كيف اجتاحت رؤوس الأموال الخاصة الفضاء؟

15292521101057

ترجمة وتحرير: نون بوست

أكد المدير التنفيذي ومؤسس شركة سبيس إكس، الكندي إيلون ماسك، على ضرورة توفير وسائل نقل تضمن الوصول إلى كوكب المريخ، وهو ما يساعد على جعل أي كوكب جديد مكانا صالحا للعيش. وقد شبه ماسك مهمة هذه الوسائل بتشييد سكك الحديد وسط المحيط الهادئ. وأضاف ماسك أن اكتشاف الفضاء يعتبر مشروع الهيمنة الجديد للغرب، مشيرا إلى أن الكون يعد مكانا مليئا بالإمكانيات بالنسبة لمن يكون له السبق في اكتشافه.

تجدر الإشارة إلى أن إيلون ماسك انضم إلى قائمة أصحاب المليارات المتنافسين على اكتشاف العالم الفضائي، على غرار جيف بيزوس، وبول ألين فضلا عن ريتشارد برانسون. ويهدف هؤلاء إلى الاستحواذ على اهتمام العامة والمستثمرين على حد السواء.

على العموم، اتجهت رؤوس الأموال إلى الاستثمار في الصناعات الفضائية، بعد أن كان الجميع يعتبر مشروع اكتشاف الفضاء محفوفا بالمخاطر ومكلفا للغاية في الوقت ذاته. وقد تعددت الأمثلة التي تؤكد تطور إمكانيات هذه الصناعة الجديدة، كإطلاق سيارة تيسلا الرياضية في الفضاء على متن أقوى صاروخ في العالم وهو “صاروخ فالكون الثقيل”، بالإضافة إلى إصدار شركة بلو أوريجين لأحدث صواريخها الفضائية الثقيلة. وقد تم إدراج جميع هذه المشاريع تحت مسمى “الفضاء الجديد”.

أكد مدير المختبر، أندريا سوماريفا، أن السبيل الوحيد من أجل إنجاح مشروع الفضاء الجديد هو تخفيض تكاليف الوصول إلى الفضاء عن طريق تحسين جودة المركبات الفضائية وجعل كتلتها أقل

من ناحية أخرى، لم يقتصر استثمار رؤوس الأموال على صناعة الصواريخ والأقمار الصناعية، بل يتم التحضير لمشاريع أخرى، من قبيل التعدين الفضائي والنقل والسياحة الفضائية. من جهتها، أكدت مؤسسة غولدمان ساكس، أن فكرة التعدين على سطح بعض الكويكبات يمكن أن تكون “واقعية أكثر مما كنا نتصور”، وذلك بفضل انخفاض تكاليف عمليات الإطلاق وتنوع الموارد التي يمكن استغلالها في هذا الإطار.

علاوة على ذلك، تم إنشاء مختبر تطور الاقتصاد الفضائي في ميلانو بإيطاليا، وهو مختبر متخصص في دراسة هذه المسألة. وقد تم تقديم هذا المشروع ضمن مؤتمر عُقد خلال الأسبوع الماضي في مدرسة “إس دي أيه بوكوني للإدارة”. وتضافرت جهود العديد من المؤسسات من أجل دعم نشاط هذا المختبر، على غرار وكالة الفضاء الأوروبية ولجنة أبحاث الفضاء والمعهد الوطني الإيطالي للفيزياء الفلكية.

في هذا السياق، أكد مدير المختبر، أندريا سوماريفا، أن السبيل الوحيد من أجل إنجاح مشروع الفضاء الجديد هو تخفيض تكاليف الوصول إلى الفضاء عن طريق تحسين جودة المركبات الفضائية وجعل كتلتها أقل. وأضاف سوموريفا أن “تطور المركبات الفضائية يمكن تحقيقه بسهولة عبر الابتكارات التي لا تتعلق بالصناعات الفضائية على غرار الروبوتات والذكاء الاصطناعي بالإضافة إلى الطباعة ثلاثية الأبعاد”.


جانب من الفندق الفضائي المستقبلي الفخم الأول من نوعه

إلى غاية الآن، لا يزال سوق صناعة الفضاء مهتما بشكل كبير بالمدار الأرضي المرتبط بالمراقبة والاتصالات. وقد كلف مشروع اكتشاف الفضاء 350 مليون دولار، وتم توجيه 70 بالمائة من هذه الميزانية إلى الخدمات المشتقة من تكنولوجيا الأقمار الصناعية. في المقابل، مثّل ظهور مشروع الفضاء الجديد محطة جلبت الكثير من التغييرات إلى هذا المجال.

