يقدم هذا التقرير مجموعة مختارة من محاضرات تيد الشهيرة والمتعلقة بشكل خاص حول نظام التعليم وأساليب التربية ومسائل فرعية أخرى مثل المهارات الإبداعية والمواهب والقواعد الروتينية الصارمة في هذا القطاع التي تخنق الإبداع وتحتكره على فئة معينة من الطلاب، حيث تعرض هذه الطروحات نظرة أوضح وأقرب لهذا العالم الذي يعج بالإنجازات العظيمة والتجارب الفريدة، وتحاول التمرد على هذه الأنظمة التقليدية البالية وفي نفس الوقت تروج أفكارًا تراعي الفروق الفردية وتزيل الضغوط النفسية والاجتماعية على الطلاب.
كل طفل يحتاج إلى بطل
تتحدث في هذه المحاضرة المعلمة ريتا بيرسون، موجهةً الحديث إلى الكوادر الأكاديمية والمعلمين الذين يلعبون دورًا جوهريًا في ثراء وعي الطلاب وتشكيل شخصياتهم في المستقبل، لكن أحيانًا قد يأخذ هذا التأثير منحى سطحيًا يكاد يذكر وسط الأجواء الدراسية المملة والضغوط التي تقع على أكتاف كلا الطرفين.
إذ تشير بيرسون إلى العلاقة البديعة التي يمكن أن تجمع بين المعلم والطالب وتثمر عن نتائج مذهلة ومستديمة، وتنتقد الاعتقادات التي ترى أن بناء جسر تواصل شخصي وإنساني مع الطالب قد يضعف من مكانة المعلم ويزيل ملامح المهنية عنه.
كل طفل يستحق بطلًا ما، شخص لا يتخلى عنه ويدرك قوة التواصل ويصر على إظهار أفضل ما عند الأطفال على أساس أن العلاقات القوية تشجع على الاستكشاف والحوار وتزيد من الثقة بالنفس
وعلى النقيض تمامًا، تؤمن بيرسون بأن هدف التعليم لا يمكن تحقيقه دون وجود علاقة تربط بين الطرفين، لكن المسؤوليات والتوقعات بإنهاء الخطة الدراسية في وقت معين تمنعهم من التقرب من الطلاب على نحو غير تقليدي، لأن كل دقيقة تقضى في التعارف والنقاش هي فرصة ضائعة بالنسبة إلى الدروس، رغم أنها قد تؤتي ثمارها النافعة داخل الفصل.
الخلاصة التي تحاول بيرسون إيصالها في هذا الفيديو أن كل طفل يستحق بطلًا ما، شخص لا يتخلى عنه ويدرك قوة التواصل ويصر على إظهار أفضل ما عند الأطفال على أساس أن العلاقات القوية تشجع على الاستكشاف والحوار وتزيد من الثقة بالنفس.
ثلاث قواعد لإيقاد شرارة التعلم
يوجه رمزي مسلم، مدرس كيمياء من سان فرانسيسكو، هذه المحاضرة إلى المعلمين، وفيها يتحدث عن ثلاث قواعد أساسية ترافق عملية التدريس وأولها إثارة الفضول لأنه البوابة إلى العلم ومن ثم تقبل الفوضى في أثناء التجريب وأخيرًا ممارسة التفكير للانفتاح على خيارات أفضل، وخاصة في المواد التي تحتاج إلى تخمينات وإثبات نظريات مثل الرياضيات والفيزياء.
يروج مسلم إلى ألاعيب يمكن للمعلمين ممارستها في أثناء عملية التدريس والشرح، مثل تحيير الطلاب وإرباك مخزونهم العلمي لإجبارهم على إثارة الأسئلة والتفكير بطرق حديثة وإبداعية
كما يروج مسلم إلى ألاعيب يمكن للمعلمين ممارستها في أثناء عملية التدريس والشرح، مثل تحيير الطلاب وإرباك مخزونهم العلمي لإجبارهم على إثارة الأسئلة والتفكير بطرق حديثة وإبداعية، حيث يكون التحدي الأكبر في زرع الفضول والحماس في عقولهم.
الأولوية ليست للواجبات المنزلية
تحولت بيرل أريدوندو من ابنة رجل عصابات في سجون لوس أنجلوس إلى معلمة ذات شأن عالٍ ووجهات نظر مختلفة عن بقية زملائها، إذ تؤمن أريدوندو التي أصبحت نموذجًا مثاليًا للبعض في هذا المجال، بأن الأولوية تكون في التعامل مع التحديات اليومية التي لا يجب أن يواجهها أي طفل داخل الفصل الدراسي أو خارج، كما أنها تحرص على تقديم خدمة التعليم إلى جميع الطلاب بغض النظر عن خلفياتهم الاجتماعية لإحداث تغييرات مذهلة في المجتمع بحسب ما تعتقد.
