تعد الزيارة القصيرة و”السرية” التي أجراها الخصم الإسرائيلي الأبرز -رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو- إلى الأردن قبل يومين، الأولى بعد حادثة السفارة الإسرائيلية بعمان في تموز/يوليو الماضي، التي أودت بحياة أردنيين اثنين على يد حارس أمن إسرائيلي.
ويبدو أن اللقاء الخاطف والذي أعلن عنه لاحقًا والذي جمع نتنياهو بالملك عبد الله الثاني، مؤشر قوي على طي صفحة الخلاف الذي نشب بين الطرفين، إثر حادثة السفارة وقرار نقل مبنى السفارة الأمريكية إلى القدس.
“درج أن تكون زيارات المسؤولين الإسرائيليين إلى الأردن سرية، لذلك تكون لهذه الزيارات وضع خاص وحساس بعيدا عن الإعلام من أجل إتمامها وإنجاحها”
فقد جاء هذا الاجتماع بعد قطيعة استمرت 4 أعوام، إذ أن نتنياهو اجتمع بالملك عبد الله للمرة الأخيرة في تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2014، علاوة على ذلك تمت الزيارة بشكل سري، ولم يعلن عنها إلا بعد انتهائها ومغادرة نتنياهو الأردن.
وكان لافتا للغاية أن الاجتماع بين الطرفين لم يتم تصويره، أو على الأقل لم يقم مكتب نتنياهو أو الديوان الملكي بتزويد الإعلام بصور من الاجتماع. وفي تفسير لذلك، رجح الخبير الأمني العميد المتقاعد محمد الطراونة، أن يكون السبب وراء عدم الإعلان عن الزيارة، هو الاعتبارات الأمنية وحماية الوفد الإسرائيلي الذي زار الأردن.
وقال الطراونة لـ”أردن الإخبارية” إنه “درج أن تكون زيارات المسؤولين الإسرائيليين إلى الأردن سرية، لذلك تكون لهذه الزيارات وضع خاص وحساس بعيدا عن الإعلام من أجل إتمامها وإنجاحها”.
تأتي زيارة نتنياهو إلى الأردن، وسط رفض شعبي ومخاوف من تمرير “صفقة القرن”، بالتزامن مع جولة لجاريد كوشنر كبير مساعدي الرئيس الأمريكي دومالد ترامب
وأشار الطراونة إلى أن “زيارات الإسرائيليين لا تتم كما باقي زيارات مسؤولي الدول، فهي تحاط بالسرية والحذر ولها طقوس خاصة، كما أنها لا تنتهي بمؤتمر صحفي عام تحضره مختلف وسائل الإعلام كما يتم غالبا، للتصريح والإعلان عن مجريات الزيارة وما نتج عنها وما تناولته من قضايا”.
في ختام اللقاء النادر حدوثه، كان لافتا ما صدر عن مكتب نتنياهو حيث أعلن رسميا في بيان، أن “إسرائيل ملتزمة باحترام الوضع القائم في الأماكن المقدسة في القدس”، وهو ما يعني إقرارها بالوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس.
وحضر الاجتماع من الجانب الأردني بحسب بيان الديوان الملكي، وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور أيمن الصفدي، ومدير المخابرات العامة ومستشار الملك مدير مكتبه، ومستشار الملك للشؤون الاقتصادية، في حين حضر من الجانب الإسرائيلي حسب القناة العاشرة الإسرائيلية، رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية يوسي كوهين، فيما تم تغييب السفير الإسرائيلي في الأردن عمير فايسبورد عن الاجتماع لأسباب مجهولة.
وحول ما قيل إن زيارة نتنياهو المفاجأة إلى الأردن كانت سرية، نفى رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز سرية الزيارة، قائلا إن “الزيارة لو كانت سرية لما أعلن عنها في الصحف والمواقع الإخبارية”.
قالت صحيفة” إسرائيل اليوم”، في عددها الصادر الثلاثاء، إن “لقاء نتنياهو وملك الأردن مؤشر على أن خطة السلام الأمريكية تدخل مرحلة حاسمة”
وحسب الديوان الملكي، أكد الملك عبد الله في الاجتماع مع نتنياهو، على “ضرورة تحقيق تقدم في جهود حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي استناداً لحل الدولتين، ووفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، بما يقود إلى قيام الدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من حزيران/ يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية”.
وجاء في البيان أن “الملك عبد الله شدد خلال لقائه مع نتنياهو على أن مكانة القدس كبيرة عند المسلمين والمسيحيين كما هي بالنسبة لليهود، وهي مفتاح السلام في المنطقة، وأن مسألة القدس يجب تسويتها ضمن قضايا الوضع النهائي على أساس حل الدولتين، كون القدس مفتاح تحقيق السلام في المنطقة”.
