أدلى الناخبون الأفغان بأصواتهم أمس في انتخابات رئاسية دارت في أجواء لم تفسدها أعمال العنف ولغة التفجيرات التي لوحت بها حركة طالبان، وهو ما جعل مراقبين ومحللين يصفون الاقتراع بأنه لحظة تاريخية فارقة في حياة الأفغان الذين يستعدون لفتح صفحة جديدة من تاريخ بلادهم بعد انسحاب القوات الدولية في نهاية العام الجاري.
ورغم أن يوم الاقتراع شهد أعمال عنف محدودة وفي مناطق نائية أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، فوجئ الكثيرون بالجو العام للتصويت في ظل التوقعات بشأن حصول أعمال عنف على شاكلة الهجمات النوعية التي نفذها مسلحو طالبان في الأسابيع القليلة الماضية واستهدف بعضها مؤسسات حكومية معنية بالاقتراع، وعلى رأسها مفوضية الانتخابات ووزارة الداخلية.
كما أن عنصر المفاجأة تمثل أيضا في نسبة الإقبال الكبيرة على صناديق الاقتراع رغم هطول الأمطار والتهديدات التي أطلقتها طالبان لنسف ما تصفه “ألعوبة احتلال”، بينما يعده مراقبون كثيرون عنوانا ومقدمة لأول انتقال سلمي للسلطة في تاريخ البلاد.
وبلغ عدد اللجان التى أدلى الناخبون فيها بأصواتهم أكثر من 6 ألاف لجنة فرعية.
وانتشرت قوات الأمن في أرجاء العاصمة كابول والأقاليم الأفغانية كافة بهدف منع أي هجوم محتمل تشنه حركة طالبان التي تعهدت بعرقلة الانتخابات.
وتأتي هذه الانتخابات لاختيار مرشح في السباق الرئاسي علاوة على انتخاب أعضاء المجالس المحلية في 34 إقليما أفغانيا في الوقت نفسه.
ويتنافس ثمانية مرشحين لخلافة الرئيس حامد كرزاي الذي يمنعه الدستور من السعي لشغل المنصب لفترة ثالثة على التوالي. أبرز هؤلاء المرشحين ثلاثة، وزيرا الخارجية السابقين عبد الله عبد الله، وزلماي رسول، ووزير المالية السابق أشرف غاني أحمدزاي.
وقام عبد الله بحملة واسعة، فيما يتمتع غاني بدعم قوي في صفوف الشباب بالمناطق الحضرية.
أما رسول فيبدو أنه المرشح المفضل لدى الرئيس كرزاي.
ومن غير المتوقع أن يحصل أي من المرشحين على أكثر من 50 في المئة من الأصوات، وهي النسبة المطلوبة للفوز من الجولة الأولى، وهو ما يعني إقامة جولة ثانية يوم 28 مايو/ أيار المقبل.
وشهدت أجواء الاقتراع توترا امنيا تزامن مع مقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين في انفجار بمركز اقتراع في مقاطعة لوجار الواقعة جنوب شرقي أفغانستان. وأفادت الأنباء الواردة من أفغانستان أيضا بسقوط ثلاثة قتلى من حركة طالبان أثناء اشتباكات مع قوات الشرطة خلال محاولة الهجوم على مركز اقتراع آخر في مقاطعة زابول الواقع أيضا في جنوب شرق أفغانستان.
وفي سياق ردود الفعل، وصف الأمين العام للحلف الأطلسي أندرس فاغ راسموسن الانتخابات بأنها “تاريخية”، في وقت اعتبر الرئيس الأميركي باراك أوباما هذه الانتخابات بأنها “ضرورية من أجل المستقبل الديمقراطي لأفغانستان”.
كذلك أشاد وزير الخارجية الأميركي جون كيري بالانتخابات، وأشار في بيان إلى أن “هذه الانتخابات تظهر إلى أي حد يلتزم الشعب الأفغاني في حماية وتقدم الديمقراطية”.
وأصدر مجلس الأمن الدولي، بيانًا صحفيًا، رحب فيه بإجراء الانتخابات الرئاسية والإقليمية في أفغانستان، مشددًا على أهمية هذه الانتخابات بالنسبة للتطور الديمقراطي في أفغانستان.