الثورة على التعليم
في هذه المحاضرة، يثير الكاتب والخبير سير روبنسون مسألة جديدة من نوعها تسلط الضوء على إهمال منظومة التعليم للمواهب الفردية ما خلق أزمة في الموارد البشرية بسبب الاستغلال السيئ للمواهب وتسلط المخاوف المادية عليهم، كما يقول إن التعليم يمنع معظم الناس من القيام بالأمور التي يحبونها “لأنه يسرق منهم مواهبهم الحقيقية”، وبالتالي تصبح عملية اكتشاف المواهب أمرًا مستحيلًا.
هذا وينتقد روبنسون الحركات الإصلاحية للتعليم لأنها ببساطة تعمل جاهدة لتحسين نموذج مكسور بحسب تعبيره، وكل ما يحتاجه الأمر هو “ثورة تعيد تشكيل النظام إلى شيء آخر، ليس تطوير وإنما ثورة!”، مقتبسًا مقولة من إبراهام لينكولن قائلًا “أفكار الماضي الهادئ غير كافية للحاضر العاصف”، مشيرًا إلى أهمية إدراج معايير مستحدثة في قطاع التعليم للتكيف مع التطورات الأخيرة.
يطالب روبنسون عبر هذه الثورة بجعل المهارات الإبداعية محور النظام التعليمي، وعلى هذا الأساس ينتقد تسابق الناس على التخرج من الجامعات والعمل وكأنهم ليسوا أشخاصًا لهم مواهب بشرية مختلفة ومتنوعة
يطالب روبنسون عبر هذه الثورة بجعل المهارات الإبداعية محور النظام التعليمي، وعلى هذا الأساس ينتقد تسابق الناس على التخرج من الجامعات والعمل وكأنهم ليسوا أشخاصًا لهم مواهب بشرية مختلفة ومتنوعة، وإنما آلات مبرمجة تسير باتجاهٍ معاكس لما تحب، وهذا بالطبع يعود كله إلى إخفاق المدارس في إطعام طاقات وشغف الطلاب.
تعليم دون إكراه
المثير للاهتمام بهذه المحاضرة، تركيزها على الجانب الاجتماعي والنفسي الذي تمارسه المدارس وكوادرها على الطالب، إذ تناقش فكرة المجتمعات التي تتبنى النظام الأبوي السلطوي الذي يطبق داخل الفصول ما يجعل الطالب في حالة استسلام دائم لكل ما يقال له، ولسوء الحظ فإن هذه الآلية لا تجعلنا نتأمل نمو أطفال يعرفون كيف يحلون مشاكلهم ويواجهون تحديات الحياة اليومية.
العصر الصناعي الذي نعيش فيه مبني على مبادئ القمع الذاتي والسلطة والطاعة الصارمة، وهذا ما تعمل المدرسة بطريقة ما على ترسيخه في نفوس وشخصيات الأطفال
كما تذكر بأنه رغم التطويرات المستمرة في التعليم إلا أن الأمر أكثر تعقيدًا من تغيير بعض الأساليب السطحية أو إضافة بعض التعديلات التجميلية إذا كانت البنية القديمة ما زالت قائمة وتروج للمدرسة على أنها المصدر الوحيد ليصبح الشخص متعلمًا، وما هي إلا أداة من أجل جعل الطلاب منتجين أو مستهلكين.
وهي حقيقة ليست مفاجئة لأن النظام الاقتصادي الحاليّ يعمل على إعداد منتجين ومستهلكين يلبون مطالب العصر الصناعي الذي نعيش فيه والمبني على مبادئ القمع الذاتي والسلطة والطاعة الصارمة، وهذا ما تعمل المدرسة بطريقة ما على ترسيخه في نفوس وشخصيات الأطفال، لذلك فإن التغيير سيحدث عندما يتم التخلص من النموذج القسري الصناعي لأنه يعرقل عملية التعلم ويستعبد الأطفال ويقلل من شأن مواهبهم.
مدارسنا الفاشلة
يحدثنا رئيس منظمة الأطفال في هارلم، جيفري كندا، عن المدارس الفاشلة التي أخفقت في تحديث أنظمتها خلال 50 عامًا من التطورات التكنولوجية والدراسات العلمية التي أكدت الآثار السلبية المترتبة عن إدارة المدارس الرديئة للأطفال، فهي ما زالت تختبر الأطفال بطرق تقليدية وتتجاهل أحوالهم المادية والاجتماعية رغم الأبحاث التي أثبتت علاقة هذه الجوانب بالأداء الأكاديمي والتفاعل الاجتماعي للطفل داخل المدرسة.
مثال على ذلك، لا يمكن وصف الطفل المصاب بضعف النظر ولا يستطيع شراء نظارة طبية على أنه بطيء، كما لا يمكن لوم الأطفال الفقراء على ضعف التركيز والانضباط الذاتي بسبب حرمانهم من الأنشطة الرياضية التي تغذي هذه الملكات.
بصفة عامة، تهدف هذه المحاضرات إلى جذب الانتباه نحو الطالب وما يعتقد بأنه الأفضل لمسيرته الدراسية عبر إلهماهم ودعم معلميهم والتخلص من سلبيات النظام من أجل نتائج أفضل في المستقبل.