في الوقت الذي أقر فيه محرم إنجه رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي والخصم الرئيسي للرئيس رجب طيب أردوغان، بفوز الأخير برئاسة الجمهورية، كان الإعلامي المصري أحمد موسى يقود مظاهرات إلكترونية للتشكيك بالانتخابات، ويقسم بأغلظ الإيمان أن إنجه الرئيس الشرعي لتركيا، وأطلق هاشتاغًا مسيئًا لا يمكن وصفه إلا بالسذاجة، وهي شعار مرحلة بأكملها منذ اعتلاء موسى والذين معه سدة الإعلام المصري.
https://twitter.com/baladtv/status/1010948258665988096
أحمد موسى يطلق هاشتاغ #أردوغان_ زور_الانتخابات
كانت النتائج شبه الرسمية قد أكدت حصول مرشح تحالف الشعب للرئاسة رجب طيب أردوغان على أكثر من 52% من أصوات الناخبين، فيما حصل مرشح حزب الشعب الجمهوري محرم إنجة على أكثر من 30% من الأصوات، وفي انتخابات البرلمان حصد تحالف الشعب الذي يضم حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية، أكثر من 53% من الأصوات (342 من أصل 600 مقعد)، فيما حصل تحالف الأمة الذي يضم أحزاب الشعب الجمهوري وإيي والسعادة على 34.11% من الأصوات (191 مقعدًا) وحزب الشعوب الديمقراطي على قرابة 12% (67 مقعدًا برلمانيًا).
“لو انتخابات نزيهة، فيه رئيس شرعي اسمه محرم إنجه، ولكن أردوغان زور الانتخابات” أعاد موسى هذه الرسالة طوال ليلة أمس، وأطلق هاشتاغ #أردوغان_زور_الانتخابات، باللغة العربية والتركية للتفاعل معه، أملاً في عمل بلبلة بشأن الانتخابات التركية بعد ظهور النتائج شبه الرسمية، وتأكد فوز أردوغان برئاسة الجمهورية.
أحمد موسى: محرم إنجه الرئيس الشرعي لتركيا
لم يكن غريبًا في حدث كهذا، تفاعل مجموعة من الصحف المصرية والعربي مع هاشتاغ موسى، خصوصًا تلك التي تميل إلى هذا النوع من المعالجات الدعائية لتوظيف الإعلام في استغباء المواطنيين، خدمة للصراع السياسي الدائر في المنطقة بين الرئيس التركي وتحالف مقاطعة قطر.
شاعر يواجه أردوغان بسياط الكلمات:
يا مُظهراً زيفَ التّخوفِ مُبطناً..
حقداً تضيقُ بحملهِ الأضلاعُ
خادعْ سِوانا إننا لا يَنطلي..
عن فهمِنا أسلوبُك الخدَّاعُ pic.twitter.com/O65MVZup5I
— صحيفة عاجل (@ajlnews) June 24, 2018
عاجل السعودية.. شاعر يواجه أردوغان بسياط الكلمات
بجانب أحمد موسى، تفاعت اللجان الإلكترونية مع هشتاغات الإساءة للانتخابات التركية، وبدا واضحًا أنها تعمل بشكل مترابط في المنطقة العربية، ليس فقط وفق منظومة شبه موحدة، تبدأ في توقيت واحد وتتفاعل بنفس العبارات حسب لهجة كل بلد، ولكنها أيضًا اتخذت منهج أحمد موسى العجيب مثلاً أعلى لها، سواء في صياغة نقدها للأحداث أم محاولات لصق تهمة التزوير بمجريات العملية الانتخابية، نهاية باستدعاء النزعة الناصرية العروبية في مواجهة مشروع أردوغان.
أفراح في قطر وترقب في محور المقاطعة
في قطر أبرز حليف عربي للرئيس أردوغان، كانت ليلة مختلفة على جميع المستويات وكأن من فاز هو الشيخ تميم بن حمد، احتلت صور الرئيس التركي أبرز معالم الدوحة، وأضاء فندق شيراتون العملاق واجهته بأكملها بالعلم التركي، وانطلقت عشرات المسيرات بالسيارات في الشوارع الرئيسية، وحمل المشاركون علمي تركيا وقطر، احتفالاً بإعادة تنصيب أردوغان رئيسًا.
نتقدم بالتهنئة من قطر للشعب التركي بفوز الرئيس رجب طيب #أردوغان بفترة رئاسية جديدة
وفوز تحالف حزب العدالة والتنمية بأغلبية برلمانية .
نسأل الله لكم التوفيق والسداد والرشاد لما فيه خير لـ #تركيا المُسلمة والمسلمين أجمعين..
