رفعت أحزاب الموالاة في الجزائر من دعواتها للرئيس عبد العزيز بوتفليقة للترشح لولاية خامسة، في وقت لا يزال الرجل يعتمد الصمت بشأن هذا الملف سواء بالقبول أم بالرفض استجابة لتحذيرات المعارضة التي ترى في مكوثه على كرسي الرئاسة لخمس سنوات قادمة مضرة للبلاد.
وببدء العد التنازلي للانتخابات الرئاسية المقررة في أبريل/نيسان المقبل، يترسخ يومًا بعد يوم لدى الجزائريين والمعارضة أن العهدة الخامسة للرئيس الحاليّ صارت أمرًا واقعًا بالنظر للحملة الانتخابية المسبقة التي بدأتها أحزاب السلطة.
ترقب
وقال الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني في تجمع شعبي بولاية وهران غرب البلاد إن إصرار حزبه على ترشيح بوتفليقة لولاية خامسة “ينبع من حرص الحزب على الحفاظ على مكاسب الاستقرار والتنمية المحققة طيلة العشريتين الماضيتين”، وحسب ولد عباس، فإن “إطارات ومناضلي الحزب على غرار المواطنين يترقبون موافقة الرئيس بوتفليقة على هذا المطلب”.
وكان حزب جبهة التحرير الوطني الذي يرأسه بوتفليقة أول الداعين في أبريل الماضي لحشد الأصوات من أجل ترشيح الرئيس الذي يحكم البلاد منذ نهاية القرن الماضي لولاية جديدة، تحت مبرر الاستمرار والاستقرار وحماية البلاد من الأخطار الخارجية.
قطع الوزير الأول أحمد أويحيى آمال مناضلي حزبه التجمع الوطني الديمقراطي بتقديم مرشح رئاسي باسم الحزب لأول مرة، بعد أن أكد أنه لن يكون من المترشحين لرئاسيات 2019، وجدد دعوته للرئيس بوتفليقة بأن يخوض السباق من أجل الفوز بولاية خامسة
والتحق بركب المطالبين بالعهدة الخامسة لبوتفليقة حزب تجمع أمل الجزائر (تاج) رابع الأحزاب من حيث التمثيل في البرلمان الذي يرأسه وزير الأشغال العمومية الأسبق عمار غول الذي كادت تعصف به فضيحة الفساد التي طالت مشروع الطريق السيار شرق غرب الذي فاقت تكلفته 10 ملايين دولار، وعينه بعدها بوتفليقة عضوًا في مجلس الأمة (الشيوخ) عن الثلث الرئاسي.
وقال غول في ندوة إطارات الحزب التحضيرية للمؤتمر الوطني الأول لتاج: “ما يجمع بين تاج كقيادة والرئيس بوتفليقة هو عقد معنوي وأخلاقي”، وأعاب غول على أحزاب الموالاة العمل فرادى لتعبئة المطالبين بعهدة خامسة بوتفليقة، ودعا أحزاب السلطة إلى استئناف اللقاءات بينها “من أجل إنجاح الرئاسيات وللالتفاف وتجسيد خيار الأمن والصدق والطموح الذي يحافظ على استقرار الوطن في ظل المخاطر المحدقة به”، في إشارة إلى التمسك ببوتفليقة مرشحًا لرئاسيات 2019.
ويرى غول أن الرئاسيات المقبلة “محطة مفصلية” في المرحلة الراهنة تستوجب العمل على إنجاحها “في ظل ظروف هادئة” تتسم بالأمن والاستقرار.
أويحيى يدخل الصف
قطع الوزير الأول أحمد أويحيى آمال مناضلي حزبه التجمع الوطني الديمقراطي بتقديم مرشح رئاسي باسم الحزب لأول مرة، بعد أن أكد أنه لن يكون من المترشحين لرئاسيات 2019، وجدد دعوته للرئيس بوتفليقة بأن يخوض السباق من أجل الفوز بولاية خامسة.