وشدد البيان على “استمرار الأردن في القيام بدوره التاريخي، بحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة، من منطلق الوصاية الهاشمية عليها، ودفع عملية السلام السياسية والعلاقات الاقتصادية بين بلديهما”.
ووفق البيان، تم الاتفاق على “بحث عدد من القضايا الثنائية، من ضمنها مشروع ناقل البحرين، ودراسة رفع القيود عن الصادرات التجارية مع الضفة الغربية”.
العرموطي: “زيارة نتنياهو إلى الأردن تعد خدمة مجانية للمشروع الصهيوني، رغم محاولة إسرائيل نزع السيادة الأردنية والوصاية الهاشمية عن المقدسات في مدينة القدس”
تأتي زيارة نتنياهو إلى الأردن، وسط رفض شعبي ومخاوف من تمرير “صفقة القرن”، بالتزامن مع جولة لجاريد كوشنر كبير مساعدي الرئيس الأمريكي دومالد ترامب، والمبعوث الخاص للاتفاقيات الدولية جيسون غرينبلات، إلى المنطقة بدأت بالأردن، وتشمل إسرائيل والسعودية وقطر ومصر.
حيال ذلك، قالت صحيفة” إسرائيل اليوم”، في عددها الصادر الثلاثاء، إن “لقاء نتنياهو وملك الأردن مؤشر على أن خطة السلام الأمريكية تدخل مرحلة حاسمة”.
من ناحيته، اعتبر النائب صالح العرموطي، أن “زيارة نتنياهو إلى الأردن تعد خدمة مجانية للمشروع الصهيوني، رغم محاولة إسرائيل نزع السيادة الأردنية والوصاية الهاشمية عن المقدسات في مدينة القدس”. وقال العرموطي لـ”أردن الإخبارية” إن “زيارة رئيس حكومة الاحتلال للأراضي الأردنية، لا تخدم القضية الفلسطينية بل تخدم إسرائيل ومصالحها”.
حول سبب عدم حضور رئيس الحكومة الدكتور عمر الرزاز.. بدّارين: “مثل هذه اللقاءات والمناورات السياسية، تدار من قبل خلية صغيرة في مسار أمني خاص”
وأبدى نقيب المحامين الأسبق، “استغرابه من استقبال نتنياهو الذي وصف الملحق الأمني الإسرائيلي، الذي قتل الأردنيين في السفارة الإسرائيلية في عمان بالبطل، منوها إلى أن”نتنياهو شريك في الجريمة ضد الشعب الأردني”.
وحول سبب عدم حضور رئيس الحكومة الدكتور عمر الرزاز، لفت الكاتب بسام بدارين إلى أن مثل هذه اللقاءات والمناورات السياسية، تدار من قبل خلية صغيرة في مسار أمني خاص.
وقال بدارين في تقرير له في صحيفة “القدس العربي” إنه ” بدا ملموساً أن الحكومة لا يوجد عندها رواية محبوكة للحدث المثير يمكن أن تقدمها للجمهور، وأغلب التقدير أن رئيس الوزراء الجديد يمرر ذلك لكن قد لا يقبله لاحقا، فهو على الأقل من الشخصيات التي تريد أن تكون في الصورة وجزء من الإصلاح الهيكلي”.
نتنياهو حاول تكبير مستوى الزيارة واصطحاب مستشار إعلامي وشخصيتين من حكومته، لكن الرد الأردني جاء بالرفض المطلق وعلى أساس أن الزيارة لن تصبح سياسية ورسمية
وأردف أنه “ما حصل على هامش زيارة نتنياهو الخاطفة، يصلح مبكرا لتحذير الناطق الرسمي باسم الحكومة وهي الصحفية جمانة غنيمات، من أن التعهد بالحقيقة وحق المعلومة قد يبدو متسرعا، لأن الملفات الإقليمية الحساسة أصلاً عابرة للحكومة حتى عندما تكون إصلاحية أو إنقاذية”.
وتابع أنه ” أفضل ما حصل مع الرزاز نسبيا أنه لم يظهر هو أو أي من رموز حكومته، في أي صورة لها علاقة بزيارة نتنياهو لعمان، فتلك رسالة في غاية السلبية على الصعيد الشعبي، الذي يؤمن بصورة مطلقة بأن استقبال نتنياهو له علاقة بصفقة القرن”.
وأفاد بدارين بأن “نتنياهو حاول تكبير مستوى الزيارة واصطحاب مستشار إعلامي وشخصيتين من حكومته، لكن الرد الأردني جاء بالرفض المطلق وعلى أساس أن الزيارة لن تصبح سياسية ورسمية، بل ستكون سريعة ومقتضبة وينبغي أن تصدر عنها التزامات إسرائيلية بخصوص ثلاث مسائل حصرية، على أن يحضر مع نتنياهو مدير الاستخبارات فقط”.
المصدر: أردن الإخبارية