خريطة الطريق لمدينة منبج السورية دخلت حيز التنفيذ، فأنقرة كانت قد توصلت لاتفاق مع واشنطن يقضي بخروج الوحدات الكردية من المدينة، وتشكيل مجلس محلي من أهالي المدينة عبر انتخابات إضافة إلى مجلس عسكري يتولى أمن المدينة وسلامة سكانها، وتفعيل الخدمات المدنية وفق أطر تدريجية وبمراقبة كلا الطرفين (واشنطن وأنقرة).
لم تكن الوحدات الكردية راضية عن الاتفاق، إلا أن واشنطن عززت من ضغطها على الوحدات لتسليم المدينة والخروج منها، ولم تخض الوحدات في هذا القرار بعد عدة اجتماعات قامت بها القوات الأمريكية مع مجلس منبج العسكري الموالي للوحدات الكردية، على إثرها أطرت الوحدات على الخروج من المدينة، إذ إنها لم تنسحب بشكل كامل سوى انسحاب تدريجي.
وخلال إعلان خريطة الطريق حاولت الوحدات إدخال فرنسا في المنطقة، أو تحريك قوات لها وتيسير عملهم، لتشويش التفاهمات التركية الأمريكية، ولتكثيف الضغط على الجانب التركي، لكن وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو أكد في تصريح لوكالة الأناضول أنه لن يكون هناك دور لأي دولة ثالثة في منبج بما فيها فرنسا وبريطانيا وبلجيكا، وذلك بعد إعلان خريطة الطريق.
استأنفت الوحدات الكردية انسحاب قواتها من مدينة منبج، على خلفية الاتفاق الذي أعلنته أنقرة وواشنطن على لسان وزيري خارجيتهما
فيما أعلنت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأمريكية هيذر نويرت الخميس 21 من يونيو/حزيران موافقة ميليشيا الوحدات الكردية “وحدات حماية الشعب” على الانسحاب من مدينة منبج، حيث قالت نويرت: “أستطيع أن أقول إن التشكيلات الكردية وافقت على الانسحاب من مدينة منبج السورية في إطار الاتفاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، لكنني لا أستطيع أن أقول أين هم في الوقت الحاليّ”.
الوحدات تستأنف انسحابها من منبج
استأنفت الوحدات الكردية انسحاب قواتها من مدينة منبج، على خلفية الاتفاق الذي أعلنته أنقرة وواشنطن على لسان وزيري خارجيتهما.
فيما انسحب عدد من الأرتال التي تتبع للوحدات الكردية من المدينة في وقت سابق، وكانت الانسحابات متتالية الشكل، كما أكدت المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الأمريكية الخميس الفائت موافقة الوحدات على خريطة الطريق والقبول بالبنود دون إعلان الفترة الزمنية التي تستغرق الانسحاب.
وكانت قد رفضت المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الأمريكية هيذر نويرت، التعليق على المواعيد النهائية لانسحاب الفصائل الكردية من المدينة، ومن جانبه قال وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو الخميس الماضي إن عناصر مليشيا الوحدات الكردية سيبدأون بالانسحاب من منبج شمال سوريا، اعتبارًا من الرابع من يوليو/تموز المقبل، وذلك بعد استعدادات استغرقت شهرًا من الزمن.
وهذه الانسحابات تكون بداية تسليم المدينة للقوات الأمريكية ثم دخول القوات التركية، ومراقبة أوضاع المدينة والإشراف على تشكيل المجلس المدني والعسكري لتولي أمور المدينة في المراحل اللاحقة.
بدأ الجيشان التركي والأمريكي بتسيير دوريات يوم الثلاثاء 19 من يونيو/حزيران، حيث ستمتد الدوريات من نهر الفرات شرق منبج إلى قرية السكرية جنوب غربي المدينة
دوريات الجيش التركي تنتشر في محيط منبج
بدأت القوات التركية بتنفيذ بنود خريطة طريق منبج وذلك خلال تسيير مدرعات تابعة للقوات التركية قرب المدينة، حيث دخل الإثنين 18 من يونيو/حزيران الحاليّ وفد تابع للجيش التركي مؤلف من عشر عربات إلى ريف مدينة منبج قرب معبر عون الدادات الذي يفصل بين مناطق المعارضة المسلحة وميليشيا الوحدات.
واجتمع الوفد مع القوات الأمريكية الموجودة في قاعدة قرب قرية عون الدادات، وتمّ الاتفاق على تسيير دوريات مشتركة بين الطرفين على طول خطوط التماس بين المنطقتين.