الحمدلله الذي بنعمته تتمّ الصالحات . pic.twitter.com/ZSXEIPmLpG
— Nawalaldosari (@Nawalaldosari2) June 24, 2018
مسيرات بالشوارع القطرية احتفالاً بفوز أردوغان
لم تقف الاحتفالات في قطر على فوز أردوغان فقط، ولكن تطور الأمر إلى ابتكار احتفال آخر، في ظل توافق يوم إعلان فوز الرئيس التركي مع نفس اليوم الذي تنازل فيه الشيخ حمد بن خليفه لابنه الأمير تميم عن حكم قطر، ودشن نشطاء هاشتاغ #عيدنا_عيدان_حكم_تميم_وفوز_اردوغان، وانتشرت على المواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو توثق العلاقة القوية بين قطر وتركيا، وتبرز تضامن أردوغان عشية المقاطعة الخليجية المصرية مع قطر، ودعمه لتميم في مواجهة محاولات إجباره على التخلى عن الحكم.
اللهـ يعز اللي بطيبهـ قصدنا
يوم حاطت بِنَا الاخطار من گل ديرهـ #عيدنا_عيدان_حكم_تميم_وفوز_اردوغان
┈┉┅━🇶🇦 #G_3360 🇶🇦━┅┉┈ pic.twitter.com/1hASxnBmpm
— دَارَيْ_قَطَر✍🏻 (@G_3360) June 25, 2018
رسميًا، طبعت الخلافات العربية التركية والتحالفات التي تشكلت مؤخرًا، بصمتها على التفاعل مع الحدث، انهالت التهاني على الرئيس أردوغان بحسب وكالة الأناضول التركية الرسمية، من أمير قطر تميم بن حمد الثاني وأمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح، والرؤساء الفلسطيني محمود عباس والسوداني عمر البشير والصومالي محمد فورماجو والباكستاني ممنون حسين والصربي ألكساندر فوتشيتش والمقدوني جورجي إيفانوف.
كما وردت تهاني أخرى لأردوغان من رئيس الوزراء الألباني إيدي راما ورئيس المجلس الرئاسي في البوسنة والهرسك بكر عزت بيغوفيتش، كذلك بعث نائب الرئيس العراقي أسامة النجيفي برقية تهنئة إلى أردوغان، تمنى فيها مزيدًا من التقدم والتطور للجارة والشقيقة تركيا.
على عكس المؤسسات الدينية التي سارت بالطبع في ركاب الموقف السياسي لحكامها، كانت تيارات الإسلام السياسي وعلماء الدين من خريجي عباءتها، في مقدمة مهنئي الرئيس أردوغان
وكذلك اتصل رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق نجيب ميقاتي بالرئيس التركي مهنئًا ومتمنيًا له التوفيق وللشعب التركي الرخاء والتقدم، بجانب وزير العدل اللبناني السابق اللواء أشرف ريفي الذي هنأ أردوغان بتجديد انتخابه رئيسًا لتركيا، وذلك في الوقت الذي فضلت دول محور المقاطعة الصمت التام، ولم يخرج أي بيان رسمي منها للتعليق على الحدث بالسلب أو بالإيجاب.
سوريا.. مشاعر متباينة تجاه أردوغان
في سوريا كان استقبال خبر فوز أردوغان مختلفًا، ولم تشهد مواقع التواصل الاجتماعي مؤشرات تؤكد وجود اتجاهات غالبة سواء ضد أم مع الرئيس التركي، تحكمت الأيدلوجيات والمواقف الشخصية والاجتماعية في عشرات التغريدات التي تابعت الحدث بين مؤيد ورافض ومتحفظ وناقم على النتيجة.
https://twitter.com/alnassery1/status/1011075646754312192
https://twitter.com/00albassam00/status/1011039364523155456
انا شايفه ان الموضوع أشبه بانتخابات مبارك ٢٠١٠؟؟؟؟وليه أمريكا والغرب سايبين أردوغان يحتل أجزاء من العراق وسوريا؟؟؟؟
— Nora Attia hasham (@HashamNora) June 24, 2018
الغريب في الانتخابات التركية انه اردوغان اللي رفع تركيا من دولة ملعون سلسفيل ابوها لواحدة من اقوى 15 دولة في العالم وما جاب أكثر من 55%من أصوات
و في مصر وسوريا اللي ماكلين روح الخل نتيجة الانتخابات 99,9999%
في نفس تاريخ انتخابات 2012 في مصر واللي فاز فيها محمد مرسي بنسب أصوات 51%
— Fayez Nofal (@jabalalnar) June 24, 2018
فوز الرئيس اردوغان كان متوقعا لكن انجازة ذلك من الجولة الاولى انتصار.والشعب التركي صوت بنسبة عالية جدا تفوق٩٠٪لامور داخلية وليس من اجل قطر او الاخوان واردوغان سياسي برغماتي بسير حسب مصلحة بلدة وموقفه من روسيا وسوريا مثالا اما ركوب الاخوان لاختراق العرب فالاخوان ورقة محروقة
— د.سعد عبدالله العزام (@saad_alazzam) June 24, 2018
https://twitter.com/hananghanem4/status/1010941892375261185
الإسلاميون مع أردوغان على قلب رجل واحد
على عكس المؤسسات الدينية التي سارت بالطبع في ركاب الموقف السياسي لحكامها، كانت تيارات الإسلام السياسي وعلماء الدين من خريجي عباءتها، في مقدمة مهنئي الرئيس أردوغان، وكتب الشيخ يوسف القرضاوي تهنئة على حسابه الرسمي في تويتر، للرئيس والشعب التركي بمناسبة العرس الديمقراطي.