قال الأمين العام للتجمع الديمقراطي: “هذا النداء يأتي في إطار حركة تقودها أحزاب ونقابات ومنظمات مجتمع مدني بدأت تأخذ طريقها ونحن مقتنعون بموقفنا”
ورغم الخلافات التي بدت بين بوتفليقة ووزيره الأول خاصة في ملفات الخصخصة وسن ضرائب جديدة على استخراج الوثائق الإدارية وعلى مركبي السيارات، فإن أويحيى يتمسك بولائه اللامشروط لمسؤوله الأول.
وقال أويحيى في ندوة صحفية لحزبه التجمع الوطني الديمقراطي إن مناشدة حزبه بوتفليقة بالترشح للانتخابات الرئاسية لسنة 2019 هو “اختيار لمصلحة الأمة والدولة الجزائرية”، وزعم أويحيى أن هذا الاختيار يعود إلى الظروف التي تعيشها البلاد والتحديات الموجودة على الساحة الوطنية.
وقال الأمين العام للتجمع الديمقراطي: “هذا النداء يأتي في إطار حركة تقودها أحزاب ونقابات ومنظمات مجتمع مدني بدأت تأخذ طريقها ونحن مقتنعون بموقفنا”، وحسب أويحيى، فإن الجزائريين “جد مسرورين ويرغبون في استمرارية رئيس الجمهورية على رأس الدولة الجزائرية وذلك بسبب النتائج الإيجابية التي حققها لصالح المواطنين الجزائريين كافة”.
ضعف المعارضة
ووسط هذا التهافت من أحزاب الموالاة على بعث رسائل الطاعة والمناشدة لبوتفليقة لعهدة رئاسية جديدة، تبقى أصوات المعارضة في البلاد مشتتة بين غارق في مشاكله الداخلية ومن يبحث عن حسابات للتموقع، بما أن كانت كل المؤشرات تنبئ بفوز بوتفليقة بعهدة جديدة في حال كان من المترشحين.
تبدو كل المحاولات المناوئة لبوتفليقة باهتة، فآخرها التي قادتها 14 شخصية سياسية ومدنية
ويعترف الوزير الأول أحمد أويحيى بضعف الطبقة السياسة في بلاده في الوقت الراهن رغم مرور قرابة 30 عامًا على إقرار التعددية، وقال أويحيى إن التركيبة السياسية في الساحة في الجزائر هي التي دفعت الحزب إلى دعوة الرئيس بوتفليقة للترشح لعهدة جديدة وذلك دون احتقار لأي أحد.
ولم تقدم المعارضة لحد الآن شخصية يمكن أن تخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، كما لم تستطع تشكيل جبهة رافضة لبقاء بوتفليقة في كرسي الرئاسة لخمس سنوات أخرى حتى مثل تلك التي تشكلت قبل 2014 تحت لواء تنسقية الحريات والانتقال الديمقراطي.
وتبدو كل المحاولات المناوئة لبوتفليقة باهتة، فآخرها التي قادتها 14 شخصية سياسية ومدنية، ودعته إلى عدم الترشح لولاية رئاسية خامسة لكن دعوتها لم تلق حتى الآن تجاوبًا واسعًا وبقت في حدود من حرروها.
وجاءت في رسالة مجموعة 14 الموجهة لبوتفليقة: “سنكم المتقدم وحالتكم الصحية الحرجة يدعوانكم للاعتناء بنفسكم والتخلي عن حمل العبء الثقيل والشاق لشؤون الدولة، فلا شك أن عهدة أخرى ستكون محنة لكم وللبلد”، وقال موقعو الرسالة: “في الحياة، لكل شيء نهاية لقد حان الوقت لتستعيد الأمة ما لها، 4 عهدات تعد منطقيًا كافية لكي ينجز الإنسان مشروعه ويحقق طموحاته”.
وحسب أصحاب الرسالة، فإن “نتائج السياسة المنتهجة تحت وصايتكم (بوتفليقة) كانت بعيدة كل البعد عن تلبية الطموحات المشروعة للجزائريين، حكمكم الطويل للبلاد أنشأ في نهاية الأمر نظامًا سياسيًا لا يستجيب للمعايير الحديثة لدولة القانون”.