فيما بدأ الجيشان التركي والأمريكي بتسيير دوريات يوم الثلاثاء 19 من يونيو/حزيران، حيث ستمتد الدوريات من نهر الفرات شرق منبج إلى قرية السكرية جنوب غربي المدينة، فيما ستنشر القوات التركية عدد من نقاط المراقبة على امتداد هذه المسافة، وتعد هذه النقاط كمرحلة أولى من تنفيذ خريطة الطريق، فيما استأنفت القوات التركية تعزيزات قواتها في المنطقة حيث وصل أمس الجمعة الرتل الثالث إلى محيط منبج حسب ناشطين في المنطقة.
اتفاق منبج بين مرحب ورافض
رحّبت القبائل العربية ومنها قبيلة (البوبنا)، أحد أكبر العشائر العربية في منبج بريف حلب، وذكر البيان “إننا إذ نراقب بكثب تطبيق خريطة الطريق الخاصة بمدينة منبج وريفها والمتفق عليها بين الجمهورية التركية والولايات المتحدة فإننا وباسم قبيلة البوبنا كبرى القبائل العربية في منبج وريفها وباسم أبنائها وأحرارها في الداخل والخارج، وباسم كل أحرار العشائر ندعم ونؤيد دخول قوات المراقبة التابعة للجيش التركي إلى مناطق منبج التي ستكون جزءًا رئيسًا في دعم عملية الأمن والاستقرار لأهالي منبج”.
نظام الأسد أعرب عن إدانته ورفضه للاتفاق الذي توصلت إليه أنقرة مع واشنطن في مدينة منبج بريف حلب، وتوعد النظام “بتحرير كامل التراب السوري من أي وجود أجنبي”
وطالب بيان العشائر، الولايات المتحدة بتنفيذ التزاماتها وتعهداتها في سحب كل عناصر ومقاتلي مليشيات “ب ي د” و “ب ك ك” من المدينة إلى شرق الفرات من أجل أن يتسنى لآلاف النازحين والمهجرين العودة إلى مدنهم وقراهم والمرتبطة بانسحاب هذه الميليشيات من المناطق التي تم احتلالها.
ودعا البيان أبناء مدينة منبج كافة لتوحيد موقفهم من أجل تشكيل إدارة مدنية يقع عليها عاتق إدارة المدينة وحفظ الأمن والممتلكات العامة والخاصة واحترام الحريات العامة والتقاليد المتبعة.
من جانبه أعرب نظام الأسد الثلاثاء 19 من يونيو/حزيران، عن إدانته ورفضه للاتفاق الذي توصلت إليه أنقرة مع واشنطن في مدينة منبج بريف حلب، وتوعد النظام “بتحرير كامل التراب السوري من أي وجود أجنبي” حسب تعبيره.
ونقلت وكالة الأنباء السورية سانا الناطقة باسم النظام عن مصدر رسمي في وزارة الخارجية بحكومة النظام قوله “الجمهورية العربية السورية تعرب عن إدانتها الشديدة ورفضها المطلق إزاء توغل قوات تركية وأمريكية في محيط مدينة منبج الذي يأتي في سياق العدوان التركي والأمريكي المتواصل على سيادة وسلامة ووحدة أراضي الجمهورية العربية السورية وإطالة أمد الأزمة في سورية وتعقيدها”.
وأشارت الوكالة حسب مصدرها “أن الشعب السوري وقواته المسلحة الباسلة الذي حقق الإنجازات المتتالية على المجموعات الإرهابية بمختلف مسمياتها أكثر تصميمًا وعزيمة على تحرير كامل التراب السوري المقدس من أي وجود أجنبي والحفاظ على سيادة ووحدة سورية أرضًا وشعبًا”.
هذا الاتفاق بالنسبة للمعارضة يصب مع مصالحها في الكثير من الجوانب وخاصة أن مصالحها تتماسك مع المصالح التركية في المنطقة
وطالب المصدر “المجتمع الدولي بإدانة السلوك العدواني الأمريكي والتركي الذي يشكل انتهاكًا سافرًا لمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة”.
وقد يبقي هذا الاتفاق النظام خارج هذا الاتفاق فإن الوحدات كانت أكثر قربًا له من المعارضة المسلحة، فالمدينة كانت تحت وصاية الوحدات فيما كانت شبيحة النظام وميليشياته تدخل المدينة دون أي مانع لدى الوحدات، وعلى الرغم من ادعائه ضد التدخلات الخارجية، فهذا ليس حق له فقد كان سببًا وحيدًا لكل التدخلات الخارجية بشتى أنواع الدول التي تدخلت في شؤون سوريا.
أما من جانب المعارضة فهذا الاتفاق يصب مع مصالحها في الكثير من الجوانب وخاصة أن مصالحها تتماسك مع المصالح التركية في المنطقة، ناهيك عن الرقعة الجغرافية التي ستتوسع فيها المعارضة في ظل انكسارها خاصة في مناطق سيطرتها، وهذا ما سيتيح للكثير من النازحين والمهجرين حق العودة إلى ديارهم في منبج وريفها.