نهنئ الشعب التركي بكل أطيافه بنجاح العرس الديمقراطي، ونهنئ الرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية بالفوز في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وندعو الله تعالى أن يؤيدهم ويعينهم على ما فيه خير تركيا والأمة الإسلامية. pic.twitter.com/MLv5qyDFAi
— يوسف القرضاوي (@alqaradawy) June 24, 2018
وكذلك هنأ الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، في ساعات مبكرة من صباح اليوم، الرئيس أردوغان بنجاح الانتخابات وثقة الشعب التركي به، متمنيًا توفيقه بتحويل تركيا إلى دولة كبرى، وذلك حسب نص الرسالة التي بعث بها الأمين العام للاتحاد علي القره داغي.
كما هنأ المراقب العام لإخوان سوريا محمد حكمت وليد، أردوغان بنجاحه في الانتخابات، واعتبر أنه إعادة تنصيبه، جاءت انتصارًا لمبادئ الحرية والعدالة والديمقراطية ونصرة للشعب التركي العظيم، وعون لثورة الشعب السوري ضد الديكتاتورية والفساد، بحسب وصفه.
نهنئ الرئيس #أردوغان بهذا الفوز المؤزر ، إنه نصر لمبادئ الحرية والعدالة والديموقراطية ونصر للشعب التركي العظيم وعون لثورة الشعب السوري ضد الديكتاتورية والفساد.
تهانينا #تركيا#انتخابات_تركيا
— د. عامر البو سلامة (@MBSyriaCG) June 24, 2018
الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التونسية، كان في الموعد هو الآخر، وتقدم بالتهاني لأردوغان على نجاح الانتخابات الرئاسية والتشريعية والثقة المتجددة التي حصلوا عليها من شعبهم، وطالب الرئيس التركي بتعزيز علاقات الأخوة والصداقة بين الشعبين التونسي والتركي بما يخدم مصالحهما المشتركة ومصلحة الأمة الإسلامية جمعاء.
في مصر كانت جماعة الإخوان المسلمين الأم في قلب الحدث بجبهتيها، وسارع كل من القيادات التاريخية والمكتب العام للجماعة بنشر التهاني للرئيس أردوغان، وكل منهم تحدث بطريقته التي يجيدها، ولكن كان لافتًا أن وسائل الإعلام التركية لم تحتف أو تذكر إلا بيان الكيان الأصلي للجماعة، وتهئنة إبراهيم منير نائب المرشد العام للإخوان التي أدلى بها على قناة وطن المنبر الرسمي للجماعة.
إبراهيم منير: لا بد على الشعب العربي النظر لما يقوم به الشعب التركي حتى ينال حريته
قطر والإمارات مرة أخرى.. صراع إعلامي بسبب أردوغان
كما هو في ميدان السياسة، ظهر التنافس الإعلامي بقوة بين قناتي الجزيرة القطرية وسكاي نيوز عربية الإماراتية، اندفعت كل منهما في محاولة لتأطير موقف بلادها السياسي؛ الجزيرة اهتمت بدلالات وآفاق فوز أردوغان وتحالفه بأغلبية مريحة بالانتخابات، وتحدثت عن نتائج الانتخابات المرتقب تنفيذها، واعتبرت أن نصر أردوغان بداية حقيقة للشعب التركي والمنطقة.
الحصاد- دلالات وآفاق فوز أردوغان وتحالفه بأغلبية مريحة بالانتخابات
فيما أفردت سكاي نيوز عربية مساحات كبرى للحديث عن السياسة الخارجية للرئيس أردوغان وسياسته التي وصفتها بالمتوترة والتصعيدية الراغبة في تعظيم النفوذ واستغلال أزمات المنطقة، وبلورة دور تركي مهمين ولو على حساب مصالح الشعوب.
ويمكن القول إن أفضل ما تعلمته القناة الإماراتية من الدرس الماضي في تغطية انقلاب 2016، توجيه الأحداث بذكاء والاعتماد على المصادر حتى ولو تم تضخيم تصريحاتها، بدلاً من السير في ركاب إعلام أحمد موسى والانتحار ذاتيًا، سياسيًا وإعلاميًا، دون حاجة للمساعدة من أحد.