تجدر الإشارة إلى أن تشييد المحطة الفضائية الجديدة الملقبة “ببوابة الفضاء العميق”، التي من الممكن أن يتم الانتهاء منها خلال العقد القادم، ستجعل وجود السفن الفضائية في الكون أمرا اعتياديا ومألوفا. وستحتاج هذه السفن الفضائية إلى التزود بالوقود إضافة إلى موارد أخرى كالماء والمعادن والهيدروجين السائل.

رفع القيود عن الفضاء

لم يتم تحديد تاريخ البدء في مشروع بناء المستوطنات على كوكب الفضاء والتعدين على الكويكبات. مع ذلك، أثار اقتحام رؤوس الأموال الخاصة مشروع استكشاف الفضاء نقاشا حول ملكية واستغلال الأشياء الكونية. وقد تم التطرق إلى الجوانب القانونية في مشروع استكشاف الفضاء ضمن معاهدة الفضاء الخارجي سنة 1967 المعروفة رسميا باسم “معاهدة المبادئ المنظمة لأنشطة الدول في ميدان استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي”، والتي تلقت دعم الأمم المتحدة.

 أعلنت إدارة دونالد ترامب عن رغبتها في دعم وتعزيز استثمار الشركات الخاصة في إنجاز المشاريع على كوكب الفضاء

لكن، شهد الإطار القانوني تغيرا كبيرا في السنوات الأخيرة، مما فتح الباب أمام استيلاء الشركات الخاصة على هذا المشروع. وصرح سوماريفا أن “هناك العديد من القضايا التي يجب معالجتها على المستوى الدولي. فخلال الستينيات، كان استخدام الموارد الفضائية يُعتبر محض خيال علمي، ولكنه أصبح احتمالا حقيقيا للمستقبل القريب”.

فضلا عن ذلك، مثّل القانون الأمريكي، الذي يبيح التنقيب في الكواكب والذي أصدره الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، خلال كانون الأول/ديسمبر سنة 2015، نقطة تحول مهمة، كما شكك في بعض قواعد معاهدة سنة 1967. وقد رحب هذا القانون باستغلال الشركات الخاصة للموارد الفضائية، وهو ما فسح المجال أمام الشركات التي تسعى لتحقيق مشروع التعدين الفضائي كشركة مون إكسبريس وشركة صناعات الفضاء العميق.

من جهتها، أعلنت إدارة دونالد ترامب عن رغبتها في دعم وتعزيز استثمار الشركات الخاصة في إنجاز المشاريع على كوكب الفضاء. وقد صرح المدير التنفيذي للمجلس الوطني للفضاء الأمريكي وأحد كبار مستشاري ترامب، سكوت بيس، أن “الفضاء ليس سلعة عالمية مشتركة، أو تراثا عالميا، كما أنه لا يعتبر ملكا لأحد”.

غزو عوالم جديدة

يبدو جليا أن العالم يعيش نوعا جديدا من الغزو الفضائي الآخذ بالتشكل، حيث ستقوم الشركات الخاصة بتأجير سفنها تحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية من أجل تحفيز اكتشاف الثروات. وبناء على ذلك، سيتمكن أصحاب السفن الفضائية والملاحون الأوروبيون من كسب ثروات طائلة ضمن مشروع اكتشاف الفضاء، وذلك تحت حماية الدولة.

 صرح رائد الفضاء وأستاذ سياسات الفضاء والشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطن، هنري هارتسفيلد، أن “اللوائح القانونية ضرورية جدا من أجل ضمان استدامة الأنشطة الفضائية وغيرها من القضايا التي تتحمل الدول مسؤوليتها من خلال الالتزام بمعاهداتها”

في هذا الإطار، تعتبر دولة لوكسمبورغ من أكثر الدول التي دعمت الشركات الخاصة من أجل تحقيق طموحاتها في الفضاء الكوني. فخلال تموز/ يوليو سنة 2017، أصدرت حكومة لوكسمبورغ قانونا ينص على أن أي شركة خاصة من لوكسمبورغ تطلق سفينة فضائية وتتمكن من اكتشاف مواد ثمينة في الفضاء الخارجي، سيكون من حقها الحصول على ملكية هذه المواد بطريقة شرعية وقانونية.

من جانبه، صرح رائد الفضاء وأستاذ سياسات الفضاء والشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطن، هنري هارتسفيلد، أن “اللوائح القانونية ضرورية جدا من أجل ضمان استدامة الأنشطة الفضائية وغيرها من القضايا التي تتحمل الدول مسؤوليتها من خلال الالتزام بمعاهداتها”. أما دولة لوكسمبورغ، فقررت المراهنة على السياسة التي انتهجتها في هذا الخصوص، حيث التزمت حكومتها باستثمار 25 مليون يورو للمساعدة في تمويل تلك الشركات التي ترغب في نقل مقرها إلى أراضيها، وذلك بهدف أن تصبح مركزًا لأعمال التنقيب عن المعادن وغيرها من الموارد.

المصدر: الموندو