، تعرض طيلة أربعة أيام متتالية لأشكال من التعذيب وسوء المعاملة على يد عناصر أمن الدولة، بسبب تغريدة نشرها على حسابه في تويتر، ردا على تصريح للشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة، الذي طالب خلال تصريح إذاعي زوجات المعتقلين السياسيين بـ “عدم زرع الحقد في قلوب أبنائهن على الوطن” ألقي عليه القبض في 17 مارس 2014 بينما كان عائدا من عند الطبيب، واعتقل في السر.
نحن يا صاحب السمو الدكتور، لا نحقد على أوطاننا
ولا ننسى ظلم ظُلمناه ولو نسته أمهاتنا
لأبي في أعناق من ظلمه ٢٠ شهراً من السجن والتضييق
— أسامة بن حسين النجار (@O_Hussain_) March 16, 2014
وكانت الكرامة قد وجهت نداءا عاجلا إلى آليات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، مناشدة إياها بالتدخل لدى السلطات الإماراتية، ومطالبتها بالإفصاح عن مكان اعتقاله، ووضعه تحت حماية القانون.
في 17 مارس 2014 وفي حدود الساعة 4 ظهرا، ألقي القبض على أسامة من قبل ضباط تابعين لأمن الدولة يرتدون ملابس مدنية. كان حينها عائدا إلى بيته بإمارة عجمان بعد زيارة عند الطبيب بسبب عملية جراحية أجراها منذ أيام قلائل. أجبره ضباط الشرطة على الصعود في إحدى سياراتهم وانهالوا عليه ضربا حين رفض إعطاءهم مفتاح تلفونه النقال. ثم أخذوه إلى مقر سكناه الذي فتشوه بشكل شامل وحجزوا كل معداته الإلكترونية.
وأشارت والدته التي وصلت إلى البيت حوالي السادسة ظهرا، عائدة من زيارة لوالده، المعتقل بسجن الرزين (محكوم بـ 10 سنوات في قضية الإصلاحيين 94) أشارت أن الضباط لم يظهروا أي إذن قضائي يبيح لهم الإجراءات التي قاموا بها، ليتركوا البيت عند السابعة مساء آخذين معهم أسامة وهو معصوب العينين ومكتوف اليدين إلى مكان مجهول، يعتقد أنه معتقل سري تابع لمصالح أمن الدولة بأبو ظبي. وهناك قضى أربعة أيام من الاعتقال السري تحت التعذيب والاستنطاق دون انقطاع.
ما إن وصل أسامة إلى المكان المذكور، حتى بدأ الضباط، غير عابئين بحالته الصحية، في استنطاقه وضربه بشكل مستمر على وجهه وأدنه ورجليه بأسلاك كهربائية، إضافة إلى تعريضه إلى البرودة القاسية، بوضع المكيف الموجه له مباشرة على أدنى الدرجات الحرارية.
أدى التعذيب الذي عاناه أسامة إلى نزيف في جرح العملية التي أجراها على ركبيته والذي لم يندمل بعد. ورغم ذلك كانوا يجبرونه على الوقوف، إلى أن تأكد لهم أنه لم يعد يقوى على المشى، فصاروا ينقلونه على كرسي متحرك، ولما تدهورت حالته أخذوه إلى طبيب المعتقل.
في 19 مارس 2014، بعد ثلاثة أيام من الاعتقال نقل إلى النيابة العامة، وعرض على المدعي العام، دون أن يسمح له بتوكيل محامي، ثم نقل في 21 مارس 2014 إلى سجن الوثبة بأبوظبي. ورغم ذلك لم تخطر السلطات أسرته، التي علمت بمكان تواجده عبر قنوات غير رسمية.
لم يسمح لأهله بزيارته للمرة الأولى إلا في 31 مارس 2014، عندها أخبرهم أسامة أنه متهم بالانتماء إلى حركة الإصلاح، والإساءة إلى الدولة عبر تويتر، والتحريض على كراهية الدولة عبر تويتر، ونشر الأكاذيب حول تعذيب والده. ويعاني أسامة من ظروف اعتقال صعبة، خاصة من غياب العلاج المناسب له رغم علم السلطات بالعملية الجراحية التي أجراها مؤخرا.
أخطرت الكرامة مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بمسألة التعذيب، بتطورات قضية أسامة، وناشدته بالتدخل لدى السلطات الإماراتية، لتذكيرها بالتزامتها الدولية الواردة في اتفاقية مناهضة التعذيب، ومطالبتها بفتح تحقيق عاجل مستقل وفعال في هذه الادعاءات. ومتابعة المتورطين في هذه الممارسات، والإفراج الفوري عنه وتعويضه.
واقترحت الكرامة على المقرر الأممي القيام بزيارة إلى الإمارات، نظرا للممارسة المنهجية للتعذيب في حق كل من مارس حقه في حرية الرأي والتعبير بشكل سلمي، ودعوة السلطات إلى اتخاذ التدابير الوقائية المناسبة لمنع التعذيب، وتذكيرها أن التذرع بالظروف الاستثنائية أو أي مبررات أخرى لايبيح هذه الممارسة.
ووجهت الكرامة نسخة من مذكرتها إلى مقرر الأمم المتحدة المعنية باستقلال القضاة والمحامين، التي عبرت في زيارتها الأخيرة إلى دولة الإمارات عن قلقها بشأن المعلومات التي بلغتها عن التعذيب الذي يتعرض له المعتقلون، ودعت سلطات البلاد إلى إنشاء لجنة للتحقيق في هذه الادعاءات.